مركز آسو للدراسات
منذ بدايةِ الحرب في سوريا، استخدمت مُختلف الفصائل العسكريِّة السّوريِّة، المعارضة والموالية للنظام السّوريِّ، شتى أشكال الانتهاكات و الابتزاز بحق المدنين، لتحقيق مكاسبٍ سياسيِّة، والضّغط على الخصوم العسكريين للسيطرة على مناطق جغرافيِّة إضافيِّة. حتى وصل الأمر بهم إلى استخدام مصادر مياه الشفة، لتعطيش آلاف المدنيين المتواجدين في مناطق النزاع. وتحويلهم إلى أهداف شبه عسكرية، مُعرضين للتعطيش المميت، في مناطق تعاني أساسا من شحة مصادر المياه، و افتقار لآليات الاستثمار البديل، كاستخلاص المياه من الرطوبة، و الاستخدام الذكي للمياه الجوفية. ناهيك عن تعرض المنطقة ككل لموجة جفاف مستمرة منذ سنوات. كللتها الحرب السورية التي دمرت البنية التحتية المتخلفة أساسا، و أفرزت نزوحا داخليا يفوق طاقة المدن السورية الداخلية على استضافة النازحين. ثم حلّت أزمة كوفيد 19، التي تحصد بصمت أرواح الأهالي في ظل غياب الاهتمام من المجتمع الدولي الذي ترك الناس في شمال وشرق سوريا لمصيرهم الخالي من أية ضمانات للعيش.في ظل هذه المعطيات يبحث الناس في مدينة الحسكة عن قطرات المياه النادرة. الكارثة تفوق قدرة هذا التقرير على التشخيص.
في عام 2015، قامت فصائل المُعارضة السّوريِّة بتفجير نبع الفيجة للضغط على النظام السّوريِّ لوقف عملياته العسكريِّة الّتي كانت تستهدف ريف محافظة دمشق، كذلك، استخدمت المياه كشرطٍ في المفاوضات؛ إذ ضخّت مياه عين الفيجة إلى محافظة دمشق مقابل تطبيق اتّفاقيِّة هدنة مع النظام السّوريِّ. وقامت جبهة النصرة بقطع المياه عن كامل المناطق السكنيِّة التي كان النظام يسيطر عليها في مدينة حلب، واشترطت وقف القصف الجويِّ لإعادة تشغيل المضخّات. كما أنّ النظام السّوري قام بقطع الكهرباء عن مضخّات المياه في ريف محافظة حلب الشماليِّ، أثناء سيطرة تنظيم الدولة الإسلاميِّة داعش عليها.
منذ عام 2018، عمَدت تركيا إلى استخدام المياه، سلاحاً في حربها ضدّ الكرد في سوريا، ولتنفيذ مشاريع التطهير العرقي والتغيير الديموغرافي في المدن الكرديِّة السّوريِّة المُتاخمة للحدود التركيِّة؛ فأثناء التقدّم لاحتلال مدينة عفرين، قطعت تركيا امدادات المياه عن المدينة، وعطّشت السّكان المحليون، الّذين لجأوا إلى الآبار للحصول على المياه من خلال توزيعها عبر صهاريج المياه، واستهدفت بشكلٍ متكرّر محطّات ضخّ المياه في مدينتي قامشلو/ القامشلي وسري كانييه/ رأس العين. ومنذ احتلال مدينتي سري كانييه/ رأس العين في محافظة الحسكة 2019، وتل أبيض في محافظة الرقة، قطعت تركيا مياه محطّة علوك الّتي تُغذي كامل مدينة الحسكة وريفها ومخيّمات النّزوح الموجودة في ريف المحافظة الجنوبيِّ، واستخدمت المياه من أجل توسيع نقاط سيطرتها في المحافظة، واستخدامها في المفاوضات مع القوات الروسيِّة، وإجبار السكان المحليين على الرضوخ للاملاءات التركيِّة وتأجيجهم ضدّ السلطات المحليِّة في المحافظة.
قطع تركيا المتواصل للمياه، أجبر السّكان المحليين في مدينة الحسكة على استقدام المياه عبر صهاريج مياه تنقل المياه من مدن المحافظة إلى مركز المدينة، وإلى حفر أبار المياه أمام منازلهم لتأمين حاجياتهم، ولأن المياه الجوفية في مدينة الحسكة مُرة تتضمن على نسب عالية من الكلس، فهي غير قابلة للشرب. مما أدى إلى ظهور أمراض شتى أضرّت بالسكان وعلى وجهِ الخصوص الأطفال. وبالرغم من أنّ غالبية الأهالي استخدموا هذه المياه لمستلزمات اخرى غير الشرب، إلا أنّ بعضهم استخدمها للشرب لأسبابٍ اقتصاديِّة متعلقة بعدم القُدرة على شراء المياه من الصهاريج القادمة من باقي المدن، أو بسبب عدم توفّر مياه تلك الصهاريج بشكلٍ دائم.[1]
=KTML_Link_External_Begin=https://www.kurdipedia.org/docviewer.aspx?id=498531&document=0001.PDF=KTML_Link_External_Between=https://www.kurdipedia.org/admin_editor.aspx?expand=0&id=20230614090911498531&lng=11=KTML_Link_External_End=