=KTML_Bold=الكورد والاستبداد.؟!!=KTML_End=
#بير رستم#
الحوار المتمدن-العدد: 4918 – 2015-09-07
المحور: القضية الكردية
غربي كوردستان.. على طريق الديكتاتورية.
يبدو أن الحضارات في نموها وتشكلها وحياتها واندثارها وفنائها تتشابه مع الإنسان _كونه الفاعل والعامل الأساسي في أي حضارة_ وهكذا وكما للإنسان دورته الحياتية البيولوجية ويبدأ من النطفة والخلية الأولى فجنيناً وولادة وطفولة ثم تكون مرحلة الشباب والمراهقة ومشاكلها النفسية الاجتماعية و”الزعرنة” وكذلك _وبنفس الوقت_ التأسيس للقادم من الحياة ومن ثم إلى البلوغ والرجولة والعطاء والإنتاج وأخيراً الكهولة والتقاعد وانتظار الرحيل والموت وذلك بعد أن يكون قد مهد الطريق لولادة وقيادة جديدة.. وأيضاً الحضارات؛ فهي تتكون وتتشكل وتبدأ بالقيام والنمو والتعملق ومن ثم تصاب بالمرض والشيخوخة والفناء بعد أن تكون قد مهدت الطريق لولادة حضارة جديدة وبالتالي انتقال مركز القوة والعمران إلى قطب جديد وبقعة جغرافية أخرى حيث ومن خلال نظرة سريعة إلى سلسلة التطور والتدحرج الحضاري نجد بأن هناك _وفي كل مرة_ إعادة لهذه الدورة الحياتية ولكن بسويات فكرية وذهنية أعلى وأكثر تطوراً وإنتاجاً معرفياً ومادياً وسرعة في تجاوز المراحل الحياتية/الحضارية.
وهكذا _وبقراءة سريعة_ للمجتمعات البشرية ونظمها السياسية ومقارنتها، نجد بأن الواحد يسير على ركب الآخر ودربه ولكن يتجاوز ما مر به الآخرون بفترات أقل قياساً زمنياً وأيضاً خسارةً وعنفاً ومعاناةً حيث وبالعودة إلى تاريخ الدولة القومية والتوتاليتارية نجد بأن الشعوب الأوربية سبقت الجميع إلى ذلك، بل هي من أنتجت ما يسمى اليوم بالفكر القومي وذلك إبان الثورة الفرنسية 1789 وكثورات اجتماعية سياسية على الفكر الغيبي اللاهوتي والإمبراطورية الدينية البطريركية وذلك في بدايات وأواسط القرن التاسع عشر حيث ((استخدم جويسيبى ماتزينى الزعيم والسياسى القومى الإيطالى هذا المصطلح للمرة الأولى نحو عام 1835 ومنذ ذاك تنبه المؤرخون والسياسيون لدلالته المهمة في الثقافة الغربية)) (من موسوعة ويكيبيديا). وهكذا وعلى أثر ذلك قامت حربين عالميتين وتم رسم خارطة العالم _والتي ما زالت تتجدد_ مع ولادة عصر القوميات ودولها الناشئة حيث لحقتها _أي للمنطقة الأوربية_ فيما بعد، المنطقة الآسيوية والأفريقية وذلك من خلال تفتيت آخر الامبراطوريات الدينية في العالم “الخلافة العثمانية” وولادة تركيا والمجموعة العربية _قومياً_ وكذلك عدد آخر من الدول القومية.
وإنه لمن الملاحظ بأن تركيا _أو الشعب التركي_ بدأت بوعيها القومي مع مجموعتها ((تركيا الفتاة أو الأتراك الشباب (بالتركية Jö-;—;–n Türkler): هو اتحاد لمجموعات عديدة مؤيدة لإصلاح الإدارة في الإمبراطورية العثمانية. أدت الحركة إلى الحقبة الدستورية الثانية بواسطة ثورة تركيا الفتاة. في عام 1889بدأت الحركة في صفوف الطلاب العسكريين وامتدت بعدها لتشمل قطاعات أخرى، وكانت بدايتها كممانعة للسلطة المطلقة للسلطان عبد الحميد الثاني. عند تأسيس جمعية الاتحاد والترقي في 1906، ضمت الجمعية معظم أعضاء تركيا الفتاة. بنت الحركة واقعا جديدا للانشقاقات التي صاغت الحياة الثقافية، السياسية والفنية للإمبراطورية العثمانية في الفترة الأخيرة قبل إلغائها)) (موسوعة ويكيبديا). وهكذا بدأت تركيا بتأسيس وعيها ودولتها القومية انطلاقاً من تلك اللحظة التاريخية ومن الملاحظ بأنها تتأخر بقرن كامل عن الثورة والوعي القومي والحضاري الأوربي والذي يمكن تسميته بالفارق الحضاري _الزمني على الأقل_ بين المجتمعين والحضارتين.
