=KTML_Bold=الكانتونات العربية.. في المناطق الكوردية!!=KTML_End=
#بير رستم#
الحوار المتمدن-العدد: 5038 – 2016-01-08
المحور: القضية الكردية
لا شك أن قضية (الحزام العربي) والذي طبق في المنطقة الكوردية وعلى طول الشريط الحدودي السوري – التركي في محافظة الحسكة وبطول (375) كم وعرض (10-20) كم كانت نتيجةً لدراسة وعقلية موغلة في الشوفينية والعنصرية؛ حيث قضى ذاك المشروع السيء الصيت “بزرع مستوطنات وقرى عربية في المناطق الكردية بهدف التعريب وتغيير الواقع الديمغرافي لتلك المناطق وهي من ضمن السياسات الشوفينية التي أعدت ضد الشعب الكردي بتاريخ 12-11-1963 ومن ضمن مقترحات الدراسة التي أعدها الملازم الأول محمد طلب الهلال, حيث باشرت السلطة البعثية بالاعتماد على مقترحات الدراسة التي كانت من ضمنها مشروع الحزام العربي الاستيطاني وتمت الموافقة على الدراسة في عام ( 1966)م وقد نفذ هذا المشروع الاستيطاني بموجب قرار رقم (521) الصادر عن القيادة القطرية لحزب البعث الحاكم في سوريا في تاريخ (24-6-1974)م”. (موقع ثروة الالكتروني).
ولا شك أيضاً بأن القضية هذه (أي الحزام العربي والذي طبق في الجزيرة) قد أخذت حيزاً لا بأس به من الدراسة والتحليل والرفض من حيث المبدأ والنتيجة وذلك من خلال كتابات وكراسات الأحزاب الكوردية في ساحة غرب كوردستان وكذلك من خلال أقلام الزملاء والأصدقاء المهتمون بالشأن العام في البلد وعلى الأخص القضية الكوردية وعلى رأسهم الكتاب والمثقفون الكورد أنفسهم ولن نبخل على الزملاء الآخرين حقهم، من القومية السائدة (العرب)، والذين أدلوا برأيهم في هذه القضية الإنسانية أولاً والوطنية ثانياً والأخوية ومشاركة الوطن بعضه وعضيضه ثالثاً؛ كون الكورد كانوا وما زالوا متمسكين بالأخوة العربية – الكوردية، وإن كان لنا مآخذ كثيرة على هذه (الأخوة) كشعار سياسي أولاً وحقيقة تاريخية ثانياً، ولكن هذه ليست بموضوغنا وربما نعود لها مستقبلاً. أما الجانب الآخر (المخفي – المعلن) من الحزام العربي والذي طبق في غير الجزيرة من المناطق الكوردية، فللأسف لم يأخذ نصيبه من التوضيح والكشف عنه وإلقاء الضوء عليه، على الرغم – ومن وجهة نظرنا – هي في جوانب منها أخطر من الأولى والتي طبقت في الجزيرة؛ حيث إنها (أي الأخيرة) تطبق بعيدة عن الضوضاء والإعلام وبشكل لا يلفت النظر، بحيث بات يُنظر إليها مع الأيام وكأن المسألة هي (هجرة داخلية طبيعية) وليس بمشروع استيطاني جديد – قديم في المنطقة الكوردية وبهدف التغيير الديموغرافي.
وتأكيداً على الموضوع فإن الشريط المائي لنهر عفرين بات في أيدي من استقدموا من العرب بحجة الاصلاح الزراعي أولاً، ناهيك عن بعض العوائل التي كانت تعمل لدى أغوات الكورد، وذلك قبل أن يجرد هؤلاء من أملاكهم بحجة تطبيق الاصلاح الزراعي. وهكذا تم توزيع قسم من أخصب الأراضي في سهل جوم (منطقة عفرين – كورداغ) على هؤلاء الذين كانوا يعملون لدى الأغوات ولكن الكارثة الحقيقية كانت باستقدام العشرات من العوائل العربية من مناطق خارج حتى حدود محافظة حلب – أحياناً – وإسكانهم في المنطقة، بل وتوزيع القسم الباقي من تلك الأراضي الخصبة عليهم وحرمان الفلاحين الكورد من تلك الأراضي والتي هي بالأساس عائدة إليهم، ويمكن اليوم لأي متابع ومراقب للوضع السكاني الديوغرافي لمنطقة عفرين أن يلاحظ تزايد نسبة العرب في السنوات الأخيرة في كل من عفرين المدينة وكذلك بلدة جندريسه وقراها وعلى الأخص الشريط الهلالي لنهر عفرين، حيث بات بأكمله تقريباً ملكً لتلك العوائل العربية المستقدمة.
وذلك ناهيك عن دور الأجهزة الأمنية المخابراتية في السنوات الأخيرة، وما يلعبه أولئك العوائل العربية – الأغلب منهم – من تجسس على الكورد كعملاء وجواسيس معتمدون وبالتالي فتح المجال لهم بأن يمارسوا نوع من التسيد على الشعب الكوردي بحيث بات الإنسان الكوردي يشعر أنه مستعبدٌ في دياره وما يستتبع ذلك من الإحساس لدى الكوردي بالغبن والحقد على هؤلاء، بل تصل أحياناً إلى حالة الجريمة المنظمة وقد شهدت المنطقة العديد من تلك الحالات في السنوات الأخيرة وأغمضت الجهات الأمنية أعينها عنها أو غضت الطرف عن الكثير من التفاصيل على الرغم من تيقنها من الدوافع ومن يقف وراءها، وفي أكثر الأحيان تكون بعض تلك الجهات الأمنية ضالعةً فيها.
