سبقت شبكة رووداو الإعلامية غيرها من وسائل الإعلام لتجري وللمرة الأولى حواراً مفتوحاً مع عدد من الشخصيات والناشطين #الكورد الفيليين# في السويد، ليتحدثوا عن أوضاعهم.
مقدم برنامح (دياسبورا) على قناة رووداو، هيمن عبدالله، استضاف في بيت الكورد الفيليين بستوكهولم، كلاً من رجل الأعمال فؤاد جراخواني، والسيدة ليلى سلمان، والصناعي محسن سلمان، والشخصية المعروفة صالح جادري وهو من أقدم الكورد الفيليين في السويد، والناشط المدني إبراهيم جازكير، والشخصية السياسية عيسى فيلي.
تشير الإحصائيات إلى تغييب أكثر من 22 ألف كوردي فيلي في ثمانينيات القرن الماضي، إلى جانب دفن 5000 مهني وتاجر فيلي آخرين وهم أحياء، وترحيل 600 ألف كوردي فيلي من العراق إلى إيران، إضافة إلى وفاة العديد منهم في تلك الرحلة الشاقة.
الإحصائيات غير الرسمية تشير إلى أن عدد الكورد الفيليين في بغداد وخانقين يبلغ نحو 500 ألف نسمة لكن عددهم يتناقص ويتعرضون باستمرار لالتهديد بالقتل.
على أثر حملة الإبادة الجماعية التي استهدفت الكورد الفيليين في ثمانينيات القرن الماضي، اتجه عدد كبير منهم إلى أوروبا واستقر عدد منهم في السويد أنشأوا لهم بيتاً أطلقوا عليه اسم بيت الكورد الفيليين في ستوكهولم، ويتراوح تعدادهم بين خمسة وثمانية آلاف أغلبهم من حملة الشهادات العليا.
زار برنامج (دياسبورا) هذا الأسبوع بيت الكورد الفيليين في ستوكهولم وأجرى حواراً فيه مع عدد من الشخصيات والناشطين الكورد الفيليين الذين تحدثوا عن معاناتهم في عهد حكومة البعث وتعرضهم للتهجير والترحيل والإبادة العرقية، وعن حياتهم ودورهم في السويد بعد وصولهم إليها.
أدناه نص الحوار الذي أداره هيمن عبدالله:
رووداو: طابت أوقاتكم مشاهدي ومستمعي رووداو، برنامج دياسبورا هذه المرة من العاصمة السويدية، ستوكهولم، وهذه الحلقة خاصة بالكورد الفيليين والجالية الكوردية الفيلية في ستوكهولم.
كما هو معلوم كان للكورد الفيليين في تاريخ كوردستان، وخاصة في تاريخ ثورات كوردستان بجنوب كوردستان خلال المائة عام الأخيرة دور كبير في تأسيس أكبر الأحزاب التي لا يزال لها دور كبير في كوردستان. هناك جالية كبيرة لهم فقد تم تهجيرهم من العراق وكوردستان قسراً في السبعينيات والثمانينيات وقبل ذلك، وبعد الانتفاضة ظهرت جالية فيلية كبيرة في أوروبا، وهذه هي المرة الأولى التي يتحدث فيها الكورد الفيليون عبر شاشة قناة كوردية عن مشاكلهم وحياتهم في برنامج دياسبورا من السويد.
نستضيف كلا من السادة رجل الأعمال فؤاد جراخواني، والسيدة ليلى سلمان التي هي زوجة شهيد، والصناعي محسن سلمان، وأحد أقدم الكورد الفيليين في السويد الشخصية المعروفة صالح جادري، والناشط المدني إبراهيم بازكير، والشخصية السياسية عيسى فيلي. أهلاً بكم جميعاً ويسعدني أن نجري حواراً صريحاً نتحدث فيه عن المجتمع الكوردي الفيلي في السويد، وبلا شك لا بد أن نتحدث عن كوردستان وعن بغداد لعلمنا بتأثير الكورد الفيليين ودورهم في بغداد خلال 50 إلى 70 سنة خلين، وكيف جرت المحاولات لتغييرهم. سأبدأ من السيد صالح جادري نظراً لسنه وخبرته، فهو شخصية فيلية معروفة. كاك صالح أنت أقدم كوردي فيلي في السويد، هل هذا صحيح؟
صالح جادري: سبقني إلى السويد كوردي فيلي واحد في العام 1956 وسكن في جنوب السويد، أما أنا فقد جئت إلى هنا سنة 1971.
