جنكيز تشاندار
كاتب وصحفي تركي
ترجمة: سردار محمد
حصلت على رسالة لبرهم صالح عبر Twitter، وجاء في الرسالة ان اول عمل رسمي لي كرئيس لحكومة اقليم كردستان كان استقبال وزير خارجية تركيا في اربيل وانها كانت زيارة تاريخية فالاطفال قد استقبلوه وفي ايديهم ترفرف الاعلام التركية والكردستانية والعراقية.
بعد قراءتي لرسالة برهم صالح المنشور في Twitter ارسلت له رسالة عبر Twitter وقلت: احسنت يا برهم انها بداية خارقة وجميلة، اننا نتوجه نحو مستقبل مثير كما اعبر عن تبريكاتي الحارة لكم بمناسبة تسلمكم المنصب الجديد واتمنى ان يصبح بداية مليئة بالانجازات للجميع.
وبعد فترة قصيرة لاحظت ان كامران قرداغي ارسل رسالة مشابهة ومثيرة الى برهم من لندن عبر Twitter ، وجاء في الرسالة بالفعل انها زيارة تاريخية والبدء بحدث هكذا، اشارة الى انكم بدأتم بشكل جيد. واتمنى ان تعم السلام بين الكرد والترك.
عندما لاحظ كامران رسالتي الموجهة الى برهم عبر Twitter لم يتحمل وقد اتصل معي عبر Twitter وقال بدأنا نحصد ثمار البذور التي زرعناها معا في عام 1991 مع الرئيس توركوت اوزال، ومن جانبي ارسلت الجواب مباشرة الى كامران قرداغي وقلت وبشكل منفعل ومنزعج الى حد ما لماذا كل هذه الضحايا البشرية والخسائر المادية وهدر الوقت وفقدان المبادرة؟.
كامران قرداغي هو العمود الآخر للجسر الذي بنيناه معا في عام 1991 بين الرئيس توركوت اوزال وقادة كرد العراق وكان يعمل في جريدة الحياة اللندنية وكان خبيرا في الشؤون الكردية بامتياز ليس فقط على مستوى الجريدة بل على مستوى جميع الاعلام العربي وهو من كرد العراق والده كان محافظا لكركوك في الخمسينيات من العهد الملكي وفي فترة شبابه اي في الستينيات اصبح عضوا في الحزب الشيوعي العراقي وفي فترة 1974-1975 اصبح مسؤلا لاذاعة (كردستان حرة) التابعة للتمرد الكردي في شمالي العراق بقيادة مصطفى بارزاني وهو شخصية كردية مستقلة. وفي فترة 2004 -2008 اصبح مدير مكتب الرئيس العراقي #جلال طالباني# في بغداد.
هذه الشخصية التي احبها والتي وثق بها توركوت اوزال، تمكنا معا من تنظيم لقاء بين اوزال وجلال طالباني ومن ثم بين اوزال ومسعود بارزاني وعندما حصل اللقاء التاريخي في حزيران من عام 1991 بين الرئيس التركي اوزال والقائد الكردي جلال طالباني جاء برهم صالح من لندن لينضم الى جلال طالباني للمشاركة في المباحثات بين الطرفين و في ذلك الوقت كان ممثلا للاتحاد الوطني الكردستاني برئاسة جلال طالباني في لندن.
اللقاء الذي حصل في اربيل وهو حدث يصفه البعض بالتاريخي، له خلفية تاريخية تم وضع اساسه وزرع بذوره منذ سنين وتاريخ طويل.
قبل عشرة ايام عندما اجتمعت مع برهم صالح في اربيل ومع مسعود بارزاني في صلاح الدين ومع جلال طالباني في بغداد، عرفت انه سيحصل تطور من هذا القبيل وسيزور وزير الخارجية احمد داود اوغلو ووزير الدولة للشؤون الاقتصادية ظافر جاغلايان اربيل وسيعلنون عن فتح قنصلية تركية في اربيل.
ورغم كل هذه التطورات مازال بعض وسائل اعلامنا تحاول جر التطورات الى الخلف وحتى البعض حاول جر ما يقوم به احمد داود اوغلو ايضا نحو الوراء.
لا اعرف لماذا يفعلون هذا، هل بسبب حساسيتهم تجاه المسألة الكردية؟ او لانهم مازالوا يعملون باسلوب كأنهم ضباط في صفوف القوات المسلحة؟ تعالوا لنلق نظرة معا على تحاليل وكتابات بعض الصحفيين الذين رافقوا داود اوغلو في زيارته.
