مريم، فتاة كوردية إزيدية كانت تبلغ 8 أعوام عندما وقعت في يد #تنظيم داعش# ، وحينما بلغت 10 سنوات زوّجت لمسلح بتنظيم داعش في مدينة الرقة، لتنجب ابنها الأول بعد فترة وجيزة.
وتقول مريم، وهو اسم مستعار، في حوار خاص مع شبكة رووداو الإعلامية، أجراه ناصر علي، أن أسوأ اللحظات التي مرّت عليها خلال التسع سنوات الماضية، عندما تم تزويجها قسراً ولحظة ولادتها ابنتها في السيارة دون وجود أطباء.
وأبدت مريم، التي ظهرت بالنقاب، رغبتها في العودة إلى إقليم كوردستان وقضاء سنجار واللقاء بعائلتها بعد إنهاء أعمالها وتوفير الأمان لأطفالها في فلسطين، حيث تقيم في منزل مستقل أمّنته لها امرأة من أهل الخير، حسب قولها.
وأدناه نص الحوار كاملاً:
رووداو: مريم معنا من فلسطين، طابت أوقاتك مريم، في البداية نود أن نصغي لقصتك، هل تتذكرين التفاصيل، كم كان عمرك حينها؟ مع من وقعتوا بأيدي داعش؟ كم يبلغ عدد أفراد عائلتك الذين وقعوا بأيدي داعش؟
مريم: كنّا 9 أفراد، لكن أنا واثنين من أشقائي كنا مع أخوالي ووقعنا بأيدي التنظيم، تحرر بعدها أهلي منهم، لكن أنا وشقيقيّ أخذنا داعش، اصطحبونا إلى منزل بقينا فيه نحو سنة مع أخويّ، لكن بعدها ذهبا من المكان الذي كنت فيه، وفراقهما أثر عليّ كثيراً، كنت أرغب بالبقاء معهما، وبعدها أخذوني مع زوجات أخوالي.
رووداو: هل تستطيعين أن تروي لنا تفاصيل فصلك عن أخويك، أين كنتما حينها في سنجار أم تلعفر، كيف تفرقا عنك بعد سنة؟
مريم: كنا حينها في تلعفر، هم أخذوا أخويّ ولا أعلم ماذا فعلوا بهما.
رووداو: كم كان يبلغ عمر أخويك حينها؟
مريم: أحدهما كان أصغر مني بسنة، فقد كنت أنا 8 سنوات، والآخر كان يكبرني بسنتين، أي أحدهما بسنتين أكبر مني والآخر يصغرني بسنة.
رووداو: كيف تفرق عنك أخويك؟ وأنت مع الآخرين إلى أين أخذوكم؟
مريم: أخذونا إلى مكان يشبه المدرسة، أخذوا الفتيات والأولاد كلهم وكبار السن وبعدها فصلوهم عن بعضهم وبعدها أخذوا الإناث فقط، تواصلت فيما بعد بأمي وأبي، أخبراني أن شقيقاي لديهم، حاولت الفرار لكن لم أستطع لأني كنت صغيرة.
رووداو: إلى أين أخذوكم بعد سنة من تلعفر؟ كم كان يبلغ عددكم؟ أين أخذوكم؟
مريم: تقصد الفتيات..
رووداو: نعم.
مريم: أخذونا نحن الفتيات جميعاً إلى مكان أشبه بالمضافة، وكل واحد منهم كان يختار التي تعجبه ويأخذها.
رووداو: لو تحدثينا عن هذا المكان الذي أخذوا الفتيات إليه أين كان، هل في سوريا أم العراق؟، وكيف كانوا يأخذوا التي يرغبون بها، أين كان هذا المكان؟
مريم: من تلعفر أخذونا إلى مكان كالسجن لا أعرف اسمه ربما والله أعلم كان اسمه دافوش، ومنها أخذونا إلى الرقة، وهناك بعضهن ذهبوا إلى الموصل وقسم بقي في الرقة أي قاموا بفصلنا، وكل واحد منهم كان يأخذ واحدة من هذه الأماكن، بقيت ما يقارب من سنتين في السجن، وبعدها أخبرونا باعتبارك أصبحت بالغة من الضروري أن تتزوجي.
