=KTML_Bold=من وثائق الصراع على الجزيرة عام 1937-25- خالد عيسى=KTML_End=
خالد عيسى
لم تلجأ الحكومة التركية إلى الادعاء نفاقاً برغبتها في حل القضية الكردية إلا عندما فشلت القوات المسلحة التركية في تصفية الشعب الكردي، فلجأت إلى استغلال المشاعر الدينية، و ممارسة النفاق السياسي، بغية إضعاف الحركة الوطنية الكردية. و كلما تقدمت هذه الحركة في نضالها من أجل الحقوق المشروعة، لجأت سلطات الدول التي تتقاسم كردستان إلى ممارسة الخدع لدعم قواتها المسلحة في قمع الإرادة الكردية.
وفي عام 1937، عندما اشتدت المعارضة الشعبية في الجزيرة العليا ضد السياسات العنصرية و الطائفية للكتلة الوطنية، لجأت هذه الكتلة إلى استغلال الدين الإسلام و إلى تغيير بعض الموظفين لاستبدالهم بآخرين أشد ولاءً و أكثر خبرة في إدارة الأزمات، مدعية في نفس الوقت بأنها لبت مطالب الجزراويين المطالبين بالحكم الذاتي لمنطقتهم أسوة ببقية المناطق الخاضعة للانتداب. و نلاحظ بأن الحكومة نقلت قائم مقاماً من القامشلية و عينته في جرابلس الكردية!!، و عينت بدلاً عنه أحد كتابها المجربين في الولاء، و كأن الجزيرة كانت تفتقر إلى الكوادر المناسبة لهذا المنصب، و يعرف المتخصصون بأن الكوادر المتواجدة في ذلك الوقت في الجزيرة كانوا قادرين على إدارة دولة أكبر من سورية، فقبل تأسيس القامشلية، و قبل دخول هذه المنطقة ضمن الحدود السورية، كان الوجيه الكردي السيد قدور بك، على سبيل المثال، قائم مقام بلدة نصيبين!!!. و أقصته تماماً حكومات الكتلة الوطنية عن الإدارة!!!.
باسم الأخوة الإسلامية استطاعت الكتلة الوطنية كسب أو تحييد قسم من زعماء العشائر الكردية، و باسم العروبة و الإسلام استطاعت كسب تأييد القسم الأكبر و الأقوى من العشائر البدوية. وفي الحقيقة لم تكن هذه الكتلة تهدف إلا إلى تمتين سلطتها المركزية على جميع سكان الجزيرة، بكل انتماءاتهم، فنرى بأن وزير الداخلية السيد سعد الله الجابري ، الذي كان يشغل وزارة الخارجية في نفس الوقت،لم يتنازل حتى لاستقبال زعماء الجزيرة من المؤيدين لسياسة حزبه وحكومته.
سنستمر في نشر بعض الوثائق المتعلقة بالأحداث الدامية التي وقعت في الجزيرة في شهر آب عام 1937، نترجم في هذه الحلقة وثيقتين فرنسيتين، إحداهما مرسلة في 27 و الثانية في 28-08-1937، من قبل مدير الأمن العام، المفتش العام للشرطة، إلى وزارة الخارجية الفرنسية في باريس.
****
(الوثيقة الأولى)
الأمن العام
بيروت في 27-08-1937
معلومة رقم 4424
أمن دير الزور : 24-08-37.-
آ/س- عودة وفد الجزيرة (1):
زعماء العشائر العربية و الكردية في الجزيرة الذين كانوا قد طلبوا برقياً رؤية وزير الداخلية بخصوص شؤون الجزيرة، عاد قسم منهم متذمرين و غير راضين من الطريقة التي تصرف بها هذا الوزير، الذي كان قد أناب عنه محافظ الفرات لاستقبال تظلمات هذا الوفد.
عبّر العديد منهم عن النية بالالتحاق بمعسكر الانفصاليين (2)، ولكن باستثناء الشيخ دهام الهادي و مشعل الجربا.
الديريون متذمرون من موقف الشيخ دهام و يعاتبونه لعدم قيامه بتصرف أكثر فعّالية ضد الانفصاليين أثناء الأحداث
توقيع
مدير الأمن العام
المفتش العام لشرطة دول المشرق الخاضعة للانتداب الفرنسي
****
(الوثيقة الثانية)
الأمن العام
بيروت في 28-08-1937
معلومة رقم 4442
أمن حلب : 26-08-37.-
آ/س- عن الجزيرة:
أعلنت صحف حلب، في الخامس و العشرين من الشهر الجاري، تعيين كاتبجي (قلم المحافظة – المترجم) محافظة حلب منير بك مدّور كقائم مقام للقامشلية، خلفاً لمظفر رفاعي الذي سُمّيَ قائم مقاماً لجرابلس (3).
لم يؤد هذا الخبر إلا إلى تذمر المهاجرين من الجزيرة الذين عقدوا اجتماعاً في خان توتن، في الخامس و العشرين من الشهر الجاري، و قرروا إرسال استنكارات ضد هذا التعيين الذي لا يستجيب لطموحات انفصاليي الجزيرة.
توقيع
مدير الأمن العام
المفتش العام لشرطة دول المشرق الخاضعة للانتداب الفرنسي
****
– ملاحظات المترجم:
(1) – كان قد ذهب إلى دمشق وفد مشكل من الوجهاء الموالين للكتلة الوطنية في الجزيرة لمقابلة السيد سعد الله الجابري ، الذي كان يشغل منصب وزير الداخلية و وزير الخارجية في حكومة السيد جميل مردم بك، لشرح أوضاع الجزيرة و لتأكيد ولائهم لحكومة الكتلة الوطنية و سياستها.
(2) – كان يتم إطلاق كلمة الانفصاليين على القوى العلوية و الدرزية و الكردية التي كانت تريد إدارة المناطق الخاضعة للانتداب بأسلوب لامركزي، تتمتع فيه كل منطقة بحكم ذاتي محلي يتناسب مع ظروفها الخاصة.
(3) – بلدة كردية تقع على النقطة التي يدخل فيها نهر الفرات إلى سورية، و كانت في تلك الفترة تحت سيطرة عشيرة البرازي الكردية بزعامة مصطفى بك شاهين و أخيه بوزان بك.
****
يتبع[1]