رووداو: بعد ذلك، متى توسع المجتمع الكوردي الفيلي هنا، وبدأ فيليون آخرون يفدون إلى هنا، وكم سنة كنتما أنتما وحيدين هنا؟
صالح جادري: ازداد عددنا بالتدريج فأصبحنا سبعة ثم ثمانية، كاك حميد نوروز وكاك عيسى وآخرون، فأصبحنا 30 تقريباً، والآن عددنا يصل إلى قرابة 5000 هنا. أي أن 5000 كوردي فيلي يعيشون هنا وجميعهم يقيمون في ستوكهولم وأطرافيها.
رووداو: لماذا اخترت السويد، وجئت إلى السويد؟
صالح جادري: بدأت حكومة البعث ونظام صدام حسين بمهاجمة أبناء الأمة الكوردية، وخاصة الفيليين، فقد كان الفيليون يسيطرون على التجارة العراقية كلها، المباني الكبيرة والمواقع المهمة كانت في يد الفيليين، والسبب كان أولاً أنهم كانوا يعتقدون أن الفيليين يدعمون الثورة الكوردية ويجمعون المال لمعركة الحرية، كانوا غاضبين علينا لهذا السبب، فكان أن أعتقلوا الكثير منا حينها، لكن القتل كان قليلاً، لم يكن كما هو الآن، ثم بدأ القتل للبيشمركة والشباب الكورد في 1963 واستمر حتى السبعينيات، لكن من العام 1969 فصاعداً اعتقل الآلاف من الكورد الفيليين وقتلوا وطردوا من البلد، شهدت ذلك بنفسي، ثم بدأ القتل الجماعي، أعتقل ثلاثة شباب كورد فيليين في بغداد كانوا يبلغون 16 سنة من العمر، وأطلقت على كل واحد منهم في ساحة النضال ببغداد سبع رصاصات وقتلوا ثم ألقيت جثثهم في الشوارع، أحدهم في بغداد والآخران في ديالى. منذ ذلك الوقت بدأوا بمهاجمة الفيليين، وصادروا بيوتهم وحرموهم من ممارسة التجارة، كانوا يريدون طردهم وخفض أعدادهم، وكان وراء ذلك سببان، أولهما الحس القومي الكوردي ولمنعهم من مساعدة الثورة الكوردية، فقد تواصلت الثورات في كوردستان، فقد قام المرحوم البارزاني بأربع ثورات وكذلك الشيخ محمود وغيرهما وهكذا.
رووداو: كان سؤالي عن سبب مجيئك إلى السويد؟
صالح جادري: جئت إلى السويد لصدور قرار باعتقالي من جانب ناظم كزار، الذي أمر بإعادة صالح جادري إلى بغداد حياً أو ميتاً، فتابعتني قوات الأمن والاستخبارات العراقية مدة ستة أشهر، إلى أن عثروا علي وأطبقوا علي النار، وكنت متأكداً بأنه لا أحد سيمنعهم من قتلي، فقصدت المرحوم صالح اليوسفي وأطلعته على الأمر، فقال لي: يا بني، اتخذ أنت قرارك بنفسك، فبعثت صوري أثناء مشاركتي في مظاهرات بغداد إذ كنت أقود المظاهرات في بغداد إلى جانب إخوتنا الكورد الآخرين، الأمر الذي سهل حصولي على تأشيرة السفر، جئت إلى السويد بتأشيرة سياحية ثم ذهبت إلى الشرطة وقدمت لهم كل وثائقي وإثباتاتي فوافقوا على قبولي بصفة لاجئ.