رووداو: كم كان عمرك عندما أخبروك أنك أصبحت بالغة؟ 10 سنوات؟
مريم: نعم، نحو 10 أعوام
رووداو: أخبروك أنك أصبحت بالغة؟
مريم: لم أرغب بإخبارهم ذلك لأنني كنت أعلم أنهم كانوا سيزوجونني في حال علمهم بذلك، لكنهم علموا بذلك لأن المعتنقين للإسلام يؤدون الصلاة إلا في حال أوقات الدورة الشهرية، ولهذا علموا بأمري.
رووداو: أي عندما لم تؤدِّ الصلوات خلال الدورة الشهرية، علموا أنك أصبحت بالغة؟
مريم: نعم، بالضبط.
رووداو: بعدها كيف أخبروك أنه لا بد أن تتزوجي، كيف حصل ذلك؟
مريم: عندما أخذوني قام رجل وزوجته من تركيا بتربيتي إلى أن بلغت، وبعدها أخبروني أنه عليّ أن أتزوج، لكنني رفضت وقلت لهم عندما أكبر قليلاً سأتزوج، لكنهم قالوا لا، لا يجوز ذلك وعليك أن تتزوجي، رغماً عنك.
رووداو: عندما أخبروك بضرورة الزواج، كم كان يبلغ عمرك، ولمن زوجوك؟ هل تتذكرين ذلك وكان برغبتك وأين حدث ذلك؟ من كان؟ وكم عمره ومن أي منطقة كان؟
مريم: كان يبلغ عمري حينها نحو 10 أعوام، أما الذي كان سيتزوجني كان شخصاً سميناً وشعره وذقنه طويلتان، كنت خائفة جداً، من شدة خوفي كنت أرى كوابيساً، عندما علموا أنني خائفة جداً قرروا بيعي في المضافة الخاصة بالبيع، آتى شخص جيد وقال سأربيها إلى أن تكبر سأزوجها، وعلى مدى عامين قام بتربيتي، لكن بعد ان كبرت أكثر قال أميرهم أنه يجب أن أتزوج حتى وإن كنت رافضة .
رووداو: كم كان عمرك عندما زوجوك، كما ذكرت عندما كنت 10 أعوام أي بمعنى بعد بقائك لمدة عامين لدى الشخص الذي قام بشرائك، هذا يعني أنك كنتي تبلغين من العمر 12 عاماً، كيف جرى ذلك وأين، هل أتوا لرؤيتك في البيت الذي تمكثين فيه والذي أصبحت فيه بالغة وزوجك بعدها؟
مريم: نعم كنت لدى الشخص الذي قام بتربيتي على مدى عامين، وبعدها آتى شخص وقال سأتزوجها لكنه كان صغيراً كان سورياً ورفضت والدته أن يتزوج بسبية، وبعدها آتى شخص فلسطيني وهو نفسه الذي أطفالي منه، وقال سأتزوجها وأهتم لأمرها، وبعدها بيوم أخذوني وفحصوا دمي ليعرفوا إذا كان ممكناً أن نتزوج وفقاً لفصيلة دمائنا، وبعدها اصطحبوني للقاضي الذي سأل عن عمري، وأخبروه 16 عاماً لأنهم إذا أخبروه أنني 12 عاماً لم يكن ليقبل القاضي، ولذلك أخبروه أن عمري 16 عاماً ليقبل بذلك، وبعدها تم عقد القِران، وأخذوني إلى السوق وقاموا حمداً لله بشراء الذهب وكل المستلزمات لي، وأعطوني مهري.
رووداو: لماذا قبلتِ، وأنت تبلغين من العمر 10 أعوام، ولم تقولي للقاضي أن عمرك الحقيقي 10 أعوام، هل أجبروك على أن لا تتحدثي حول عمرك الحقيقي، هل كنت راضية عن ذلك؟
مريم: كلا، لم أكن راضية بشيء، ليس فقط أنا بل كل الفتيات لم يكن راضيات.
رووداو: لماذا لم تخبري القاضي أن عمري 10 أعوام؟ لاسيما وهم قالوا 16 عاماً، لماذا قبلتي بهذا الفلسطيني، كم كان يبلغ عمره؟
مريم: كان يبلغ من العمر 24 عاماً، وأنا 10 أعوام، وهم نبهوني بأن لا أفصح عن عمري الحقيقي، كما أنني أنا أيضاً لم أكن أعلم بالضبط كم يبلغ عمري؟ وحذروني من قول الحقيقة حول عمري.
