أم كردية تتغلب على العادات والتقاليد وتتعلم بلغتها الكردية
سلافا عبد الرحمن
حلمي الذي حُرمت منه، حققته حركة حرية كردستان لي، كلمات امرأة كردية تبلغ من العمر نحو 60 عاماً، لوالدها بعدما حققت انتصاراً على العادات والتقاليد بالوصول إلى ما كانت تصبو إليه منذ صغرها بالدراسة والتعلّم، لكن هذه المرة بلغتها الأم.
بقلب طفلة محبّة للعلم، توجهت أميرة عبدو عندما كانت في السادسة من عمرها نحو مدرسة حي العنترية في مدينة قامشلو، حيث كان يسير بجانبها من يماثلها سناً أو أكبر، لكن ما جرى بعد وصولها إلى المدرسة أحدث تأثيراً كبيراً فيها.
تفاجأت أميرة بأن اسمها غير وارد في سجلات المدرسة، وهو ما حرمها من التعلم، إذ يعود سبب حرمان أميرة من مقاعد الدراسة إلى والدها وشقيقها اللذان رفضا تعّلمها بذريعة العادات والتقاليد التي لا تسمح للفتيات بالذهاب إلى المدرسة.
كلما تقدمت أميرة في العمر ازدادت حسرتها للتعلم، تسرد أميرة (60 عاماً) وأم ل (3 شابات و4 شباب)، لوكالتنا تفاصيل ما حدث معها وقتذاك، كان شغفي بالتعلم كبيراً جداً، لكن والدي وشقيقي منعاني من ذلك، بذريعة العادات والتقاليد البالية التي تحكم المرأة والمجتمع، حتى أصبحت فتاة أمية.
سار بها العمر على هذا النحو حتى تسعينيات القرن الماضي، وأثناء زيارتها لإحدى جاراتها، التقت هناك مناضلي ومناضلات حركة حرية كردستان، وبذلك بدأت مسيرة تعلمها وهذه المرة بلغتها الكردية.
تحقق حلم أميرة بالتعلم وهي في العقد الثالث من العمر، إذ تعلمت الأبجدية الكردية مع 9 نساء أخريات، وقالت عن ذلك: تعلمنا تهجئة الأحرف بعد تعلّم كتابتها. كنا شغوفات بالتعليم، تركنا كل شيء خلفنا وتفرغنا للعلم.
وحتى لا تنسى أميرة ما تعلمته، طلبت من أحد معارفها أن يحضر لها كتاباً باللغة الكردية، فحصلت على ديوان الشاعر الكردي الكبير جكر خوين. أكدت أميرة أنها أعطت ل 30 طفل/ة دروساً في اللغة الكردية، 4 منهم الآن من مناضلي حركة التحرر الكردستانية.
اتخذت أميرة عبدو، بعد اندلاع ثورة 19 تموز 2012 في روج آفا وشمال وشرق سوريا، مكاناً لها ضمن إحدى لجان الصلح لمؤتمر ستار في قامشلو، كما تقوم بتدريس أحفادها اللغة الكردية. تصف اللغة بأنها إحدى الركائز الأساسية للإنسان ومرآة الثقافة والتاريخ للمجتمعات.
وشجعت أميرة كافة النساء اللواتي لا يقوين على الدراسة والكتابة التعلم بلغتهن الأم، وألا يجعلن من العمر عائقاً أمامهن، وأن يُدّرسن أبناءهن وبناتهن اللغة الأم، مبينة بالعلم والمعرفة ترقى المجتمعات وتتطور.
ذاقت أميرة طعم الانتصار مرتين، بتغلبها على العادات والتقاليد مرة، وتحقيق حلمها بتعلم القراءة والكتابة في المرة الثانية. وتستذكر ما قالته لوالدها في وقتٍ من الأوقات: حلمي الذي حرمتني منه، حققته حركة حرية كردستان لي. أبصرت أعيننا الحياة، ومنحتنا العلم والمعرفة، وكسرت القيود التي كبلت المرأة.[1]
(ي م)