=KTML_Bold=تركيا لن تخرج سريعاً من “شمال” سوريا!=KTML_End=
#بير رستم#
هناك الكثير من الأخوة -وبالأخص أبناء المناطق المحتلة تركياً إخوانياً- يتساءلون بحرقة ولوعة؛ “متى سنعود لمناطقنا ونعيد ذكرياتنا وأيامنا”؟ طبعاً لا أحد منا يملك الإجابة الوافية للرد، لكن وبقناعتي إن العودة ووفق بعض الوعود المعسولة ليس صحيحاً ولا هو بوارد، إننا لا نريد زرع الاحباط واليأس في نفوس أبناء شعبنا، لكن علينا أن نكون واقعيين وندرك مخرجات السياسات الدولية وصراع الأجندات والمصالح على الجغرافية السورية حيث هناك عدد من القوى الدولية تتصارع وبالأخص الأمريكان والروس كواجهة ولكل منهما محوره وحليفه السياسي، كما أن هناك عدد من القوى الإقليمية وأبرزها تركيا وإيران ولدرجة ما المحور السعودي الخليجي المصري، لكن الدور التركي هو الأخطر على الأقل بالنسبة لملفنا الكردي حيث تقوم تركيا بدور وظيفي تستثمر من الدولتان السياديتان؛ الروس والأمريكان بحيث كل منهما تستخدمها في صراعها مع الآخر وقد أتقنت تركيا هذا الدور خلال كل المرحلة الماضية حيث باتت لاعباً أساسياً في الجغرافيا الإقليمية ولا من مؤشرات بأن دورها بات وشيكاً، بل الأمريكان سوف يستخدمونها -لتركيا- وذلك لجعل الروس تغرق أكثر في “المستنقع” السوري من خلال حروب الاستنزاف بين ميليشيات كل من المعارضة والنظام والتي هي بشكل ما مواجهة بين الدولتان المتفاهمتان “أستانياً” وإن تطلب الأمر أحياناً على حساب الحليف الأمريكي الآخر؛ أي الكرد والإدارة الذاتية، طبعاً لا نقول السماح لتركيا باحتلالات جديدة، لكن على الأقل جعل المنطقة في حالة توتر وعدم استقرار.
وبالتالي وانطلاقاً من هذه القراءة، نأمل أن يدرك الأخوة في طرفي الصراع الكردي؛ أي المجلس الوطني وأحزاب الوحدة الوطنية؛ بأن المزيد من العناد والتمترس خلف أجنداتهم الحزبية “القبلية” يعني المزيد من الخسائر لنا جميعاً كشعب وقضية وعلى الصعيدين القومي الكردي والديمقراطي السوري.. طبعاً لا نقول: بأن الاتفاق الكردي سيجلب لنا كردستان (سوريا) أو تحقق مباشرة العدالة الاجتماعية و”أخوة الشعوب” و”الأمة الديمقراطية” السورية، كما يفهمها البعض، بل سيسهل الأمر على الداعم والراعي الأمريكي؛ بأن يوفق بين حليفين له في المنطقة -ونقصد الكرد وتركيا- كون من مصلحة الأمريكان الحفاظ على هذين الحليفين، بل وخلق نوع من التفاهم بينهما وبالتأكيد فإن مسألة التوافق بين الكرد بتوحيد قواهم وجهودهم السياسية سوف يسحب أولاً تلك الورقة التي تلوح بها تركيا في مسألة أن الإدارة الذاتية محسوبة على قنديل وحزب العمال الكردستاني -المصنف “إرهابياً” على لوائح التركية والأمريكية- وبذلك يسهل على الأمريكان الضغط على تركيا أن تقبل بواقع جديد على “حدودها” الجنوبية بتشكل إقليم آخر على غرار إقليم كردستان (العراق). وبالمناسبة فقد جاء على موقع “وكالة أنباء هاوار” بأن (المبعوث الأمريكي السابق إلى سوريا جيمس جيفري أكد أن روسيا حاليًّا في عمق المستنقع السوري، وأضاف: “عليها الصراع كي لا تسقط أو تغرق”، وشدد جيفري على أن تركيا وبدعم من الناتو لن تسمح لحكومة دمشق بدخول إدلب قريبًا).
طبعاً لا نقول بأن الشمال السوري سيبقى محتلاً من تركيا وتصبح لواء اسكندرون جديدة، لكن أيضاً لن تعود بتلك السرعة التي يتوقعها البعض وبأن عودتنا ستكون خلال الأيام الأولى من عهد جو بايدن أو من خلال “مقاومة عسكرية” ومواجهة الاحتلال التركي الإخواني، كما يروجها البعض مع تقديرنا اللامحدود لكل أبنائنا وبناتنا على جبهات القتال والذين ضحوا بأنفسهم، لكن كل ذلك لن يغير من المعادلات السياسية ويعيد لنا أرضنا، كون ما ذهب بصفقات سياسية قذرة دولية لن يأتي إلا بصفقات سياسية واستراتيجيات ناجحة وأولها؛ أن نعرف كيف نستفيد من الحليف الأمريكي ونساعده بجعلنا لاعباً إقليمياً جديداً! لكن هذا لا يعني بأن تتعنت الأطراف التي هي خارج الإدارة الذاتية -وتحديداً المجلس الوطني الكردي- وتجد بأن الفرصة مناسبة لكي تضع العقد في طريق المنشار، بل عليها أن تعرف كيف تستثمر علاقاتها مع الإقليم وتركيا والإخوان في خدمة القضية وسيكون مسألة توافقها واتفاقها مع أحزاب الوحدة الوطنية عامل مساعد ومهم جداً في دورها ذاك وذلك بعكس سياساتها السابقة حيث وللأسف بدل أن تستثمر خلافها مع الإدارة الذاتية في تعزيز موقعها مع المعارضة، جعلت هذه الأخيرة تستثمرهم في ضرب مشروع الإدارة الذاتية.. بكل الأحوال على طرفي الصراع الكردي أن تعي؛ إنهما في مركب واحد -وإن كانا يعتقدان إنهما في موقعين ومركبين مختلفين- وبالتالي فإما أن يغرقا معاً ويغرقوننا معهم أو يقدمون لنا منجزاً سياسياً حقيقياً تحسب لهما، كما حصل مع إخوتنا في جنوب كردستان رغم كل سلبياتها![1]