في تقرير جديد نشرته منظمة العفو اليوم (30 يوليو/تموز)، حذرت من أن قرابة 2000 طفل أيزيدي عادوا إلى عائلاتهم عقب أسرهم على أيدي الجماعة المسلحة التي تُطلق على نفسها اسم تنظيم “#الدولة الإسلامية# ” – يواجهون أزمة صحية بدنية ونفسية.
كما يتناول التقرير الذي يحمل عنوان إرث الإرهاب: محنة الأطفال الأيزيديين ضحايا تنظيم “الدولة الإسلامية”– الحاجة الملحة لوضع حد للفصل القسري للنساء عن أطفالهن الذين وُلدوا نتيجة العنف الجنسي الذي مارسه أفراد تنظيم “الدولة الإسلامية”.
ارتكب تنظيم “الدولة الإسلامية” بين عامي 2014 و2017 جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية وما تصفه الأمم المتحدة بالإبادة الجماعية ضد المجتمع الأيزيدي في العراق.
في حين أن كابوس ماضيهم قد تلاشى، تظل الصعوبات قائمة في وجه هؤلاء الأطفال.
مات ويلز نائب مديرة برنامج الاستجابة للأزمات – القضايا المواضيعية في منظمة العفو الدولية
ويكشف التقرير الذي يتألف من 56 صفحة التحديات الهائلة التي يواجهها الآن ما يُقدّر ب 1992 طفلاً عادوا إلى أحضان عائلاتهم بعد أن أقدم تنظيم “الدولة الإسلامية” على اختطافهم، وتعذيبهم وإرغامهم على المشاركة في القتال، واغتصابهم، وتعريضهم للعديد من الانتهاكات الأخرى المروعة لحقوق الإنسان.
وقال مات ويلز نائب مديرة برنامج الاستجابة للأزمات – القضايا المواضيعية في منظمة العفو الدولية إنه: “في حين أن كابوس ماضيهم قد تلاشى، تظل الصعوبات قائمة في وجه هؤلاء الأطفال. وعقب تحمّلهم أهوال الحرب في سن مبكرة للغاية، يحتاجون الآن إلى مساندة عاجلة من السلطات الوطنية في العراق ومن المجتمع الدولي لبناء مستقبلهم”.
“ويواجه الآن هؤلاء الأطفال – الذين نجوا من جرائم مروّعة – إرثاً من الإرهاب. ويجب أن تحظى صحتهم البدنية والنفسية بأولوية في السنوات القادمة حتى يتسنى لهم الاندماج التام في عائلاتهم ومجتمعهم”.
لقد عاد العديد من الأطفال ضحايا أَسْرِ تنظيم “الدولة الإسلامية” وهم مصابين بجروح أو أمراض أو إعاقات بدنية موهنة طويلة الأجل. وتشمل أكثر أمراض الصحة النفسية شيوعاً التي أُصيب بها هؤلاء الأطفال اضطراب ما بعد الصدمة، وحالة القلق، والاكتئاب. وتشمل الأعراض والسلوكيات التي غالباً ما تظهر عليهم السلوك العدواني، واستحضار الماضي، والكوابيس، والانطواء الاجتماعي، والتقلب المزاجي الحاد.
أزمة صحية بدنية ونفسية
أخبر العاملون في المجال الإنساني، ومهنيو الصحة النفسية، ومقدمو الرعاية، منظمة العفو الدولية بالتحديات المعينة لفئتين من الأطفال الضحايا: الجنود الأطفال السابقون والفتيات اللواتي تعرّضن للعنف الجنسي
تعرض آلاف الفتيان الأيزيديين الذين وقعوا في أسر تنظيم “الدولة الإسلامية” للتجويع، والتعذيب، وأرغموا على المشاركة في القتال. ونتيجة لذلك من المرجح أن يعاني هؤلاء الجنود الأطفال السابقين بصفة خاصة مشاكل صحية أو إعاقات بدنية خطيرة، مثل فقد أذرع أو سيقان.
وغالباً ما يُعزل الفتيان الأيزيديون لدى عودتهم؛ إذ إن عائلاتهم ومجتمعاتهم يجدون صعوبة في الإقرار بما مروا به من تجارب إبان أسرهم. وغالباً ما تعرضوا للدعاية المكثفة، والتلقين العقائدي، وأُخضعوا للتدريب العسكري الذي يهدف عمداً إلى محو هوياتهم، ولغتهم، وأسمائهم السابقة.
