=KTML_Bold=تركيا .. تريد أن تنقذ نفسها، لا أن تحل المسألة الكوردية=KTML_End=
#بير رستم#
الحوار المتمدن-العدد: 5135 – 2016-04-17
المحور: القضية الكردية
إنني أود بدايةً أن أتوجه بالشكر والتحية، لكل الإخوة والأخوات على صفحتي الفيسبوكية لتفاعلهم الحواري العقلاني مع المواضيع والبوستات التي أطرحها على الصفحة وهذه أعتبرها شهادة لنفسي ولصفحتي؛ إنني أستطعت أن أجمع مختلف التيارات والمشارب الفكرية والسياسية خلال هذا الموقع الإجتماعي لإجراء حوار كوردي كوردي بعيداً قدر الإمكان عن لغة التخوين والشتم والمسبات وأعتقد بأن هي ميزة جميلة لصفحتي نفتخر بها جميعاً.. والآن دعونا ندخل إلى صلب الموضوع؛ حيث إنني أنزلت يوم أمس خبراً عن (قبول تركيا) لوساطة الرئيس مسعود بارزاني؛ رئيس إقليم كوردستان (العراق)، ليكون وسيطاً بينها _أي تركيا_ وحزب العمال الكوردستاني في الصراع الدائر بينهما منذ أكثر من ربع قرن.
وقد لاقى الخبر، كما أغلب ما أنشره، ردود أفعال متباينة وتفاعلاً قوياً من الإخوة والأخوات ومن طرفي الحراك السياسي الكوردي؛ أقصد من الإخوة البارزانيين والأوجلانيين والذي أمتاز _أغلب التعليقات_ بالحوار العقلاني الهادئ حيث كل طرف يحاول أن يدلي برأيه وقناعاته السياسية وبعيداً عن لغة المسبات التي تتميز بها صفحات التواصل الإجتماعي وللأسف وذلك عندما يتم تناول هكذا مواضيع سياسية خلافية حساسة بين المعسكرين الكورديين.. وإننا ومن خلال متابعة جملة الآراء والتعليقات رأينا نوع من التوافق على عدد من القضايا والمسائل السياسية الأساسية، رغم الإختلاف في بعض القضايا التفصيلية الجزئية، مما أوجب كتابة هذا المقال التوضيحي بخصوص القضية المطروحة.
لكن وقبل البحث في القضية وردود الأفعال والأسئلة التي خلقها، علينا أن نقف على الخبر نفسه حيث هناك من الأصدقاء من حاول أن يقزم الموضوع والقول؛ بأن “ما نشر عن قبول الدولة التركية بواسطة السيد البرزاني بينها وبين حزب العمال الكردستاني عار عن الصحة”. مضيفاً بأن “كل ما هنالك وفي مقابلة مع قناة روداو قال ياسين اوكتاي وهو برلماني لحزب اردوغان من الدرجة العاشرة بانه يرى بامكانية قيام السيد البرزاني بالوساطة لمعرفته بالوضع”. بكل تأكيد ليس لدينا من المعلومات ما يؤكد حقيقة أو كذب الخبر، لكن ما نملكه من قراءة سياسية تقول لنا جميعاً؛ بأنها مجبرة أن تقبل بالوسيط ،لا أقصد أردوغان بل تركيا؛ كون أردوغان سيمضي كما مضى الآخرون ولكن تركيا ستبقى وكذلك المشكلة الكوردية وبالتالي لا بد من حل للقضية وإن كان الخبر كاذباً اليوم فغداً ستكون الحقيقة.
وبالتالي فإننا سوف نتعاطى مع القضية من هذه الزاوية؛ زاوية الحقوق والمستحقات الكوردية في (الدولة التركية)، بل الأصح على الجغرافية الكوردستانية في إقليمها الشمالي والتي تجبر تركيا على البحث عن مخارج لتنقذها من الإنحدار أكثر إلى مستنقع الحرب الأهلية والتي بدأت ملامحها في عدد من المناطق والمدن الكوردستانية مثل آمد وجزير وشرناخ ونصيبين وغيرها من مدن شمال كوردستان. وهكذا فإن القادة الترك بدؤوا يدركون خطورة سياسيات التعنت والتجبر التي يتبعونها مع الكورد وحزب العمال الكوردستاني وبأنهم ومن خلال تلك السياسات الحمقاء (لسلطانهم الأرعن؛ أردوغان)، فإنهم يجرون بلادهم إلى الفوضى والحرب الأهلية وخاصةً إن المنطقة عموماً تعيش حالة ثورية عارمة وأن للعمال الكوردستاني قوته العسكرية والجماهيرية التي هي قادرة على تدمير بنية الدولة التركية.
