=KTML_Bold=يلماز غوني… ممهد “الطريق” نحو السينما الكردية=KTML_End=
أحدثت السينما ثورة في العالم بما نقلته من علوم ومعرفة وثقافة، وتطور في ميدان العلوم، وكان المخرج العالمي الكردي “يلماز غوني” من المؤسسين الأوائل لما يمكننا تسميته بالسينما الكردية، ليخلد اسمه أباً روحياً لهذا الفن العريق.
يصادف السبت التاسع من أيلول الذكرى الثامنة والثلاثين لوفاة المخرج السينمائي الكردي العالمي يلماز غوني، الحائز على جائزة “السعفة الذهبية” في مهرجان كان السينمائي، والذي نكلت به السلطات التركية في السجون، قبل أن يتوفى في باريس عام 1984.
وولد يلماز في نيسان سنة 1937 في قرية آينجة التابعة لمدينة أضنة، وسط عائلة فقيرة الحال، لكنه عاش فيما بعد حياة مليئة بالأحداث، والجدل، والإثارة والنجومية حتى عُرف بالأب الروحي للسينما الكردية.
بدأت رحلته مع السينما عام 1957 مساعداً لمخرج لفيلم (أبناء هذا البلد) ومن بعدها عمل ممثلاً فيما يقارب400 عمل سينمائي، منها 110 أفلام بدور البطولة، وكان ملقباً ب (السلطان القبيح) وحقق طوال مساره في الإخراج نحو 22 فيلماً، (أخرج ثلاثة منها، وهو في السجن)، نال معها نحو 17 جائزة، من بينها السعفة الذهبية من مهرجان “كان” السينمائي عن رائعته “الطريق”.
في محاولة للتعريف بدوره الثقافي، وما تركه من تأثير في الأدب عامة، والسينما خاصة، بين الكاتب جوان عبدال لصحيفة “روناهي”: “يلماز غوني اسم كبير في عالم الفن، والسينما، والأدب، والرواية، وقد لمع اسمه في سماء كردستان، ناضل ككاتب وسينمائي، ضد القوى المتخلفة، وسبح على الدوام ضد التيار الشوفوني؛ مع أنه كان في وسعه أن يعيش حياة عادية، كان مخرجاً للأفلام، وواضعاً لمؤلفات أدبية، وكان هدفه خدمة شعبه المحروم من أبسط حقوقه”.
كتب غوني قصته الأولى، الأعناق الملوية 1961، وكانت سبباً لسجنه عند السلطات، بتهمة أنه “مثقف أحمر”، ومن هناك كتب رائعته “صالبا”، والتي طبعت عدة مرات وبلغاتٍ عديدة، وكتب رواية (معادلات مع ثلاثة غرباء) وكتب مئات القصائد والمقالات، كما كتب سيناريوهات أكثر من فيلم داخل السجن، وكان أكثرها شهرة فيلم (الرفيق، القطيع، وآخرها فيلم الطريق).
ويعدُّ غوني واحداً من بين أكثر الأسماء الأدبية والفنية ملاحقة واعتقالاً من السلطات الرسمية، حيث أمضى في السجن ما يقرب من أحد عشر عاماً، خلال فترات متفرقة، لكن لم يمنعه ذلك من متابعة عمله، سواء إن كان في الكتابة القصصية، والروائية، أو في النشاط السينمائي.
أعمال يلماز غوني جواز سفر الكرد في العالم
من جهته قال المخرج وعضو كومين فيلم روج آفا “نومان يغيت” عن دور غوني في التعريف بالكرد وقضيتهم، لصحيفة روناهي: “كل فنان كردي كان يعرف يلماز غوني، وكان يشاهد أفلامه، وقد تأثر به ممثلاً كان أم مخرجاً، ففي السبعينات القليل من العالم يعرفون من هم الكرد، لذلك يلماز غوني كان في أفلامه كلها يركز على الكرد، وعلى لباسهم، وعاداتهم وتقاليدهم، وأغانيهم، وخاصة في فيلم الطريق”.
وأشار في حديثه: “يلماز غوني أخرج ثلاثة أفلام، وهو في السجن، ومنها فيلم الطريق، والذي كانت قصته تبدأ من السجن، يروي الفيلم قصة خمسة أشخاص يحصلون على إجازة الخروج لمدة أسبوع واحد، لكنهم يواجهون مأساة وخيبة أمل لدى وصولهم للبيت، أو حتى قبل ذلك، ويتحدث الفيلم عن الحياة الصعبة، التي يعيشها الكرد في تركيا والظلم والاضطهاد”.
