=KTML_Bold=كوردستان ..ليست مستعمرة، بل مستعبدة دولية!!=KTML_End=
#بير رستم#
إن كوردستان؛ جغرافية وشعب وقضية وتاريخ وثقافةً ولغةً هي مغتصبة من عدد من الدول في المنطقة؛ تركيا، إيران وبدرجات أقل سوريا والعراق نتيجة المستجدات الأخيرة في ساحتي البلدين وقد مارست تلك الدول والحكومات _وما زالت تمارس بحقها؛أي كوردستان_ أبشع أنواع الإغتصاب والإستعمار، بل الأدق الإستعباد كون واقع كوردستان لا يرتقي إلى مستوى الدول المستعمرة _بالفتحة_ بل تعيش في واقع الإستعباد السياسي من قبل تلك الدول حيث منع عنها ممارسة كل ما يمت للهوية الحضارية لشعب يرزح تحت نير الإحتلال من لغة وثقافة وطنية أو تكوين الهوية والشخصية الحضارية بتلك الأمة، كما كانت تسمح بها الدول الإستعمارية الغربية مع تلك الشعوب والبلدان التي أحتلتها، لكن واقع كوردستان _وللأسف_ بقي في حالة إلحاق وإستعباد منذ الإنهيارات الكبرى للحضارات القديمة؛ الميدية والحثية والآشورية وغيرها من الحضارات القديمة ومروراً بالدولة العربية الإسلامية والعثمانية ووصولاً إلى الإستعمار الغربي وأخيراً الدول الفاشية وبأسم القوميات العربية والإيرانية والتركية.
وهكذا دامت الحالة الكوردية ولأحقاب وعقود من الزمن مما خلق من الكورد والشخصية الكوردية، حالة من الذيلية الملحقة بثقافات الآخر ك”هويات وطنية” دخيلة فارضة وطاردة للهوية الوطنية الأصيلة والتي نقصد بها الوطنية الكوردستانية، بحيث بات شعبنا وحتى على مستوى النخب الثقافية والخطاب السياسي الأيديولوجي ولكل التيارات السياسية الكوردية _وللأسف_ تعتقد بأن الوطنية تعني تلك الهوية التي فرضت عليها ودون أن نعي إننا بذلك نقبل بحالة الإستعباد التي وقعنا بها وقد حاولت تلك الدول الغاصبة والتي تستعبد كوردستان أن تطرح هويات فرعية جديدة بديلة عن الهوية الفاشية القوموية وذلك كنوع من إمتصاص ردود الأفعال لبعض القوى والأحزاب الكوردية الراديكالية حيث قالت تركيا الطورانية الكمالية عنهم؛ أي عن الكورد، بأنهم أتراك الجبال، كما سمتها الفاشية العربية الشوفينية بالأعراب التي نسيت الجذور واللغة نتيجة تقوقهم في جبالهم العاصية والحياة الهمجية والإنقطاع عن الأصل وإيران هي الأخرى تعتبرنا عجمها وهمجها ورعاعها الريفيين البعيدين عن الحضارة، رغم أن شعبنا قدم عباقرة لكل تلك الشعوب والحضارات ولكن بهوية الغاصب والمستعبد لنا وليس بهويتنا الكوردستانية وللأسف.
وهكذا ولكي نقف على حيثيات المشكلة فقد ذهبنا مع الصديق “د.آزاد أحمد علي” في مقالة له بعنونان؛ “هل حقا كردستان مستعمرة دولية؟” والمنشورة في الموقع الرسمي لحزب الإتحاد الديمقراطي (ب ي د) متناولاً كتاب الدكتور إسماعيل بيشكجي؛ “كوردستان مستعمرة دولية”، لنلقي بعض الضوء على جذور القضية حيث يقول: إن “التقسيم الثاني لكوردستان والمهم علميا بالنسبة لبشيكجي، والذي يستند اليه منهج بحثه، هو تقسيم كوردستان بين عدة دول امبريالية، فبعد تفكك الامبراطورية العثمانية قررت كل من بريطانيا وفرنسا وروسيا (القيصرية اولا ومن ثم السوفيتية) بمساعدة ايران تقسيم كردستان الى خمسة اجزاء. الجزء الأول والرئيسي ظل تحت سيطرة الحكم التركي الجديد، والجزء الثاني استمر تحت حكم شاه ايران، أما الثالث فقد ضم الى حكم بريطانيا في دولة العراق المستحدثة، أما الجزء الرابع فقد إلحق بدولة الانتداب الفرنسي في سورية المصطنعة، في حين ظل الجزء الخامس الصغير نسبيا من كوردستان تحت الحكم السوفييتي (الأرمني – الاذريبجاني). علما أنه تأسس لاحقا في هذا الجزء الخامس جمهورية كردستان الحمراء ذات الحكم الذاتي (في منطقة نخش جوان)، الى ان فككها ستالين ووزع أكرادها على عموم دول الاتحاد السوفييتي وأقاليمها، واستوطن أغلبهم في اسيا الوسطى خلال اعوام (1926-1935)”.