رووداو: السيدة ليلى سلمان، أنت هنا بصفة زوجة شهيد، شهيد في سبيل كوردستان، أعلم أن إثارة الجراح مؤلمة، لكنك أخبرتني قبل بدء البرنامج أنك لم تضعي ثيابك السود هذه منذ 40 سنة، فما قصتك؟
ليلى سلمان: جرى ترحيلنا سنة 1982، تم أولاً سجننا في بغداد مدة شهر ونصف الشهر، عزلوا النساء عن الرجال، ثم ألقونا في الجانب الآخر من الحدود مع إيران وأبقوا الرجال عندهم، مكثت في إيران 15 سنة، لم نكن نعلم شيئاً عن زوجي، الذي كان هو وأحد إخوته بيشمركة، وأخوين اثنين له، كانوا أربعة، لكن بعد سقوط النظام في 2003، أخبرونا بأنه تم إعدامهم.
رووداو: كان زوجك بيشمركة؟
ليلى سلمان: نعم، كان بيشمركة، وكان قاضياً بمنطقة خانقين في العام 1982.
رووداو: قرار انتقالك إلى السويد كان جيداً، السويد بلد جيد لتقيمي فيه؟
ليلى سلمان: أقمت في إيران 15 سنة، كانت صعبة للغاية، كما امتنعوا عن منحنا الجنسية وكانت أحوالنا سيئة جداً، فاضطررت إلى الانتقال إلى السويد حيث تمكن الأولاد من الالتحاق بالجامعات وأصبحت لديهم أعمالهم وشخصياتهم.
رووداو: إذا كان المرء غير مطلع سيقول إن إيران دولة مسلمة وجارة لكوردستان والعراق، فكيف كان بلد بارد بعيد كالسويد ذي المجتمع المسيحي خيراً لكم من إيران؟
ليلى سلمان: لأن إيران لم تكن تمنحنا الجنسية، بل اكتفت بمنحنا بطاقة خضراء، ولم يكن للأولاد عند إكمال الدراسة الحق في العمل، ولم يكن لنا في إيران مورد نعيش منه، فاضطررنا للانتقال إلى السويد.
رووداو: رجل الأعمال السيد فؤاد جراخواني، يعرف عن الفيليين أنهم وخصوصاً بعد طرد اليهود من العراق أنهم سيطروا على الاقتصاد العراقي وخاصة في بغداد بصفتها المركز، أحد الأسباب التي أدت إلى الإبادة الجماعية للكورد الفيليين كان سيطرتهم على الاقتصاد العراقي والخوف منهم لهذا السبب، أنت رجل أعمال، فهل استطاع الكورد الفيليون بنفس عقليتهم التجارية التي حملوها معهم من هناك استعادة أيامهم الذهبية في بغداد وبناء أمجادهم الاقتصادية هنا أيضاً؟
فؤاد جراخواني: صحيح أننا جئنا إلى هنا بنفس العقلية التجارية التي كانت لنا ببغداد، وتقدمنا هنا واستمرينا ولم نكن كالعرب والفرس الذين لا يدخلون عالم التجارة، حمداً لله استطعنا الاستمرار، عندما كنت في بغداد كنت أبلغ 15 سنة وكان والدي تاجر أخشاب، لكن التجارة في العراق تختلف عنها في السويد وفي أوروبا، فقد عشت في هولندا فترة، هنا تجري مساعدة التاجر بخلاف العراق، فعندما لا يكون معك مال هناك لا تستطيع أن تعمل، لكنهم هنا يثقون بك ويؤمنون بأفكارك التجارية ويرشدونك والمصارف تقدم مساعدات جيدة وتقول تفضل واعمل، نحن الفيليون أنجح من غيرنا في العراق.
رووداو: هل تقصد أن الكورد الفيليين هنا أنجح من الفيليين في العراق؟
فؤاد جراخواني: لا، لا أقصد هذا، نحن الفيليون تعلمنا فنون التجارة من اليهود، في السابق كانت بيننا عوائل ثرية قليلة ولم يكن الآخرون كذلك، لكننا أذكياء واستطعنا أن نتقدم، تعلمنا من اليهود ثم قلنا لماذا لا نعمل نحن في التجارة بدلاً عن العمل عند غيرنا، فالعقل الذي منحه الله لليهود منحنا إياه أيضاً، شغلنا عقولنا وكسبنا الخبرة، الخبرة كما يقول الهولنديون، فسيطرنا على التجارة في العراق وهذا ما دفع صدام حسين لتهجيرنا.