غوني الأب الروحي للمخرجين الكرد
وفي سؤالنا له حول مدى تأثير اسم يلماز غوني عليه في الإخراج، قال نومان يغيت: “كل من كان يعرف يلماز غوني شخصياً أو عرف باسمه من خلال أعماله فبالتأكيد تأثروا به، عندما كنا صغاراً كنا نشاهد أفلام يلماز غوني، نقول لأنفسنا عندما نكبر سنحارب مثله، سنصبح أقوياء مثله”.
ويتابع يغيت: “لم يقل غوني بلسانه إنه كردي في أفلامه، ولكن بطريقة ما كنا نعرف إنه كردي، ويعمل من أجل الكرد، وقد تأثرت به عندما شاهدت عدداً من أفلامه، كنت أقول لنفسي كيف كان يعمل بكل جدية واحترافية، وهو في السجن، ونحن في “كومين فيلم روج آفا”، عندما نبدأ بأي عمل، دائماً نتذكر أعمال يلماز، لأنه هو الأساس في كل شيء”.
وجهة السينما الكردية
وفيما يخص حال السينما الكردية وإلى أين تسير؟ أضاف يغيت: “منذ القِدم وحتى الآن السينما الكردية تعمل وتُنتج تحت الضغط، وفي الخفاء، بسبب منع السلطات الحاكمة، مثلا، في عشرينات القرن الماضي أُنتج فيلم قصته كانت كردية، أما المخرج فكان أرمنياً، وبعدها بخمسين عاماً أتى يلماز غوني، وكان يخرج أفلاماً، قصصها أيضا كانت كردية، ولكن التمثيل كان باللغة التركية، بسبب منع السلطات التركية التحدث باللغة الكردية، ولكن قبل عدة سنوات شاهدنا فيلماً باللغة الكردية، كان بطله الفنان نظام الدين أريج، وبعدها كل سنتين أو ثلاث سنوات كنا نشاهد فيلماً باللغة الكردية”.
المخرج نومان يغيت أضاف: “ومع مرور الوقت، نشاهد مخرجين، وممثلين كرد جدد من أنحاء كردستان، ولكن لازال هناك ضعف، لعدة أسباب، أيضا ثورة روج آفا فتحت لنا بعض المجال؛ لكي نمارس عملنا بكل أريحية، ووصلنا إلى نتائج جيدة جداً، في الآونة الأخيرة أنتجنا فيلمين، ولكن لا زلنا مقصرين بحق السينما الكردية، يلزم أن ننتج العشرات من الأفلام الكردية، ومع ذلك يلزمنا أيضا العشرات من الممثلين، والمخرجين، والكتّاب”.
واختتم المخرج الكردي وعضو كومين فيلم روج آفا نومان يغيت: “السينما الكردية في تطور مستمر بحسب اطلاعنا على الواقع، وكلما ننتج فيلماً نلاحظ أن المجتمع يريد الكثير من هذه الأعمال الكردية، لأن الناس في السابق كانوا يشاهدون الأفلام المدبلجة أو أنهم كانوا يخافون من الحكومات، لأنهم في أغلب الأوقات، كانوا يمنعون حتى التحدث باللغة الكردية، وهناك العديد من الأهالي هنا ينضمون إلى أفلامنا “التمثيل وغيرها”، وهذا ما يدفعنا إلى إنتاج المزيد من الأفلام الكردية، والواجب على السينمائيين الكرد أن يتم التواصل فيما بينهم دائماً؛ لأن ذلك سيزيد خبرة الجميع”.
والجدير ذكره، إن المخرج والفنان والكاتب، يلماز غوني، وفي عام 1981، هرب من السجن خلال إجازة مراقبة، وخرج من تركيا إلى اليونان، ثم استقر في فرنسا وفي حينها، جردته الحكومة التركية من الجنسية، وحكمت عليه المحاكم التركية بأكثر من 22 سنة سجن بتهم سياسية.
توفي يلماز غوني في باريس يوم التاسع من أيلول 1984 ليدفن في مقبرة العظماء بعد أن خلف وراءه إرثا غنيا من الأفلام والكتابات الأدبية.
[1]