من وثائق الصراع على الجزيرة عام 1937 (22) خالد عيسى
كنتيجة لمحاولة الكتلة الوطنية في تحويل الصراع على الجزيرة إلى صراع طائفي، انتعشت الروح الطائفية في سورية، و ازدادت ريبة المسلمين السنة نحو المسيحيين السوريين، و ازدادت خشية المسيحيين من الاضطهاد، و وقعت حوادث طائفية حتى خارج مناطق الجزيرة العليا. و بذلك استطاعت الكتلة الوطنية جر الصراع على الجزيرة إلى أرضية دينية، لحشد أكبر قدر من التأييد العروبي السني لمنع حصول الجزية على إدارة لامركزية.
سنستمر في نشر بعض الوثائق المتعلقة بالأحداث الدامية التي وقعت في الجزيرة في شهر آب عام 1937، نترجم في هذه الحلقة وثيقة فرنسية، مرسلة في 19-08-1937، من قبل مدير الأمن العام، المفتش العام للشرطة، إلى وزارة الخارجية الفرنسية في باريس.
****
الأمن العام
بيروت في 19-08-1937
معلومة رقم 4272
الأمن العام في دير الزور: 18-08-37.-
آ/س- مسيحيو دير الزور:
منذ بداية أحداث الجزيرة، يتعرض مسيحيو دير الزور للمضايقات المتكررة من قبل بعض المسلمين الذين يمكن تسميتهم ب ” باناباكس” و بتعبير آخر ” زعران ” و هؤلاء هم كُثر في دير الزور.
هؤلاء الأفراد البائسون لا يترددون بشتم و تهديد، بل ضرب المسيحيين أو المسيحيات عندما تكون الفرصة سانحة.
وهكذا كان قد تم تهديد تاجرين مسيحيين بالموت من قبل بعض المتهيجين الذين كانوا يؤاخذونهما بعقد اجتماعات في حانوتهما.
كان قد تم ضرب مسيحيّ آخر من قبل أفراد لمؤاخذتهم له بجمع تبرع لصاح مسيحيي الحسجه.
و في هاتين الحالتين كانت الأفعال (المسندة إلى المسيحيين – المترجم) اختلاقاً صرفاً و تذرعاً من قبل هؤلاء ال”باناباكس” للإضرار بالمسيحيين.
ولم ينج الخوري السرياني الاورثودوكسي من هذه المضايقات، فقد تلقى حجارة، في الأسبوع الماضي، و ذلك من قبل العديد من الصبيان.
في هذه الأيام الأخيرة، تم شتم و ركل امرأة في سوق الخضرة بدون سبب الخ…
هذه الحوادث الخفيفة ليست مجهولة من قبل بعض الوجهاء المسلمين، و حتى من قبل الشرطة التي تبقى غير فعّالة.
من هؤلاء الوجهاء، المدعو حاج محمد العياش، نائب الدير ، و صالح هنيدي، اللذان قررا أن يفوضا من قبلهما و من قبل السكان، المختار المدعو عبد الحميد، وهو ملاّك غني و تاجر من الدير، لدى القس يعقوب، مطران سرياني كاثوليكي، وتقرر عقد اجتماع في السادس عشر من شهر آب، حضره الخوري يعقوب و البعض من ممثلي كل طائفة مسيحية، و المختار عبد الحميد.
تحدث الخوري يعقوب في هذه المناسبة و قال” إن بعض المضايقات التي تعرض لها بعض مسيحيي الدير هي من فعل بعض الزعران. لا داعي إلى الاستنفار و التجنن باعتبار أن المسيحيين كالمسلمين سوريون و عليهم العيش معاً كإخوة، أي، بانسجام جيد من أجل مصلحة البلد”, تم تأييد هذه الأقوال من قبل جميع الحاضرين.
في الثامن عشر من شهر آب عام 1937، جاء هذا الخوري بالذات ليصرح للأمن العام في الدير بأنه في ليلة السابع عشر و الثامن عشر من شهر آب، دخل شخص خلسة، بالتسلق، إلى باحة الكنيسة، حسب ما يبدو من أثار قدم حاف على الأرض، فضلاً عن “عقال” وسخ بعض الشيء تواجد على أرض نفس الباحة.
يبدو لي بأن السرقة لم تكن الباعث لهذه ” الزيارة ” الليلية، لأنه لم يتم المساس بأي من الأشياء.
تم إعلام الشرطة.
خاتم و توقيع
مدير الأمن العام
المفتش العام لشرطة دول المشرق الخاضعة للانتداب الفرنسي
****
يتبع
[1]