وبالتالي شتت الكورد وجغرافيتهم بين عدد من الدول والثقافات ويعلق الدكتور آزاد على مسألة تقسيم كوردستان بين تلك الدول الغاصبة، فيقول: ((هذه الحقائق العلمية والاساس المنهجي العلمي شجع بشيكجي على الجزم: “بان كوردستان مستعمرة دولية مشتركة، تتشارك في استغلالها وحكمها وقمع شعبها، القوى الامبريالية المنتصرة في الحربين العالميتين الاولى والثانية، ومن ثم الدول المحلية الاربع التي تقتسم كوردستان”، فتوصل الى نتيجة سوسيوسياسية جديدة تتلخص بأن: كردستان مستعمرة دولية مشتركة. هذا وقد اوضح بجلاء انه في قلب هذه المشكلة المعقدة (أي مشكلة كوردستان) يكمن النظام الاستعماري العالمي المطبق بأسوا أشكاله)) و((يستند في فرضيته على كارثة استخدم السلاح الكيميائي عام 1988 ضد شعب جنوب كردستان (في مدينة حلبجة) فيؤكد على انه لم تتحرك اي جهة دولية، أو دولة مجاورة لمنع هذه الجريمة. وبذلك يستدل بيشكجي على ان طريقة قمع الشعب الكردي واستغلال بلاده وادارتها جاءت بالتراضي بين مجموع القوى الكولونيالية المحلية والمركزية)). بل وللأسف إن الكثير من الدول والمنظمات الدولية حاولت أن تبرر تلك الجريمة بحق الإنسانية على إنه كان دفاعاً عن النفس ضد تدخل القوات الإيرانية.
لكن مشكلتنا ليست فقط في قضية التقسيم والتجزئة، بل إعتبارنا (أقلية عرقية) في كل جغرافية من جغرافيات وسياسات الدول الغاصبة لكوردستان حيث وكما يقول الدكتور بيشكجي في موضع آخر؛ “يجدر التذكير في هذا المقام بأن الاكراد ليسوا أقلية فهم يعيشون في وطنهم وعلى أرضهم وهم السكان الاصليون لهذه البلاد ولم يأتوا الى كردستان من أقليم او منطقة اخرى وعلى العكس من ذلك لم يصل الاتراك على سبيل المثال الى الاناضول الا في القرن الحادي عشر الميلادي، فالاكراد ينتمون شأن العرب والفرس الى السكان الاصليين في الشرق الادنى.” حيث وللأسف ما زال كل تلك الدول وحتى مثقفيها وسياسييها المحسوبين على المعارضات الوطنية تعتبر كوردستان “وهم في مخيلة بعض القومويين الأكراد” والكارثي بالموضوع فإن بعض القادة والساسة الكورد قالوا بتلك المقولة ووقوعوا في المحظور وذلك عندما أنكروا وجود جزء وإقليم من كوردستان واقعة تحت إغتصاب الدولة السورية وذلك نتيجة تقاطع مصالحهم في مرحلة ما مع النظم السوري الفاشي البعثي.
وهكذا أستطاعت تلك الدول وحكوماتها أن تزرع سياسة الإلحاق والذيلية من خلال ضرب الوحدة الوطنية ويعلق الدكتور آزاد علي بخصوص هذه النقطة فيقول؛ (ان الفكرة الاساسية الثالثة التي ترد في هذا الكتاب، تتركز حول السياسة التي اتبعت ضد الاكراد في بلادهم، من قبل الحكومات الاستعمارية، والتي تتلخص بسياسة: “فرق تسد، ثم دمر” لإلغاء الثقافة والشخصية الكردية، وبالتالي تحطيم الكيان الاجتماعي الكردي بدون رحمة).. نعم وللأسف؛ تم تحطيم الشخصية الكوردية الأصيلة لتستبدل بشخصية إمعية تابعة ذليلة لا تحترم ذاتها وكينونتها وتاريخها وحضارتها، بل تحاول قدر الإمكان الهروب منها وإستبدالها بشخصية المستعبد _بالكسرة وليس الفتحة_ ولذلك تجد الكوردي وبإستسهال يلبس شخصية الآخر الأجنبي ويتنكر ليس فقط لشخصيته الوطنية الكوردستانية الغير مكونة بحكم الواقع الجيوسياسي لكوردستان المستعبدة، بل وحتى لشخصيته القومية الكوردية وتجدنا نبرره بالإنسجام مع المجتمعات الجديدة، مع العلم أن الحقية غير ذلك وتكمن في شخصيتنا المهشمة تاريخياً.
