=KTML_Bold=تركيا.. والموقف الضبابي من “داعش”.؟=KTML_End=
#بير رستم#
إن موقف تركيا الحكومي والرسمي قد فاجئ وحيّر الكثير من المحللين السياسيين وذلك عندما رفضت الاشتراك في التحالف الدولي _من ثلاثون دولة_ والذي سوف تقوده الولايات المتحدة الأمريكية ضد ما باتت تعرف اليوم بالدولة الاسلامية في العراق وبلاد الشام _أو الدولة الاسلامية_ وإختصاراً “داعش” حيث أعلنت تركيا وبشكل رسمي إنها لن تشترك في الحملة الدولية والتي سوف تقودها أمريكا ضد “تنظيم الدولة الاسلامية وميليشياتها” وقد سبقت موقفها ذاك عدم توصيف التنظيم بالإرهاب في المؤتمر والذي أنعقد بخصوص الحشد الإقليمي والدولي في العاصمة الثانية للسعودية؛ أي جدة وذلك ضمن “الاجتماع الوزاري العربي الأمريكي بتاريخ 11-09-2014″ وكذلك فإنها رفضت استخدام أراضيها للانطلاق بعمليات حربية ضد “داعش” كقاعدة أنجرليك العسكرية و“مكتفية بتوفير المعلومات الاستخبارية، وحل بعض المشاكل اللوجستية وتعزيز الحدود” وقد بررت تركيا موقفها هذا خوفا على حياة 49 موظفا في القنصلية العامة التركية في الموصل تم أسرهم من قبل عناصر تنظيم الدولة الاسلامية “داعش“وبالتالي فإنها وبحسب القراءات الأولية هي وقفت إلى جانب “داعش” أو على الأقل أخذت جانب الحياد من المسألة وذلك إن لم نتهمها بأنها بمواقفها تلك قد أضعفت مواقف القوى والدول التي تحاول تشكيل تحالف دولي لضرب “داعش” وقواعد الإرهاب في المنطقة مما يدفع _وقد دفع فعلاً_ بالعديد من المحليين إلى إتهام تركيا بالوقوف وراء بعض الفصائل الاسلامية الرادياكالية وعملياتها الإرهابية في المنطقة، بل هناك من حاول أن يثبت وجهة نظره تلك.. بأن أخرج من جعبته وملفاته القديمة بعض الصور التي تكشف فيها إجتماع بعض المسؤولين الأتراك _ومنهم نجل الرئيس الحالي لتركيا_ ببعض الشخصيات القيادية في “داعش” وذلك في عملية إقحام ببعض المناسبات الدينية وزعاماتها في قضايا سياسية مختلفة تماماً وضمن سياقات تاريخية مختلفة.
بالتأكيد.. هكذا موقف من تركيا كان يستوجب رداً عنيفاً من أمريكا وعموم الدول المتحالفة وذلك لاعتبارات عدة؛ كونها أي تركيا عضو في الحلف الأطلسي وبالتالي تستوجب عليها المشاركة في التحالف الدولي وكذلك لما تقدمها تلك الدول من دعم مادي ومعنوي لحليفتهم الاستراتيجية في المنطقة _أي تركيا_ ومع ذلك لم نرى ذلك التشدد أو التأنيب اللاذع في الخطاب الأمريكي أو الغربي تجاه تركيا نظاماً وحكومة وذلك على الرغم من مطالبة الرئيس أوباما من نظيره التركي بأن يرى “تركيا ضمن الحلف الدولي“، بل أرتضت الدول المتحالفة بالدور التركي اللوجستي وجعل أربيل؛ عاصمة إقليم كوردستان وأراضيها ومطارها قاعدة للإنطلاق لضرب “داعش” وشبكتها الإرهابية في المنطقة والاكتفاء بقاعدة أنجرليك التركية وأراضيها للحالات الانسانية فقط.. وبالمناسبة فإن موقف تركيا هذا يذكرنا بالموقف السابق لها من الحرب التي شنتها أمريكا والحلف الدولي على النظام العراقي السابق حيث يومها كذلك رفضت تركيا الدخول في التحالف الدولي واستخدام قاعدة أنجرليك وأراضيها لعبور القوات الدولية. وهكذا فإن تركيا اليوم تعيد نفس الموقف الرافض في الدخول ضمن تحالف دولي _وكذلك إيران أيضاً وعلى لسان مرشد الثورة السيد خامنئي ومتحججاً بأسباب واهية_ وذلك من أجل ضرب جماعة وتنظيم إرهابي دولي يرتكب أفظع الجرائم بحق كل المكونات العرقية والدينية التي تخالفه في القناعات الدينية والسياسية وقد رأينا آخر جرائم “داعش” بحق كل من المكون المسيحي والآيزيدي في الموصل وشنكال وبعض المناطق الكوردية الأخرى.. وهكذا فعلى الرغم من الإدعاء التركي _وعلى لسان رئيسها السيد رجب طيب أردوغان_ ب“إن تركيا تعادي كل الحركات الإرهابية..” فهي لا تريد الدخول في التحالف الدولي ضد الإرهاب الداعشي.