رووداو: لماذا لم تخبري القاضي أنا عمري 10 أعوام، هل كانوا سيؤذونك ويعاقبونك؟ هل كنت راضية عن هذا الزواج؟
مريم: كلا لم أكن راضية وقلت إنني ما زلت صغيرة، ولكنني لم أكن أفهم أي شيء.
رووداو: لم تكوني تفتهمين اللغة العربية حينها؟
مريم: نعم لم أكن أفهم اللغة العربية إلا قليلاً، ولم أكن أعلم ما هي مهمة القاضي ولا حتى ماهو الزواج وإلى أين سيأخذونني، لم أكن أعلم أي شيء عن الزواج.
رووداو: من أين اشترى لك الذهب والمستلزمات من سوريا، وهل أجرى عرساً لك هل تتذكرين ذلك اليوم؟
مريم: نعم أتذكر، أخذوني مع امرأة إلى السوق واشتروا لي ملابس وذهب، كل شيء لأن هذا يعتبر شرع لديهم، كل ذلك اشتريته من سوق الرقة.
رووداو: هل أقام عرساً لك، وماذا كنت تشعرين يومها، وعمرك 10 سنوات وتتزوجين من شخص عمره 25 عاماً، هل كنت تخشين في حال لم تتزوجي من هذا الشخص أن يزوجوك شخصاً كبير في السن؟
مريم: الأعراس والموسيقى حرام لديهم، أي أن الأعراس وماشابه ذلك حرام لديهم، كنت أرغب كثيراً بارتداء الفستان الأبيض، لكن حينها لم أكن أعرف شيئاً، لكن بقي ذلك في نفسي، وبعدها أخذني إلى منزل كان ينظر إلي وأنا أنظر إليه، كان هناك شيئاً غريباً، لم أكن أعلم ماذا سيحدث، وبعد أن حل المساء، كان يعلم هو ماذا سيجري على عكسي التي شعرت بوجود شيء غريب ولكن لم أعلم ما هو، وفي المساء أخبرني أن آتي للنوم، لا أستطيع وصف صعوبة ما مررت به.
رووداو: لم تتقبلبه كرجل على الإطلاق؟ أي لممارسة الجنس؟ هل تتذكرين ما شعرتي به حينها، هل كنت تشعرين كما تشعر الفتيات أم كنت مجرد طفلة ليس لديك أي مشاعر تجاهه؟
مريم: كنت صغيرة ولا أتحمل، بالمقابل كان قوامه كبير، كنت صغيرة جداً، لم أكن أتحمل، فأخبرني بأنه لن يؤذيني ولن أغتصبك، فأخبرته بأنني أشعر بالنعاس دعني أنام، فقال لي نامي قليلاً وبعدها استيقظي، فقلت له سأذهب لاستحم وأعود، فوافق، جلست في الحمام لمدة ساعتين من الخوف إلى أن ينام، وأغلقت الباب على نفسي، وبعد مضي ساعتين خرجت فوجدته نائماً، ذهبت إلى غرفة أخرى ونمت للصباح، وفي اليوم التالي بكيت وأخبرته أن يتركني لأن لا ذنب لي، مازلت صغيرة وسأتزوج عندما أكبر، قال إن ذلك بأمر من الأمير، لم يؤذيني وقال لي إذا أردت اخرجي لتنسي قليلاً، قلت خذني إلى فتيات كورد مثلي لأرتاح قليلاً، فأخذني إلى فتاتين لم أكن أعرفهما لكن كنت أذهب إليهما، كنت أشعر بالارتياح قليلاً، بعدها طلب مني العودة للبيت، قلت له أريد البقاء عندهن لارتاح، فقال لي بعد نحو شهر سنأتي إليهما مجدداً، أخذني للبيت في اليوم الثالث، قال لي: الأخوة قالوا لا بد في اليوم الثالث أن يضاجعها، وذهب بعدها لا أعرف إلى طبيب أو صيدلاني وأحضر لي مخدراً جزئياً لجسدي، وبعدها ضاجعني بكيت قليلاً لكن في النهاية تحملت، لأنني كنت أعلم إذا لم أدعه اليوم فغداً سيحدث ذلك رغماً عني؟
رووداو: عندما استيقظت، ماذا كان شعورك أن شخصاً ضاجعك، هل بكيت وشعرت بالخوف، وعمرك 10 سنوات وحل بك كل ذلك؟
مريم: نعم ما حدث في اليوم الثالث من زواجي كان موجعاً، وبعد يومين طلب مجدداً، فأخبرته بأنني أتوجع ولا أتحمل ذلك لكن لم يكن بيدي أي حيلة، وبعدها كان يرغب يومياً بمضاجعتني لكنني لم أستطع التحمل بسبب صغر سني مقارنة بعمره، لم أكن اتحمل ذلك.
