الحزام العربي والسياسات السورية بحق الكرد
اهم ما جاء في تقرير الملازم1 محمد طلب هلال بخصوص ضرب التواجد الكردي في الجزيرة .
_في تشرين الثاني 1963 م قدم رئيس شعبة الأمن السياسي في الحسكة ، الملازم أول محمد طلب هلال تقريراً ، طرح فيه المشكلة الكردية ، وأعطى الحل المناسب لها من وجهة النظر السورية ، وتتمثل بالآتي :
1- تهجير الأكراد من أراضيهم .
2_ حرمان الأكراد من التعليم .
3- إعادة المطلوبين إلى تركيا .
4_سد أبواب العمل في وجوههم .
5 - شن حملة دعائية واسعة بين العناصر العربية مضادة للأكراد .
6 - نزع الصفة الدينية عن رجال الدين الأكراد ، وإحلال رجال دين عرب محلهم .
7- ضرب الأكراد بعضهم ببعض ضمن المجتمع الكردي .
8- إسكان عناصر عربية في المنطقة الكردية على الحدود .
9 - إنشاء حزام أمني عربي على طول الحدود تركيا .
10 - إنشاء مزارع جماعية للمستوطنين العرب .
11- عدم السماح لمن لا يتكلم اللغة العربية بأن يمارس حق الانتخاب والترشح في المنطقة المذكورة .
منع منح الجنسية السورية لمن يريد السكن في تلك المنطقة ، مهما كانت جنسيته الأصلية عدا الجنسية العربية .
بعد الانقلاب الذي قام به حافظ الأسد 1970م والذي عرف فيما بعد بالحركة التصحيحية في أدبيات البعثيين استبشر الكورد بتغيير النظام خيرا و تطلعوا إلى اليوم الذي يحصلون فيه على حقوقهم المشروعة التي ناضلوا كثيرًا من أجل الحصول عليها ، بالرغم من قناعاتهم بأن الخلفية العسكرية لحافظ الأسد قد تعوق تفهمه للطموحات الكوردية بصفة أن الكورد يمثلون القومية الثانية في سوريا فهل ستتحقق أحلامهم وهذا ما سيتضح فيما يلي . وقد ظهر موقف حافظ الأسد واضحا من الكورد في سوريا خلال مدة وجيزة من انقلابه على الحكم 1970 م ، ويبدو من مجريات الأحداث أنه نظم حملة مدروسة ضد الكورد ، بهدف التأكيد على التزامه بمبادئ حزب البعث العربي الاشتراكي القومية الضيقة ، والمتمثلة بتطبيق سياسة التعريب في القرى والبلدان والمدن الكوردية وكان أول قراراته بهذا الخصوص هو إصدار المرسوم التشريعي رقم 36 في 13 أغسطس 1971 م ، والذي نص على ضرورة تغيير أسماء القرى والبلدان الكوردية في محافظة الجزيرة ومنطقتي كوباني وعفرين وغيرها ، وإطلاق أسماء عربية عليها ، ولا يخفى أن الهدف من المرسوم كان من النظام في محو كوردية تلك المناطق وإسباغ الصفة العربية عليها ، وكان من اللافت أن افتتاحية جريدة البعث جاءت تحت عنوان ( 10 ملايين ليرة لبناء قرى في منطقة الغمر ) ومما ورد فيها بناء على توجيهات الرفيق القائد حافظ الأسد تم تشكيل لجنة برئاسة الرفيق عبد الله الأحمد ، وعضوية الرفيق محافظ الحسكة مهمتها بناء مساكن للفلاحين الذين ستغمر أراضيهم بمياه سد الفرات ، في منطقة مزارع الدولة و بناء المرافق الضرورية ، ونقل الفلاحين إلى مساكنهم الجديدة ) وفي ضوء ما تقدم ، جرت سياسة التعريب على قدم وساق في بداية عهد حافظ الأسد ، وعملت السلطات المحلية على تطبيق ما تبقى من مراحل مشروع الحزام العربي ، حيث إدعت الحكومة السورية أنها تطبق الاشتراكية في سياساتها الاقتصادية ، فأصدرت قرار إنشاء مشروع الحزام العربي بذريعة توسيع الأراضي الخضراء في منطقة الجزيرة ، إلا إن الغاية لم تكن ذلك و إنا مصادرة أملاك المواطنين الكورد و ضمها إلى أملاك الدولة ، وفي ضوء ذلك ، صادرت أراضي كوردية بطول 375 كم عرض 10_15 كم على الشريط الحدودي السوري العراقي ، وكان الموقف الكوردي رافضا لسياسات السلطة السورية تلك ، ويمكن الاستدلال بمواقف الحزب الديمقراطي الكوردي ، حيث ظهر موقفه منددا ، وكانت جريدة ( دنكي كورد ) حريصة على إظهار موقف الحزب بهذا الخصوص ففي عددها 15 الصادر في يوليو 1973 م ، حيث جاء افتتاحيتها ( الحزام يدخل مرحلة التنفيذ النهائية ) ، وكان بالأصل بيانا للحزب أوضح أن جريدة البعث نشرت خبر تشكيل لجنة من المسئولين السوريين ، ووضع مبلغ عشرة ملايين ليرة سورية تحت تصرفها لبناء مساكن وقرى في منطقة الجزيرة ضمن منطقة الحزام العربي ، والتي دأبت السلطات على إطلاق تسمية ( مزارع الدولة ) عليها ، بهدف إسكان عناصر عربية ) . وأوضح البيان ، أن مشروع الحزام العربي دخل مرحلة التنفيذ النهائية ، ولم يبق منه سوى تهجير الفلاحين الكورد من قراهم التي شيدوها وعاشوا فيها منذ مئات السنين ، وأن الكورد لم يكونوا عبر تاريخهم الطويل حجر عثرة في وجه أية هجرة جماعية كانت أم فردية ، ولكن الإسكان الجماعي تمهيداً لهجرة جماعية قسرا ولدوافع عنصرية لا يرفضها الكورد فحسب ، بل إن الشرائع السماوية وميثاق الأمم المتحدة وشرعة حقوق الإنسان والدساتير الدولية تستنكره وتحرم مشروعات التهجير والتشريد الجماعية القسرية ، وتساءل البيان ( أية فوائد اقتصادية يسجلها مشروع يقضي بنقل آلاف العوائل من منطقة الغمر ومنحهم الأراضي والامتيازات في منطقة مأهولة سابقا ، وتشريد فلاحية الأصليين وتهجيرهم إلى جهة أخرى بعد إن ظلوا محرومين من حق الانتفاع بالأراضي المستولى عليها بموجب قانون الإصلاح الزراعي ، بعد تطبيق مشروع الحزام تحت شعار إنشاء مزارع الدولة ؟ فأي منطق إنساني أو اشتراكي يقبل بتفضيل فلاح على آخر بسبب العرق أو اللغة أو الدين دون اعتبار للكفاءة ) . ومن اللافت للنظر أنه حتى في ظل تطبيق المشروع العنصري ، تطلع الكورد من الرئيس حافظ الأسد أن يكون عادلاً مع الحقوق الكوردية ، وأن يضع حدًا لتصرفات بعض المسئولين الذين يعكرون أجواء الإخوة بين الكورد والعرب ، وأنه لا يمكن أن يقبل بها يجري في البلاد من ظلم يقع على جزء من الشعب السوري ، بوصفه رئيسًا للبلاد ، حيث جاء في البيان ( إن الكورد و حزبهم الديمقراطي يناشدون كافة الأحزاب والقوى الوطنية والتقدمية ويخصون منها حزب البعث العربي الاشتراكي وقائد مسيرته الفريق حافظ الأسد للعدول عن هذا المشروع العنصري البعيد عن روح العصر والنزعة الإنسانية أو النهج الاشتراكي ، وأن الفلاحين الكورد يناشدون أشقاءهم الفلاحين العرب ممن ستغمر مياه السد أراضيهم برفض الإسكان في قرى الكورد البؤساء ) ) .
