معد فياض
مع غروب الشمس، أمس 08-09-2023 في السليمانية، أضاءت انوار المسرح الروماني في أكبر متنزهات العراق والثاني من نوعه بمساحته وهندسته في منطقة الشرق الاوسط، متنزه هواري شار، ايذانا ببدأ منهاج مهرجان السليمانية للموسيقى والثقافة، وبحضور اكثر من خمسة الاف من الحاضرين، وهي السعة الكلية لمقاعد المسرح الذي بني على الطراز المعماري الروماني.
ما قبل الافتتاح الرسمي لاعمال المهرجان، كل التحضيرات والجهود تنبئ بنجاحه. اهالي السليمانية المعروفون باعتزازهم بالثقافة والابداع توجهوا بمجاميع، عوائل بكاملها، ارتدوا ابهى ازيائهم الكوردية وغيرها، نحو متنزه هواري شار، وكانهم يعيشون طقوس عيد حقيقي، بل هو عيد ثقافي فني يزدهي به كل اقليم كوردستان والكورد وضيوفهم الذين قدموا من انحاء مختلفة من العراق والعالم للاستمتاع بمنهاج العروض.
كل شيء منظم بدقة بالغة، بالرغم من الحشود الكبيرة التي اتجهت الى المتنزه، فان بوابة هواري شار اتسعت للحركة المرورية، وغالبية من الجمهور فضل ان يقطع المسافة من البوابة حتى بناية المسرح الروماني، وهي ليست بعيدة، سيرا على الاقدام للاستمتاع باجواء المتنزه الذي يضم ما يقرب من مليون شجرة.
بوابات المسرح الروماني العريضة اتسعت للالاف من الاشخاص الذين حرصوا على حضور فعاليات الافتتاح، لم يكن هناك اي زحام او تدافع او اي ما ينغص الدخول، واختار الجمهور الجلوس بما يريحهم دون ارشادات او تلكوء، وبالرغم من الحضور الكافي لمنتسبي الامن، الاساييش، الا اننا كجمهور لم نشعر بوجودهم بفضل التعامل الطيب مع الحاضرين، بل كانوا، وكعادتهم، متعاونون للغاية.
مؤسس فكرة المهرجان والذي حرص على رعايته ونجاحه، مع فريق متخصص من المتطوعين، الرئيس السابق لجمهورية العراق، برهم صالح، حرص على استقبال الجميع بود كبير، واعتبر كل الحضور مرحب بهم باعتبارهم ضيوف شرف (VIP) وهذا ما شعر به الجمهور حيث مر عليهم وحيياهم وجلس بينهم وتحدث معهم، كما فعل مع الضيوف الرسميين، بل لم يكن هناك اصلا ما يسمى بالضيوف الرسميين باستثناء وزير الثقافة والسياحة والاثار في الحكومة الاتحادية، أحمد البدراني، الذي تغنى في كلمته الافتتاحية، بالكورد وانجازاتهم الحضارية وبالمهرجان وباقليم كوردستان وبمدينة السليمانية.
البيئة في المقدمة
سبق الافتتاح الرسمي للفعاليات الموسيقية، افتتاح من نوع آخر، افتتاح بيئي حضاري، وهي مبادرة(نداء الارض) من الفنان العراقي نصير شمة ، سفير اليونيسكو، حيث قام مجموعة من الفنانين والضيوف، وزيري الثقافة العراقي واقليم كوردستان ووزيرة الزراعة في حكومة الاقليم، بزراعة عدة اشجار في ارض المتنزه، واثنى برهم صالح، المهتم بموضوع البيئة وصاحب مشروع ورعاية متنزه(هواري شار) بالمبادرة، وقال:الفنان القدير نصير شمة جاء بمبادرة حملة(نزرع الارض)، ونحن الآن في منطقة كانت تسمى بالوادي القاحل او الارض الجرداء واليوم تحول الى حديقة واسعة، ولكن نحن بحاجة الى توسيع المسافة الخضراء في اقليم كوردستان بل في كل مناطق العراق التي هي بحاجة للاهتمام بالبيئة، ونحن نتطلع الى دعم لهذا المشروع وهي مبادرة بناءة ومهمة لبلدنا ولكن بنفس الوقت تتطلب جهدا شعبيا وحماسا من المواطنين لتبنيه كمشروع وطني.
بنات السليمانية شكلن روح المهرجان
كانت البداية بالتأكيد مع الغناء الكوردي، وحصريا لفرقة (بنات السليمانية) بقيادة الفنان أنور قرداغي ، وما ان اعلنت مقدمة البرنامج، وبثلاث لغات: الكوردية والعربية والانجليزية، عن هذه الفقرة من البرنامج حتى ازدحم الفضاء بالترحاب والتصفيق الذي امتزج مع فنون الاضاءة الليزرية التي تم تصمصمها وتنفيذها بذائقة فنية راقية.
قدمت فرقة ( كروبي كيجاني سليماني )أو فتيات او بنات السليمانية، الفنية الموسيقية، ومن اسمها فان الفرقة تتكون من اكثر من 30 مغنية وعازفة على الالات الشرقية، بينها طبعا الات موسيقية كوردية، الدفوف خاصة، الى جانب الالات الوترية الشرقية والغربية، مقطوعات متميزة بالغناء الفردي والجماعي، اضفى جوا ثقافيا فنيا كورديا بحتا.