وهكذا فإن مشروع الحزام العربي بتعريفه الآخر (الاصلاح الزراعي) ومنذ سبعينات القرن الماضي قد زحف على منطقة عفرين وأبتلعت من الأراضي الخصبة والعائدة ملكيتها للكورد – أغوات وفلاحين – وأعطتها لعوائل عربية مستقدمة من خارج المنطقة قد فعلت فعلها بالتركيبة الديموغرافية السكانية وباتت عفرين – وللأسف – حتى في رأي بعض رموز الحركة السياسية الكوردية تعرف ب(مناطق التمازج السكاني) أو (ذات الأغلبية الكوردية)، مع العلم وقبل ستينات القرن الماضي لم تكن تلتقي في (كورداغ – عفرين) إلا بعدد جد قليل من تلك العوائل العربية والهاربة من (لواء اسكندرون) والبطش الطوراني التركي وقد أستقبلهم الكورد أنذاك بكل رحابة صدر ومن دون أحقاد قومية، بل كان التعاطف والتعاضد مع محنتهم.
أما اليوم فأصبحت تلك الأرقام (أرقام نسبة العرب في منطقة عفرين) مخيفة لدرجة أن بعض الكورد من ينسفون الجغرافية الكوردستانية للمنطقة وهنا – برأينا – تكمن الخطورة الحقيقية؛ بأن نتحول من “شعب يعيش على أرضه التاريخية” ومن “قضية أرض وشعب” إلى مجرد (مواطنين سوريين من أصول كوردية) كما تدعيه السلطة وبعض من يحسب على المعارضة الوطنية السورية، ولن نقول الكوردية؛ كون (مجموع) أطراف الحركة السياسية الكوردية تقول بالشعب الكوردي نظرياً وشعاراتياً وإن كانت سياساتها وتوجهاتها تصب في غير خانة. وللعلم فإن بعض (الأحزاب الكوردية) – قديماً وحديثاً – حاولت وتحاول أن تتخلص من عبأ مفهوم الشعب وتستبدله بالمواطنة فقط، بل كانت لديها النيات والتوجهات بأن ترفع كلمة – الكوردي – من أسمها وربما من سياستها، إن لم تكن قد فعلت ذلك ومنذ أزمنةٍ بعيدة.
وأخيراً نقول: إذا لم تتدارك النخبة الكوردية، من رموز وفعاليات سياسية اقتصادية وكذلك الاجتماعية وعلى الأخص الكتاب والمثقفون، حجم الكارثة من خلال زرع هذه الكانتونات العربية في المناطق الكوردية فإننا (الشعب الكوردي في غرب كوردستان) سنتحول إلى مجرد (رعايا أجانب) في وطننا وعلى أرضنا، وخاصةٍ بعد مجموع المراسيم والسياسات الأمنية – وآخراً المرسوم 49 – والتي تضيق الخناق والحياة وسبل العيش في وجه الإنسان الكوردي وتمارس عليه – تلك الجهات الأمنية – المزيد من الضغط والقمع والتنكيل وذلك بهدف دفعه للهجرة – الداخلية والخارجية والأخيرة هي الخيار المفضل لديهم – بحيث باتت الأرقام مرعبة من تزايد العوائل والأسر الكوردية التي تعيش في أحزمة الفقر بالمدن الكبرى مثل حلب ودمشق، بل أحياء سكنية كاملة من كورد عفرين هناك في مدينة حلب مثل “الأشرفية وجبل أكراد (شيخ مقصود) والهلك وبستان باشا” وغيرها العديد من الأحياء السكنية وكذلك في دمشق “زورآفا وأكراد” كنماذج سكنية للكورد هناك، وذلك ناهيك عن الجالية الكوردية الكبيرة التي هُجِرت إلى الخارج وتعيش – مع أبناء جلدتها في الوطن – حياة الكد والشقاء والفاقة، بينما أبناء الكانتونات العربية وفي مناطقهم يعيشون من خيرات أراضيهم.
نعم.. فإن لم نتدارك هذه المأساة ونعالجها بالطرق والوسائل المتاحة آنياً كعدم بيع الأراضي والحقول الباقية بيد الكورد لهؤلاء المستوطنون أو القادمون الجدد وكذلك تشجيع الجالية الكوردية والتي تعيش في الدول الغربية أن توفر ما تيسر لها – رغم صعوبة الحياة هناك أيضاً – لتُعيل عوائلها في الداخل، بل تُرسل الأموال الزائدة لتشتري من يريد أن يبيع بعض الحقول وخاصةً من أبناء أولئك الكانتوات وغيرها من الحلول والتي هي بحاجة إلى وقفة مستفيضة، من الجميع، عليها وذلك للبحث فيها والوصول إلى سبل توقف نزيف الأرض الكوردية، فإن مصيرنا في غرب كوردستان لن يكون بأفضل من مصير الشعب الفلسطيني و.. فهمكم كفاية.[1]