كما دعا البيان الكورد إلى الوقوف في وجه مرامي السلطات السورية ( إن الجماهير الكوردية مدعوة اليوم إلى التكاتف ونسيان الخلافات ونبذ الأحقاد والالتفاف حول الحزب وقيادته وعدم المشاركة في بناء الدور وترميمها وعدم النزوح عن بيوتهم وقراهم تحت تأثير التهديد والوعيد أو بدافع الفقر والحاجة ، وإننا إذ نهيب بالطبقة الكادحة عيالاً وفلاحين عرب و كورد وجميع القوى والأحزاب التقدمية للمساهمة معنا في إبعاد خطورة هذا المشروع حاضرا ومستقبلاً على القطر من النواحي الاقتصادية والاجتماعية والوحدة الوطنية ) ولم يلق البيان أي آذان صاغية من قبل السلطات ، التي وجدت فيه تحد لمشاريعها ، وكان من الطبيعي أن يبادر جهاز أمن الدولة بإعتقال عدد من قيادات الحزب بعد صدور العدد 15 من جريدة الحزب . والجدير بالذكر ، أنه أثناء تنفيذ الخطوات المتبقية لمشروع الحزام العربي ، كانت الأجهزة الأمنية السورية تطلب من المعتقلين أن يرددوا الجمل التالية ( يسقط البارزاني ، يسقط الحزب ، ويسقط الشعب الكوردي ) ، و إزاء ذلك الوضع ، صدر العدد 16 من
( دنكي كورد ) حاملا عنوان ( الكورد والوحدة الوطنية ) جاء فيه ( فوجئ المواطنون في الجزيرة في مطلع شهر أغسطس 1973 م بحملة اعتقالات استهدفت قياديي الحزب وبعض المواطنين الكورد ) وأنه ولأول مرة في تاريخ البلاد رافق اعتقال أحد أعضاء الحزب قيام مخابرات أمن الدولة بإطلاق النار على المواطنين في قرية ( موزلان ) وإرهاب النساء و الأطفال و الشيوخ ، الأمر الذي أدى إلى سقوط احد المواطنين جريحاً ، ولاذ سكان القرية بالفرار هائمين على وجوههم في البراري ) . كما أشار البيان إلى معاناة الحزب ( لقد سبق أن تعرض مناضلوا الحزب في ظل الحكومات السابقة للاعتقال والإرهاب والتعذيب ، ولكن لم يفت ذلك في عضد الجماهير ولم يؤثر على نضالها الدؤوب في سبيل رفع نير الاضطهاد على كاهل الكورد ونيل حقوقه الديمقراطية المشروعة والتي يبدو أن بعض التيارات الرجعية في القطر كانت تعد العدة لهذه الاعتقالات منذ الإعلان عن النية بوضع مشروع الحزام العنصري موضع التنفيذ ، هذا المشروع الذي أجمعت كل القوى والفئات الوطنية والتقدمية العربية في القطر السوري والخارج على إدانته وشجبه ) ، إلى جانب تأكيد البيان أنه كان من البديهي أن يقف الحزب بوضوح وثبات في وجه هذا المشروع العنصري ، باذلاً كل جهده في فضح حقيقته ، لقد قام الحزب من أجل الدفاع عن حق الكورد الطبيعي والإنساني في العيش بأمان ومساواة مع شقيقه العربي في سوريا ) .
▪︎المصادر
▪︎كورد سوريا في عهد حافظ الأسد/ خليل شاخكي.
▪︎تاريخ الاكراد _أ.د.محمد سهيل قطوش.[1]