=KTML_Bold=الأمة الديمقراطية .. كرؤية ومشروع سياسي=KTML_End=
#بير رستم#
الحوار المتمدن-العدد: 5007 – 2015-12-08
المحور: المجتمع المدني
بقناعتي إن المشروع السياسي والذي طرحه السيد عبدالله أوجلان ضمن مفهوم “الأمة الديمقراطية” كرؤية وفلسفة نظرية، جاء نتيجة عدة مؤثرات وعوامل؛ منها ذاتية حزبوية وحتى شخصية وأخرى تتعلق بالواقع الثقافي والسياسي لتركيا وشعبنا والعلاقة التاريخية مع الدولة والخلافة العثمانية؛ حيث وعلى المستوى الذاتي والعامل النفسي، فإن السيد أوجلان طرح المشروع بعد ظروف الإعتقال والسجن وتوجيه الإتهام له؛ بأنه يعمل على تقسيم تركيا و”إنشاء كيانات جديدة” وهي تعتبر (خيانة وطنية) بعرف الدول الغاصبة لكوردستان، وكذلك فإن القراءات الفلسفية للسيد أوجلان وكاريزميته الشخصية وقيادته لزعامة تيار سياسي عريض في الحركة الكوردية، وأيضاً منافسة البارزانية وحكر الأخيرين للفكر القومي طرح قضية جد مهمة للتيار الأوجلاني؛ بأن يكون لهم مشروعهم السياسي الخاص بهم _أي “الأمة الديمقراطية”_ كون الديمقراطية تعتبر فلسفة العصر الأكثر قبولاً وإنسجاماً مع روح المرحلة التاريخية وكذلك إستجابةً لواقع المنطقة؛ حيث التداخل التاريخي والجغرافي بين عدد من الإثنيات والأقوام والأعراق وبالتالي كان لا بد من وجود فلسفة تستجيب لشروط الواقع في طرح عدد من القضايا العالقة للمنطقة وخاصةً بعد أن دخلت تجربة الدولة القومية في الشرق الأوسط في عدد من الأزمات وأوصلت حكوماتها إلى مرحلة الإستبداد والديكتاتوريات.
وهكذا جاء مشروع السيد أوجلان، ضمن تلك الشروط الذاتية والموضوعية كرؤية وأفق للحل السياسي لعدد من قضايا المنطقة العالقة وهي بكل تأكيد تنافس المشروع القومي عموماً في رؤيتها وحلولها، بل إن مشروع “الأمة الديمقراطية” تعتبر فلسفة بديلة عن مفهوم “الدولة القومية” في رؤيتها وقراءتها للحلول والأزمات، لكن ما يؤخذ على معارضي المشروع هو توصيفهم لها بأنها ضد الحقوق القومية لشعبنا الكوردي وإنها تعمل على طمس الهوية الكوردية، مع العلم إن المشروع يبحث عن حل كل المشاكل السياسية العالقة وعلى رأسها مشكلة الإثنيات والأعراق في صيغة التعايش الأخوي وإحترام ثقافة وخصوصية كل مكون عرقي في ما تعرف بالإدارات الذاتية والدولة الكونفيدرالية حيث يقول أوجلان في تعريفه لفلسفته وبما معناه؛ “إن كانت الأمة الديمقراطية هي الروح، فإن الإدارة الذاتية هي الجسد” والتعبير السياسي لفلسلفة الأمة الديمقراطية.
وبالتالي فإن المشروع جاء كرؤية وفلسفة لحل قضايا المنطقة وبالأخص تركيا؛ كونها الأكثر تطوراً من باقي المجتمعات الشرق أوسطية وكذلك للعلاقة التاريخية والثقافية بين الكورد والترك داخل الخلافة العثمانية .. ولكن ما يؤخذ على أصحاب المشروع الفلسفي؛ إنهم يريدون تطبيق النظرية الفلسفية الثابتة على واقع إجتماعي سياسي متحرك، وهنا تكمن الفضاحة والخطأ بقناعتي؛ حيث _ومن جهة_ لا يمكن تطبيق المقولات الفلسفية بكل حذافيرها على واقع ثقافي إجتماعي وقد طبق مرة واحدة تاريخياً وذلك مع المقولات الماركسية وأثبتت فشلها الذريع، وكذلك ومن الجهة الأخرى؛ ينسى هؤلاء الإخوة، بأن مجتمعاتنا ما زالت بعيدة عن روح هذه المقولات الفلسفية في الحريات والديمقراطية وحيث لا يمكن بناء الديمقراطية في واقع وبيئة غير ديمقراطية وذلك _فقط_ من خلال تبني مقولاتها الفلسفية، كون عملية البناء هي حالة ثقافية تراكمية وإن مجتمعاتنا ما زالت خاضعة لقيم قبلية عشائرية، بل وما قبل الدولة الوطنية المدنية، فاين نحن و”الأمة الديمقراطية”.
[1]