أبلسة الكرد في قضية الانفصال
#بير رستم#
بالرغم من كل بيانات وتصريحات قادة ومسؤولي الإدارة الذاتية وكل من مسد وقسد، فإن جماعة أستانة في بيانها الأخير أتهمتهم ب”الانفصال”، وبأن الأمريكان يعملون على مشروع لتقسيم سوريا! طبعاً التهمة ليست جديدة على الإدارة والكرد عمومًا حيث الاسطوانة المشروخة سمعناه من العديد من ممثلي هذه الدول والحكومات وحتى بعض المنظمات والشخصيات التي تدعي إنها تعمل في مجال حقوق الانسان والمجتمع المدني وللأسف مع العلم وكما أسلفنا قبل قليل، بأن الكرد وبمختلف أحزابهم السياسية يؤكدون على حل المسألة الكردية ضمن الإطار الوطني، أي الاتفاق على مشروع ينقل بالبلاد من حالة الاستبداد لدولة اتحادية فيدرالية ديمقراطية تحقق حقوق كل مكوناتها وهو ما يؤكد على أن لا نية لدى شعبنا فيما ينسب له من قضية التقسيم، كما أن الأمريكان ومن جانبهم دحضوا مثل تلك المزاعم التي تقول؛ بأنهم “يعملون على تقسيم سوريا” مع أن قضية استقلال وحرية أي شعب تتكفله الدساتير والقوانين الدولية والكرد يحق لهم ذاك الحق، كما باقي شعوب العالم، لكن وللأسف المصالح الإقليمية والدولية هي التي حرمتهم وما زال من ذاك الحق الدستوري.
المهم ذاك موضوع آخر شائك لسنا بصدده في هذه العجالة، بل بصدد الاتهام ب”الانفصال” وهي الكذبة والبعبع الذي تعمل عليه هذه الحكومات الغاصبة وبدعم روسي لتخويف شعوب المنطقة وخلق مناخ سياسي شعبي عام ضد الكرد وقضاياهم وخاصةً أن الأجواء السياسية مساعدة حيث الشوفينيتين القومية والدينية متغلغلة في واقع هذه المجتمعات والكرد هم الضحية و”الإبليس الذي يجب رجمه” حيث يتم قلب الواقع والحقيقة من الضحية إلى المعتدي، فبدل أن تقف هذه الشعوب مع الكرد على إنهم تعرضوا للظلم والاجحاف بالحقوق وفق اتفاقيات استعمارية؛ سايكس بيكو، لوزان، سان ريمون.. وغيرهم وبموجبها حرموا من حقوقهم وقسمت بلادهم ووزعت جغرافيتهم على أربع وخمس دول، فإن الصورة النمطية والتي عمل عليها تلك الحكومات الغاصبة مع ابواقها من العنصريين بأن جعلوا الكرد متمردين وعنصر شغب ضد دولهم، بل وصل الأمر بأن الجميع بات يجد في الكردي ذاك “الضيف المزعج” والذي استقبلوه في أراضيهم، ثم بات يطالب بحصته وكأن الكرد سقطوا من الفضاء الخارجي وليسوا من سكان المنطقة الأصلاء مع أن البعض الآخر والذي يتحكم بجغرافيا المنطقة هم الوافدين.
طبعاً قضية أبلسة الكرد من قبل العنصريين وحكوماتهم الغاصبة ليست بجديدة ولكن ومع بروز الدور الكردي مؤخراً في روژآڤا -وقبلها في إقليم كردستان- جعلت هؤلاء يستنفرون أكثر وذلك في محاولة منهم لوأد القضية وقبل أن تنتقل آثارها وتداعياتها لداخل الأقاليم الكردستانية التي يستعبدونها -تركيا وإيران- وبدعم روسي طبعاً حيث الأخيرة لها مصالحها في الوقوف مع النظامين لتقاطع المصالح وكذلك الأيديولوجية كنظم مستبدة، لكن المفارقة الغبية والمضحكة مع هؤلاء هو أن الكرد وبالأخص جماعة الإدارة الذاتية يتبنون أيدولوجيا سياسية تقوم أساسًا على فكرة “أخوة الشعوب” ونفي ورفض الدولة القومية حيث رؤيتهم السياسية ووفق نظرية “الأمة الديمقراطية”؛ بأن أغلب مشاكل المنطقة هي هذه الرؤية السياسية ودولها القائمة على النزعة القومية، مما دفع مؤدلجهم وزعيمهم السياسي أوجلان أن يطرح مشروعه السياسي كحل بديل لأزمات ومشكلات المنطقة ومنها قضية المشكلة القومية بحيث تصبح هذه الدول فيدرالية وكونفيدراليات لحل مشكلاتها السياسية ونجد اليوم محاولة أو تجربة حل وفق تلك الرؤية في مناطق شمال شرق سوريا أو مناطق ما تسمى بالإدارة الذاتية بحيث يصبح كل مكونات المنطقة من كرد وعرب وكلدوآشوريين وغيرهم من أبناء المنطقة أصحاب المشروع والقرار السياسي؛ أي أن الجماعة يرفضون أساسًا حل المشكلة وفق مبدأ الدولة القومية.
أما المفارقة الأخرى فهي ما نجده في مناطق الاحتلالات التركية والإيرانية في سوريا -وبالأخص مناطق الاحتلال التركي- حيث تغيير اللغة والعلم والعملة الوطنية من السورية للتركية، بل حتى صورة أردوغان حلت محل صورة الأسد في مكاتبهم، ناهيكم عن ادعاءات تركيا ب”حقها في تلك المناطق وفق ميثاقها الملي”.. وبالتالي ووفق الحال وما سبق، فيا ترى من هو الذي يعمل على تقسيم سوريا؛ الكرد الذين يطالبون بحقوقهم وانصافهم ضمن كيانات وطنية اتحادية ديمقراطية، أم الغزاة المحتلين الذين جعلوا من مناطق احتلالهم إمارات سلفية إرهابية.
[1]