أسباب الهجرة عديدة ولا أحد منا بريء
إنني أستغرب من طرفي الصراع الحزبي الكردي ومؤيديهم-وأقصد الجماعتين؛ البارزانيين والآبوجيين- بحيث كل طرف يريد أن يلقي باللوم الكامل على الطرف الآخر بخصوص قضية الهجرة والتهجير لشعبنا، بالرغم من إننا جميعًا نعلم؛ بأن هناك أسباب عديدة لها وقد قمت مثل الكثيرين وعدد من المرات بالوقوف على الدوافع والأسباب، منها مثلًا، بل وأهمها؛ ما يتعلق بانعدام الأمن نتيجة ظروف الحرب وكذلك الأوضاع الاقتصادية المعيشية الصعبة ومستقبل أولادهم، بالرغم إن أغلبنا أضاع الأولاد هنا في أوروبا وليس فقط مستقبلهم.
كما أن للصراعات الحزبية الداخلية وأخطاء الإدارة الذاتية وخاصةً في بدايات عهدها وما رافقها من عنف وقمع لكل من يخالفهم بالرأي، وصولًا لارتكاب جرائم بحق من يعارضهم وذلك لاثبات الوجود دوراً في تلك الهجرة، ومن الجانب الآخر؛ أي أحزاب المجلس الوطني الكردي، عملوا وللأسف بردود أفعال وتشنج حزبي وذلك من خلال شحن الشارع بالمزيد من الصراعات وصولًا للتحالف مع الأعداء؛ تركيا والإخوان. وهكذا خلق جو مشحون زاد من حدة الصراعات ليساعد على المزيد من الهجرة حيث وللأسف كل الأطراف عملت من منطلق حزبي وليس وطني، بهدف تحقيق مكاسب حزبية عوضًا عن استغلال الظرف السياسي لتحقيق مكاسب وطنية معاً!
نعم كل هذه الأسباب وغيرها مثل عدم تبلور الشخصية الوطنية في الانسان الكردي نتيجة ظروف القهر والاحتلال الطويل وغياب الوطن ليعرف قيمة أن تكون على أرضك وتتمسك بجغرافيتك الوطنية، وكذلك عقدة النقص تجاه الغرب وما يمكن أن نعتبره وهماً أو الحلم الموعود ب”جنة أوروبا”، كلها من الأسباب التي دفعت بشعبنا للهجرة الكثيفة خلال السنوات الأخيرة. ولكن كارثة عفرين وغيرها من المناطق الكردية التي احتلتها تركيا مع فصائل وميليشيات إسلامية تركمانية، وما مارسوها كانت لها دورها أيضًا في هذه الهجرة.
وآخراً وليس أخيرًا؛ كانت للإدارة الذاتية هي الأخرى دورها وللأسف في هذه الهجرة الأخيرة وبأعداد كبيرة، وذلك عندما دفعت بأبناء المنطقة للخروج من بيوتهم وقراهم مع اندلاع الأحداث في آذار 2018م؛ أي مع بداية الغزو والاحتلال التركي الاخواني حيث دفعت بشعبنا نحو عفرين، ومن ثم نحو الشهباء، وهذه كانت إحدى أسوأ الأخطاء حيث أفضت الساحة للمستوطنين بحيث سهلت الأمر لتركيا على القيام بما قامت بها من تغيير للهندسة السكانية لمناطقنا وللأسف، بينما كان يمكن إخراج من هو مطلوب وعوائلهم فقط، وليس كل أبناء المنطقة وكنا بذلك قطعنا الطريق على المحتل، أو على الأقل قللنا من أضرار التغيير الديموغرافي.. نعم علينا الإقرار؛ بأن الجميع، وكل منهم بدرجة ما، يتحمل مسؤولية ما آلت إليها الأوضاع، وذلك بدل رمي كل طرف بكرة الثلج على الآخر[1]