=KTML_Bold=دراسة تاريخية – الأكراد تحت الانتداب الفرنسي=KTML_End=
خالد عيسى
إن دراسة تاريخ الشعب الكردي في سورية، شرط ضروري لفهم صحيح لواقع هذا الشعب الذي يعاني من الاضطهاد والحرمان على أرضه. وعلى ضوء الدراسات التاريخية، يمكن تشخيص الواقع و الانطلاق منه لتغييره نحو الأفضل. و بحدود إمكاناتنا المتواضعة نحاول المساهمة في البحث في تاريخ شعبنا. وضمن هذا الإطار، رأينا من المفيد إعادة نشر دراسة مختصرة ومتواضعة، حول الوضع الكردي أثناء الانتداب الفرنسي في سورية. نرجو من القراء الأعزاء أن يبادروا إلى تصحح أخطاءنا، و تنشيط البحث العلمي عبر آرائهم ومقترحاتهم وانتقاداتهم.
=KTML_Bold=أولاً:الوضع العام=KTML_End=
كان الأكراد القوميون في كردستان الشمالية (تركية) منقسمين بين المطالبين بالحكم الذاتي، و المطالبين بالاستقلال، و لم ينل أي التيارين ما كان يصبو إليه، و استطاع مصطفى كمال إبعاد غير الأتراك عن الحكم. في حين أصبحت الحركة الكردستانية أكثر فعالية في قسميها الجنوبي و الشرقي (عراق و إيران) فرفض الشيخ محمود البرزنجي (1878-1956) أن تخضع الأقاليم الكردية في العراق للاحتلال الانكليزي عقب الحرب العالمية الأولى، و عندما حاول الانكليز تقليص نفوه في كردستان رفع الشيخ محمود السلاح في وجه الانكليز في 21-05-1919.
تمكنت القوات الانكليزية من السيطرة على كردستان العراق عقب معركة دامية بقرب من بندربازيان في 09-06-1919. لكن في عام 1922 و إثر تغيرات في السياسة الإقليمية وافق الانكليز على إنشاء وحدة سياسية كردية و عاد الشيخ محمود الى السليمانية ليعلن نفسه ملكا على كردستان ،و اتخذ من السليمانية عاصمة لمملكته، و شكل حكومة من ثمانية وزراء، و اعترفت بها الحكومتان العراقية و البريطانية في 22-12-1922 (1). بقيت هذه المملكة حتى حزيران عام 1924 عندما زحفت القوات العراقية المدعومة بالطيران الانكليزي على كردستان للقضاء على هذه الدولة الكردية الفتية.
أما في كردستان الشرقية، فكان قد استطاع إسماعيل آغا الشكاكي أن يسيطر، من عام 1920 حتى 1930، على أغلب الأقاليم الكردية في إيران، و كان يطالب باستقلال كردستان كاملة (2).
في غدوة الحرب العالمية الأولى، و بشكل أدق في 16-06-1920، قدم الأمير أمين عالي بدرخان (زعيم التيار الاستقلالي الكردي آنئذ) إلى المفوض العام الفرنسي في اسطنبول مذكرة قال فيها ” لنا نفوذ كبير في كردستان، و خاصة في القسم الذي سيقع تحت الانتداب الفرنسي (3)، ذلك النفوذ الذي يمكن لحكومتكم أن تستخدمه من أجل الوصول إلى الهدف الذي ليس سوى ضمان السلم و الرخاء في كل البلاد التي تسيطر عليها” (4).
احتل الجيش الفرنسي دمشق في 23 تموز 1920 بقيادة الجنرال غورو، الذي ذهب في اليوم الثاني الى ضريح صلاح الدين الأيوبي في الجامع الأموي، من أجل أن يناديه قائلا ” ها نحن يا صلاح الدين قد عدنا ” و كان هذا رداً على صلاح الدين الذي قد قال للصليببين ” إنكم خرجتم من الشرق و لن تعودوا إليه” (5). فجرح خطاب غورو شعور الأكراد و خاصة وجهاء العشائر ذو الأغلبية المسلمة، و عزز هذا الخطاب خشية الزعماء الأكراد المحليين من فقدان نفوذهم بين السكان فيما اذا استلمت دولة قوية مثل فرنسا زمام الأمور، و اتخذت سياسة مركزية في الحكم.
كانت إجراءات تعيين الحدود بين الفرنسيين و الأتراك و الانكليز، تثير سخط الأكراد الذين كانوا يشعرون بالضرر من إقامة الحدود التي تقسم عشائرهم و ممتلكاتهم و تعرقل تجارتهم. إضافة إلى ذلك كان قد يئس الأكراد من السياسة الفرنسية في مؤتمر السلم فيما يخص الأقاليم الكردية المخصصة لفرنسة، تلك السياسة المتعارضة مع الوحدة الكردية و مع النشاط الاقتصادي في كردستان.
