=KTML_Bold=التجاوب مع مبادرة الإدارة الذاتية لحل الأزمة السورية ضرورة وطنية ملحّة=KTML_End=
=KTML_Underline=يحيى الحبيب=KTML_End=
يشهد مسار التطبيع بين حكومة دمشق ودولة الاحتلال التركي منذ نهاية الانتخابات التركية حالة من الجمود، بالإضافة إلى تعثر العديد من المصالحات التي روّج لها رئيس دولة الاحتلال رجب طيب أردوغان قبل الانتخابات، فما هي مؤشرات ذلك؟ وما هي الرسالة التي يجب على حكومة دمشق والأطراف الإقليمية والدولية التقاطها.
تراجع الحديث التركي خلال الأسابيع الماضية عن مسار التطبيع مع حكومة دمشق، على الرغم من المساعي الروسية لتحقيق تقدم في هذا الجانب.
قبل الانتخابات التركية، دأب مسؤولو دولة الاحتلال التركي على الترويج لمسار التطبيع، حيث كانت هناك تصريحات شبه يومية، وهذا يعود إلى أهمية الملف السوري في الحملات الانتخابية للأطراف التركية، وخاصة فيما يتعلق بمسألة التنسيق مع حكومة دمشق لإعادة اللاجئين السورين كما كان يزعم الاحتلال التركي.
بعد انتهاء الانتخابات التركية وفوز أردوغان مرة أخرى بمقعد الرئاسة، يبدو أن أردوغان شعر بالارتياح، لذلك عاد إلى مواصلة سياساته الخاصة بسوريا والقائمة على تكريس احتلاله للمناطق السورية، وعوضاً عن الحديث عن التنسيق مع حكومة دمشق لإعادة اللاجئين، عاد لنقل اللاجئين السوريين إلى المناطق المحتلة بشكل قسري وتوطينهم في هذه المناطق المحتلة، وهذا يعني إكمالاً لسياسة التغيير الديمغرافي.
هذه الممارسات تشير إلى أن تركيا ماضية في تحقيق أطماعها عبر تكرار سيناريو لواء اسكندرون، من خلال توطين مجموعات في مناطق تم تهجير سكانها الأصليين، والقيام باستفتاء على ضم المنطقة المحتلة إلى الأراضي التركية.
هذه الرسائل يجب أن تلتقطها حكومة دمشق، التي تتحدث دائماً عن ضرورة خروج الاحتلال التركي من الأراضي السورية، وبأن تركيا التي سعت منذ بداية الأزمة لإسقاط هذه الحكومة عبر دعم المجموعات المسلحة والعمل على وصول أدواتها إلى الحكم في سوريا، لا تزال مستمرة في سياساتها، وفي حال تم إبرام أي اتفاق بين تركيا ودمشق، كما تسعى روسيا، إن كان عبر التوصل إلى اتفاق أضنة معدّل أو غير ذلك، فإن تركيا ستقوم مجدداً وعند حدوث أي فرصة مناسبة لها باستخدام أدواتها المسلحة والسياسية لضرب الاستقرار في المناطق السورية وتحقيق مطامعها.
حالة النشوة التركية الأخيرة وتباطؤ سيرها نحو التطبيع مع دمشق تعززت بعد التقارب نوعاً ما مع الولايات المتحدة الأميركية والغرب، إثر المرونة التي أبدتها تركيا بشأن انضمام السويد إلى حلف الناتو وما قابله من ترحيب أميركي وغربي تمثل بالحديث الأميركي عن إمكانية إزالة القيود على تسليم تركيا لأسلحة وطائرات تم إيقاف تسليمها مع تزايد التقارب التركي – الروسي، بالإضافة إلى تقديم الغرب وعود لتركيا حول انضمام الأخيرة إلى الاتحاد الأوروبي.
هذه البراغماتية التركية والتقلب من حضن إلى آخر، قابلته روسيا بتصعيد كلامي وميداني، تمثل بوصف التحركات التركية الأخيرة بأنها طعنة في الظهر، إلى جانب تصعيد من قبل طائرات روسيا وحكومة دمشق على مرتزقة الاحتلال التركي، وإيقاف روسيا لاتفاقية تصدير الحبوب الأوكرانية التي كانت تركيا وسيطاً فيها، لكن على الرغم من ذلك، لم تصل ردود الأفعال الروسية إلى مستوى تدهور العلاقات بين الطرفين، كونهما يتبادلان المصالح في أكثر مكان من العالم، ولا تزال روسيا تعوّل على فشل اتفاق تركيا والغرب بخصوص أكثر من ملف.
وسط هذه البراغماتية وتبادل المصالح ما بين مختلف هذه القوى، يبقى على السوريين ومن مختلف الأطراف أن يبحثوا عن مصالحهم، ومن هذا المنطلق بات هناك سؤال مهم وهو، لماذا صار التجاوب مع =KTML_Bold=مبادرة الإدارة الذاتية لحل الأزمة السورية أكثر إلحاحاً الآن؟=KTML_End=
لأن القوى الدولية المتمثلة بكل من روسيا والغرب، وبحسب ما هو متوقع، سيزيدون من محاولة إرضاء تركيا وجذبها إلى أحد الأطراف فيما يخص ملفات المنطقة، وتحديداً الملف السوري. فمن الممكن أن تكمل تركيا سياسة اللعب على التناقضات وتحصل على امتيازات في الملف السوري، إن كان من الولايات المتحدة والغرب وروسيا، وأن تبقى تركيا على احتلالها للمناطق السورية والحفاظ على أدواتها من جماعات مرتزقة من ضمنها أجانب مرتبطين بتنظيمات إرهابية عالمية. وهذا ما سيشكل خطراً على معظم المناطق والقوى السورية الوطنية، وستتمكن تركيا في المستقبل من التحكم بمستقبل البلاد بما يخدم مصالحها.
لذلك فأيهما أفضل، أن تستمر حكومة دمشق بالمكابرة والمماطلة الآن والتنازل مستقبلاً للاحتلال التركي المدعوم من قبل القوى الدولية، وهذا ما يشكل خطراً مستقبلياً على وجودها كحكومة أيضاً، وخاصة بعد توقف مسار تطبيع الدول العربية مع دمشق، والتي بدأت هذه الدول وتحديداً الخليجية، بتقوية علاقاتها السياسية والاقتصادية مع تركيا، أم التفاهم مع القوى الوطنية السورية وعلى رأسها الإدارة الذاتية التي طرحت مبادرة لحل الأزمة السورية؟
في السياق ذاته، أيهما أفضل؟ أن يبقى السوريون داخل البلاد منقسمين فيما بينهم ويعانون من سوء الأوضاع المعيشية والاقتصادية، خاصة وأن الليرة السورية مستمرة بالانهيار، أو أن يتفقوا ويتحدوا ويتم استثمار الثروات الوطنية خدمة لجميع المواطنين كما تضمنت مبادرة الإدارة الذاتية؟
كل هذا يؤكد نوايا كل طرف من الأطراف السورية وحقيقة مساعيها لإنهاء أزمة السوريين والحفاظ على وحدة واستقلال الأراضي السورية.[1]