لكن هل تركيا جادة في مسألة القبول بالوسيط السياسي _بارزاني في الخبر السابق_ وهل هذا الأخير قادر أن يكون وسيطاً ضامناً لحل الإشكاليات والقضايا العالقة بين طرفي الصراع، بل هل تقبل به تركيا أساساً كوسيط سياسي وهي التي ترى بأن وجود الإقليم الكوردستاني جزء من مشكلتها وأزمتها السياسية بحسب منطقها الطوراني في الإقتراب من القضايا السياسية وتحديداً المسألة والقضية الكوردية ونحن نجد المساعي التركية لخنق كورد روج آفا ومشروعهم السياسي في قضية طرح الفيدرالية في إقليم كوردستاني آخر، تجد فيها تركيا تهديداً لأمنها القومي بحسب العقلية السياسية الكمالية – الأردوغانية التي تنظر لتركيا على إنها “دولة واحدة بشعب واحد وعلم واحد” ولا تقبل القسمة على إثنين.
بكل تأكيد هناك المزيد من التعقيدات والأسئلة وإننا نعلم ومن خلال تجاربنا التاريخية مع الدولة التركية، بأنها أكثر دولة حاربت وتحارب الكورد وقضيتهم وتحاول أن تمييع قضيتهم، إن كان تحت مفهوم “إننا إخوة في الإسلام” أو “أبناء الجمهورية التركية الواحدة” وأخيراً تحت مسمى دولة المواطنة، لكن هي وفي كل تلك الأطروحات تحاول أن تحافظ على وجه تركيا كدولة قوموية تركية وبالتالي الحفاظ على هوية تركيا الثقافية والتي هي عنصرية بإمتياز حيث التخصيص والتحديد على العنصر التركي كهوية واحدة جامعة لكل مكونات وشعوب تلك الجغرافيات الوطنية في إلغاء ثقافاتهم وهوياتهم الوطنية الخاصة، لتحل محلها الهوية والثقافة التركية.
وهكذا وبهذا الحال ندرك بأن تركيا غير جادة في حل القضية، لكن هي وبنفس الوقت مجبرة على البحث عن حلول ومخارج _غير جدية مرحلياً_ لإسكات الشارع الكوردي وذلك من خلال طرح القبول بالحل السياسي من خلال وسيط كالرئيس بارزاني والذي لن يكون قادراً _برأي الشخصي والذي يتقاطع مع رأي الكثيرين_ على أن يكون “وسيطاً ضامناً”؛ كون تركيا بالأساس لا تريد الحل، أو بالأحرى هي غير مهيأة لقبول الحل السياسي نتجةً عوامل سياسية وثقافية تفتقر لها العقلية التركية بشقيها الكمالي الجمهوري والأردوغاني الإسلامي. وبالتالي فهي تحاول ترحيل المشكلة الكوردية عبر الوسيط الكوردي إلى مراحل قادمة، يعني “مورفين للتهدأة” وليس أكثر وفي أسوأ الأحوال؛ خلق مشكلة جديدة بين الديمقراطي الكوردستاني والعمال الكوردستاني.
وأخيراً وكخاتمة يمكننا أن نقول، كما علق أحد الأصدقاء؛ بأن “مجرد طرح فكرة الوساطه في العقل البارد التركي هو متغير هام على مستوى هذه العقليه الرافضه لأي شكل من أشكال التحرر الكردي، عليه يجب ان نقراء جيدآ هل هذا المتغير حاجه تكتيكيه تركيه لتقطيع الوقت لحين استقرار المنطقه بخرائط جيوسياسيه جديده أما هذا المتغير هو نتيجية تركمات نضاليه طويلة الامد وإدراك هذا العقل التركي بإن لا مناص من دفع الاستحقاقات ومناطحت الجدار فيستوجب لاستداره على قاعدة فتح ومووربة الباب بمقاسات محدده تناسب حجم العمليه”. طبعاً للإجابة على الفكرة تحتاج إلى مقالة ودراسات أخرى، لكن يمكن أن نقول: بأن هذه العقلية الجديدة تعتبر كوة فتحت في الجدار العقلي للطورانية التركية وعلينا أن لا نرفضها بحجة أن تركيا غير جادة، كون السياسة هي لعبة الأذكياء وليس فقط الأقوياء، لكن وبنفس الوقت أن نطالب بوسيط دولي وليس فقط إقليمي مع كل التقدير لشخصية الرئيس بارزاني ودوره القومي والكوردستاني.[1]