=KTML_Bold=الصحافة الكردية تراث لا يمكن تجاهله -2=KTML_End=
بدأت مسيرة الصحافة الكردية في ظروف عصيبة وبإمكانات قليلة، ورغم جميع وسائل القمع التي اتبعتها الدولة العثمانية عليها إلا أنها تمكنت من متابعة مسيرتها، وبعد تقسيم كردستان إلى أربعة أجزاء، ورغم أن الصحافة الكردية تراجعت من ناحية الكم، إلا أنها وجدت ميادين جديدة، ووسط الضغوطات تحول المثقفون والصحفيون الكرد إلى رواد الصحافة الكردية.
الصحافة الكردية في أجزاء كردستان الأربعة
خطت الصحافة الكردية أولى خطواتها بإصدار صحيفة كردستان التي أصدرها مقداد مدحت بدرخان، وواصلت مسيرتها بإصدار العديد من الصحف والمجلات رغم ضغوطات الإمبراطورية العثمانية، وقد استمرت بعد تلك الفترة وصولاً إلى مرحلة الحرب العالمية الأولى، حيث تفككت وانهارت الإمبراطورية العثمانية، وصدرت في تلك الفترة العديد من الصحف والمجلات الكردية مثل مجلة جين وبانكي كرد وكردستان، وبعد الحرب تم تقسيم كردستان إلى أربعة أجزاء، مما زاد من الضغوط والقمع ضد الصحافة الكردية، وبتاريخ 28 نيسان من عام 1920، أرسل مصطفى كمال أتاتورك برقية إلى أرزروم وطلب فيها عدم السماح بدخول مجلة جين إلى المدينة، مما يشير إلى طبيعة الإجراءات القمعية التي اتخذتها الدولة المحتلة ضد الصحافة الكردية آنذاك.
المحتلون استهدفوا الإعلام بالدرجة الأولى
في الأعوام الأولى لتأسيس الجمهورية التركية، ورغم بروز الحديث عن الاتفاق التركي الكردي، إلا أن الصحافة الكردية ظلت محظورة، ومع توقيع اتفاقية لوزان، لم يعد بمقدور أحد حتى التلفظ باسم كردستان، وتم حظر ومنع الصحافة الكردية بشكل كامل، وبعد عام 1925، كانت الدول المحتلة لأجزاء كردستان الأربعة وهي تركيا والعراق وإيران وسورية، لا تعترف بوجود الشعب الكردي.
رغم ظروف الاحتلال لم تقف الصحافة مكتوفة الأيدي
تأثرت الصحافة الكردية بشكل كبير وسلبي بسبب الاحتلال والاستعمار في كردستان، إلا أنها تمكنت بطريقة ما من متابعة مسيرتها والوصول إلى يومنا الراهن، حيث تم تقسيم كردستان إلى أربعة أجزاء، و نظام الحكم مختلف في كل جزء منها، مما أثر بشكل كبير على مسيرة الصحافة الكردية، وعلى الرغم من ذلك استمرت الصحف والمجلات الكردية بالصدور ولو لفترات متقطعة في كل من كردستان الجنوبية والشمالية، أما في كردستان الشرقية فإن النظام الإيراني شدد قبضته على الصحافة، مما شكل عقبة كبيرة أيضاً أمامها، وفي روج آفاي كردستان شهدت الصحافة الكردية حالة من الركود بسبب قمع النظام السوري.
ولكن في شمال كردستان ومع انطلاق وتصاعد حركة حرية الشعب الكردي، برزت مسيرة جديدة من الصحافة الحرة، وكذلك حدث نفس الأمر في جنوب كردستان، وظهرت مسيرة صحفية متأثرة بالمؤسسة الاقطاعية وتابعة للقوى والأحزاب السياسية، ورغم ذلك فقد بدأت العشرات من الصحف بالصدور، وبثت قنوات التلفزيون والمواقع والمحطات الإذاعية الكردية برامجها بمحتوى منوع، وفي روج آفاي كردستان ومع انطلاق انتفاضة الشعب عام 2011 وانطلاق ثورة روج آفا لمع نجم الصحافة الكردية مرة أخرى، رغم ما تعرضت له من قمع على مدى السنوات الماضية.
