*باتو كوشكون
*مركز كارنيغي للسلام
انتُخِب الرئيس التركي رجب طيّب#أردوغان# لولاية رئاسية جديدة تمتد لخمس سنوات. فالتحالف المعارِض التركي الذي يتمتّع بالقوّة تاريخيًا، واستطلاعات الرأي المؤيّدة لمرشّح المعارضة، والأوضاع الاقتصادية المتدهورة والنزعات المستمرة للحاكمية السيّئة في عهد أردوغان لم تتمكّن من الإطاحة بالرئيس. في الجوهر، بات فوز أردوغان مؤكَّدًا بعد الجولة الأولى من الانتخابات في 14 أيار/مايو، التي ضمنت بقوّة سيطرة اليمين التركي على مجلس النواب وخرج منها أردوغان وهو بحاجة إلى نحو 300 ألف صوت فقط للفوز بالرئاسة علمًا أن عدد الناخبين الأتراك يفوق 60 مليونًا. في الجولة الثانية في 28 أيار/مايو، فاز أردوغان على خصمه كمال كيليجدار أوغلو بفارق أكثر من مليونَي صوت، فحقّق نصرًا حاسمًا.
في الليلة نفسها، خاطب أردوغان مناصريه من المجمّع الرئاسي في أنقرة، محاطًا بأعضاء ائتلافه الانتخابي. وكان بينهم سنان أوغان الذي انضم أخيرًا إلى الفريق. أوغان هو المرشح الرئاسي الذي حلّ بالمرتبة الثالثة في الجولة الأولى من الانتخابات، وعضوٌ بارز في حزب الحركة القومية التركية وكان قد تعهّد بدعم أردوغان في الجولة الثانية.
شكّل تأييد أوغان لأردوغان دليلًا على أن هذا الأخير عزّز سيطرته على الأكثرية الساحقة من اليمين التركي في إطار ”تحالف الشعب“، وهو عبارة عن ائتلاف من الأحزاب السياسية أتاح استمرارية أجندات أردوغان التشريعية والتنفيذية من دون انقطاع.
وقد ضمنَ هذا التحالف الحفاظ على ولاء الناخبين الأكثر استياءً الذين يبدون حذرهم من أردوغان، حتى لو لم يكونوا يقترعون لحزبه، حزب العدالة والتنمية. والحال هو أن عدد الأصوات التي نالها حزب العدالة والتنمية تراجع أكثر من مليونَي صوت مقارنةً بانتخابات 2018، ولكن جرى التعويض عن أكثر من 1.5 مليون صوت من خلال انضمام حزب سياسي إسلامي صغير (حزب الرفاه الجديد) إلى التحالف. وأفاد حزب العدالة والتنمية أيضًا من أداء شريكه الأصغر في الائتلاف، حزب الحركة القومية، الذي نال 10 في المئة من أصوات الناخبين، وهو ضعف العدد الذي كان متوقَّعًا بحسب التقديرات.
استطاع أردوغان، من خلال سيطرته الشديدة على اليمين التركي، الحفاظ على استمرارية حكمه من دون مواجهة أي عوائق حقيقية.
وهذا كان عاملًا إضافيًا ساهم في فقدانه الحوافز للتوسّع خارج قاعدته التقليدية. ببساطة، التأييد الذي يحظى به أردوغان لدى الناخبين المحافظين والقوميين كافٍ لتحقيق الفوز، نظرًا إلى ميل المجتمع التركي إلى المحافظة. لقد أرسى أردوغان، من خلال توحيد أصوات اليمين وضم منافسين محتملين إلى تحالفه، مخططًا دائمًا للإمساك بزمام السلطة.
ستكون لهذا الأسلوب الجديد في سياسات التحالف اليميني تداعيات حاسمة في حقبة ما بعد أردوغان أيضًا. على الأرجح أن هذه الولاية ستكون الأخيرة لأردوغان، نظرًا إلى أن تحالفه الانتخابي ليس كبيرًا بالقدر الكافي لإجراء استفتاء دستوري يُفضي إلى تمديد ولايته الرئاسية.
وهكذا ستتمحور السياسة التركية في السنوات الخمس المقبلة حول السؤال عن الشخصية التي ستخلف أردوغان. لم يعلن الرئيس بعد عن اسمٍ محدد، وأيّ تكهّنات في هذه المرحلة تبقى مجرد تخمينات.
يتمثّل التحدّي المطروح على أردوغان في تسمية شخصٍ يمكنه الاستمرار في توحيد صفوف اليمين وضمان بقاء النظام الذي أرساه ائتلافه الحاكم من دون المساس به. في الوقت الراهن، لا يزال الحزب الجيد القومي المتحالف مع المعارضة القوّة اليمينية الكبيرة الوحيدة المعارِضة لأردوغان.
ولكن يبقى الحزب إضافة محتملة إلى ائتلاف أردوغان. وفي ضوء الهزيمة التي لحقت بالمعارضة التركية، بات الاحتمال أكبر بأن ينبثق أي تغيير سياسي أساسي في جمهورية أردوغان من داخل ائتلافه الحاكم الآخذ في التوسّع.
*باتو كوشكون محلل للمخاطر السياسية متخصص بالشؤون التركية وزميل أبحاث في معهد صادق. لمتابعته عبر تويتر @BatuCoskunn.[1]