=KTML_Bold=قراءة في كتاب «قيمة الكلمة ودلالاتها في الأمثال الشعبية العفرينية» للكاتب محمد حمو=KTML_End=
#علي شيخو برازي#
الكلمة ذات قيمة عظيمة إن أجدت استخدامها, فهي تحمل في طياتها الأدب والحكمة والفلسفة, وهي ذو إيقاع ووزن وقافية, فتأخذ من الموسيقى حيزا لتكون ذات وقع حسن, وهي مفتاح الأدب حين تحسن اختيارها, وأصابت الهدف إن عرفت توجيهها بعقل, وإن خنت هذه القواعد خانتك وخذلتك, فهي سلاح ذو حدين .
صدر حديثا كتاب تراثي للكاتب العفريني محمد حمو تحت عنوان: قيمة الكلمة ودلالاتها في الأمثال الشعبية العفرينية, الكتاب من إصدارات (معهد التراث الكوردي في إقليم كوردستان) – دهوك 2022.
يقول الكاتب في مقدمة كتابه هذا: أن الأمثلة الشعبية (التراث الشفوي) لا زال ذو قيمة أدبية وفلسفية, لدى كورد منطقة جبل الكورد (عفرين), وإن الكلمة هي من أهم مصادر الطاقة لدى الإنسان, وكانت عبر التاريخ أداة سيطرة الإنسان علي الطبيعة, ولذلك ترى أن حامل كل الديانات والفلسفات هي اللغة , وقد أكد النبي زردشت على أهمية الكلمة في قوله : القول الحسن، والعمل الحسن، والفكر الحسن. وكما يقول المثل الشعبي: (بالكلمة الطيبة تزدهر القلوب) peyva xweș buhara dila ye . , ولولا الكلمة لما كان هذا الترابط الإنساني وهذا التواصل الحضاري اليوم .
الكلمة هي من أخذت بيد الإنسان إلى الفكر, والإنسان ينضج عند إتقانه لعلم الكلام, الأمثال الشعبية قيّمت عمل الإنسان وتجاربه سلبا وإيجابا, يضم هذا الكتاب بين دفتيه قرابة 500 مثل شعبي مما يقال في منطقة عفرين, وأغلب هذه الأمثال هي خاصة بهذه المنطقة, أي من فلسفة أهلها وتجارب عقلائها, ويأخذني مقولة: (قيمة الكلمة لدى كورد عفرين) إلى حيث أغانيهم الفولوكلورية والملحمية, إلى حسن استماعهم إلى هذا التراث, وطرب روحهم لتلك القصص والروايات الشفهية, هذه المنطقة الغنية بطبيعتها, والشامخة بجبالها, تحمل في جعبتها إرثا فولوكلوريا غنيا, وكبيرا بكبر مساحاتها الخضراء .
والكاتب محمد حمو كونه ابن هذه البيئة الغنية , فهو يحمل لنا في هذا الكتاب عبارات جميلة وقيّمة, من صرة من كلوم جبل الكورد وسيما أهلهم الطيبون .
يركز الكاتب على قيمة الكلمة الدالة, التي تغنيك عن الشرح بجملة جميلة وافية, وهنا يشير إلى مثل عفريني: ( يقاس عقل المرء بكلامه Aqilê mirov bi zimên tê pîvan ) وفي الكلام الموزون قالوا: (ينطق بالدرهم Şor bi diraman ji dêv tên der أي لا ينطق بما لا فائدة منه, ومنها أيضا: ( الشجرة تستند إلى جذعها والمرء يستند إلى كلامه Dar li ser koka xwe radiweste, merov jî li ser zimanê xwe. ) قاموس من الحكم والمواعظ يأخذك إلى حيث دروس الحياة وتجاربها .
ونقرأ أيضا في هذا الكتاب ما قالوه في الكلام ودوره في وعي الإنسان: ( هناك كلام يأتيك بالعلم وكلام يذهب بعقلك Peyv jî heye mirov dîn dike. Peyv heye mirov hîn dike, ) لن نخوض في كل ما احتواه الكتاب, لكي نترك مساحة لرأي القارئ ولمخيلته .
وبكل الأحوال لا يمكن للمرء أن ينسب كل ما قيل في منطقة معين لأهلها, لأن التراث الشفوي نقل من خلال الرواة والمغنين إلى سائر أجزاء كوردستان, وإن أخذت بعض هذه الأمثال طابعا خاصا, وحملت خصوصية بيئة معينة .
أغلب هذه الأمثال تراها ذو قافية ووزن, وهذا إن دل على شيء فهو يدل على ثقافة من صاغها, وتجربته وما حمل من فلسفة هذه الحياة, وقد أتت هذه الصياغة لسهولة الحفظ وتيسير النشر .
من خلال رحلتك عبر صفحات هذا الكتاب , وما حمل على متن 144 صفحة, ترى نفسك أمام ذاكرة حبلى بالأدب الشفوي, وبين طيات تجربة الأجداد, الذين احتفظوا بهذا الإرث الأدبي, وتركوا صونه أمانة في أعناقنا, لأنه بعض هويتنا, وديواننا غير المكتوب .[1]