د. مهدي كاكه يي: ديانة الميديين ومعتقداتهم – الدين الهلاوي (الدين العلوي)
نبذة تأريخية عن الكورد والآشوريين والعلاقة بينهم (46) – أسلاف الكورد: الميديون
يذكر الپروفيسور جمال نبز في كتابه المعنون “المستضعفون الكورد وإخوانهم المسلمون، طُبع سنة 1994″، بأن أصل كلمة “علوي” يعود الى الكلمة الكوردية “هَلاڤ” التي تعني بالكوردية “بخار الماء المغلي المشبه بالنار المستعرة” وكذلك “لظى النار نفسها” وهذه الكلمة لها صلة بِقُدسية النار عند المثرائيين وتقديم القرابين المطبوخة على نار متّقدة من قِبل اليزدانيين. إقتبست اللغة التركية هذه الكلمة من الكوردية وحورّتها الى “ألڤي” التي تعني “لظى النار” وثمّ تمّ تحويرها من قِبل العرب الى “علوي”. هكذا نرى أنّ هذا الإسم له علاقة بالنار المقدسة في الديانات الكوردية القديمة ولا علاقة له بِعلي بن أبي طالب.
الدين الهلاوي، كما هو الحال بالنسبة الى الفروع الأخرى للديانة اليزدانية، هو دين غير تبشيري ويؤمن معتنقوه بِتناسخ الأرواح وحلول الألوهية في البشر. الهلاويون يعتقدون بأن هناك سبعة أدوار للظهور الإلهي كما هو الحال عند اليارسانيين والإيزديين. كما أن الهلاويين يؤمنون بأنّ أرواح الموتى لا تُفنى ولا تذهب الى جنّة أو جحيم، بل يُعاد خلقها من جديد في أجساد جديدة مراراً وتكراراً، فمَن يقوم بأعمال حسنة يرتقي في أجياله المتعددة على سُلّم من 14 مرتبة حتى يصل إلى المرحلة الأخيرة؛ وهي التنوّر النهائي والإتحاد مع الخالق، بينما مَن يقوم بأعمال سيئة، يولد لطوائف أخرى ومن ثم يصبح حيواناً ويستمر في حيوانيته حتى فنائه. كما أن المُعتقد الهلاوي يفرض بالضرورة غياب التدخل الديني الكبير في حياة الإنسان، حيث أنّ الطريق للوصول الى التنّور يكون بِالسلوك الجيد لا بالعبادة.
يؤمن الهلاويون بِوجود هذه الدنيا فقط وأنّ القيامة هي خروج الروح من البدن ودخولها الى بدن آخر وأنّ الأبدان هي الجنة و الجهنم، حيث أنهم لا يؤمنون بِوجود البعث والجنة والنار. المفهوم الهلاوي للإله ليس مفهوم الإله الشخصي الذي يتدخل بتفاصيل حياة الناس ويراقبهم ويحاسبهم لاحقاً ليُدخِلهم في الجنة أو النار، بل يعتقدون بطبيعة كونية للإله، حيث لا يمكن تشخيصه أو الإحاطة به، بل أن كل الكون هو تجلٍّ من تجليات الإله.
(الدستور) هو عبارة عن النصوص الهلاوية المقدسة والذي يتكون من 16 قُدّاساً، يقوم الشيخ بِتلقينها للمُريد الذَكَر البالِغ ليصبح مؤهلاً للصلاة والإشتراك في الإجتماعات الدينية.
يمتلك الهلاويون 12 عيداً دينياً على مدار السنة، لكن هذه الأعياد تقتصر على ممارسة الطقوس والمراسيم الدينية وتقديم الأضحية والنذور. يتم توزيع لحم الأضحية مطبوخاً مع وجبة من البرغل أو الرز.
تُقدّر نفوس الهلاويين الكُلّي في العالم بِحوالي 25 مليون نسمة. في تركيا وإقليم شمال كوردستان، تبلغ نفوس الهلاويين 25 – 30% من مجموع السكان، أي 20 – 24 مليون نسمة، حوالي 35% منهم من الكورد، أي ما بين 7.0 – 8.4 مليون نسمة. يوجد في تركيا أيضاً هلاويون تركمان الذين يعيشون بصورة خاصة في وسط وغرب الأناضول بالقرب من البحر الأسود.
يُشكّل الهلاويون حوالي (13%) من نفوس إقليم غرب كوردستان وسوريا، أي 2.3 مليون نسمة. يعيش معظم الهلاويين في المناطق الساحلية والوسطى من سوريا، حيث يقطنون بشكل رئيسي في محافظات اللاذقية وطرطوس وحمص وحماه، مع وجود أعداد قليلة تسكن كلاً من دمشق وحلب.
تُقدّر نفوس الهلاويين في لبنان بِحوالي 70 ألف شخص، حيث يتواجد الهلاويون في جبل محسن الواقع في ضواحي مدينة طرابلس. كما أنهم يعيشون في سهل عكار في شمال لبنان.
وفق التقديرات، يعيش في أوروبا أكثر من مليونَين هلاوي، حيث يتواجد العدد الأكبر منهم في ألمانيا (600 ألف شخص). حوالي 150 ألف منهم يعيشون في فرنسا و 60 ألف شخص في النمسا. تعترف الحكومة النمساوية بالدين الهلاوي رسمياً كَدين مستقل.[1]