طبعاً تركيا ربطت موقفها ذاك بخطف عدد من مواطنيها ودبلوماسيها من قبل التنظيم الاسلامي “داعش” في العراق وكذلك بتخوفها من تدفق السلاح لبعض الجماعات الكوردية وتحديداً منظومات حزب العمال الكوردستاني وملحقاتها العسكرية (الكريلا وال YPG) وإن كانت في حقيقة الأمر لا تريد تدفق السلاح الغربي للكورد عموماً وضمناً لقوات البيشمه ركة في الإقليم الكوردستاني بحيث يخلق توازنات عسكرية جديدة في المنطقة وقد راينا موقفها المتخاذل تجاه هجمات “داعش” على الإقليم مما دفع بالرئيس بارزاني إلى القول: “يجب ان نجتمع مع تركيا ونناقش هذا الامر بوضوح متسائلا هل يمكن ان تكون العلاقات على هذا الشكل؟“. ولكن ورغم كل ما سبق _وبقناعتي الشخصية_ فإن موقف كل من تركيا وإيران بعدم الدخول في تحالف دولي ضد الإرهاب ينطلق من قضية مركزية أكثر خطورةً للدولتين الإقليمتين؛ ألا وهو المحاولة للحد من تنامي النفوذ الكوردي في المنطقة وتحديداً في كل من جنوب وغربي كوردستان وكذلك خطر إستهدافهما من قبل تلك الجماعات والتنظيمات الإرهابية وإن كانت للعوامل والأسباب السابقة لها بعض التأثير في إتخاذ تركيا للموقف السياسي الرافض في المشاركة في التحالف الدولي ضد “داعش” إلا أن السبب الرئيس _هو كما أسلفت_ أي “عدم جلب الدب إلى الكرم” وبالتالي إتخاذ سياسة النأي بالنفس عن الصراعات الإقليمية وعلى الأخص مع جماعات الاسلام الراديكالي حيث وعندما نعرف طول الحدود التركية مع تلك الجماعات وذلك في كل من سوريا والعراق يمكن أن نتفهم موقف الدولة التركية وكذلك فإن إيران هي الأخرى مستهدفة طائفياً ومذهبياً من جماعات التطرف الاسلام السني وعلى الأخص بعد الصراع السوري الدموي وإتهام كل من إيران وحزب الله اللبناني بالوقوف وراء النظام السوري من مواقف طائفية مذهبية.
وهكذا فإن خطر نشوب النيران في أراضي الدولتين؛ تركيا وإيران وكذلك الموقف العنصري والحاقد على القضية الكوردية وإضافةً إلى عدد من المسائل والقضايا الخاصة بكل من النظامين السياسيين في البلدين المذكورين هي التي دفعت بهما إلى “الوقوف على الحياد” من قضية المشاركة في تحالف دولي ضد ما تعرف بالدولة الاسلامية وجماعات التطرف الاسلامي في المنطقة وليس لأن تركيا أو إيران هي التي ترعى “داعش” وإن كانت أجهزة المخابرات الإقليمية والدولية _بمن فيهم الأجهزة الإيرانية والتركية_ متورطة مع جماعات الاسلام الراديكالي ومنها “داعش” لكن الحاضنة الاجتماعية والثقافية هي أكبر تفريخ للإرهاب في المنطقة وللقضاء عليها على النظم والدول أن تجفف المنابع الفكرية الجهادية في العالم الاسلامي.
[1]