رووداو: محسن سلمان، لديك عملك هنا، وتعمل؟
محسن سلمان: عملت هنا 25 سنة في شركة سويدية، كنت أعمل حداداً في بغداد وعملت في الحدادة مدة طويلة في كوردستان، خاصة في صنع خزانات مياه المنازل التي كانت على ارتفاع 25 متراً، هذا العمل والخبرة أفاداني كثيراً في السويد.
رووداو: في بداية البرنامج، تساءلت لماذا وقع اختياركم أنتم الكورد الفيليون على السويد، في حين أن موطنكم من المناطق الحارة، لماذا اخترت السويد؟
محسن سلمان: في الحقيقة نحن دافئون بالفطرة.. من لا يعرفنا يظن أننا عصبيو المزاج، وكما ذكر كاك صالح، هذان الشخصان كانا من أقاربنا، قتل جبار قمبر علي، وكذلك سالم صادق قتل أيضاً، لم نكن نعرف ماذا حل بهما، ثم أخبرونا أن سالم قتل في النجف وجبار في ديالى، أمين عبدالله أمين أخبرنا بهذا، عندما اطلعنا على جثتيهما وجدنا أن رصاصة اخترقت جمجمة جبار لتخرج من تحت حنكه.
رووداو: مع أن السويد دولة متقدمة لا ليل فيها، وتقضون حياة هادئة هنا منذ سنوات، لكني أشعر أنكم لم تنسوا ما جرى لكم وهي حي يرافقكم ويؤثر سلباً عليكم؟
محسن سلمان: صحيح، لكنه لم يؤثر علينا سلباً، فمثلاً لا يوجد استخدام للمواد المخدرة وما شابه بين الكورد الفيليين، رغم وجود الكثير من الحرية هنا، لكن الكورد الفيليين لم يلجأوا إليها.
رووداو: أي أنكم رغم الضغوط النفسية والمآسي التي حلت بكم، تمكنتم من الصمور. السيد عيسى، قال السيد صالح إن 5000 كوردي فيلي يقيمون في السويد، لكن يقال إن العدد أكبر، هل يتوفر لديكم رقم رسمي لعدد الكورد الفيليين في السويد؟
عيسى فيلي: في الواقع، لا توجد إحصائية رسمية حتى الآن، لكن الحقيقة أن العدد أكبر ومثلما قال كاك صالح عددهم 5000، ربما كان العدد بين 5000 و8000، الكورد الفيليون لا يقيمون في ستوكهولم وحدها بل في جميع مدن السويد، ولدينا علاقات معهم جميعاً تقريباً، الكورد الفيليون يرتبط أغلبهم بعلاقات قربى ويعرفون بعضهم البعض وهم أكثر من 5000 وأظن أنهم 8000 نسمة.
رووداو: هل أن غالبية الكورد الفيليين المقيمين هنا من الشباب أم من الشيوخ؟
عيسى فيلي: غالبيتهم من الشباب فأغلب الشيوخ يعودون، يعمل أغلب شبابنا في المؤسسات السويدية وبعضهم يعمل عملاً مستقلاً، منهم الأطباء والمهندسون والاقتصاديون، فلدينا من كل التخصصات، والحكومة السويدية متعاونة ونحن الآباء في السويد لدينا تأثير كبير على أولادنا ونفخر بهم وبالمرحلة التي بلغوها. لقد عانينا نحن الكثير، خاصة عندما طردتنا حكومة البعث من العراق وكان لذلك أثر نفسي على كل الكورد الفيليين، خاصة مع تغييب أكثر من 20 ألف كوردي فيلي لا يزال مصيرهم مجهولاً، كان لهذا آثار نفسية سيئة، لكن أولادنا بلغوا مرحلة نفخر بهم معها ويفخر بهم الكورد، فعندما يتكلمون يقولون نحن كورد، رغم وجود كورد فيليين وسورانيين وبهدينانيين وهوراميين، لكننا دوماً نعرف أنفسنا بأننا كورد، الكورد الفيليون شيعة لكنهم حين ينظمون موكباً يكتبون عليه موكب الكورد الفيليين، وعندما يشكلون فريق كرة قدم يطلقون عليه اسماً كوردياً، نحن فخورون بهذا.