رووداو: كم سنة بقيت لديه، ما هي الأوجاع والأذية التي لحقت بك خلال تلك الفترة، هل كنت في مدينة الرقة؟ وكم طفلاً أنجبت منه؟
مريم: نعم كنا في الرقة، بعد نحو سنة أنجبت طفلي الأول واسمه خطاب، بعد أن أنجبته بشهرين تزوج بعربية، وبعد زواجه الثاني كانت تحدث بيننا مشاكل على الدوام ويضربني، عشت أيام صعبة جداً خلال تلك السنة، وبعد زواجه بشهرين أيضاً حبلت بابنتي جنا، وقد ذقنا الحصار ولم يكن يصلنا الطعام وغيرها من الأشياء، كما تعلمون أننا عانينا الحصار إضافة للقصف..
رووداو: أين كنت، أكنت في الرقة حينها؟
مريم: لا، خرجت من الرقة، في المنطقة التي تسبق الباغوز، إنها منطقة السوسة، ومن هناك دخلنا إلى الباغوز..
رووداو: في ذاك المكان الخطر، الذي حدث به القصف، كم المدة التي بقيت فيها تحت القصف، وعدد السنوات التي قضيت معه هناك؟
مريم: بقيت لديه سنتان ونصف، إما سنتان ونصف أو ثلاث سنوات، كنا متزوجان، وكنت حينها أماً ومعي أطفالي، وقد قاموا بإخراجنا بعد إعلان هدنة، وأخرجونا من الباغوز إلى مخيم الهول.
رووداو: حين دخلت مخيم الهول، هل كان لا يزال معك؟ وكم سنة بقيتم هناك؟ وماذا جرى له بعدها، هل قتل، ما مصيره بعد ذلك؟
مريم: نعم، لقد قاموا بإخراج النساء والمصابين من الباغوز، لكنه لم يخرج معي، وأخبرني أن أخرج وأحصل على الأمان ثم سيخرج هو، بعدها دخلت إلى مخيم الهول وبقيت فيه حوالي شهرين وأخرجوني، خرجت ولم يكن هناك تواصل فيما بيننا مطلقاً، بعد ذلك بأسبوع منذ خروجي من مخيم الهول الذي بقيت فيه حوالي شهرين، كنت متضايقة جداً لأنني خرجت من مخيم الهول ولدي أطفال، ولم أملك المصروف الكافي لهم، بعد ذلك خرجت إلى سوريا، إلى إدلب، ومن هناك انقطع التواصل فيما بيننا، عقب ذلك نشروا له مقطع فيديو بأنه قتل.
رووداو: نعم، كيف ذهبت من إدلب إلى فلسطين، والإزيديون المتبقون في مخيم الهول الذين كانوا معكم هناك، هل كانوا يعرفونك، ومتى في أي سنة ذهبت من إدلب إلى فلسطين؟
مريم: في العام 2019، خرجنا من مخيم الهول وذهبنا إلى إدلب، وحتى خلال الطريق كنت أتألم جداً، وكان أطفالي في السيارة، لم يكن هناك مستشفى وتحيطنا البرية، رغم أنني كنت أتألم إثر التعب والمشي لكنهم أطفالي في السيارة، وهنا، قد حملت أطفالي ومضينا في طريق تهريب ووصولنا إلى إدلب، وبقيت هناك قرابة الثلاثة أشهر، لم أكن اعرف أحداً هناك ولم أخالط أحداً، ثم خرجت من إدلب إلى تركيا واستغرقنا 30 ساعة من المشي، وأطفالي معي، كان أمراً صعباً.
رووداو: كيف ذهبت من إدلب لتركيا ومشيت 30 ساعة، وكيف ذهبت من هناك إلى فلسطين، هل كان طريقاً غير شرعي أم عبر جوازات سفر أم عن طريق الجنسية؟
مريم: لا، كان عن طريق التهريب، لم نملك جوازات سفر أو شيء من هذا القبيل، لكننا حينما ذهبنا إلى تركيا كنا مقيمين، لو علموا أننا نحمل باسبورت، لكنا قد سنسلمها، لكن أصدقائي، قاموا بالحصول على جوازات سفر، ولا أعلم كيف تمكنوا من ذلك، إلا أنهم استخرجوها وجاؤوا إلينا، وبقينا في تركيا لحوالي 8 أشهر، ولم نحصل على أوراق خلال هذه الفترة، لا أعرف، لكنهم أخذونا في وقت العصر ومضوا بنا إلى فلسطين.