ومن أصل ال 14 جندياً طفلاً سابقاً، الذين أُجريت مقابلات معهم، أبلغ أكثر من نصفهم منظمة العفو الدولية أنهم لم يتلقوا عقب عودتهم أي شكل من أشكال الدعم، سواء النفسي – الاجتماعي، أو الصحي، أو المالي، أو خلافه.
قال ساهر* – الذي جُنّد قسراً في سن الخامسة عشرة: ” أرغمت على القتال. كنت مجبراً، وإلا كنت سأموت. لم يكن لدي خيار آخر. كان الأمر خارجاً عن ارادتي. وشاركت في القتال كي أبقى على قيد الحياة. إنه أسوأ ما يمكن أن يحدث لأي إنسان، وأشدّه إهانة … [عقب عودتي من الأسر] ما كنت أبحث عنه هو فقط شخص ما يهتم بي، ويُقدم لي شيئاً من الدعم، ويقول لي: ’أنا هنا من أجلك‘… هذا ما كنت أبحث عنه ولم أجده قط”.
وتعرضت الفتيات الأيزيديات لمجموعة واسعة من الانتهاكات في أسر تنظيم “الدولة الإسلامية” بما في ذلك العنف الجنسي. وتعاني الفتيات ضحايا العنف الجنسي مجموعة من المشاكل الصحية التي تشمل النواسير الناتجة عن الصدمات، والندب، والصعوبات في الحمل أو الإنجاب.
قالت رندا* – البالغة من العمر 14 عاماً التي ظلت في أسر تنظيم “الدولة الإسلامية” طيلة خمس سنوات: ” كنت طفلة عندما أجبروني على الزواج. لقد جعلوني أعاني. أريد أن يكون مستقبلي أفضل. أريد أن يُحاسب تنظيم الدولة “الدولة عمّا فعله بي”.
قالت إحدى الطبيبات التي قدمت منظمتها رعاية طبية ونفسية – اجتماعية لمئات النساء والفتيات الضحايا – إن كل فتاة تقريباً عالجتها بين سن التاسعة والسابعة عشرة قد اغتُصبت أو تعرضت لضروب أخرى من العنف الجنسي. وتبين لمنظمة العفو الدولية أن الخدمات والبرامج المتوافرة حالياً لضحايا العنف الجنسي قد أهملت الفتيات إلى حد كبير.
وأضاف مات ويلز قائلاً: “إن هؤلاء الأطفال تعرضوا بصورة ممنهجة لأهوال الحياة تحت سيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية”، وتُركوا الآن يعيدوا بناء حياتهم. ويجب إعطاؤهم الدعم الذي هم بأمس الحاجة إليه لإعادة بناء حياتهم كجزء من مستقبل الطائفة الأيزيدية”.
النساء اللاتي أنجبن أطفالاً نتيجة العنف الجنسي
أنجبت النساء والفتيات الأيزيديات مئات الأطفال نتيجة العبودية الجنسية لدى مقاتلي تنظيم “الدولة الإسلامية”. وقد حُرم العديد من هؤلاء الأطفال إلى حد كبير من مكان لهم ضمن الطائفة الأيزيدية بسبب عدد من العوامل التي تشمل موقف المجلس الروحاني الأيزيدي الأعلى، والإطار القانوني الراهن في العراق الذي يشترط وجوب تسجيل أي طفل لأب مسلم أو ’مجهول‘ كمسلم.
وقالت عدة نساء أجرت منظمة العفو الدولية مقابلات معهن أنهن تعرضن للضغط، أو الإكراه، أو حتى الخداع للتخلي عن أطفالهن وهذا ما سبب لهن عذاباً نفسياً شديداً. كذلك أعطيت تطمينات كاذبة لهؤلاء النسوة بأنهن سيتمكنّ من زيارة أطفالهن أو العيش معهم مجدداً في مرحلة لاحقة. وقالت كل النساء اللواتي أُجريت مقابلات معهن ممن فُصلن عن أطفالهن – أنه لا يمكنهنّ الاتصال بهم أو مقابلتهم. وقلن إنهن شعرن بالعجز عن التحدث إلى عائلاهن أو مجتمعهن حول الرغبة في أن يُجمع شملهن بأطفالهن، خوفاً على سلامتهن.
قالت جنان*، البالغة من العمر 22 عاماً: “أريد أن أقول [لمجتمعنا] ولكل من في العالم أرجوكم اقبلونا واقبلوا أطفالنا … فأنا لم أُرد إنجاب طفل من هؤلاء الناس. لقد أُجبرت على إنجاب ابن. ولن أطلب أبداً أن يُجمع شملي بوالده، لكنني احتاج إلى أن يُجمع شملي بابني”.