رووداو: يقترن اسم الكورد والفيليين دائماً ببعضهما في السويد؟
عيسى فيلي: أجل، دائماً.
صالح جادري: أود أن أضيف شيئاً، عندما أصبحنا سبعة كورد فيليين في أوبسالا، كان اسم كوردستان كتوباً في كل غرفة نقيم فيها، فمثلاً كان يكتب صالح جادري – كوردستان، أو سمير شاكر – كوردستان، وهكذا في كل الغرف السبق كان اسم كوردستان يلحق بأسمائنا، حتى أن الناس عندما كانت تلتقينا في الشوارع كانوا ينادوننا بكوردستان ويشيرون بأيديهم إلى الدار رقم 15، لأننا عندما كنا نقيم هناك كان اسم كوردستان مكتوباً تحت اسم كل واحد منا، ولم نكتب فيلي أو غير ذلك، فقط كوردستان.
رووداو: أود أن أخبر مشاهدي بأن البيت الذي يظهر وراء الضيوف هو بيت الكورد الفيليين في السويد، وخلال الأيام التي زرناه فيه وجدنا في الداخل صورة ملا مصطفى البارزاني، أخبرنا السادة الذين استقبلونا بأنها صورة الملا، هكذا يسمون زعيم ثورة كوردستان، قالوا إن الصورة موجودة هنا منذ السبعينيات، في هذا البيت. السيد إبراهيم بازكير قلت إنك ناشط مدني فما هي الأنشطة المرتبطة بالكورد الفيليين في السويد والتي تعمل عليها؟
إبراهيم بازكير: عندما نتحدث عن الأنشطة، فإننا نطالب أولادنا باستمرار بالدراسة والنشاط والاختلاط والتعارف فيما بينهم، وأنا أكتب مقالات باستمرار وأكتب في التاريخ، فأغلبهم لا يعرف تاريخنا وأنا أعلمهم وأطلعهم عليه.
رووداو: هل يعرف السويديون ماذا حل بالكورد الفيليين في العراق؟
إبراهيم بازكير: أعتقد أنهم يعرفون فلا يصح أن لا يعرفوا، بل يعرفون.
رووداو: السؤال نفسه أوجهه للسيد صالح جادري بصفته ثاني كوردي فيلي أقام في السويد، هل يعرف السويديون ماذا حل بالكورد الفيليين؟
صالح جادري: كتبت في حينه مقالات في الجرائد والمجلات السويدية، وكتبت في أربع صفحات ماذا حل بنا، كتبت كل شيء ونشرته، كذلك عند إعلان اتفاقية 11 آذار، كانت لنا جلسة مع صحفيين سويديين وأخبرتهما بكامل قصتنا وقصة الكورد، نشر ذلك أول مرة في جريدة أوبسالا، وفي العام 1984 نشرت مقالات أيضاً وكذلك عند إعدام ليلى قاسم قمنا بتنظيم مظاهرة وفعلنا كل ما في وسعنا للتعريف بالكورد وبمعاتهم، ولم نميز بين كورد الأجزاء الأخرى وساعدناهم بدون تمييز.
رووداو: ليلى، تشاركين باستمرار في المؤتمرات والاجتماعات في أوروبا وبروكسل. هل تعتقدين أن هناك اهتماماً بما حرى للكورد الفيليين؟
ليلى سلمان: ذهبنا وشاركنا في كل المؤتمرات التي دعينا إليها، وأعتقد أن هناك اهتماماً قليلاً لمآسي الكورد الفيليين، فمثلاً في مؤتمر عقر في شهر أيار طلب كاك مسعود إنشاء مدرسة للكورد الفيليين، هذا صحيح لكن لا أحد يتابع الموضوع، نحن نريد أن تكون المتابعة جادة.
