كوردستان (سوريا) .. بين الميشيلين؛ كيلو والعفلق!!
#بير رستم#
الحوار المتمدن-العدد: 5133 – 2016-04-14
المحور: القضية الكردية
نشرت وكالة (آكي) الإيطالية للأنباء يوم (12 آذار/مارس) خبراً تقول فيه؛ “حذر المعارض السوري، ميشيل كيلو في لقاء تلفزيوني.. من أن السوريين لن يسمحوا بإقامة كيان مشابه لإسرائيل على أرض سورية.. وأكد كيلو أنه لا توجد أرض كردستانية في سورية، بينما يوجد مواطنين أكراد لهم كل الحقوق القانونية وحقوق المواطنة، وأن لهم الحق في أن يديروا شؤونهم بأنفسهم ضمن توافق سوري عام على شكل الدولة، لكن لا توجد أي وثيقة دولية تتحدث عن أرض كردستانية في سورية”.
كما “وأضاف كيلو.. أن حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري الذي يترأسه صالح مسلّم “لن يستطيع انتزاع أرض سورية.. ولن نسمح بإسرائيل ثانية في المنطقة”، ومشيراً إلى أن غالبية المقاتلين في صفوف وحدات حماية الشعب “غير سوريين، ولا يعرفون التحدث بالعربية لأنهم قدموا من إيران وتركيا”، وذلك على حد قوله، كما إنه “أتهم الولايات المتحدة وروسيا بإدخال حزب الاتحاد الديمقراطي بمشروع الفيدرالية من أجل الضغط على إيران وتركيا، محذراً من أن أي مشروع لإقامة كيان مشابه لإسرائيل في المنطقة العربية لن يمر”.
وأخيراً فإن المدعو ميشيل كيلو قد أوضح، بأن عدم قبولهم الفيدرالية، “ليس رفضاً لمبدأ الفيدرالية التي قد تكون خيار الشعب السوري”، إنما لأنه “يتم تحت وصاية روسية وأمريكية، وجزء من مشروع إقليمي، كما أنه يخالف كل التقاليد الكردية السياسية للعمل الوطني والديمقراطي الكردي في سورية، خاصة وأن نضال الأكراد لم يكن على أساس أن هناك كردستان في سورية أي اقليم كردي يحق لهم إقامة أرض عليه، بل كان نضالهم باعتبارهم مواطنين سوريين محرومين من حقوقهم”.
ذاك هو ملخص ما جاء في لقاء كيلو التلفزيوني حيث يرفض وجود أي أراضٍ كوردستانية في سوريا ويؤكد بأن لا وثائق دولية تثبت بوجود تلك الأراضي وعلى أساس ذلك فهو يرفض إقامة كيان سياسي آخر في المنطقة شبيه ب”الكيان الإسرائيلي” وبأن الشعب السوري سيرفضه وحتى رفض خيار الفيدرالية جاء في إطار ذلك، كون هناك مشروع أمريكي روسي من خلال حزب الاتحاد الديمقراطي وجناحه العسكري وحدات حماية الشعب؛ “لإقامة كيان مشابه لإسرائيل في المنطقة العربية” _أي إقليم كوردستان أو روج آفاي كوردستان_ والذي يرفضه (المعارض السوري كيلو) جملةً وتفصيلاً حيث وحسب قراءته؛ لا مناطق وأراضٍ كوردية في سوريا ويتحجج بأن “نضال الأكراد لم يكن على أساس أن هناك كردستان في سورية أي اقليم كردي يحق لهم إقامة أرض عليه، بل كان نضالهم باعتبارهم مواطنين سوريين محرومين من حقوقهم”.
بكل تأكيد إن السيد كيلو، يحاول قدر الإمكان إثارة المشاعر القوموية العروبية في عملية تجييش عنصري، لرفض أي حالة تشاركية سورية بين أهم مكوناته العرقية الأقوامية حيث الكورد والعرب إلى جانب مكونات أخرى وذلك من خلال إنكار حقيقة كوردستانية المناطق الكوردية الشمالية، بل وتشبيهها بالحالة الإسرائيلية وذلك في زيادة تأجيج تلك المشاعر العنصرية لدى الشارع العربي، لرفض فكرة وجود إقليم كوردي وكوردستاني ملحق بالدولة السورية حيث وللأسف؛ فإنه يلجأ إلى نسف التاريخ والحقائق الجغرافية على الأرض، بل نسف وتزوير الوثائق الدولية التي تقول بتقسيم كوردستان وفق المعاهدات والإتفاقيات الدولية الإستعمارية من سايكس بيكو ولوزان وغيرها من المعاهدات الدولية وذلك عندما يقول: “لا توجد أي وثيقة دولية تتحدث عن أرض كردستانية في سورية”.