ساهمت هذه العوامل، القومية و الدينية و الاقتصادية في انتفاض الشعب الكردي ضد السلطات الفرنسية.
=KTML_Bold=ثانياً:انتفاضة إبراهيم هنانو=KTML_End=
إبراهيم هنانو، و هو من عائلة كردية، كان يقيم في جبل الزاوية الواقع في الجنوب الغربي من حلب، استطاع إبراهيم هنانو، و بالاتفاق مع بعض زعماء العشائر الكردية الأخرى، و خاصة مع مصطفى آغا من فريرية (6), استطاع أن يشكل أربع فرق عسكرية, أغلبها من الفلاحين الأكراد, و أعلن رسميا الثورة على الفرنسيين في 16-10-1920 (7).
أصدر هنانو بيانا الى الشعب قال فيه قد سلّطت فرنسا جيوشها, ناقصة العهود, ونابذة الوعود, و سودت وجه تاريخها, مدّعية بأنها جاءت لمساعدتنا و ارشادنا, و حفظ حياتنا و استقلالنا, وما ادعاؤها هذا الاّ كذب و بهتان ..., لقد حاربنا في صفوف الحلفاء وثرنا على الحكم التركي, فماذا كانت النتيجة, لقد خاننا الحلفاء و تنكروا لقضايانا و داسوا و هزئوا بدمائنا و دماء شهدائنا دون أي ذنب جنينا, سوى مطالبتنا بالحفاظ على حريتنا و كرامتنا(9).
ودارت معارك طاحنة دامية ذهب ضحيتها عدد كبير من الفلاحين المنتفضين تحت قيادة هنانو, نتيجة تصديهم لزحف القوات الفرنسية على المنطقة, و بالمقابل, استطاعت المقاومة أن تلق الهزيمة بالقوات الفرنسية في أكثر من موقع و أن تكبدها خسائر فادحة في المعدات و الأرواح, مما اضطر الحاكم الفرنسي (غورو) أن يعزز تحشدات قواته العسكرية, و استطاع بذلك أن يخمد انتفاضة هنانو, مما اضطر هذا الأخير أن يلجأ الى القدس بغية طلب المساعدة من ملك الاردن عبد الله بن الحسين , و للأسف ذهبت مساعي هنانو بدون جدوى, و هناك ألقت القوات البريطانية القبض عليه, و سلمته الى الحاكم الفرنسي في سورية, و تمت محاكمته أمام مجلس عسكري فرنسي.
و في دفاعه أمام هذا المجلس قال هنانو: لقد طلبت من الجنرال غورو أن يستفتوا الشعب استفتاء حراَ ليقرر مصيره بنفسه, فلماذا لم تفعلوا ذلك. كنتم تدركون تماما أن الشعب يرفضكم و يطالب بالحفاظ على استقلاله و أنتم غرباء عن هذا البلد, معتدون و لاحق للمعتدي الغاصب أن يحاكم الأبرياء (10), و تحت الضغط الجماهيري اضطر المجلس العسكري الى اخلاء سبيل هنانو.
في عام 1925, حثّ هنانو السكان, من جديد, على الانتفاض ضد الفرنسيين في منطقة جبل الزاوية, و أشاد علاقات متينة مع قادة انتفاضات العلويين و الدروز, و بذلك استطاع هنانو, مع كل من القادة الشيخ صالح العلي و سلطان الأطرش أن يزعزعوا الحكم الفرنسي العسكري في سورية و إجبار فرنسا على تغيير سياستها من المصادمة و الحكم العسكري المباشر الى سياسة الخداع و المساومة, وقع ابراهيم هنانو مريضا في عام 1935, و توفي في عام 1936.
بقي هنانو, الى أخر أيامه, مخلصا لوطنه, مضحيا بما لديه من امكانيات متواضعة, معتبرا الكفاح الجماهيري المسلح الاسلوب الصحيح و الفعّال للتحرر, و كان أشد ما يثير سخط هنانو, هو تعاون بعض السياسيين (البرجوازية التجارية و بعض الملاّكين العقاريين) مع الفرنسيين, ولجوئهم الى اسلوب المساومة مع المستعمر على حساب المصلحة الوطنية(11).
