الأحزاب الكوردية والعلاقة مع الأنظمة الغاصبة لكوردستان.
#بير رستم#
الحوار المتمدن-العدد: 5176 – 2016-05-28
المحور: القضية الكردية
إننا وبالعودة إلى تاريخ الحركات والأحزاب الكوردية ونشوئها وعلاقاتها السياسية، فإننا سوف نجد بأن جل تلك الأحزاب والحركات الكوردية _وعلى الأخص الرئيسية منها_ كانت لها علاقاتها مع دول الجوار، فهي بهذا الشكل أو ذاك متورطة مع الأنظمة الغاصبة لكوردستان وذلك على الطرف الآخر من الحدود، طبعاً ليس خيانةً للقضية وإنما كانت تجبرها الظروف الإقليمية والدولية حيث وبقراءة سريعة لتلك العلاقات البينية؛ “بين الأنظمة الغاصبة والأحزاب الكوردية” سنجد التيارات الثلاث داخل الحركة الكوردستانية _ونقصد كل من الحزب الديمقراطي الكوردستاني والإتحاد الوطني وأخيراً العمال الكوردستاني_ أرتبطت في مرحلة ما من تاريخها السياسي النضالي بعدد من الأنظمة الغاصبة لكوردستان.
بل من المعلوم بأن مكاتب كل من الديمقراطي والاتحاد الوطني كانت تمارس عملها الحزبي والسياسي في العاصمة السورية؛ “دمشق” وكذلك في المدينة الكوردية “قامشلو”، وإن هناك من يقول؛ بأن خروج كتلة الاتحاد الوطني من جسم الديمقراطي الكوردستاني، كانت نتيجة تدخلات إقليمية ولعبة مخابراتية سورية، طبعاً علاقة الحزبين المذكورين لم يقتصر فقط على الدولة والنظام السوري، بل كلنا يعلم بأن علاقات الديمقراطي الكوردستاني (العراق) وثورة باشوري كوردستان كانت عميقة مع النظام الشاهنشاي الإيراني والتي قطعت بعد إتفاقية الجزائر عام 1975 حيث تنازل فيها النظام العراقي عن “شط العرب” لصالح إيران وذلك بهدف قطع الإمداد عن الثورة الكوردية، مما كانت السبب في إجهاض الثورة الكوردية.
وهكذا فإن علاقات الحركة الكوردية لم تنقطع يوماً مع الدول الغاصبة لكوردستان وذلك نتيجة الحصار المفروض على الواقع والجغرافية الكوردستانية وبالتالي فإن الكورد حاولوا فك ذاك الحصار من خلال الإستفادة من بعض الخلافات الإقليمية للإنطلاق إلى العمل النضالي ضمن الإقليم الكوردستاني الآخر وكما رأينا فإن هناك تاريخ طويل من هذه العلاقات وهي لم تقتصر فقط على الحزبين الكورديين المذكورين؛ الإتحاد الوطني والديمقراطي الكوردستاني ولا على الدولتين الغاصبتين؛ سوريا وإيران، بل تعدت إلى الكتلة الكوردية الثالثة ونقصد بها منظومة العمال الكوردستاني في علاقاتها مع عدد من الأنظمة الغاصبة لكوردستان؛ سوريا نموذجاً وكذلك الديمقراطي الكوردستاني (العراق) في علاقاته الأخيرة مع تركيا.
ما نستنتجه مما سبق؛ بأن العلاقة بين الحركات الكوردية والأنظمة الغاصبة لكوردستان كانت دائماً جزءً من الواقع السياسي الكوردي والكوردستاني وهي وكما أشرت في بداية المقال، لم تأتي نتيجة رغبة وإرادة كوردية، بل فرضتها ظروف كل مرحلة تاريخية وواقع كوردستان التقسيمي من جهة وإهمال المجتمع الدولي لقضية شعب نتيجة تقاطع مصالحهم مع مصالح هذه الدول الإقليمية، مما كانت تجبر الأحزاب والحركات الكوردية أن تستعين بهذه الدول الإقليمية والغاصبة لكوردستان وذلك في محاولة منها للإستفادة من خلافاتهم البينية ودون أن تكون جاهلة بأن تلك الدول تريد أن يتم إستخدامها _أي الأحزاب الكوردية_ كأدوات في صراعاتها الإقليمية، لكن وكما يقال في المثل الشعبي؛ “ما جبرك على المر، إلا الأمر منه” حيث غياب أي دعم دولي للقضية الكوردية، ولكن وعندما توفر بعض ذاك الدعم الدولي رأينا بأن الحركات الكوردية بدأت بتغيير بوصلتها السياسية والأيديولوجية.
وأخيراً وما ونود أن نقوله من خلال هذا السرد السريع للواقع السياسي الكوردي وعلاقة أحزابنا وحركاتنا الكوردية مع الأنظمة الغاصبة لكوردستان _قديماً وحديثاً_ بأن الشروط الدولية والإقليمية وواقع كوردستان الإحتلالي وقضية التقسيم هي التي أجبرت الحركات الكوردية إلى الإستعانة ببعض القوى الإقليمية الغاصبة لكوردستان وليس حباً وهياماً بتلك الدول والأنظمة.. واليوم وعندما تسنح الظروف والفرص التاريخية، بأن تكون لهذه الحركات حلفاء دوليين، فإننا نجد بأن هناك تغير في أهدافها وبرامجها الأيديولوجية والسياسية وبالتالي فلا خيانة ولا تخوين لأي طرف سياسي كوردي حيث وبالأخير؛ فإن الكل يعمل من أجل قضية وطنية كوردستانية وإن أختلفوا في البرامج والتسميات، لكن الغاية واحدة والقضية هي قضية شعب ووطن يرنو إلى الحرية والإستقلال.[1]