رووداو: كيف كان تعاملهم معكم، والدا زوجك الداعشي الذي قتل في سوريا، كيف كان تعاملهما معك، هل كنت معهم خلال تلك الفترة أم ذهبت إلى مكان آخر وانقطعت عنهم؟
مريم: كانا جيدين، لم يقصّرا لكن شبابهم اعتدوا عليّ بعض الشيء، وإثر ذلك خرجت من المنزل، والحمد لله، التقيت بأهل الخير وأجّروا لي منزلاً ويقدمون لي المصروف.
رووداو: كم صار لك منذ تركتِهم، وأين تقيمين الآن في فلسطين، وكيف تعيشين؟
مريم: أنا في نابلس، لكنهم في منطقة أخرى، بيننا حوالي نصف ساعة، خرجت من لديهم وأقيم في منزل مستقل مع ابنتي، والحمد لله أهل الخير لا يقصّرون معنا.
رووداو: من يقدم إليك المساعدة، وكيف تعيشين ومن يدبر لك الحليب والطعام وهل تعملين مثلاً، أم ماذا؟
مريم: لا، أنا لا أعمل، أولادي قد كبروا، وليسوا بحاجة إلى الحليب والحفاضات، إنهم يتناولون الطعام، والحمد لله، هذه المرأة تؤمن لي كل شيء، الطعام وكل شيء، حتى مصروفي.
رووداو: من تكون؟، من يقدم لك هذه الأطعمة؟
مريم: إنها امرأة من أهل الخير.
رووداو: متى كان آخر تواصل بينك وبين ذويك في كوردستان وسنجار، هل تواصلت مع عائلتك، مع أحد منهم؟
مريم: أتواصل مع أمي وزوجة أخي وقليلاً مع أبي، لكنني لا أتواصل مع إخوتي.
رووداو: ما سبب ذلك، مثلاً هل يخبرك والداك لمن اشتقت هنا أكثر، مَن تفتقدين هنا؟
مريم: أمي.
رووداو: أمك.. عندما تتواصلين معها، ألا تنقهرين وترغبين في رؤيتها؟
مريم: بلى، أنقهر بشدة، حينما أرى فتاة رفقة أمها، وتنادي أمها، بينما أنا ليس لدي أم لأناديها، أتأثر بذلك كثيراً.
رووداو: لماذا لا تعودين، ألا يساعدك أحد، ألا يخبرك أحد بالقدوم، ما سبب عدم عودتك؟
مريم: أرغب في العودة، لكن ليس الآن، لدي بعض الأعمال إلى أن أنتهي منها سوف أعود إن شاء الله، ولدي أطفال إلى أن أضعهم في أمان، سوف أعود.
رووداو: بمعنى أنك تودين العودة، إذا كان هنا أشخاص يرغبون في رؤيتك وتقديم المساعدة إليك، هل ستعودين؟
مريم: نعم، لكن ليس الآن، حتى أتمكن من توفير الأمان لأطفالي، وأتأكد أنهم بأمان سوف أعود.
رووداو: إلى من تشتاقين من عائلتك، هل تشاهدين صورهم وفيديوهاتهم، لم تقيدت بهذا النقاب هكذا؟
مريم: هنا، بعد أن وجهوني إلى دين الإسلام، أخبروني بلزوم لبس العباءة التي تغطي كل شيء، وهذا أيضاً يسمى درع وكذلك النقاب، يخبروننا أن علينا أن نتغطى اقتداء بزوجة الرسول، ويقول إننا إذا كنا في دين الإسلام يجب أن تكون هذه ثيابنا.
رووداو: ألا يقول لك أمك وأبوك ارجعي، ماذا تقولين لهما، وهل ترغبين في العودة وإذا كان هنالك من يدعمك، متى ستعودين؟
مريم: هم يقولان لي ذلك كثيراً، لكن لدي بعض الأعمال إلى أن أنهيها سوف أعود إن شاء الله.