وأخيراً يكتب الأستاذ د. آزاد علي بخصوص فكرة الأستاذ إساعيل بيشكجي فيقول: (في كتابه القيم هذا يبرر بيشكجي بقاء الاكراد بدون دولة ويحيلها الى عدة اسباب ومؤثرات موضوعية: “هي ارتباطهم الاجتماعي القبلي في المقام الأول، ولأن كوردستان شديدة الغنى بالموارد المادية والثروات ثانيا، كما ان كل منطقة فيها منعزلة عن الاخرى جغرافيا،” والاهم من كل هذا هو: تشارك العديد من الدول المحلية والامبريالية والعمل معا لبقاء كردستان مجزأة، وتدمير كيانها الثقافي والاقتصادي المشترك، والسعي لنهب مواردها الطبيعية، وخاصة النفط. أخيرا يرى بأن الحرب المشتركة التي شنتها العديد من الدول على كوردستان لبقاء الاكراد بدون دولة هو لوحده كافي لاستمرار اضهادها وتشتت ابناءها). هذه وبإختصار شديد ملخص كتاب الأستاذ القدير إسماعيل بيشكجي والذي يقترح في كتابه القيم ذاك بوضع “المسألة الكوردية على جدول أعمال الامم المتحدة الراهن، وعقد مؤتمر عالمي لإيجاد حل عادل للمسألة الكوردية، لأنها قضية أممية بامتياز”. لكن وكما وضحها الدكتور آزاد في تعليقه على الموضوع بالقول: “وهذا ما اعترض ويعترض عليه العديد من القوى الكولونيالية المحلية وتلك الداعمة لها في المراكز الكولونيالية العالمية. فعلى سبيل المثال وعشية انعقاد مؤتمر جنيف2 بصدد المسألة السورية لم توافق هذه القوى الكولونيالية على حضور وفد كردي مستقل، وكذلك لم يتم ادراج المسالة الكردية على جدول المؤتمر”.
لكن ورغم كل ما تقدم فقد بقي الأستاذ إسماعيل بيشكجي عن مفهوم الإستعمار وإن جعلها “مستعمرة دولية” بمعنى هناك توافق شبه دولي على إبقاء في حالة الإستعمار والتي نختلف معه في تشخيص الحالة الجيوسياسية لكوردستان حيث هو نفسها ومن خلال إستعراض الواقع الكوردستاني يقول: “لكن في كردستان خصائص أخرى لا يمكن العثور عليها في المستعمرات التقليدية، وهذه الخصائص هي التي لعبت دورا أساسيا في تدهور مستوى الوضع في كردستان إلى ما دون المستعمرة. ولا يمكن ملاحظة هذه الخصوصيات في المستعمرات التقليدية إلا أنها بادية للعيان في كردستان. ولنلقي نظرة على العلاقات بين بريطانيا وأوغندا. وهو بلد مستعمر، وحدود هذا البلد معروفة ومحدودة. وثمة شعب يعيش في هذا البلد، وهو شعب غير بريطاني. ولا تشكل أوغندا جزء من بريطانيا، كما لا توجد محاولات لتحويل هذا الشعب إلى شعب بريطاني..” لكن في كوردستان؛ لا حدود معروفة ولا إعتراف بأن هناك ثمة شعب يعيش عليه بأسم الشعب الكوردي، وإن كوردستان تشكل جزءً من الدول الغاصبة ودون الإعتراف بذلك الإقليم أو الجزء الكوردستاني المستعبد وأخيراص كانت وما زالت هناك محاولات حثيثة لتحويل الشعب الكوردي إلى شعوب عربية وتركية وفارسية .. وهكذا فإن كل الشروط والوقائع والدلائل تؤكد بأن؛ “كوردستان.. ما دون المستعمرة”؛ أي مستعبدة وبالتالي فإن التشخيص المناسب لواقعنا الجيوسياسي هو أن نقول: بأن “كوردستان مستعبدة دولية”!![1]