=KTML_Bold=السلطان عبد الحميد وفكر القائد عبد الله أوجلان وثلاثية الطبيعة الكردية=KTML_End=
د. علي أبو الخير
=KTML_Bold=القائد عبد الله أوجلان وحرية الشعوب=KTML_End=
الحاضر غرس الماضي والمستقبل جني الحاضر، وما يحدث اليوم له مبرراته وتاريخه، ومن هنا لا نبتعد عن الحقيقة عندما نقول: إن القائد عبد الله أوجلان ينظر بعين الواقع والمثال معا، عندما رأي في كونفدرالية الشعوب طريقا للديمقراطية وتحقيق متطلبات النصر على أعداء الشعوب في منطقتنا، وهذا الرأي، له تاريخ ممتد عبر الزمن، منذ احتلال الدولة العثمانية لدول المنطقة، ووقوع الكرد كغيرهم من الشعوب العربية تحت النفوذ العثماني، وكان من المفترض أن تتشكل دولة كونفدرالية عثمانية، تنعم فيها شعوب الخلافة بالحكم الذاتي، يقترب كثيرا من الكومنولث البريطاني، ولكن ما حدث عكس ذلك، فقد ظن ملوك بني عثمان أن الأرض التي يحتلوها هي ميراث الخلافة العباسية والفاطمية وقبلهم الأموية، وراح شيوخ الإسلام يتحدثون عن ضرورة طاعة الخليفة، حتى لو ضرب الظهر وأخذ المال، ومن هنا كمنت ومازالت تكمن المآسي الممتدة عبر الزمن.
=KTML_Bold=ثلاثية الفكر الكردي=KTML_End=
الشعب الكردي فريد من نوعه، فعلى الكردي كما يقولون عن حق – أن يحافظ على ثلاثة أمور هي «الإسلام، الإنسانية، القومية»، كما أن له ثلاثة أعداء لا بد أن يعمل على النيل منهم، وهؤلاء الأعداء هم «الفقر، الجهل، الأمية»، ومحاربة الأعداء الثلاثة تتم بحمل الكردي لثلاثة سيوف هي «سيف العدل والمعارف، سيف الاتفاق والمحبة القومية، سيف الاعتماد على النفس لا على الغير”.
ومن خلال هذه الثلاثية عاش الكرد تحت نفوذ دولة خلافة، وقد اعتاد المسلمون على تقديس الخلافة والخلفاء، فكان الموقف العام لعلماء كردستان كان موقف المتفهم للحملات والحروب التي كان يخوضها الخلفاء، ضد الروس وبريطانيا وفرنسا، وخاصة الحروب التي كان يعدها السلطان عبد الحميد الثاني، وما يترتب على تلك الحملات من أعباء اقتصادية مرهقة. بل إنهم كانوا من الدعاة إلى الجهاد، اعتقاداً منهم أن المجاهدين يصونون كرامة الأمة الإسلامية ويدافعون عن الأرض ويحمون العقيدة، وهو رأي شيوخ وعلماء الأمة وفي كل مؤسسات دولة الخلافة، والكرد لهم ولاية مثل ولايات البصرة – بغداد – الشام – القيروان … الخ
=KTML_Bold=السلطان عبد الحميد=KTML_End=
حكم السلطان عبد الحميد الثاني مدة 33 سنة من 1876وحتى 1909 عندما خُلع، ثم وُضع رهن الإقامة الجبريَّة حتّى وفاته عام 1918، ولقد ظهرت وشاعت كذبة كبرى تقول إن السلطان عبد الحميد تصدى للأطماع الصهيونية، وأن اليهود حاولوا رشوته لتثبيت ملكة في مقابل مساعدتهم لتأسيس دولتهم في فلسطين، وأنه رفض ذلك رفضا تاما، وهو قول مكذوب، وقد رددنا على تلك المزاعم قديما في مقالات بجريدة الوفد المصرية عامي 1998 و1999، وما حدث يكذب تلك الروايات المتأسلمة، فقد تفاوض السلطان عبد الحميد مع اليهود، وهو أول من سمح بالهجرة اليهودية إلى فلسطين وتملك الأراضي فيها، حيث سمح بإقامة أول أربع مستوطنات صهيونية في ظل حكمه وهي : ريشون لتسيون 1878م، وبتاح تكفا 1878م، وزخرون يعقوب1882م، وتل أبيب عام 1908م، وهي مستوطنات أقيمت على أنقاض القرى العربية التالية: عيون قارة وملبس، وزمارين، وتل الربيع، وخُلع عبد الحميد بعد أن توحشت الحركة الصهيونية بفضله .