خلال الفترة بين أعوام 1920 و 1990، كانت كلمة “الكرد” كافية لتكون سبباً للاعتقال والتعذيب، وعاشت الصحافة الكردية فترة ركود طويلة على أرضها، إلا أن العديد من الصحف والمجلات صدرت في كل من العراق وسوريا وبيروت بطليعة المثقفين الكرد.
ومن بين المجلات التي صدرت في تلك الفترة ولفترات متقطعة مجلة جيان (1926-1936)، هاوار (1932-1943)، جين (1930)، كلاويج (1941-1950)، روناهي (1942-1945)، ومجلة روجا نو (1943-1946. كما أصدر العديد من المثقفين الكرد من أمثال موسى عنتر، أديب كاراهان، ياشار كايا ومدت سرهد العديد من المجلات مثل مجلة دجلة كايناغي (1949)، شارك مجموآسي (1950)، إيلري يورت (1958)، دجلة فرات (1962)، دنك (1963)، روج نوا (1966)، وكانت هذه المجلات تصدر لفترات قصيرة بسبب القمع والاضطهاد، إلا أنها ساهمت بشكل كبير في استمرار مسيرة الصحافة الكردية.
يضاف إليها العديد من الإصدارات الماركسية اللينينة مثل مجلة أوزكورلوك يولو (1975)، خبات (1976)، رزكاري (1976)، روجا ولات (1977)، كاوا (1978)، آلا رزكاري (1979)، سرخبون (1980)، وقد تعرضت هذه الصحف للقمع من قبل سلطات الاحتلال، ومعظم المنشورات الآنفة الذكر كانت تصدر باللغة التركية أو اللغتين الكردية والتركية، والمجلة الوحيدة التي كان تصدر باللغة الكردية كانت مجلة تيريج التي صدرت في آمد عام 1977 من قبل الجمعية الثقافية الديمقراطية الثورية. وبسبب القمع لم تصدر من المجلة سوى أربعة أعداد.
=KTML_Bold=صحيفة ريا تزه=KTML_End=
تعدّ صحيفة ريا تزه في تاريخ الصحافة الكردية الأولى من حيث طول فترة صدورها، حيث تأسست عام 1930 في يريفان عاصمة أرمينيا من قبل الحزب الشيوعي السوفيتي، وأشرف على صدور المجلة ثلاثة أشخاص أرمن كانوا يتقنون الكردية بشكل جيد، وبعد أربعة أعوام من الصدور تم تسليم المجلة إلى الصحفيين الكرد، وفي عام 1937 ومع حظر اللغة والثقافة والموسيقا الكردية تم إغلاق المجلة.
وفي عام 1955 استأنفت المجلة الصدور، واحتلت مكانتها في التاريخ كأول مجلة كردية صدرت في زمن الاتحاد السوفييتي، المجلة كانت لسان حال الحزب الشيوعي السوفييتي، وكانت توزع في أرمينيا وفي سائر مناطق الاتحاد السوفييتي، وتألفت مجلة ريا تزه من أربعة صفحات، وكانت تصدر مرتين في الأسبوع حتى عام 1994، لكنها توقفت عن الصدور لأسباب اقتصادية عام 2003، وصدرت المجلة في البداية بالأحرف السريلية، وفيما بعد تحولت إلى الأحرف اللاتينية.
=KTML_Bold=مجلة جيان=KTML_End=
صدرت في مدينة السليمانية في جنوب كردستان في الفترة بين 1926- 1936، وصاحب الامتياز لهذه الصحيفة هو الشاعر الكردي بيره ميرد، وفيما بعد الصحفي الكردي سليمان توفيق، وصدرت المجلة لمدة 10 أعوام، ومن ثم أقدمت الإدارة الرسمية على إيقاف المجلة، وبعد إغلاقها وتوقفها عن الصدور، أصدر الشاعر بيره ميرد في 22-12-1939 مجلة جديدة باسم جين، واستمرت في الصدور حتى حزيران عام 1950.
بداية جديدة في تاريخ الصحافة الكردية: مجلة هاوار
صدرت مجلة هاوار في 15-05-1932 في العاصمة السورية دمشق، بإشراف جلادت علي بدرخان. واستخدمت الأحرف الكردية اللاتينية للمرة الأولى فيها. وتألفت مجلة هاوار من 20 صفحة، منها 16 صفحة باللغة الكردية، و4 صفحات باللغة الفرنسية، وكانت تصدر بالأحرف اللاتينية والعربية حتى العدد 23، وفيما بعد اقتصرت على الصدور بالأحرف الكردية اللاتينية فقط.