هؤلاء النساء تعرضن للعبودية، والتعذيب، والعنف الجنسي. ولا يجوز أن يعانين مزيداً من العقاب؛ فهن بحاجة إلى جمع شملهن مع أطفالهن، ويجب منع أي عمليات فصل في المستقبل.
مات ويلز
وقالت حنان*، البالغة من العمر 24 عاماً والتي أُخذت ابنتها منها: “شعوري هو نفس شعور كل الأمهات الأخريات [اللواتي في الوضع ذاته]. لقد فكّرنا جميعنا بالانتحار أو حاولنا فعل ذلك… نحن بشر، ولدينا حقوق، ونريد أن يكون أطفالنا معنا. وبالرغم من كل المعاناة مع تنظيم “الدولة الإسلامية”، فإننا الآن نتعرض لشيء أسوأ. نريد حلاً. “.
وتدعو منظمة العفو الدولية منظمات دولية مثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى إعطاء الأولوية لهؤلاء النسوة وأطفالهن والتحرك السريع لإعادة توطينهم أو نقلهم إلى بلدان أخرى بدواع إنسانية بالتعاون مع سلطات البلاد والحكومات الأجنبية.
ومضى مات ويلز قائلاً: “هؤلاء النساء تعرضن للعبودية، والتعذيب، والعنف الجنسي. ولا يجوز أن يعانين مزيداً من العقاب؛ فهن بحاجة إلى جمع شملهن مع أطفالهن، ويجب منع أي عمليات فصل في المستقبل. وينبغي إتاحة فرصة إعادة التوطين الدولي لهن أو نقلهن إلى دول أخرى مع أطفالهن نظراً للأخطار الهائلة التي يواجهنها في العراق”.
الحصول على التعليم وبواعث قلق أخرى
حُرم الأطفال الأيزيديون الضحايا من التعليم الدراسي الرسمي خلال السنوات التي أمضوها في الأسر. ويفوّت العديد منهم الآن البرامج المتوافرة للتعلم السريع إما لأنهم لا يعلمون بوجودها أو لأن البيروقراطية المفرطة تثنيهم عن ذلك. وبالنتيجة يفضل العديد من الأطفال الضحايا الخروج من نظام التعليم بالكامل. بيد أن الخبراء الذين أجرت منظمة العفو الدولية مقابلات معهم يتفقون على أن الالتحاق بالمدارس ضروري لمساعدة الأطفال الضحايا على التغلب على الصدمة التي أُصيبوا بها.
قالت نهلا*، وهي ضحية تبلغ من العمر 16 عاماً: “عقب عودتي إلى المدرسة أصبحت الأمور أكثر طبيعية وشعرت بتحسّن. فيحتاج المرء إلى المدرسة لبناء مستقبله”.
عاد العديد من الأطفال الأيزيديين الضحايا وهم يتحدثون العربية بدل الكردية، وهذا ما حال دون إعادة اندماجهم الكامل مع عائلاتهم وlمجتمعهم. ويرزح أيضاً العديد من الأسر – التي تعاني العوز أصلاً – تحت أعباء ديون ثقيلة عقب اضطرارها إلى دفع عشرات آلاف الدولارات كفدية لضمان إطلاق سراح أطفالها.
واختتم مات ويلز قائلاً: “قبل حلول الذكرى السنوية السادسة لهجوم تنظيم “الدولة الإسلامية” على الأيزيديين، ينبغي على السلطات الوطنية في العراق والمجتمع الدولي أن يفعلوا غاية وسعهم لضمان تقديم تعويض كامل على انتهاكات حقوق هؤلاء الأطفال وتقديم الدعم الذي هو من حقّهم”.
المنهجية
زارت منظمة العفو الدولية إقليم كردستان العراق من 17 إلى 27 فبراير/شباط 2020 وأجرت مقابلات مع 29 ضحية وقعوا في أسر تنظيم “الدولة الإسلامية” كأطفال، و25 فرداً من أفراد العائلات التي تتولى رعاية الأطفال الضحايا، و68 خبيراً ومسؤولاً بينهم أطباء، ومعالجون نفسيون، وموظفون في منظمات غير حكومية، ومسؤولون في الأمم المتحدة، ومسؤولون حكوميون.
انتهى
تنويه للمحررين: *لقد غُيّرت الأسماء لحماية هوية الأشخاص الذين أُجريت مقابلات معهم.[1]