أ.د.نيان نوشيروان فؤاد مستي
تعد ( گەلاوێژ صالح فتاح ) رائدة الرواية الكوردية النسوية ،فهي صوت المرأة في تعبيرها عن الإشكالات السوسيولوجية والسايكولوجية في معظم كتاباتها التى تتجاوز (21) عملا أدبيا ، وهي تتوغل في المجتمع بكل أطيافه ومنها المرأة من خلال تبيان تفاعلها مع الأخرين وإنعكاس ضغوط الواقع عليها و تجسد بصورة تفصيلية الإنفعالات والإستجابات التي تصدر عنها في خضم المؤثرات المختلفة خاصة في رواياتها (كنة اته خان ،و الخادمة ، وعابرة سبيل هائمة ،الأم والأبن، و خريف وربيع خونضة ) فنجد أنماطا من نماذج النساء من الشرق وخاصة المرأة الكوردية ، ونمط المرأة من الغرب ، والأم ومافيها من تضحية وعواطف صادقة تجاه عائلتها واولادها وقوة شخصيتها ،والمرأة المناضلة ، والفتاة الكادحة من الطبقات الفقيرة ووقوع الظلم عليها من قبل المجتمع ،وغير ذلك من نماذج متنوعة حيث انها تصورهن بصورة واقعية وبجرأة تكشف الأصوات المقموعة والمهمشة ،والأديبة الروائية تبين ذلك من خلال علاقات الشخصيات بالعناصر السردية الأخرى من الأمكنة المختلفة والأحداث المتنوعة وخلال أزمنة متعاقبة وحوارات من الأسلوب المباشر والمونولوج الداخلي التي تعكس بصورة واقعية المشاهد الموجودة في الحياة حيث الصراع تارة والتوافق تارة أخرى وكل هذا لتشخيص الحالات السلبية كمذهب الواقعية الإنتقادية لإبراز كل مافي العمق الى السطح لأن التشخيص جزء من محاولة تحريك المتلقي الى تفهم وإستيعاب القضايا الإجتماعية السلبية بغية ايجاد الحلول لها ، فكتاباتها نوع من نشر الوعي تجاه قضايا المجتمع بصورة عامة والمرأة بصورة خاصة ،والوعي درجة متقدمة من الوصول لتغيير هذه القضايا وهي تؤكد ذلك في كلمتها في الملتقى الفكري الذي جرى في لندن حول المرأة وحقوقها وتعقد مقارنة بين معاناة المرأة في الغرب ومعاناتها في الشرق وأحوال المرأة في المدينة والريف وتتوصل الى تبيان : (إن الثقافة نصير المرأة وحامي حماها ، فالمرأة المثقفة والمتنورة تستطيع أن تدافع عن حقها مهما صادفتها من صعاب ومواقف )، فقد ربطت بين إشكاليات المرأة وثقافتها فهناك علاقة طردية بينهما فكلما كانت ثقافتها قليلة كانت قدرتها لمواجهة المشاكل أقل ،وكلما حصلت زيادة في ثقافتها أصبحت قدرتها لإدارة وحل المعضلات أكثر لأنها تستطيع مواجهة المشاكل بثبات وذلك لأن الثقافة بكل أنواعها تزيد الوعي والتفكير لدى المرأة وبذلك تدرك التوازن بين واجباتهاوحقوقها وتستطيع أن تدافع عن دورها الفاعل في بناء المجتمع كما أن الثقافة تزيد من ثقتها بشخصيتها وكلها مؤشرات لبناء شخصية قوية وهي بإزدياد إحترامها لذاتها ولحرية ابداء رأيها تكتسب إحترام وتقدير الاخرين لها ، لذلك ان مشكلة المرأة تكمن في مسؤوليتها تجاه بناء ذاتها ثم يكون هذا خطوة لتغيير نظرة الاخرين تجاهها ، والثقافة عملية مكتسبة وليست محمولة بايولوجية بل هي فعل تراكمي وهي مستمرة ديناميكية وليست لها حدود ومتعددة الرموز والأنساق والقضايا وإنتقائية لذلك ان المرأة عليها مسؤولية تثقيف نفسها بكافة العلوم التكنولوجية الفكرية والإجتماعية والسيكولوجية والتاريخية والمعرفية والفلسفية والفنية والأدبية شعرا ونثرا وغير ذلك من الحقول المعرفية .
ونجد من رائدات ورموز النزعة النسوية في العالم سيمون دى بوفوار، وفرجينياوولف ،وجوليا كرستيظا فقد حاولن في كتاباتهن تثبيت إلإبداع النسوي وتبيان صوت المرأة ودورها في المجالات المختلفة والمعضلات التي تحول دون ذلك ومحاولة ايجاد الحلول لذلك ،كما وجدنا ان المرأة الكوردية من خلال المبدعة الرائدة كةلاويَذ شكَلت تالفا مع أصوات المرأة في العالم.إن طةلاويَذ قد دخلت فضاء أدبيا واسعا من خلال كتاباتها السردية هذا المجال الذي لايستطيع كل اديب إقتحامه لأنه بحاجة الى الموهبة والشغف والرغبة الجادة في الكتابة والثقافة والمثاقفة وفهم وإستيعاب المجتمعات .وهي مقاييس متجسدة عند الروائية كةلاويَذ في معظم كتاباتها الإبداعية ،فقد استطاعت أن تبين رؤيتها الموضوعية تجاه المجتمع ونقدها للمضامين السلبية من خلال مايسمى بالنقد السوسيولوجى ومعالجة قضايا المرأة من خلال تناولها لأحداث البيئة المحيطة بها والمؤثرة في سلوكها ونفسيتها وردود أفعالها تجاه الأحداث من خلال تقنيات تعبيرية سردية فهي تنادي من خلال المواقف المختلفة الى اسئلة عن مكانة المرأة في الإطار الزمكاني ودورها في المجتمع وكيف تتحول من كائن مهمش الى كائن ذو قرار وإرادة حرة بعقلية نيرة واعية بكل مايحيط بها .
وهي حاولت أن تنقل للمتلقي صوتها واستراتيجيتها بكل الوسائل والتقنيات المعاصرة عن طريق تأسيس موقع الكتروني ثقافي لها لنشر أعمالها الإبداعية باللغتين الكوردية والعربية ومحاولة جمع كل الكتابات والدراسات عن ابداعاتها فيه ،مما يؤكد فاعليتها الديناميكية للإلتحاق بالظواهر العالمية فهي نموذج واقعي للمرأة الدؤوب الطموح التي تتميز بالثقة بذاتها وبإنتاجها الأدبي ومحاولة خروجها.[1]