رووداو: أي أنك ترغبين العودة، ورؤية أمك وأبيك وذويك؟
مريم: نعم بالتأكيد.
رووداو: أرى صورك الآن، وأنت تلبسين رداء الأطباء، لماذا تلبسينه وما هي آمالك بعد مرارة تلك الأوجاع، ما هي أحلامك؟
مريم: منذ وصولي إلى فلسطين، سجلت نفسي في مدرسة من أجل التعلم، ومنذ أن كنت صبية وإلى الآن أحلم أن أكون طبيبة، لأنني مررت بالكثير من الآلام، يعني كي أدواي المصابين والمتعبين وأقدم لهم العلاج، وأخدم الجرحى.
رووداو: هل بقيت مسلمة الآن، وتؤدين الصلاة، لقد غيروا دينك وقد جعلوك كذلك، ألا تدركين كمّ الضرر الذي سببوه لك، آذوك الكثير من الأشخاص، ربما باسم الإسلام، في مراحل متفرقة، حيث زوّجوك وأنت ابنة 10 سنين، وألحقوا بك الكثير، علماً أنه لا يوجد في دين الإسلام أن تزوّج البنات بعمر 10 سنوات!، فهل تؤدين الصلاة الآن كمسلمة؟
مريم: دين الإسلام يرفض اعتداء الأشخاص عليّ، وحتى أن دين الإسلام لا يجبر الآخرين على اعتناقه بالغصب، هذا شيء غير مقبول أبداً، لكن داعش قالوا إن لم تعتنق الإسلام، اضربوها.
رووداو: لماذا لا ترفعين نقابك الآن لتتكلمي معنا، هل هو ذنب، لأنك أخبرتني أن الحديث مع الرجال حرام، لماذا لا ترفعين نقابك وأنت تتحدثين معنا؟
مريم: لا يمكنني ذلك.
رووداو: أهو حرام؟، أم لا يجوز، أم ماذا؟
مريم: يعني لماذا لا أرفع نقابي؟
رووداو: نعم، لماذا لا ترفعين نقابك الآن وتتحدثين كي نراك نحن والمشاهدين؟
مريم: لا، لا أستطيع، الأمر ليس بيدي ولا يمكنني ذلك.
رووداو: أمن أجل الخطيئة، هل ذلك حرام، أم لماذا؟
مريم: نعم، رأيت الكثير من الجوانب الإيجابية لذلك، ليس لأنه متعلق بدين الإسلام، لقد كان يوجد لدينا مثلها ويوجد لديهم كذلك، ولا يعني ذلك أنني أرتديه بسبب دين الإسلام، بل لأحفظ نفسي من الناس.
رووداو: أرى أن أظافرك مطلاة، هل دين الإسلام يسمح بطلاء الأظافر وأن تكون الأظافر طويلة، هل ذلك جائز؟
مريم: لا، ليس مقبولاً، حتى أنها غير مقبولة في صلاتهم.
رووداو: إذاً، لماذا أظافرك طويلة، هل يمكن أن نشاهدها، إذاً لماذا تلتزمين بذلك، هل ارتديت النقاب لتحفظي نفسك فقط، أهذا هدفك؟
مريم: لا، لكنني أحب شكل الأظافر هكذا، لأجل ذلك، وأنا أقلمهم أيضاً لكنني أحب طلاءها.
رووداو: إذا كان هنالك طريق، متى ستعودين، سنة، أنت قلت حتى أؤمن على أطفالي، سنتان أو شهر، ألا تعلمين أن والداك في انتظار عودتك وعائلتك ترغب في رجوعك، ألا تبكي أمك كلما حدّثتها؟
مريم: إنهم متأثرون كثيراً، لكنني قلت إنني سأعود حال توفير الأمان لأطفالي كي لا أحمل ذنبهم، ولا أعرف إن كان ذلك سيتحقق اليوم أو غداً أو بعد شهر أو سنة، متى ما أمّنت عليهم سأعود إن شاء الله.
رووداو: الآن مكتب رئيس إقليم كوردستان السيد نيجيرفان بارزاني، قد حرووا نحو 4 آلاف مختطف ودعموهم، إذا قاموا بدعمك أيضاً هل أنت مستعدة للعودة يوماً وتحتاجين شيئاً لتحرري نفسك؟
مريم: قلت سابقاً، متى ما وفرت الأمان لأطفالي وكيف أنني تواصلت معكم الآن، سأتواصل مجدداً من أجل أن تساعدوني، لأنني لا يمكنني العودة وحدي.
