=KTML_Bold=الكورد في كوردستان سوريا من الوطن والمواطنة إلى التوطين واللجوء=KTML_End=
عبد اللطيف موسى
إن منحة سير الأحداث والمستجدات المتسارعة وحجم التعقيدات السياسية والاقتصادية والفكرية والاجتماعية والسياسية الدولية بشأن الأزمة السوريا تعكس وتعري اللامبالاة و الأنانية الدولية، وغياب الإرادة الحقيقة في إيجاد حل شامل ينهي معاناة السوريين، لذا المزيد من المعاناة وحالة اللاستقرار واللادولة وانهيار كافة ملامح المجتمع وصراع الأجندات والتنافس على تنفيذ المصالح إنما تفرز آثاراً سلبية، وكما أنها تؤدي إلى نتائج تعزز حالة عدم الاستقرار في سوريا بالعموم وكوردستان سوريا على وجه الخصوص.
ليعلم القارئ الكريم أن مسألة الوطن أمر مفروغ منه عبر التاريخ بأن الكورد عايشوا الشعوب والمكونات الأخرى على هذه الأرض والتي عبرت عن إرثهم الحضاري الأصيل، ورغم محاولات التنكيل والسياسيات الشوفينية من قبل الأنظمة المتعاقبة على سلب إرادة الشعب الكوردي ومحاولات محو الهوية الوطنية القومية إلا أن ذلك الأمر زاد الكورد تماسكاً ونضالاً من أجل الحفاظ على أصالتهم وتشبثهم بالوطن.
مفرزات الأزمة السوريا واستمراريتها كانت من أهم أسباب ضعف إرادة إثبات الوجود والتشبث بالأرض والبحث عن اللجوء وإعادة التوطين للحصول على أبسط مقومات العيش التي حرمتهم منها حالة اللاستقرار، وعجز الطبقة السياسية التي تقود دفة قضيته في قراءة الأحداث السياسية والتعامل مع التطورات والمستجدات، وكذلك فشل سلطة أمر الواقع على توفير أبسط مقومات الحياة في ظل غياب الخطط في إدارة موارد المنطقة الغنية بكل مستلزمات ومقومات الدولة والمجتمع السليم.
عند الخوض في مسألة النزوح واللجوء والبحث عن التوطين والتخلي عن المواطنة لدى الكورد في كوردستان سوريا لابد من التحلي بالحس الوطني القومي والجرأة التي عجز أغلب مثقفي الكورد عن تناول هذا الموضوع والبحث عن حيثياته ومخاطر نتائجه، إن هذه الظاهرة الخطيرة التي تهدد الوجود القومي للشعب الكوردي في كوردستان سوريا قد فرضت نفسها من خلال جملة أسباب من أهمها الهيمنة واللامبالاة الدولية والتخاذل في إيجاد حل للأزمة السورية وللقضية الكوردية في سوريا ورغبتها في تنفيذ مصالحها التي تقتضي في إفراغ المنطقة من سكانها الأصليين خدمة لتنفيذ أجنداتها من خلال إطالة الأزمة عبر فشل المؤتمرات الدولية والإقليمية لإيجاد حل، والعجزعن وضع الخطط والاستراتيجيات في التعاطي مع الملف السوري، وكما أن عجز النخبة السياسية في كوردستان سوريا عن قراءة الواقع الجيواستراتيجي المتعلق بالقضية الكوردية وحقوق الشعب الكوردي أو تعريف بالقضية الكوردية، وعدم التسويق لها بالشكل المطلوب على طاولات السياسة العالمية أو لكل المهتمين بها.
ولعل الأمر الأهم الذي شجع هذه الظاهرة هي عجز ما تسمى إدارة سلطة الأمر الواقع في الوقوف على تأمين المتطلبات اليومية والأساسية للشعب في كوردستان سوريا، والفشل في استغلال وإدارة الموارد الاقتصادية الكبيرة في خدمة الحاجات والمتطلبات الأساسية وكما أن الإنفتاح الكبير من قبل الدول الأوروبية، وتحت شعارات حقوق الإنسان في توفير الأرضية المناسبة للتشجيع على الهجرة من أجل استغلال والاستفادة من الطاقات والخبرات للمهاجرين ووضعها في خدمة التنمية في بلدان اللجوء والتوطين الأصلية، وكذلك مسألة فقدان الثقة بين فئات المجتمع الكوردي وطبقاته السياسية والاقتصادية والانقسام الفكري والعقائدي والأيديولوجي لعبت دوراً كبيراً في تشجيع مسألة البحث عن التوطين، وكذلك أعباء اللجوء على مخيمات دول الجوار وترك هذه الحكومات وحيدة على تحمل هذه الأعباء من قبل منظمات الأمم المتحدة وكما أن هنالك الكثير من الأسباب التي لا يتسع ذكرها في هذا المقال المتواضع والتي لابد من فرد الأبحاث والدراسات لذكرها.
أن ظاهرة اللجوء والبحث عن التوطين تترك أثاراً كبيرة على كوردستان سوريا ومنها عملية التغيير الديمغرافي عبر إفراغ المنطقة من سكانها الأصليين والانتقال من المواطنة والوطن إلى البحث عن التوطين لاسيما مؤشرات التغير الديمغرافي والتطهير العرقي في كوردستان سوريا وصلت الى مراحل خطيرة جداً، وكما أن تفكك المجتمع الكوردي في كوردستان سوريا من أهم الآثار الكبيرة الناجمة عن ظاهرة إعادة التوطين، والتغير في العادات والتقاليد والثقافة ومحو الفلكلور وضعف مقومات الإنتماء والنضال جملة من التأثيرات على كوردستان سوريا التي ستواجه مصير هذا الشعب وقضيته في المستقبل القريب.
في المحصلة، ان ظاهرة البحث عن إعادة التوطين والتخلي عن الوطن والمواطنة تعتبر من أخطر الظواهر التي تهدد الإنتماء القومي والهوية القومية الوطنية وتضعف عملية التشبث بالأرض والتحلي بالمقاومة وتضعف الثقة، والسؤال الذي يتبادر إلى الأذهان هل تدرك النخب السياسية وسلطة الأمر الواقع حجم الكارثة من هذه الظاهرة وماستخلفه من أثار كارثية على مستقبل الشعب في كوردستان سوريا وقضيته في المستقبل أم أن الأمور ستترك لهذه المحنة الخطيرة.[1]