وحسب الفنانة نوشين محمد عازفة الكمان ومسؤولة الفرقة ، وفي تصريح صحفي سابق لها، فإن فرقة ( كروبي كيجاني سليمانية ) اي فرقة فتيات السليمانية للكونسيرت هي إحدى الفرق الموسيقية الفتية التي تأسست عام 2003 وبدأت بانشطتها الفنية منذ ذلك التاريخ وقدمت العديد من الاعمال الموسيقية الفنية الجميلة وعلى الالحان الشرقية المعروفة، حيث شاركت 25 عازفة بتقديم تلك الاعمال ضمن برنامجها وموسمها السنوي كل عام. موضحة : ان هذه الفرقة تتالف من مجموعة بنات تفرغن من أجل التدريب والعزف وإمتاع الجمهور بالرغم من إرتباطاتهن المنزلية ولكن الفن يأتي كإلتزام لابد منه، كما وان بعض عناصر الفرقة يتمتعن بصوت جبلي جميل ويقدمن اروع العروض التي تنال استحسان الجمهور كما تقدم الفرقة معزوفات عالمية ايضا، بالاضافة الى الغناء الكوردي الجميل بحناجر تلك الشابات الجميلات.
للموسقى العراقية العربية سحرها
بعد ان قدمت مغنية اوبرا كوردية من سوريا مقطوعات اوبرالية عالمية بمرافقة عازفة للبيانو، بدأ سحر الغناء العربي الذي تفاعل معه الجمهور بروح عالية.
اعتلى ما يقرب من 60 عازف وعازفة ومغنيين من كلا الجنسين، غالبيتهم من الشباب، وهم اعضاء الفرقة الوطنية للتراث الموسيقي العراقي بقيادة المايسترو علاء مجيد، بازيائهم السوداء المطرزة بحروف مسمارية باللون الازرق(التركواز )، وهو لون جدران بابل القديمة، ليقدموا مقطوعات واغاني من جميع مناطق العراق، بينها اغنيتين كورديتين، اضافة الى اغاني من وسط وغرب وجنوب العراق.
المايسترو العراقي علاء مجيد، مؤسس ومدير الفرقة الوطنية للتراث الموسيقي العراقي، قال لرووداو: يسرنا ان نشارك في مهرجان ثقافي فني كبير مثل مهرجان السليمانية، حيث قدمنا في حفل افتتاح مهرجان السليمانية للموسيقى منهاجاً كاملاً يقرب من ساعتين يتضمن 14 فقرة موسيقية وغنائية من تراث العراق، بينها مقطوعات واغاني كوردية وكلدانية ومن وسط وجنوب وغرب الوطن.
مشيرا الى ان الموسيقى هي الوسيلة واللغة التي يفهمها الجميع ولا تحتاج الى اية ترجمة، وهي التي تجمعنا كعراقيين بل تجمع الانسانية جمعاء.
الفنان الكوردي هندرين حكمت، واحد من ابرز المبدعين في العزف على آلة السنطور، واستاذ هذه الالة في معهد الدراسات الموسيقية ببغداد، ورئيس قسم في الفرقة الوطنية للتراث الموسيقي العراقي، اوضح لرووداو قائلا:مهرجان السليمانية للموسيقى يشكل اهمية بالغة في تقريب المسافات بين كل العراقيين، فالموسيقى هي اللغة الاثيرة لكل العراقيين ويفهمها الكوردي والعربي والتركماني بدليل التفاعل الكبير والعميق الذي شهدناه من جمهور السليمانية المعروف بحبه للثقافة عامة وللموسيقى خاصة، معبرا عن امنيته بان: تكون في العراق المزيد من هذه المهرجانات.
واحدة من مفاجآت ليلة الافتتاح لمهرجان السليمانية للموسيقى كانت حضور المطرب العراقي المعروف سعدون جابر الذي الهب تصفيق الحضور خاصة وانه ادى اغاني ما يطلق عليه العراقيونالزمن الجميل، مثل: خيو بنت الديرة، 20 عام انقضت، يا طيور الطايرة، وغيرها.
اضافة للحضور الجماهيري كان هناك حضور نوعي لفنانين عراقيين معروفين، مثل الفنان العراقي الكبير#الهام المدفعي# ، والموسقار المعروف نصير شمة، والممثل والمخرج جلال كامل والفنانة المعروفة من خلال اعمالها المسرحية والسينمائية والتلفزيوني سناء عبد الرحمن، التي قالت لرووداو:شعرت بالسعادة وانا احضر مهرجان السليمانية للموسيقى، واهل السليمانية وكل الكورد معروفين بكرمهم وحبهم للفنون، وكم اتمنى ان تكون مثل هذه المهرجانات الفنية الحقيقية في جميع مناطق العراق. مشيرة الى انها قضت سنوات من عمر طفولتها في مدينة السليمانية،. معبرة عن اعجابها: بدقة تنظيم المهرجان والفقرات الموسيقية الراقية التي قدمت على مسرحه.[1]