رووداو: هل تعرفين شيئاً عن الإزيديين مثلك في تركيا، بكم التقيتِ منهم، في فلسطين ودول أخرى وسوريا، أشخاص كحالك، ولديك معلومات عنهم، ولا يزالون مختطفين؟
مريم: والله رأيتهم في مخيم الهول لكنني لم أتعرف عليهم.
رووداو: أكانوا كثر، أعدادهم كثيرة؟
مريم: لا، لقد كانوا 2-3 أفراد، لكنني أعلم أنهم كورد، بعد ذلك خرجت من ذلك القسم، ولم أعد أعرف شيئاً عنهم.
رووداو: كنت في أي منطقة بتركيا على مدى 8 أشهر قضيتيها هناك، ألم تلتق بأي إزيدي هناك، وفي فلسطين أيضاً، هل يتواجدون في دول أخرى؟
مريم: كلا لا في تركيا ولا غيرها لم يكن لدي أي اختلاط مع أحد حتى العرب، لا أرغب بذلك حتى هنا في فلسطين لا يتواجد أي ازيدي، لا أعلم كيف وصلت هنا بالأساس.
رووداو: مع من تتواصلين في الوقت الحالي؟ وما هي طبيعة عملك؟ وكيف تقضين يومك؟ هل تعيشين في منزل بالآجار؟ من يتولى مسألة تأمين نفقاتك؟ أخبرتنا أن امرأة خيّرة هل هي تمنحك ما يكفيك من المال؟ مثل المقابل المادي لآجار المنزل؟
مريم: نعم هي من تدفع آجار المنزل، كما أن نفقاتي وطعامي هي التي تمنحني إياهم، تخبرني أن أجلب ما أحتاج من مستلزمات، لذلك أذهب إلى السوق وأتبضع ما أحتاج من المال الذي تمنحني إياه، أقوم بزيارة الجيران هنا إلا أنهم عرب وليسوا كورد.
رووداو: لم تلتق بكوردي إزيدي متواجد في فلسطين؟
مريم: كلا، لا يوجد هنا أي كوردي على الإطلاق.
رووداو: هل أعداد الذين ذهبوا وأعمارهم صغيرة 10 أو 12 أو 15 كثيرة، وتغير دينهم ومصيرهم مجهول، كم تتوقعين عددهم 100 -50 ؟
مريم: لم أفهم ما تقصده.
رووداو: أي اللواتي مثل وضعك ولم يعودوا بعد في سوريا وتركيا وفلسطين، حسب توقعاتك كم عددهن، أي الذين تغير دينهم وهم يبلغون من العمر 10 – 17 أعوام، أعدادهم كثيرة بشكل عام كم تتوقعين؟
مريم: تقريباً 150.
رووداو: 150 إلى الآن لم يعودوا حسب تخمينك؟
مريم: نعم تقريباً، لأنه كان يجري الحديث عن عدد ليس بقليل.
رووداو: هل تتابعين أهل كوردستان وسنجار، هل لديك تلفاز أو وسائط التواصل الاجتماعي؟ من ترغبين بمشاهدته؟ فقط والدتك، ماذا عن الآخرين؟
مريم: أرغب برؤية جميع الأهل وأخواتي ووالدي، لكني اشتقت لأمي أكثر.
رووداو: خلال هذه السنوات ما الذي تعرضت له من آلالام من 10 سنوات إلى الآن حيث لم تبلغي بعد 18 عاماً، ما الموقف الذي جعلك تبكين ولا تنسيه مطلقاً؟
مريم: تعرضت للكثير من الأذية، ولكثرتها يخبرونني أن عمرك ليس 17 عاماً بل نحو 25 أو 26 عاماً، لأن كثرة الآلام التي تعرضت لها مكنتني من قدرة كبيرة على فهم ما حولي، المصاعب التي رأيتها جعلت عمري أكبر أي نحو 25 – 26 عاماً.
رووداو: قلت أود أن أعود للدراسة، هل تحاولين ذلك مرة أخرى؟
مريم: كيف!
رووداو: أي أن تذهبي مجدداً إلى المدرسة وأن تنهي دراستك؟
مريم: أنا أدرس في الوقت الحالي وأذهب للمدرسة وبعد نحو شهر لدينا امتحانات، نعم أدرس.
