=KTML_Bold=الشعب الكردي وقضيته في فكر الإخوان المسلمين=KTML_End=
د. علي أبو الخير
=KTML_Bold=من البنَّا لأردوغان=KTML_End=
منذ حسن البنا، وحتى رجب طيب أردوغان، مرورا بعدنان مندريس، لم يتغير فكر جماعة الإخوان المسلمين وكل حركات الإسلام السياسي، فقد مضى خمسة وتسعون عاما (أي ما يقرب من قرن) على تأسيس جماعة الإخوان المسلمين على يد حسن البنا عام 1928، وهو ما نعده بداية وجود ما يُعرف بالإسلام السياسي، وما ترمز إليه جماعة الإخوان، وقد انتشرت فكر الجماعة في أنحاء العالم، ودخلوا في صراعات مع كل الحكومات التي عاشوا معها، سواء في مصر أو الدول العربية.
نحن نرفض مصطلح الإسلام السياسي، كما نرفض مصطلح الأصولية، لأنها مصطلحات غربية تهدف في المقام الأول النيل من الإسلام كدين روحي إيماني تلقائي، من خلال التمييز والتفريق ثم الدمج بين الإسلام كدين، والسلوك الاستبدادي الخاطف للدين، عبر أجواء التاريخ، بالإضافة إلى أن جماعة الإخوان استهدفت الحكم منذ بداية التأسيس، حتى لو زعموا أنهم يستهدفون المجتمع بالتربية إلى حين الوصول إلى الحكم، فقد اعتبروا أنفسهم جماعة المسلمين وليست جماعة من المسلمين، كما انتقدهم الكاتب الصحفي الراحل “حسن دوح” عندما خرج من الجماعة.
=KTML_Bold=الكرد في فكر الجماعة الإخوانية=KTML_End=
انتشر فكر جماعة الإخوان المسلمين في شتى أنحاء العالم، وتدخلوا في الشأن الداخلي لكل البلاد الإسلامية، من العراق لأفغانستان، ومن تونس إلى لبنان وسوريا، ونالت القضية الفلسطينية جيّزا كلامياً وبلاغياً عند جماعة الإسلام السياسي، إلا الشأن الكردي، والمفترض أن يكون الإخوان المسلون منصفين للشعب الكردي، ولكنهم تناسوا القضية الكردية كلها، وساهم الإخوان بفكرهم في قتل #الكرد# في العراق وتركيا، ودافعوا عن صدام حسين بعد أن ضرب (حلبجة) بالمواد الكيميائية عام 1988، واتهموا إسرائيل بتشويه صدام، وبرّأوه من تهمة الحرق بالمواد الكيميائية، ونلاحظ أن فكر الإخوان المسلمين لم ينتشر، ولم يلق قبولا لدي الشعب الكردي، اللهم إلا النوادر من الكوادر غير المؤثرة في الشأن الكردي في العصر الحديث، الإخوان فقط يريدون خلافة، برعاية المرشد، لأنهم يرون أن الخلافة من ضرورات الدين، وعندما رأوا سقوط الخلافة العثمانية عام 1924، رأوا في الجماعة امتدادا لإحياء فكرة الخلافة، ثم اعتبروا أنفسهم جماعة المسلمين الذين يمثّلون الإسلام المحمدي الممتد عبر الزمن من الصحابة والتابعين ثم خلفاء الأمويين والعباسيين والعثمانيين.
وخلال أربعة أعوام ما بين سقوط الخلافة 1924 وظهور الإخوان 1928، حدثت محاولات لمبايعة الملك المصري فؤاد الأول خليفة للمسلمين، وكذلك محاولة الملك السعودي عبد العزيز آل سعود، الذي كان يُسمّى سلطان نجد والحجاز خطف لقلب الخلافة، إلا أن تجاوز الزمن للفكرة ذاتها أبطلتها، ثم صُدر كتاب “الإسلام وأصول الحكم” للشيخ الأزهري على عبد الرازق عام 1925 ليدحض فكرة عودة الخلافة على أرض الواقع. ولكن القلوب الإسلامية ظلت مشتاقة للخلافة الواحدة والبيعة الواحدة، رغم مظاهر عدم المبالاة بمن يحققها، ولعب الإخوان المسلمون على ذلك الوتر الحسّاس، ولكن المجتمع المصري كان يعيش في الوقت نفسه فترة الليبرالية، بزعامة حزب الوفد التاريخي بقيادة الزعيم مصطفى النحاس، وشعبية النحاس الطاغية أدت إلى قيام المظاهرات والقول: “الشعب مع النحّاس”.
وعندما غضب الملك فاروق، أخرج الشيخ حسن البنا مظاهرات تقول “الله مع الملك”، وخرج المرشد الثاني للجماعة “حسن الهضيبي” بعد لقائه بالملك فاروق قائلا:”لقاء كريم مع ملك كريم”، أي أنهم عادوا للفكر السلطاني الذي مارسه الخلفاء والسلاطين والأمراء عبر تاريخ المسلمين، وفي كل الحالات تناسى الجميع القضية الكردية، تناسى الملوك والرؤساء، ولكن التناسي الأعظم جاء ممن يعدون أنفسهم حراس أبواب السماء، وهم ممثلو الإسلام السياسي، والإخواني بصفة خاصة.
وما بين عامي 1954 و1965 ومن داخل مشفى السجن، ألف “سيد قطب” كتابه الخطير “معالم في الطريق”، الذي أضحى السبيل إلى التكفير والقول بالمجتمع الجاهلي، ولم يتطرق سيد قطب للشعب الكردي، ولا ألمح لنضاله، لأنه يرى مواجهة الفكر بالتكفير، على أن الرئيس أنور السادات أخرجهم من السجون لمواجهة المد الناصري، ولكنه في النهاية راح ضحية الإسلام السياسي، ودام الحال على ما هو عليه حتى اليوم.
ولقد قال المفكر الراحل جمال البنا الشقيق الأصغر لحسن البنا عن الجماعة: “إنهم لا ينسون شيئا ولا يتعلمون من شيء”، لأنهم بعد أن وصلوا للحكم في مصر عام 2012، بدأت عملية إقصاء رهيب لكل التيارات السياسية والدينية، وظهر التكفيريون الدمويون، ودخلوا في صراعات مع القضاء والإعلاميين والشرطة والجيش، فانتهوا اجتماعيا، وإن لم ينتهوا على المستوى السياسي، خاصة بعد أن أعتبر الرئيس التركي أردوغان نفسه ممثلا للإسلام السياسي.
الأمر المؤكد أن الإسلام دين شامل متكامل، والسياسة القائمة على العدل هي صلب العقيدة، ولكن ومنذ تأسيس الجماعة الإخوانية وحتى اليوم، لم يترك الإخوان سلطة إلا واجهوها، وتحالفوا مع الممثل الإخواني العثماني رجب أردوغان، وشوهوا وتصدوا لحركة النضال الكردي، والتصقوا بأردوغان الممثل البراجماتي لجماعة الإخوان … ولله الأمر من قبل ومن بعد.
[1]