طبعاً يمكننا القول وبكل بساطة بأن: الواقع على الأرض يدحض أي مقولات تنظيرية سياسية عنصرية للسيد كيلو حيث المناطق الكوردية كحقيقة وواقع ديموغرافي كفيل بالرد ودحض أكاذيب كيلو، بل إن مقابرنا _كما قالها الأب الخالد بارزاني بخصوص كركوك_ تؤكد على كوردستانية روج آفا و”إقليمنا الشمالي” من سوريا وإن القرار الروسي الأمريكي في تبني الفيدرالية التي أعلنها الكورد، لم يأتي من قرار سياسي محض، بل هو ينطلق من واقع جيوسياسي وكذلك من معرفة تامة بالحقائق التاريخية والجغرافية وتلك الوثائق الدولية التي قسمت كوردستان تاريخياً بين دول المنطقة التي تشاركت في إغتصاب الأرض والقضية الكوردية مع تلك الدول الإستعمارية بحيث باتت كوردستان مستعبدة دولية.
لكن رغم كل تلك الحقائق الجغرافية والتاريخية والوثائق الدولية، فإن السيد كيلو يكذب ودون حياء في نفيه لإقليم كوردستاني ملحق بالدولة السورية ويقول: بأن “السوريين لن يسمحوا بإقامة كيان مشابه لإسرائيل على أرض سورية” مع العلم بأن الإسرائيليين أنفسهم هم مواطنين حقيقيين وإحدى الشعوب والمكونات العرقية الأقوامية للمنطقة وليسوا مهاجرين كما يدعي أصحاب الفكر العروبي، بل إن الشعب اليهودي تعرض للكثير من المجازر والتهجير من المنطقة ولم يكن قرار العودة إلا قراراً وطنياً إسرائيلياً بالعودة إلى وطنهم الأم والتاريخي، طبعاً ذاك لا ينفي حق الفلسطينيين في أن يكونوا شركاء ولهم وطنهم ودولتهم المستقلة، كونهم كانوا وما زالوا _الإسرائيليين والفلسطينيين_ شركاء في تلك الجغرافية وبالتالي من حق الشعبين أن يكونا لهما دولتهم ووطنهم السياسي.
أما وبخصوص إدعائه الأخير وبأن “نضال الأكراد لم يكن على أساس أن هناك كردستان في سورية أي اقليم كردي يحق لهم إقامة أرض عليه، بل كان نضالهم باعتبارهم مواطنين سوريين محرومين من حقوقهم”. فإنه إدعاء أقل ما يقال فيه؛ بأنه إدعاء كاذب ومنافي للحقيقة والواقع حيث كانت إنطلاقة الحركة السياسية الكوردية في خمسينيات القرن الماضي مع نهوض وعي قومي كوردي وتأسيس عدد من الجمعيات والنوادي وأخيراً بأن يتكلل بولادة حزب سياسي كوردي والذي أعتمد في برنامجه السياسي على وجود أرض كوردية كوردستانية ملحقة بالدولة السورية الحديثة؛ حيث كان الحزب الديمقراطي الكوردستاني عام 1975 والذي أعتمد شعار تحرير وتوحيد كوردستان، مما عرض قيادات الحزب وكوادرها إلى الملاحقة والإعتقال والسجن وهناك العديد من قيادات الصف الأول قضوا ما يقارب عقد من الزمن في سجون سوريا في بداية الستينيات من القرن الماضي.
وهكذا فإننا نتأكد بأن “ميشيل كيلو” يريد أن يمضي على درب سلفه الآخر؛ “ميشيل عفلق” في عنصريته وشوفينيته العروبية حيث الأخير وضع الأسس النظرية للفكر العروبي العنصري ل”حزب البعث العربي الإشتراكي” والذي عرّب _نظرياً وأيديولوجياً_ كل الواقع السوري وها هو هذا الآخر وإبن جلدته؛ “ميشيل كيلو” يريد أن يعرّب (واقعياً وعملياً) كل سوريا وذلك على الرغم من أن الإثنين على دراية تامة، بأن الواقع والحقيقة غير ذلك تماماً وإن مشروع تعريب سوريا كان _وما زال_ مشروعاً عنصرياً طوباوياً غير قابل للحياة؛ كون الواقع الثقافي والتاريخي والديموغرافي لهذا البلد يدحض كل أكاذيبهم ومحاولاتهم العنصرية الفاشلة في تعريبها وإن سوريا لن تنقذها إلا دولة ديمقراطية علمانية فيدرالية يحقق الكورد فيها إقليمهم الكوردستاني مع باقي الأقاليم الوطنية السورية.
.. أو سيكون هناك المزيد من الدماء والحروب الأهلية والتي قد تؤدي بالبلاد إلى التقسيم والتفتيت لعدد من الدويلات المتناحرة في جغرافية كانت تعرف يوماً بالدولة السورية.[1]