رووداو: هل لديك جواز سفر وفيزا أو جنسية هل منحتكم فلسطين أياً منها؟
مريم: كلا، إلى الآن لكنني قدمت بطلب للحصول عليها لأتمكن من السفر إلى أي مكان أريد.
رووداو: أهلك وأقاربك بانتظار عودتك وترينهم هنا مرة أخرى هل لديك ما تقولينه لهم، ماهي رسالتك لهم، وهل سنراك بدون نقاب؟
مريم: نعم بالتأكيد، من الممكن أن أنزع النقاب، مع ارتداء شال أو أي شيئ يكون محتشماً.
رووداو: إذا تهيأ لك الطريق العودة كمسلمة أي حصلت على الموافقة هلى أنت مستعدة للعودة كمسلمة؟
مريم: الأمر غير متعلق إذا كنت مسلمة أم لا، لكن بمجرد أن أنهي أعمالي هنا سأعود سواء أكنت مسلمة أو غير مسلمة، فليس لدي أحد هنا لأبقى لديه.
رووداو: إذاً ترغبين بالعودة لكن إذا حان وقت ذلك، هذا ما تقصدينه؟
مريم: نعم بالضبط، أرغب بذلك كثيراً لكن يجب أن أنهي أعمالي هنا سأتواصل معهم، أريد كثيراً أن يساعدني أهالي كوردستان لأعود، ويحققوا حلمي، نعم أرغب كثيراً.
رووداو: تعلمت الكثير عن تعاليم الإسلام بالتأكيد، لكن هل تعرفين أي شيء عن الدين الإزيدي لأنك كنت صغيرة عندما أخذوك؟
مريم: أتذكر قليلاً، لكني لم أتلق الكثير من تعاليم ديني.
رووداو: عندما يهاتفاك أباك وأمك، لماذا لا تتحدثين مع إخوتك، كما ذكرت فقط والدتك وزوجات أخوتك، لماذا؟
مريم: نعم أتحدث معهم يقولون بسبب الدين؟
رووداو: ولماذا لا تتحدثين مع إخوتك الآخرين؟
مريم: هم لا يرغبون التحدث معي.
رووداو: هل تتحدثين معهم بهذا الزي بالنقاب مع أهلك أخواتك ووالدتك؟
مريم: كلا هم أخوتي، ليس حراماً أن يروني.
رووداو: لكن حرام أن يروك الناس الآخرين بدون نقاب؟
مريم: نعم الناس الغرباء لا يروني، يجب أن أكون متحفظة هنا، ومحافظة فلست من منطقتهم.
رووداو: خلال 9 سنوات ماهو أسوأ شيء تعرضت له، أي الموقف الذي لم تتمكني من نسيانه هل تستطيعين ذكره لنا؟
مريم: الزواج الغصب، وعندما أنجبت طفلتي لا أنسى أبداً هذان الموقفان.
رووداو: ماذا تقصدين عندما أنجبت طفلتك للدنيا؟
مريم: لم يكن هناك أي طبيب، وكنت أحتاج للمساعدة فقط، كانت معي امرأة و4 رجال لذا كان صعب علي جداً، لم يكن هناك مستشفى.
رووداو: عند الولادة لم يتواجد أي طبيب، فقط امرأة و4 رجال عندما أنجبت طفلتك؟
مريم: أخذونا إلى مكان أشبه بالمسجد كان يوجد فيها كورد شيعة، لكن عندما رأونا سنة لم يقبلوا أن أولد هناك قالوا فقط ستلد ونخرج لم يسمحوا لنا، الألم كان لا يحتمل إلى أن ولدت الحمد لله في السيارة.
رووداو: هل لديك شيء لتقولينه ولم نسألك إياه، في الختام ما الذي تودين قوله؟
مريم: أريد عندما أعود أن يساعدني الجميع، لأحقق حلمي .
رووداو: وصلنا إلى ختام اللقاء شكراً جزيلاً لك، ونأمل أن تعودي يوماً ما إلى أهلك وأن نجري معك لقاء في الاستوديو هنا.
مريم: إن شاء الله.
رووداو: شكراً جزيلاً لك لن نذكر اسمك بناء على طلبك أردت أن نسميك مريم هذا ما أردتهِ.
مريم: نعم، مريم.
رووداو: شكراً جزيلاً، كانت معنا إحدى الفتيات الإزيديات والتي تتواجد الآن في فلسطين. [1]