وهكذا وكنتيجة ل((حكم الباشاوات الثلاثة المنتمين لتركيا الفتاة الإمبراطورية العثمانية منذ التحول عام 1913 وحتى نهاية الحرب العالمية الأولى، وكرد فعل للحركة تم إنشاءالجمعية العربية الفتاة على يد مجموعة من الطلاب العرب في باريس عام 1909)) (المصدر السابق). وكذلك فإن الكورد لم يتأخروا كثيراً عن العرب بالإعلان عن تشكيل وعيهم القومي وذلك من خلال الدعوة إلى ((حضور المؤتمر التأسيسي لجمعية خويبون في لبنان خريف 1927)). (من مقال للسيد محمد ملا أحمد بعنوان: جمعية خويبون والنضال من أجل حقوق الأكراد القومية في سوريا _ الحلقة 14). وبالتالي نلاحظ بأن هناك تدرجاً وتسلسلاً في الوعي القومي والحضاري؛ ابتدأ في أوروبا منذ ما يقارب القرنين ولحقها تركيا منذ ما يقارب القرن بينما الدول العربية تأخرت عنها ما يقارب الربع قرن والكورد كذلك وقد عرفت هذه الشعوب وتدريجياً مراحل الثورات القومية ونشوء دولها وأحزابها القومية الراديكالية وبشعاراتهم الديماغوجية والثورية وكذلك بعنفهم واستبدادهم وديكتاتورياتهم اللاحقة وخاصة في النصف الثاني من تجربتها؛ فكانت الفاشية والنازية في التجربة الأوربية وكان _وما زال_ الشوفينية العربية والطورانية التركية كنماذج سيئة عن المفاهيم القومية العنصرية في المنطقة الشرق أوسطية تجاه بقية مكونات الدولة القومية من غير العنصر والعرق الذي تكنى الدولة بها وتعتبره امتيازاً وفخراً لذاك المكون حيث الكمالية التركية تقول “افرح فأنت تركي”.
واليوم نلاحظ نهوض وتشكل الجنين الكوري _الدولة الكوردية_ وذلك في كل من الإقليمين الجنوبي والغربي لجغرافية كوردستان حيث الإقليم الجنوبي (إقليم كوردستان العراق) قد رسم ملامحه؛ أي ملامح النظام السياسي الذي يتبعه وذلك من خلال مجمل العملية السياسية التوافقية العراقية أو ما يمكن تسميته ب(الديمقراطية التوافقية) وبالتالي كانت المخرج _ورغم سلبياتها العديدة_ من المأزق والخلاف السياسي وخاصةً بين الفصيلين الكورديين الأساسيين؛ الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني والتوافق على المناصفة والإدارة المشتركة ثم ما تبعها من تطورات سياسية وإقليمية دولية وتعدد القوى وبروز دور التيارات الدينية الإسلامية وأحزابها ووزنها في الإقليم؛ إقليم كوردستان (العراق) ومن ثم التوافقات الجديدة فهي _بالمجمل العام_ في طريق التنمية والعمران وعلى خطى الدول الخليحية الاماراتية.
بينما الوضع في الإقليم الغربي من جغرافية كوردستان _سوريا_ ما زال في مرحلة المخاض والولادة حيث الأزمة والصراع والحروب الداخلية على المستوى السوري العام وكذلك على المستوى الكوردي وإن اختلفت الأساليب بين الحربين. وهكذا فما زال الوضع غائماً وغير واضح المعالم؛ فعلى الرغم من طرح الإخوة في حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) والعمال الكوردستاني عموماً لمفهوم “الأمة الديمقراطية” فإن ما يجري على الأرض هو تشكيل كيان قومي كوردي _وهي مرحلة لا بد منها؛ حيث لا يمكن بناء الديمقراطية في مجتمعات متخلفة_ وبالتالي لا يمكن القفز من فوق المرحلة القومية ولكن يمكن التقليل من عمرها ومخاطرها وهكذا المضي نحو الكيان القومي الراديكالي المستبد والديكتاتوري وذلك أسوةً بتاريخ كل شعوب وتجارب العالم ودولها القومية وما قيام سلطات “الأمر الواقع” بتلك الاجراءات بحق الكتل والأحزاب السياسية الأخرى وعلى الأخص الحزب الديمقراطي الكوردستاني _سوريا_ إلا جزء من تلك التجربة والثقافة الاستبدادية وبداية التجربة الديكتاتورية الكوردية.
[1]