اثناء الرحلة في الطائرة سأل احد الصحفيين أليس هذه الزيارة وفتح القنصلية في اربيل عبارة عن الاعتراف بشمالي العراق، اجابه داود اوغلو ان الاعتراف المتبادل عملية تحصل بين الدول فعندما نذهب الى تكساس هذا لايعني اننا نعترف بتكساس بدلا من امريكا هنا ايضا نفس الشيء اننا نعترف بالعراق.
ان هذا صحيح بمعناه القانوني ولكن أسأل واقول لماذا لم يخطر ببال احد الصحفيين او عن قصد، أن يسألوا: هل عندما تذهبون الى تكساس ستستخدمون مصطلح جنوبي امريكا؟
اربيل مركز الادارة الاقليمية لكردستان العراق وهذه العبارة موجودة في الدستور العراقي الذي تعترف به تركيا ولا يستخدم مصطلح شمالي العراق في الدستور وحتى الاطراف التي توجهها القوات المسلحة بدأت لاتستخدم حتى مصطلح شمالي العراق بل العراق الشمالي فالى هذا الحد المتطرف يكنون العداء والحساسية لمصطلح كردستان.
وبعد قراءة هذه الحقائق اعتقد بانه ليس من الصعب فهم مدى العواقب والمصاعب التي ستواجهها مبادرة الانفتاح الديمقراطي في تركيا.
عندما استخدمت مصطلح كردستان العراق في احد الاجتماعات سألني احد الجنرالات من باب السخرية: هل توجد كردستان آخر ايضا؟ قلت له: نعم توجد ولايتان احداهما في ايران والاخرى في العراق، كلتاهما باسم كردستان ولأجل معرفة اي منهما تقصد يتم استخدام مصطلح ايران أو العراق.
اليونانيون ايضا يملكون نفس العقدة فحتى الان لم يستخدموا مصطلح مقدونيا عندما يتحدثون عن دولة مكدونيا التي تشكلت بعد انهيار يوغسلافيا القديمة بل يستخدمون الاحرف FYROM وهي مختصر باللغة الانكليزية لدولة مقدونيا كل ذلك لانه توجد منطقة في اليونان باسم مقدونيا.
البعض منا يعتبرون موقف اليونان هذا مهزلة وشيئا كوميديا وطفوليا وهذا ينطبق علينا تماما عندما لانستخدم الاسم الحقيقي والرسمي وحسب الدستور العراقي لكردستان العراق.
قبل سنة ونصف كتبت في احدى مقالاتي علينا ان لا ندخل شمالي العراق عن طريق القوات المسلحة بل علينا الدخول عن طريق TAPAO والان تتعامل انقرة مع اربيل ضمن التوصيات التي اشرت اليها وهذا شيء صحيح وضمن هذا السياق فان زيارة وزير الخارجية احمد داود اوغلو ووزير الدولة لشؤون الاقتصادية ظافر جاغلايان الى اربيل زيارة تاريخية بالنسبة لمستقبل تركيا وبقدر اندماج تركيا مع كردستان ستنفتح الآفاق امامها في القرن الحادي والعشرين.
ومن جهة اخرى هناك شخص باسم باتريك مارتين يزور المنطقة منذ عشرين عاما وفي آخر زيارة له اجتمع مع الكرد في كركوك وكتب ملاحظاته واريد ان اقدم لكم بعض ملاحظاته حيث جاء فيها: العلاقات بين الكرد والترك عبارة عن علاقات الحب والكراهية واريد ان افهم هل الكرد يميلون الى الحب او الى الكراهية في تعاملهم مع تركيا بخصوص مسألة كركوك وسألت بعض الكرد هل ترجحون تركيا ام ايران؟ واجابوا اذا ازدادت ميول الحكومة العراقية نحو ايران بحكم الاكثرية الشيعية فنحن سنرجح تركيا بدلا من العيش تحت العباءة الايرانية، وحول هذا الموضوع قال شيرزاد عادل احد القوميين الكرد في مجلس محافظة كركوك اذا منحت تركيا للكرد جميع حقوقهم الاساسية بدون شك سأكون سعيدا بالانضمام الى تركيا وسأركض للانضمام الى تركيا عضو في الاتحاد الاوربي لانني اريد ان اصبح اوروبيا.
اعتقد لاحاجة الى كلام بعد كل هذه الحقيقة الواضحة وضوح الشمس.[1]