رووداو: فؤاد، أود التحدث عن أولادكم أيضاً، في البداية ذهبتم إلى هولندا ثم جئتم إلى السويد أم بالعكس؟
فؤاد جراخواني: كنت في هولندا منذ العام 1980، ثم جئت إلى السويد، استحسنت السويد، لأن هناك اهتماماً أكبر بالأطفال في السويد، فمثلاً عندما نعمل نحن، يولون اهتماماً كبيراً بالأطفال من حيث تأمين المعلمين والدراسة والتربية. في هولندا، كان هناك مثلاً اهتمام كبير ودعاية للدخان وأنا لم أكن أرضى بذلك فانتقلت إلى السويد وعملت هنا ومنحت تربية أولادي اهتماماً أكبر.
رووداو: يقال أحياناً إن السويد ليست جيدة في موضوع الأطفال، وأنهم يخرجونهم من سيطرة الوالدين، لكن الذي تقول هو عكس ذلك؟
فؤاد جراخواني: لا، بل يولون للأطفال اهتماماً كبيراً، ابني (آزا) هو مستشار وزير العدل السويدي حالياً، وهو بمثابة عمدة مدينة هوينغ في وزارة العدل، وابني الآخر عالم فيزياء يدرس الآن في كامبريدج ببريطانيا، هذه هي ثمار التربية السويدية.
رووداو: محسن، قلتم لا بل هو جيد جداً، جيد جداً لأولادكم؟
محسن سلمان: نعم، جيد جداً، ولكن على الوالدين أيضاً أن يهتموا بهم كثيراً، أحد أولادي مدرس والآخرون أكملوا الدراسة ويعملون ويحظون باحترام كبير.
رووداو: ليلى هنا كأم، الآباء راضون جداً، هناك قول شائع بين الكورد مفاده أن الأمهات يقلن بأن الآباء لا يعرفون عن الأولاد شيئاً وأنهم منهمكون بالعمل خارج البيت وكل الثقل على الأم. هل السويد جيدة لأولادكم؟
ليلى سلمان: نعم، هي جيدة جداً، عائلتنا وأقاربنا أغلبهم أكملوا الدراسة وأغلبهم أطباء، أولاد أخواتي وإخوتي جميعهم يحملون شهادات عليا، فاتتنا نحن الفرصة لكنها جاءتهم.
رووداو: صالح، عقد في كوردستان هذه السنة مؤتمر ضخم حول الكورد الفيليين، وجرى الحديث عن تاريخ الفيليين المشرف وتأثيرهم على ثورات كوردستان، ما الذي يجب أن يقدم للكورد الفيليين من أربيل ومن كوردستان؟
صالح جادري: الذي يهمنا نحن هو وجود رابط قوي، وعلاقة بين الكورد الفيليين والسورانيين والكرمانج وغيرهم، هذه العلاقة ليست قوية كما يجب ويجب تعزيزها، ولا ينبغي أن يكون المذهب سبباً لفتور هذه العلاقة، مرحا بكل من يصلي وبمن يستذكر الإمام الحسين، لكن يجب أن يكون علم كوردستان حاضراً في كل المناسبات فنحن أمة واحدة وشعب واحد، نحن لسنا ضد هؤلاء ولا ينبغي السماح لأحد ببث الخلاف بيننا من خلال التمييز المذهبي، تاريخ الكورد يمتد إلى ميديا وكل يتحدث عنه بطريقته، اللُّر وكلهور وميديا وغيرهم الكثير، يجب أن نرتبط بروابط وثيقة ويجب أن تعمل حكومة إقليم كوردستان على تعزيز هذه الروابط التي هي مهمة عندنا.
