التعايش الكردي - العربي مسألة مهمة ومقدّسة في المرحلة المقبلة
يرى عضو الجمعية المصرية للقانون الدولي والمركز العربي الأوروبي للقانون الدولي أن التعايش المشترك والتضامن بين الشعبين الكردي والعربي بات مسألة مهمة ومقدسة، مشيراً إلى أن هناك أطر كثيرة وهَمّ مشترك بين الشعبين.
يظن الكثير أن هناك خلافات بين العرب والكرد مستمدة من التاريخ القديم، وهذا - كما يؤكد مختصون بالتاريخ - غير صحيح، إنما هي مشكلة حديثة النشأة تعود جذورها إلى نهاية الدولة العثمانية وبداية نشوء الدول القومية عن طريق تقسيم المنطقة بصورة عبثية، في سبيل تشكيل دول غير مستقرة من الممكن إدخال النزاعات والصراعات فيها بشكل سهل في المستقبل في سبيل تجنب تشكيل كيان موحد يهدد وجود الاستعمار في هذه المنطقة الغنية بالثروات والاستراتيجية من الناحية السياسية.
وفي هذا الخصوص يرى مثقفون كرد وعرب، أن التعايش المشترك والتضامن بين الشعبين أصبح حاجة ملحة في هذا التوقيت بالذات، وهو أنجح مساعي القضاء على الإرهاب وطرده من المنطقة، ووضع أسس بناء نظام إدارة ذاتية. فما احتمالية نجاح هذا التعايش؟ وماذا يتطلب من الطرفين؟
يقول عضو الجمعية المصرية للقانون الدولي والمركز العربي الأوروبي للقانون الدولي، الدكتور مختار غباشي، إن التعايش المشترك والتضامن بين الشعبين الكردي والعربي، مسألة أصبحت مهمّة جداً ومقدسة، خاصة في هذا التوقيت الحرج؛ لأن التعايش المشترك والتضامن، يمنع حلبة تكالب القوى الإقليمية والقوى الدولية على مقدرات الأمن القومي العربي، ويؤسس لعمل عربي - كردي مشترك، يستطيع أن يحدد إطاراً للدفاع عن منظومة الأمن القومي لكلا الشعبين.
وأضاف الدكتور غباشي لوكالتنا أن القضاء على الإرهاب أو طرد الإرهاب عناوين مهمة، يكفينا قدرة شمال وشرق سوريا في السيطرة على هذا الأمر، وقد رأينا 51 ألف معتقل من داعش في السجون في شمال وشرق سوريا ومخيم الهول، ورأينا أن هناك دعوة لذهاب هؤلاء الدواعش إلى الدول المنتسبين إليها، لكنها رفضت (هذه الدول).
وأكد الدكتور غباشي أن هذا التعايش يتطلب من الطرفين لنجاحه أولاً؛ إرادة سياسية مشتركة، وقدرة على فهم طبيعة المهددات للأمن القومي العربي والكردي أيضاً، والمسألة الذاتية أو الفيدرالية التي من الممكن أن تكون الحل تحت إطار الدول الموجود فيها النسبة الأعلى من الكرد، مسألة مهمة، ومطلوب بحثها باستفاضة، عن آلية التعامل بين الإدارة الذاتية والحكومة المركزية، التي تبقى جزءاً منها وتحت إطارها وفق نص دستوري أو إطار قانوني.
ويشدد الدكتور غباشي على أن لا خلافات تاريخية بين الشعبين، ولكن هناك هواجس بين الطرفين، لعب الاستعمار دوراً كبيراً فيها، بدءاً من معاهدة سيڨر - (الموقعة في 10 آب 1920 ضمن سلسلة معاهدات وقّعتها دول المركز عقب هزيمتها في الحرب العالمية الأولى، وقد كانت مصادقة الدولة العثمانية عليها هي المسمار الأخير في نعش تفككها وانهيارها بسبب خسارة قوى المركز في الحرب العالمية الأولى) - والتي أعطت الكرد دولة في ولاية الموصل وإقليم الأناضول، ولكن تم الإخلال بهذا العهد من قبل الأطراف الدولية في ذلك التوقيت.
ويؤكد عضو الجمعية المصرية للقانون الدولي والمركز العربي الأوروبي للقانون الدولي، الدكتور مختار غباشي، أن الشعب الكردي قادر على إقناع الشعب العربي أن هدفه ليس الانفصال أو التقطيع، ولكن هو التعايش وفق الأسس المتعارف عليها من الحفاظ على التقاليد والأعراف واللغة، وشكل من أشكال الإدارة الذاتية، أو الفيدرالية التي تحكم إرادة مشتركة لنجاح التعايش بينهما، على أن تكون هناك حكومة مركزية جامعة وحاكمة لهذا التعايش.
ينفي الدكتور غباشي أن يكون هناك خلاف تاريخي بين الشعبين، بل هو سياسي، لأن لتاريخ الجانبين دفاعاً مشتركاً ومهماً، ويكفينا أن صلاح الدين الأيوبي هو من فتح وحرر القدس، وفي فلسطين مدينة ما زالت قائمة حتى الآن، تسمى حي الشيخ جراح، نسبة إلى الطبيب الخاص لصلاح الدين الأيوبي.
ويتابع بالقول: هناك سبل للتعايش بين الشعبين الكردي والعربي، وأطر كثيرة وهَمّ مشترك بينهما، والإطار العام الذي يحكم هذا التعايش وإبداء حُسن النوايا والقدرة المشتركة بين الطرفين، منعاً لأي تدخل إقليمي أو تدخل دولي أو استغلال هذا لمصلحة الأطراف الأخرى أو محاولة هذه الأطراف خلق مشاكل بين الجانبين، ولكن قدرة التعايش بين الشعبين كبيرة وصريحة وتاريخية ومقدرة، وفي العالم العربي كثير من الكوادر والأشخاص المنتسبين للشعب الكردي، ولعبوا دوراً مهماً في الفن والإدارة والتقاليد والأعراف العربية....[1]