=KTML_Bold=ثالثاً:احتلال الجزيرة=KTML_End=
بشكل عام, عندما طردت فرنسا الملك فيصل بن الحسين من سورية, ولد عند العشائر العربية حقد معاد لفرنسا, اذ أن هذه العشائر لم تكن تفهم اللعبة الدولية, بقدر ما كانت تفهم المسير اليومي للأحداث المحلية, و لم تكن قادرة على استيعاب الاتفاق الانكليزي الفرنسي على ما جرى من تبادل في مناطق النفوذ, فاحتفظ أغلب شيوخ هذه العشائر العربية بولائهم للهاشميين و الانكليز. كان يتوجب منطقيا أن يكون هؤلاء الشيوخ العرب ضد توسع الجيوش الفرنسية في المنطقة الكردية (الشمالية), لكن لم تثبت الأحداث هذه الفرضية المحتملة.
ففي المنطقة الكردية, لم تكن توجد عشائر عربية مستقرة, الا أنه كانت تصل بعض العشائر العربية مع قطعان مواشيها (طلبا للرعي) الى بعض المناطق الجنوبية من الجزيرة, و كانت تطمع في الاستيلاء على هذه السهول, و الانتشار نحو الشمال الخصب, و لكنها كانت تواجه عقبة الوجود الكردي المستقر, و وجدت في دخول القوات الفرنسية الى الجزيرة الفرصة المناسبة لتحقيق آمالها, فرغم احتفاظ أغلبيتهم بولائهم للهاشميين و الانكليز, اتخذ القسم الأكبر من شيوخ عشائر العرب موقفاً مؤيداً و مسانداً للقوات الفرنسية, في حين أن بعض العشائر فضلت اتخاذ موقف مزدوج, بحيث يتخذ أحد أو بعض زعماء العشيرة موقفا مؤيدا للفرنسيين, و يتخذ البعض الآخر من نفس العشيرة, موقف الحليف للأكراد.
أما الأكراد فقد كانوا ضد الانكليز الذين كانوا في حالة حرب ضد الشيخ محمود, و كانوا ضد الفرنسيين المتفقين مع الأتراك.
فمن أجل القضاء على انتفاضة الشيخ سعيد بيران, التي اندلعت عام 1925 في منطقة دياربكر طلبت السلطات التركية في بداية شهر آذار من الحكومة الفرنسية, السماح لها بمرور أربعة قطارات يوميا على الخط الحديدي بغداد, من أجل نقل من 20.000 حتى 25.000 رجل مع عتادهم الى ساحة العمليات (12), و في نهاية أيار 1925 طلبت الحكومة التركية مرة أخرى من الحكومة الفرنسية, السماح لها بمرور تعزيزات عبر سورية على الخط الحديدي بغداد (13), و ساعد هذا الموقف الفرنسي المعادي للأكراد, في انتعاش الروح القومية و تعزيز ارادة المقاومة عند أكراد الجزيرة أثناء احتلالها من قبل القوات الفرنسية.
بعد انهزام القوات العثمانية أمام الحلفاء, بقيت الجزيرة الكردية خاضعة لسلطة زعماء عشائرها, و رغم المحاولات الفرنسية في بسط نفوذها على هذه المنطقة منذ عام 1922, فانها لم تتمكن من ذلك.
دخلت القوات الفرنسية الى الجزيرة في حزيران-تموز 1925 بقيادة روكان, و استقبله مشعل باشا الجربا, أحد شيوخ عشيرة شمر العربية, و قدم له عناصر عشيرته و أمده بما لزمه من مؤن و دواب.
اتجه روكان و أنصاره نحو مدينة نصيبين المحتلة من قبل تركية, و شيّد في جنوبها ثكنة عسكرية بنيت حولها,فيما بعد, مدينة القاشلي الحالية. أما عشيرة الطي العربية, فانقسمت في ذلك الوقت الى جماعتين, كانت الجماعة الأولى بزعامة شيخ العشيرة نايف عبد الرحمن, الذي وقف الى جانب الفرنسيين و ساندهم بكل مالديه من امكانيات, في حين تزعم الجماعة الثانية أخو شيخ العشيرة محمد عبد الرحمن, الذي تعاون مع العشائر الكردية في مقاومة الاحتلال الفرنسي (14).
تمركز الفرنسييون في قرية بيان دوور, التي تبعد حوالي 17كم عن مدينة القامشلي, و أقاموا مركزا اداريا بدرجة قائم مقام لادارة المنطقة و تطبيق الأوامر الفرنسية على السكان, و جباية الضرائب و تم تعيين جاسم أفندي لادارة هذا المركز. مما أثار سخط زعماء العشائر المحلية و عزز كره الفلاحين للقوات الفرنسية وعملائهم, فاشتدت المقاومة ضد الفرنسيين, و شكلت العشائر مجموعات مسلحة لإرهاب الادارة الفرنسية و زعزعة تشيكلاتهم و تخويف عملائهم, و كانت هذه المجموعات تغير ليلا على مركز القائم مقامية في بيان دوور, و تعمل قتلا و نهبا كلما أمكن, و في احدئ غاراتها تمكنت من اصابة جاسم أفندي بجراح خطيرة.