رووداو: ربما يفكر من في كوردستان في القوة البشرية للكورد الفيليين في الخارج وفائدتها لإقليم كوردستان وفرص الانتفاع منها؟
صالح جادري: كل الموجودين هنا يريدون مساعدة وطنهم كوردستان، دعني أضرب لك مثلاً، يوجد هنا صديق اسمه سعدون مراد وهو أستاذ، ترك السويد وأبوظبي والإمارات وعاد إلى كوردستان بقصد مساعدة كوردستان، لكنه قفل راجعاً بسبب الفساد الإداري والمالي، لدينا أساتذة آخرون ذهبوا إلى إيران يدرسّون فيها، لدينا أطباء في أوروبا وبإمكان كوردستان الإفادة منهم كثيراً وأرجو أن تتم الاستفادة منهم بصورة جيدة.
رووداو: إبراهيم، في السابق كان يقال إن صدام ارتكب الإبادة الجماعية ضد الكورد الفيليين لكونهم كورداً وشيعة، وعراق ما بعد صدام مختلف، على الأقل يفترض أن يكون جيداً للكورد الفيليين في الداخل والخارج من الناحية المذهبية. كيف تتعامل بغداد مع الكورد الفيليين؟
إبراهيم بازكير: العراق في الأصل كان خالياً من العرب. هؤلاء جاؤوا مع الفتوحات الإسلامية إلى العراق. كان الجميع قبل ذلك من الكلد وآشور والكورد.
رووداو: الشيعة هم من يحكمون العراق الآن والفيليون شيعة، كيف يتعاملون معكم؟
إبراهيم بازكير: مشكلة الكورد الفيليين أنهم ليسوا متحدين ولا يساعد بعضهم بعضاً، وليست كونهم من الشيعة والكورد، مثلاً صدر قرار في عهد صدام حسين عندما قتلوا أبناءنا، قضى بمصادرة أموالنا المنقولة وغير المنقولة. والآن عندما تذهب لترويج معاملتك لاستعادة حقوقك، ترى بأن الحكومة والتي يؤلفها الشيعة ونحن شيعة أيضاً، لا تصدر قراراً بإلغاء تلك القرارات وعليك أن تروج معاملة لذلك. السبب هو كوننا كورداً أولاً.. والعرب لا يحبوننا.
أثناء المحكمة (محاكمات رموز النظام السابق) حول قضية الكورد الفيليين، وعندما كان الشيعة يتصدرون الحكم أيضاً، وحده نيجيرفان بارزاني تبنى القضية ولو لم يفعل لما قام أحد بذلك. هذا ما أردده دائماً، لما شكلوا محكمة ولما اعترفوا بقضيتنا (لولا نيجيرفان بارزاني).
رووداو: أحياناً يأتي مسؤولون عراقيون إلى السويد ويجتمعون مع الجالية العراقية، هل يجتمعون معكم؟
عيسى فيلي: الذين يأتون إلى هنا لا يتحدثون عن الكورد الفيليين، والمسألة سياسية ولا يناقشونها، في حين توجد عندنا مشاكل كثيرة في العراق لم تحل، نحن نشكر القيادة الكوردية فلولاها لم لما ورد اسم الكورد الفيليين في الدستور عند كتابته، لأن أولئك لا يقرون بنا، عملت الحكومة العراقية منذ الثلاثينيات وحتى الثمانينيات على تهجير الكورد الفيليين، ليس فقط لأنهم شيعة، إذ أن 65% من سكان العراق شيعة، لماذا لم يرحلهم صدام من العراق في حين قام بترحيلنا نحن، لأننا كورد، لأننا كنا أقوياء في بغداد وكان الاقتصاد العراقي تحت أيدينا، ولأن الكورد الفيليين ساهموا في تأسيس الأحزاب الكوردستانية.
رووداو: ليلى، ماذا كان مصير المغيبين من الكورد الفيليين بعد تحرير العراق، وبماذا تخبركم بغداد؟
ليلى سلمان: لا يخبروننا بشيء، لا نعلم أين تم إعدامهم أو دفنهم أحياء، لا نعرف أي شيء، رغم أن إقليم كوردستان أعاننا على المشاركة في المحاكمة إلا أننا لم نحصل على شيء.
رووداو: شكراً لكم ولبيت الكورد الفيليين على التعاون معنا في تسجيل هذا البرنامج هنا.[1]