=KTML_Bold=السلطان عبد الحميد والكرد=KTML_End=
حاول السلطان عبد الحميد إنقاذ العرش العثماني، من خلال إشعال حرب بين الشعوب في داخل الدولة، مثل الأرمن، والآشوريين، فحاول أن يكون الكرد هم الطرف الذي يحارب الآخرين، حيث كانت السلطنة العثمانية في حينها قد خافت من تكرار الأحلاف الكردية كالحلف المقدس، الذي أنشأه بدرخان باشا في العقد الرابع من القرن التاسع عشر، ومن عصبة الكرد التي أقامها الشيخ عبيد الله النهري في الثمانينات من القرن نفسه، والتي اشترك فيها أكثر من 200 رئيس عشيرة، ومتنفذ كردي.
من أجل تلك الأسباب، فكّر المسؤولون الأتراك في تشكيل الفرسان الحميدية نهاية المطاف وهو ما تحقق، فأنشأ عبد الحميد الثاني واحدة من أكثر الفرق العسكرية العثمانية، كانت فرقة كردية خالصة، وحينما وافق بعض الكرد على الانخراط في المشروع العثماني بعدما ارتُكبت ضدهم مجازر كبرى قام بها العثمانيون كغيرهم من الشعوب الأخرى، ويشير الكاتب الأردني (خالد بشير) في منشور له على مدونة “حفريات” إلى أن الكتائب الحميدية كانت فرقاً عسكريّة عثمانية شبه نظاميّة، تشكّلت من الفرسان المقاتلين الكرد، وارتبط اسمها بالعثمانيّ عبد الحميد الثاني، الذي كان المؤسس والراعي لها، إلّا أنها سرعان ما كانت سببًا لارتباط اسم السلطان أيضًا بسلسلة من المجازر المروّعة، المعروفة بالمجازر الحميديّة.
=KTML_Bold=حروب الشعوب وكتائب الفرسان الحميدية=KTML_End=
انتهت الحرب الروسية العثمانية عام (1878م) بهزيمة العثمانيين، وخسروا أجزاء مهمّة من منطقة القوقاز، بينما بقيت الولايات الشرقية خالية من السيطرة الفعليّة للجيوش العثمانية التي كانت منهكة ومُستنزَفَة بفعل الحرب؛ ما ترك المجال للسيطرة عليها من قبل أطراف محليّة متعددة، مثل القبائل الكرديّة، ولعل أبرز دوافع عبد الحميد الثاني إلى اللجوء صوب الشعوب لحماية عرشه، المخاطر الجسيمة التي حامت حول دولته، وانفراط عقد جيشه، وتراجع ثقته في قدرته على التصدي لتلك المخاطر المقبلة، خاصة إثر الهزائم المتتالية التي تعرض لها جيشه. يقول الباحث نايف كركري في منشور له عن قصة نشأة الفرق الحميدية: “كان الدافع من تأسيس الفرسان الحميدية أن العثمانيين كانوا في صراع مستمر مع الروس، وأرادوا الاستفادة من قوة المقاتل الكردي المعروف بشجاعته، ومقدرته القتالية، وحماية الأراضي العثمانية من التغلغل البريطاني في الأناضول، وكان الهدف هو فرض السيطرة على العشائر الكردية، ولاسيما العشائر الإقطاعية الموالية للعثمانيين، وبسط نفوذهم على كردستان بصورة عامة لتكون العشائر خاضعة لهم، وتحت سيطرة الدولة العثمانية، وفي المقابل كانت غايات العشائر الكردية مختلفة تجاه الانضمام إلى تشكيل الفرسان الحميدية، فمنهم من كانت له الرغبة في تشكيل قوة مسلحة من رجالاتها لحماية العشيرة وتقوية نفوذها العشائري، ومنهم من رأى الفرصة المناسبة لاسترجاع قوته، التي فقدها سابقا، وهناك من دخل في تلك التشكيلات للتخلص من الجندية والخدمة العسكرية.
=KTML_Bold=عود على بدء=KTML_End=
مما سبق يتضح أن مأساة الكرد ليست وليدة اتفاقية لوزان وحدها، بل سابقة عليها، وأن الأتراك اعتمدوا على الكرد في حربهم مع الروس، وأنشؤوا فرقا لمحاربة الأرمن والآشوريين، ولكنها انقلبت على الجميع، خاصة الكرد، الأغلبية في جغرافيا كردستان.
واليوم نريد فعلا كونفدرالية شرق أوسطية، تمنع من توغل تركي جديد، ويكون الناس في الدولة الجديدة على قدم المساواة، وهي فكرة القائد عبد الله أوجلان، حددها الزعيم وهو وراء القضبان.
علينا السعي للإفراج عن القائد، ثم الترويج الإعلامي السياسي الحقيقي، ونعتقد أنها من الأمور الصعبة، ولكنها غير مستحيلة.[1]