شنت السلطات الفرنسية حملة شرسة ضد الأكراد ووجهائها المحليين, فاعتقلت خليل أحمي مختار بيان دوور (15), و عباس آغا محمد عباس مختار قرية محركان, وتوفي الاثنان أثناء التعذيب الذي تعرضا له على يد السلطات الفرنسية. في حين اضطر بعض زعماء العشائر الالتجاء الى مناطق كردية أخرى, كان الفلاحون يتصدون بشجاعة للحملات القمعية الفرنسية,فاستشهد الكثير منهم أثناء الاشتباكات المسلحة, و أصبحت الاعتقالات من الاجراءات اليومية التي تعودت عليها كل القرى الكردية تقريبا, بينما كانت القبائل العربية الحليفة للأكراد, تنال قسطا أقل من القمع الفرنسي, وذلك أولاً لكونها غير مستقرة, تمتاز بإمكانية أكبر في التحرك و الانتقال, و ثانياً لكون أغلب عناصر القوات الفرنسية من العشائر العربية الموالية لها, كان قادة الاحتلال يفضلون كسب هؤلاء العرب المناهضين لهم عن طريق المساومة, بدلاً من اخضاعهم بالقوة و القمع.
اشتدت روح المقاومة عند الفلاحين نتيجة الاعتقالات الكثيفة, و وقوع عدد كبير من الضحايا, و اصرار الفرنسيين على جمع الضرائب على المحاصيل الزراعية و الماشية, فانتقل الفلاحون من الموقف السلبي المدافع الى موقف المبادرة في مقاومة الجيش الفرنسي.
وفي 1926, اتخذت المقاومة من قرية تل شعير مركزا لها, و خططت للهجوم على ثكنة بيان دوور العسكرية,و من أجل ذلك استطاع الأكراد تحقيق أفضل تعاون فيما بينهم من جهة, و التفاهم مع بعض قبائل الطي (جماعة الشيخ محمد عبد الرحمن, (و الجوالة من جهة أخرى, وتم تشكيل مجموعة مسلحة مؤلفة من فلاحين أكراد هم عباس مراد, عبدو تيمار, علي عبد المجيد وتيمار, حسو عبد الله و شباب أخرون من الجهة الجنوبية, و كان يقود الهجوم من جهة الشرق حاج حسوطيار,وكان أول هجوم فلاحي استمر حتى مساء يوم التالي (16), و سقط العديد من الفلاحين شهداء في هذا الهجوم, لكن تمكنت المقاومة من احتلال الثكنة مكبدين الفرنسيين أشد الخسائر في الأرواح و المعدات,في حين لاذ ما تبقى من الجنود الفرنسيين بالفرار و لجؤوا مع قائدهم روكان الى مشعل باشا الجربا و بعض قبائل الطي التابعة للشيخ نايف عبد الرحمن.
كان روكان و جنده قبل معركة بيان دوور, يرغبون في الذهاب الى يثين خابور على الحدود العراقية - السورية, لاحتلالها و تشكيل أجهزة إدارية-عسكرية فيها, ومن أجل ذلك, كان روكان بحاجة الى بعض عناصر كردية لتتعاون معه كدليل و لتساعده في مهمته, و بعد أن فشل في كسب التأييد عن طريق الارهاب, لجأ الى اسلوب الاغراء بالمال و الوعود, واستطاع بذلك أن يستغل بعض الفقراء الفلاحين مثل علي مستو أوسي و حسن هزو من قرية حلوة, و سيد طاهر من بيان دوور, و رافق هؤلاء المرتزقة الفرنسيين في زحفهم على يثين, فتصدت لهم قوات المقاومة الكردية بقيادة آل حسو بركات, و جرت معركة دامية بين الطرفين في دمر قابي, و التحق بالمقاومة الكردية أحد شيوخ شمر الخرصة, مثقال العاصي, لكن توقف هذا الأخير عن متابعة القتال ضد روكان وجنده, بعد تدخل بعض الوجهاء الموالين للفرنسيين, و بعد أن حصل هذا الشيخ العربي على وعود معسولة من روكان, الاّ أن عشيرة جوالة العربية استمرت الى جانب العشائر الكردية في مقاومة الفرنسيين. و انتقلت المعارك الى قرية القطرانية, ثم حسمت في كرة توبي و استشهد عدد كبير من الفلاحين, و لكن في النهاية تمكنت المقاومة من الحاق شر هزيمة بالفرنسيين و أنصارهم و ذلك بعد مقتل روكان قائد الحملة العسكرية على الجزيرة و كان ذلك في خريف عام 1926 و أصبحت تلك المنطقة, بدون سلطة إدارية حتى أواخر عام 1928 (17).
