=KTML_Bold=التداعيات السلبية لصورة الكرد في الروايات الشيعية=KTML_End=
ياسين طه
حينما اعتبر السياسي الشيعي المعمم جلال الدين الصغير خلال إحدى محاضراته في جامع براثا ببغداد العام الماضي (2013) أن الكرد “هم المارقة الذين سينتقم منهم الإمام مهدي حال ظهوره” ظن البعض أن هذا الحديث نتج عن الخلافات السياسية وتشابك المصالح بين إقليم كردستان العراق والحكومة المركزية العراقية التي تديرها الشيعة.
لكن هكذا تصريحات عن الكرد تتكرر ضد الكرد من قبل أكثر من برلماني وسياسي شيعي وحتى من بعض رجال الدين أمثال الشيخ تقي المدرسي في هذه الأيام وخاصة منذ سقوط الموصل بيد مجاميع “داعش” بشكل مفاجيء حيث يتهم وجوه الشيعة في العراق الكرد بمساندة التكفيريين وداعش وما إلى ذلك من اتهامات طائفية مما يجرنا إلى قضية جوهرية وإلى حقيقة مخفية تحت غطاء السياسة منذ سنوات ، وهي احتمال ارتباط هذه التصريحات النارية بالتصور السلبي الموجود عن الشعب الكردي وأصله القومي في المصادر الدينية الشيعية بالأساس و المستندة إلى أقوال أئمة أهل البيت “المعصومين عن الخطأ” لدى الطائفة الشيعية ومن جملة هذه المرويات:
يسند أبو زينب النعماني الذي عاش في القرن الرابع الهجري إلى الإمام علي قولاً عن أحداث ما بعد ظهور المهدي جاء فيه “… ذلك يوم صيلم الأكراد والشراة…” حيث يتنبأ فيه أن يستأصل المهدي من ولده في آخر الزمان طائفة الأكراد مع الخوارج الشراة بالعراق (النعماني: الغيبة، ص ص 149 _150).
يسند أمهات مصادر الشيعة إلى الإمام السادس لدى الشيعة، جعفر الصادق قولاً يقول فيه “.. ولا تنكحوا من الأكراد، فإنهن جنس من الجن كُشِف عنهم الغطاء” وكذلك قولاً يقول فيه “لا تخالط الأكراد فان الأكراد حي من الجن” وذلك في جواب أحد سائليه باسم أبي الربيع الشامي حينما سأله: إن عندنا قوماً من الأكراد، وإنهم لايزالون يجيئون بالبيع فنخالطهم ونبايعم. (ابن أبي جمهور الأحسائي: عوالي اللئالي العزيزية في الأحاديث الدينية، ج 3، ص 302؛ المجلسي: بحار الأنوار، ج60، ص 73؛ الملايري: جامع أحاديث الشيعة، ج18، ص 54).
جاء في بعض المصادر الشيعية أن الكرد فريق من الجن لما رُويَ أنه لما زال ملك النبي سليمان أتى بعض الجن إلى جواريه فجامعوهن، فحملن منهن فلما عاد إليه الملك وجدهن قد حملن فقال أكردوهن فسموا بذلك. (العاملي: مفتاح الكرامة، ج12، ص 35).
وقد إتهم المسعودي المؤرخ الذي كان ميالاً للتشيع بعض الأكراد بانتمائهم إلى الفكر الخارجي و البراءة من الإمام علي ولهذا القول صدى كبير في كثير من المصادر والمراجع التاريخية (مروج الذهب، ج2، ص 97).
فالشيعة كما عرّفهم الشهرستاني في قوله الجامع هم الذين شايعوا علياً على الخصوص، وقالوا بإمامته وخلافته نصّاً ووصية، واعتقدوا إن الإمامة لا تخرج من أولاده، ويجمعهم القول بثبوت عصمة الإنبياء والأئمة وجوباً عن الكبائر والصغائر (الملل والنحل، ج1، ص 144.) وبناءً على هذا فالإمامة عند الشيعة منصب إلهى كالنبوة إلا أن الإمام لايوحى إليه كالنبي وانما يتلقى الأحكام منه مع تسديد إلهى (محمد الحسين كاشف الغطاء: اصل الشيعة ص 134) لذا لابد من أخذ ما نُسب إليهم عن الكرد بجدية لأن هذه الإساءات الموجودة للكرد مسندة إلى الأئمة من أولاد علي وفاطمة و يأخذ الحكم القطعي عند الشيعة ومن غير المستبعد أن تكون السبب وراء حقد بعض السياسيين الشيعة تجاه الكرد رغم أن اعتناق عدد غير قليل من الكرد للمذهب الشيعي يقدر نسبتهم بحوالي خمس الكرد تقريباً (أحمد الخليل: تاريخ الكرد في العهود الإسلامية، ص 87).
ومعالجة هذه المسألة يستدعي الإستفسار ومصارحة المراجع الدينية الشيعية لتوضيح تلك الصورة النمطية السيئة عن الكرد مما يترك الأثر في نفوس كل شيعي غيور على مذهبه لكنه مع الأسف غاب هذا الموضوع المهم عن بعض اللقاءات التي جمعت الساسة ورجال الدين الكرد بالمراجع الدينية الكردية في النجف خلال السنوات الماضية بينهم المرجع الأعلى علي السيستاني الذي يدير دفة الدين والسياسة في الشارع الشيعي بعيداً عن الأنظار من منزله المتواضع والبسيط بمدينة النجف واقتصرت جميع اللقاءات على مجاملات سياسية ودينية سطحية دون محاولة حل هذا الإشكال الموجود في بطون أمهات المصادر الشيعية المعتمدة.[1]