الأحزاب الكوردية
الأحزاب الكوردية هي أحزاب قومية وإن كانت بمسميات غير قومية.
الحوار المتمدن-العدد: 5208 – 2016-06-29
الأحزاب الكوردية
هي أحزاب قومية وإن كانت بمسميات غير قومية.
#بير رستم# (أحمد مصطفى)
لا خلاف بأن الحزب الديمقراطي الكوردستاني _وبمختلف فروعه_ أرتبط تاريخياً بالمشروع القومي من خلال برنامجه السياسي والذي يصبغ هذا التيار السياسي الكوردستاني، كأحد أهم التيارات الحاملة لهذا المشروع، بل وإعتباره تياراً قومياً راديكالياً، لكن ورغم خروج عدد من التيارات السياسية الكوردية الأخرى في ساحة النضال الكوردستانية وتحت مسميات ومشاريع وأجندات أيديولوجية يسارية ماركسية أو دينية إسلامية مؤخراً، إلا إن لا أحد يقدر أن يوصف تلك التيارات؛ بأنها ليست حوامل للمشروع القومي حيث واقع شعبنا الكوردي تفرض على مختلف الأحزاب والتيارات الكوردية أن تكون ذات توجه قومي، لكن ربما تحت مسميات إشتراكية أو ديمقراطية والبعض الآخر إسلامية إخوانية.
وهكذا فإن من يدعي بأن بعض الأطراف الكوردية، قد تخلت عن المشروع القومي، فإن قراءته إما خاضعة لعقلية حزبية مبتورة تحاول الإساءة للطرف الآخر من منطلق عقلية الإنغلاق على الذات الحزبوية وبأن الآخر زنديق وعميل مرتزق، أو إنه غير قادر على قراءة العملية السياسية وفق سياقاتها التاريخية ولذلك فإنه يقف على عتبة مرحلة تاريخية غير قادر على تجاوزها ليكون جزءً من حركة التاريخ التصاعدية التطورية .. وإننا هنا نسأل كل أولئك الإخوة الذين يتهمون العمال الكوردستاني؛ بأنه قد تخلى عن المشروع القومي الكوردي، السؤال التالي: لما تركيا تعادي سياسات هذه الحركة الكوردستانية، بما أن الحزب قد (تخلى) عن مشروعه السياسي القومي، كما يشاع من بعض المناوئين لسياسات الحزب.
إن تركيا تدرك تماماً بأن الحزب قام بتغيّر بعض تكتيكاته السياسية، بل وصل إلى إعادة قراءة للبرنامج السياسي السابق له وذلك وفق تطور تاريخي عاصف أخذت مجمل حركة التاريخ إلى تموضعات جديدة وذلك بعد سقوط جدار برلين وكذلك مع المتغيرات التي جرت في تركيا نفسها بعد إعتقال السيد أوجلان ووصول العدالة والتنمية للحكم، لكن ورغم كل التغيير في البرامج والأيديولوجية للعمال الكوردستاني، إلا أن الحكومة التركية على دراية تامة؛ بأن كل ذلك يأتي ضمن أنساق وتكتيكات مرحلية سياسية وفي خدمة الهدف والمشروع الإستراتيجي للعمال الكوردستاني وبأن يصبح الكورد شركاء في (الوطن) وذلك ضمن دولة فيدرالية ديمقراطية، أو يكون الإستقلال والإنفصال عن تركيا وإقامة كوردستان حرة مستقلة.
وهكذا وإنطلاقاً من هذه الرؤية والقراءة، فإن تركيا تعادي العمال الكوردستاني وحتى الاتحاد الديمقراطي على الجانب الآخر من الحدود الدولية لتركيا؛ “أي في روج آفاي كوردستان” حيث وعلى الرغم من طرح مشروع الإدارة الذاتية الديمقراطية ومن ثم مشروع سوريا دولة ديمقراطية فيدرالية، إلا أن تركيا تقف بالضد من سياسات كورد سوريا ومشروعهم السياسي رغم عدم طرح قضية التقسيم على أجنداتهم السياسية، لكن قراءات تركيا لتطور الأحداث ونمو الدور الكوردي على طول حدودها الجنوبية الغربية، تؤكد لها بأنها _أي تركيا_ باتت تواجه الخطر الحقيقي لولادة الدولة الكوردية مستقبلاً وعلى جزء كبير من جغرافية الشرق وضمناً الإقليم الشمالي من كوردستان والتي تغتصبها تركيا .. وهكذا فإن عداء تركيا للعمال الكوردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي ليس من أجل مشروع “الأمة الديمقراطية”، بل الأمة الكوردستانية، فلو كانت الأولى لما وجدنا محاربة الأتراك للحزب من الأساس!!
وربما يتبادر إلى ذهن الكثيرين منكم السؤال التالي؛ إذا كانت تركيا تعادي مشروع الدولة القومية، فلما تقف مع البارزانيين وهم أهم تيار قومي و(أصحاب) مشروع الدولة القومية .. بكل تأكيد إن تركيا تعادي دولة كوردية ولو في أفريقيا، كما قالها أحد رؤساء تركيا وقد وقفت ضد تكوين الإقليم الكوردستاني في العراق وما زالت رغم الإنفتاح الأخير والذي له أسبابه الإقتصادية والأمنية، لكن ورغم خطورة إقليم كوردستان _وفق المنطق التركي السياسي_ إلا إن ذاك الخطر لا يشكل تهديداً وجودياً بالنسبة لتركيا كما يأتي التهديد من مشروع العمال الكوردستاني والذي يهدد كيان الدولة التركية الغاصبة لأكبر إقليم وجغرافية كوردستانية .. ومن هنا ندرك لما تركيا تحاول جاهدةً أن تبقي العمال الكوردستاني على قائمة الإرهاب وذلك في محاولة منها لإجهاض المشروع السياسي الكوردي.
لكن لتعلم تركيا، بأنها أمام خيارين؛ إما القبول بالكورد شركاء في البلد وبالتالي نسيان شعار أتاتورك “دولة واحدة، شعب واحد، علم واحد ولغة واحدة” والقبول بالشراكة السياسية التامة مع الكورد وبناء دولة ديمقراطية فيدرالية لتمهد الطريق لنفسها والدخول للنادي الأوربي، أو الذهاب إلى الفوضى والحرب وتقسيم البلاد على غرار الدول الشرق أوسطية كما تعيشها اليوم .. وهكذا لا حل في (تركيا) دون حل المسألة الكوردية حيث هناك قضية ويجب إيجاد مخارج لها، كونها حركة تحرر شعب ومن هذه المركزية علينا أن ندرك بان كل أحزابنا تندرج ضمن مفهوم حركات التحرر للشعوب حيث وكما “المرء لا يقدر أن يخرج من جلده”، فإن الحركات السياسية كذلك لا تقدر أن تخرج من مجتمعاتها ومفاهيمها التاريخية.[1]