نموذجان من دروس التاريخ، للشعب الكردي خاصة وللإنسانية عامة
هل يكون هكذا هو رد الجميل ؟
بقلم : #برادوست ميتاني#
📌الدرس الأول :
الخليفة الاموي مروان بن محمد
اسم امه ريا أو تاروبا وهي كردية الأصل ،كما أن اباه الحقيقي غير معروف وربما هو كردي الأصل ،لأن بعض المصادر أشارت إلى أن الخليفة الاموي محمد بن مروان بن الحكم قد تزوج من والدته تاروبا عندما كانت حاملاً به قبل أن يتزوجها ومما يجعل الطفل مروان ليس منه حيث أنه قد أسرها أثناء قمع ثورة ابن الزبير وهي حامل وتزوجها دون ان يعرف من هو زوجها الأصلي .
ولد الطفل مروان في كنف الأمويين وترعرع وهو لا يدري ولا يأبه بمسألة أصله ولا يعره اهتماما . شب الطفل نشيطا مميزا، فصار واليا على أرمينيا وأذربيجان وبعد أن ورث الخلافة من حفيد عمه ابراهيم قام بأعمال داخلية وخارجية عظيمة وناجحة ،فانتصر في الحروب وحماية الثغور .
لكن على الرغم من حياته الأموية وخدمته للدولة الاموية ودون أن تؤثر تلك القصة على دوره واخلاصه الشخصي على التزامه بخدمة وقيادة الدولة .لم يتقبله قسم كبير من الأمويين والعرب لأن أمه كانت كردية ولم يلتفوا حول قيادته لانهم يقولون في عرفهم العروبي : يجب ان يكون الخليفة الاسلامي نقي العروبة ،من اب وام عربيين . فجاءت الطامة الكبرى في تصدي الدولة الأموية للدولة العباسية .فقد تخلى عنه الأمويون في معمعان ذلك وخاصة معركة الزاب الكبير 750 م في جنوب كردستان التي خسر فيها وذنبه ان أمه كردية، فانهارت الدولة وهرب الخليفة مروان إلى مصر .تبعه العباسيون وقتلوه في قرية زاوية المصلوب.
📌الدرس الثاني :
القائد الإسلامي أبو مسلم الخرساني
هو كردي من خرسان .اسمه الحقيقي إبراهيم خاكان. من احفاد يزدكرد الثالث.
قال فيه الخليفة العباسي مأمون هارون الرشيد : أجلّ ملوك الأرض ثلاثة وهم الذين قاموا بنقل الدولة وتحويلها: إسكندر المقدوني وأردشير الساساني وأبو مسلم الخرساني.
بالرغم من وجاهة أبو مسلم الخرساني ورجاحة عقله وشجاعته وإيمانه القوي بالإسلام ونضاله في قيام الدولة العباسية وانتصارها على الدولة الأموية بفضله .أراد أبو جعفر المنصور ازالته من أمامه ،كونه رجل محبوب من الناس ويتهافتون عليه من كل حدب وصوب ،خاصة من خرسان وأصفهان ومن ولايات أخرى التي تزداد فيها شعبيته ، لرجاحة عقله وحلمه ونصرة المظلومين وكذلك بعده عن أسلوب الشدة مع المعارضين ونبذه للحروب في تعزيز أركان الدولة الإسلامية حيث ذلك الأسلوب المتبع به من قبل حكام العباسيين في تلك المرحلة، من قبل خلافة أبو العباس السفاح وأبو جعفر المنصور .
خشي أبو جعفر المنصور من خروج السلطة من يده واختيار المسلمين لأبي مسلم الخرساني خليفة في الدولة بدلا منه أو انفصال شرقي كردستان وايران عن حكمه لذلك أراد جلبه بأية طريقة و الاستفراد به بين حاشيته ليتخلص منه غيلة وبمؤامرة ومكيدة.
لكن أبو مسلم كان يعي ذلك ويتردد في القدوم وعندما كان لا يلبي دعواته يسأله المقربون منه عن سبب ذلك ،فيقول أخشى الغدر. ولكن بإلحاح وتملق أبي جعفر المنصور لبى أبو مسلم الدعوة وهو مشكوك ولكن دون أن يدرك خيوط المؤامرة وحبال المكيدة .حيث كان قد جهز أبو جعفر مجموعة من حاشيته للانقضاض عليه حيث عندما يضرب بيديه على بعضهما عليهم ان ينقضوا عليه ويعزلوه من سلاحه ويمسكوا به.
بدخول أبو مسلم الديوان في مدينة المدائن سنة 137 هجري وجلوسه بين الحاشية اخذ أبو منصور يعيبه على عدم الرد على طلبه وقدومه واخذ يستذكره برسالته التي يطلب فيها أبا العباس السفاح باستخدام اللينة مع الناس وقال له : أأنت تعلمنا أسلوب الدنيا وصار يتهمه بالانقلاب على الدولة ومحاولة فصل ولايات منها . كما أن شاعر البلاط المرتزق العنصري أبو دلامة - الذي كان قد سمع بأن أبا مسلم لا يأتي إلى أبي جعفر خشية من الغدر - اخذ يخاطب أبا مسلما شعرا من بينها بيت, قال في خاتمته : الغدر من شيم آباءك الكرد. ثم ضرب أبو العباس يديه ببعضهما ،فانقضت المجموعة المعدة لذلك على أبي مسلم الخرساني ومسكوه بإحكام ثم أخرج أبو جعفر المنصور سيفه وغرسه في جسم ابي مسلم وقتله.
اخواتي واخواني :
أن النماذج والدروس عديدة من تاريخنا ولكني ذكرت منها درسين فقط لنا كالشعب الكردي الحالي وهو غيض من فيض .ففي هذان النموذجان بدلا من أن يكافئ الخليفة مروان بن محمد وأبو مسلم الخرساني على خدماتهما وأعمالهما الجليلة في دولتهما ،يعاقبان كونهما كرديان . من الممكن ان نقول لا ذنب لهما لأنهما عملا بقناعتهما وإيمانهما دون أن يدركا مستقبل ذلك. ولكن نقول يجب الحذر واليقظة في ذلك و علينا أن لا نكون بسطاء وسذج في قناعاتنا وإيماننا بتبعية ايديولوجيات وأفكار غريبة من ثقافتنا وخصوصيتنا ،فتضعف شخصيتنا القومية وتبعدنا عن خطنا الأساسي والأفظع من ذلك تضعنا في خدمة الأعداء ضد قضيتنا القومية المشروعة، بالرغم من الضروري أن لا نكون متعصبين، بل نتمسك بالإنسانية إلى أبعد الحدود ولكن ليس على حساب وجودنا و التضحية بشعورنا القومي الكردي النابع في حقيقته من الإنسانية.
فإلى متى نبقى هكذا مثلما صار مع الخليفة مروان بن محمد والقائد الإسلامي أبي المسلم الخرساني اللذين دفعا ضريبة تتعلق بصلتهما بقوميتنا الكردية؟.
المصادر والمراجع:
الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج6
المقتضب - لإبن عياش
تاريخ الأمم والملوك / محمد بن جرير الطبري / خبر مقتل أبي مسلم
الخراساني التاريخ العباسي والأندلسي: أحمد مختار العبادي
السيوطي، جلال الدين. تاريخ الخلفاء.[1]