صدرت مجلة هاوار وسط شح الإمكانات والضغوطات المتواصلة، وخلال مسيرتها توقفت عن الصدور عدة مرات لأسباب اقتصادية، وقد طغت اللهجة الكرمانجية على محتوى مجلة هاوار، بالإضافة إلى اللهجتين الزازية والسورانية، ويعدّ كل من نور الدين ظاظا، قدري جان وجكرخوين وعدد من المثقفين الآخرين من رواد مجلة هاوار، حيث نشرت المجلة العديد من المواد والمواضيع في الشعر والقصة والمقالات والترجمات، إضافة إلى ترجمة العديد من القصائد الفرنسية إلى اللغة الكردية، كما ترجمت العديد من المواد والنتاجات إلى اللغة الفرنسية. عمل كل من الأمير جلادت بدرخان وجميع رواد مجلة هاوار على دراسة وتطوير قواعد اللغة الكردية (الكرمانجية)، كما أضافوا الأحرف اللاتينية إليها.
في عام 1989 بادرت دار نشر نودم بإعادة نشر جميع أعداد مجلة هاوار على شكل مجلدين، وصدر من مجلة هاوار 57 عدداً حتى تاريخ توقفها في 15-08-1943.
=KTML_Bold=مجلة روناهي=KTML_End=
صدرت مجلة روناهي في عام 1942 في العاصمة السورية دمشق من قبل جلادت علي بدرخان، التي اعتمدت على اللغة الكردية واللهجة الكرمانجية وعلى الأحرف اللاتينية، وكانت مجلة روناهي مجلة مصورة، حيث كان نشر الصور في المجلات حدثاً جديداً في تلك الفترة، وصدر من المجلة 28 عدداً، لكنها توقفت عن الصدور عام 1945، وكتب في مجلة روناهي العديد من الكتاب والمثقفين الكرد من أمثال جلادت علي بدرخان، أوصمان صبري، حسن هشيار وجكرخوين.
=KTML_Bold=مجلة ستير=KTML_End=
أسسها الدكتور كاميران بدرخان عام 1943 في بيروت، استمرت مجلة ستير لثلاثة أشهر فقط، صدر العدد الأول منها في شهر كانون الثاني عام 1943، فيما صدر العدد الثاني في شهر شباط عام 1944، و صدر العدد الخامس في عام 1945.
العم موسى أشعل شعلة جديدة
المثقف الكردي موسى عنتر أو (العم موسى)، بدأ مسيرته في الصحافة الكردية عام 1950، في الوقت الذي كانت فيه السلطات التركية تنكر وجود الشعب الكردي، وساهم في إظهار وإبراز الحقائق المخفية، وأسس لمرحلة جديدة في مسيرة الصحافة الكردية.
وبعد أن توقف عن الدراسة في كلية الحقوق في جامعة إسطنبول، بدأ في الكتابة لصالح صحيفتي شارك بوستاسي ودجلة قايناغي، وبسبب قصيدته الشعرية التي تحمل عنوان Qimil والتي نشرها في صحيفة إيلري يورت، اعتقلته السلطات عام 1959 وحُكم عليه بالإعدام، وبعد الانقلاب العسكري عام 1960، أفرج عنه، كتب في مجلات مثل دنك، بارش دونياسي و يون، كما كتب أحياناً في العديد من المجلات الأخرى مثل دجلة-فرات، يني أولكه، أوزكور كوندم، روشن وتولوي.
أصدر العم موسى سبعة كتب إضافة إلى قاموس كردي- تركي
إلى جانب مسيرته الصحفية، عاش العم موسى حياة زاخرة بالعطاء في المجال الثقافي والسياسي والنضال الوطني. قضى 11 عاماً في السجون التركية، بتاريخ 20-08-1992، اغتيل العم موسى على يد المخابرات التركية أثناء عودته من مهرجان الثقافة والفن في حي سيران تبه في مدينة آمد، ومضى الآن 28 عاماً على مقتله، ولا تزال السلطات التركية تتستر على قتلته.
الشعلة التي أوقدها العم موسى تحولت منذ التسعينيات إلى ميراث للإعلام الحر، ورغم القمع والاضطهاد لا يزال السائرون على درب العم موسى يحملون شعلة الحقيقة في أجزاء كردستان الأربعة.[1]