خلال عام 1925, كان يتهيأ الشعب الكردي في تركيا لاقامة دولة كردية مستقلة, و انطلقت الثورة بقيادة الشيخ سعيد بيران في منطقة ديار بكر, لكن و بفضل التعاون التركي-الفرنسي, و لغياب الدعم الخارجي للأكراد و عدم التتنسيق الكردستاني, استطاعت تركية قمع هذه الثورة, و شنت حربا فعلية ضد الشعب الكردي, أثار القمع التركي سلسلة من الانتفاضات المحلية مثل انتفاضة حاجو في آذار 1926 في منطقة نصيبين (18), التي لم تستطع احراز أي نصر عسكري استراتيجي ضد تركية, لكن جسدت هذه الانتفاضة ظاهرة من ظواهر الوحدة القومية للأرض و الشعب الكردستاني (18)مكرر.
بقيت منطقة الجزيرة حتى نهاية عام 1927 بدون أية سلطة إدارية, و لم يسيطر الفرنسييون عليها الا بعد موافقة بعض رؤساء العشائر الكردية القوية مثل حاجو آغا الهفيركي, و عفدي خلو آغا الميرسني (19). في حين بقي بعض زعماء العشائر الكردية الأخرى مناوئين للفرنسيين. و كان هذا سببا في احداث الشقاق في المنطقة الكردية بين مناهضي الفرنسيين من جهة و مؤيديهم من جهة أخرى.
=KTML_Bold=الهوامش والمراجع=KTML_End=
-1 جلال الطلباني -كردستان و الحركة القومية الكردية- دار الطليعة, بيروت 1971 ص . 100. و راجع أيضا لطيف برزنجي -شيخ محمود- مقال بالكردي في مجلة كاروان, العدد 20, بغداد كانون الأول 1984.
-2 عبد الرحمن قاسملو, في الكتاب الجماعي, مرجع مذكور ص 173.
-3 تاريخ هذه المذكرة بالاضافة الى غيرها من الحقائق, يثبت خطأ زعم منذر الموصلي عندما قال في كتابه المذكور ص 83 امّا في العصر الحديث يبدأ الوجود الكردي في شمال سوية في عام 1926 تماما.
4-كريس كوتشيرا, المرجع المذكور, ص 33-43.
-5 رمي شيخو الفرحة -دراسات اشتراكية- مجلة الحزب الشيوعي السوري, العدد /50/ عام 1985. ص 100.
-6 كان أغلب آغاوات العشيرة الملّية الكردية و قبائلها المتمركزة في شمال غربي حلب من أنصار ابرهيم هنانو.
7 -جريدة تشرين اليومية السورية, عدد /2830/ الصادرة في 17-04-1984.
8 - لا نعرف بالضبط ما هي العهود التي كان يقصدها هنانو في هذا البيان.
10+9 - جريدة تشرين, العدد المذكور سابقا.
-11 تعتبر حركة المريديين المسلحة امتدادا لأسلوب هنانو في الكفاح المسلح.
- 12 ك. كوتشيرا, المرجع المذكور, ص 85.
-13 نفسه, ص 89.
14 -قد يكون ذلك نوعا من استراتيجية اللعب على الحبلين.
15 -و اعتقل معه أيضا الفلاحان حسن مادو, و خلف بادي, و كان الفرنسيون قد اعتقلوا أيضا أحمد اليوسف آغا.
16 - رمي شيخو الفرحة, العدد المذكور من الدراسات الاشتراكية, ص 107.
-17 نفسه.
-18ك. كوتشيرا, المرجع المذكور, ص 88. و يلاحظ بأنه لم تكن الحدود بين سورية و تركية قد وضعت بعد, و لم تكن القامشلي بعد قد أصبحت مدينة.
18مكرر - فرج نمر , الأكراد تحت الانتداب الفرنسي, الجزء الأول, مجلة صوت كوردستان, العدد 19 لعام 1995
19 - كان حاجو بدون شك يتعامل مع الفرنسيين بناء على طلب جمعية خويبون التي تأسست عام 1927, و التي قادت انتفاضة آكري من عام 1927 و حتى 1931.
[1]