=KTML_Bold=العرب والكُرد في فكر برنارد لويس.. مؤسس الفوضى في المنطقة=KTML_End=
د. علي أبو الخير
=KTML_Bold=نموذج الفوضى في السودان=KTML_End=
يحدث في السودان من بوادر حرب أهلية، قد تفصل إقليم (دارفور) بما يهدد المنطقة بأسرها، هو جزء لا يتجزأ من نظرية الفوضى، خلاقة أو غير خلاقة، التي تسعى القوى العالمية لتحقيقها، وهذا يعود بنا للحديث عن مهندس الفوضى، التي قالوا إنها خلّاقة، ونقصد المهندس الأيديولوجي، برنارد لويس، المستشرق اليهودي البريطاني الأمريكي، الذي أثّر في الفكر السياسي الأصولي الاستعماري، وتمكن من تطبيق فكره على المنطقة العربية خلال أربعة عقود من الزمان، وتحديداً بعد هجرته واستقراره في أمريكا عام 1974، حتى وفاته عام 2018 وخلالها تم اقترابه من الدوائر السياسية والاستخباراتية الأمريكية، منذ هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي الأسبق.
وصف لويس نفسه، فيما معناه، بأنه يتجسد للبعض كمثال للعبقرية المفرطة، وأما البعض الآخر فيراه تجسيداً للشر المتجسد في صور شتى، في مجلة “كرونيكل” للتعليم العالي، قبل وفاته بيوم، عن عمر ناهز السنة الأولى بعد المائة، أفناها في دراسة ونقد التراث والفكر العربي الإسلامي، والصهيونية هي التي تعتبره عبقرياً، والمسلمون يعتبروه مثلاً للشر ومريداً له، وهو أمر محسوم.
=KTML_Bold=الفكر الإمبراطوري=KTML_End=
يقول لويس بصورةٍ واضحة عن انتمائه منذ الصغر لفكرة الإمبراطورية البريطانية، يقول في مذكّراته: “منذ مرحلة الطفولة التي عشتها في لندن خلال العشرينيّات، كنت أشعر بالفخر بحقيقة كوني جزءاً ممّا يمكن أن نسمِّيه أعظم إمبراطورية في التاريخ”، وعندما غربت الشمس عن إمبراطورية البريطانيين، استقر به الحال للعيش والحياة في الإمبراطورية الأمريكية وريثة الاستعمار البريطاني، فأثّر كثيراً في الفكر الصهيوني الأمريكي، خاصةً أنه يتحدث العربية، وقد حصل من قبل على درجة الليسانس الممتازة في التاريخ من مدرسة الدراسات الشرقية والإفريقية بجامعة لندن عام 1936، كما حصل على درجة الدكتوراه في التاريخ الإسلامي عام 1939، وكان موضوع رسالته عن “الطائفة الإسماعيلية وجماعة الحشاشين”، وبعدها ألّف عدة كتب ونشر مقالات كلها هجوم استشرافي بامتياز على الإسلام كدين، أي أنه أعاد فكرة الصراع الإسلامي/ الصليبي، ولكن لويس لا يريد أن يحدث للكيان الصهيوني ما حدث للصليبيين عندما خرجوا من أرض فلسطين والشام، فيريد منع أي وحدة في أي صورة، وفي أقل حدها الأدنى بين العرب والمسلمين بعضهم ببعض.
=KTML_Bold=عندما قاد الكُرد المسلمين للنصر=KTML_End=
في الحروب الصليبية القديمة، كان للكرد الدور الرئيسي القيادي الخلّاق في الانتصار الإسلامي على الغزو الصليبي في معركة (حطين) وما بعدها، ليس لأن السلطان صلاح الدين الأيوبي من الكرد، ولكن الكرد بصفة عامة كانوا أكبر المساهمين في الانتصار القديم، وربما كان ذلك سبب في تقسيم الكرد بين الدول المختلفة، لأنهم يرون أن قيادة الكرد للمسلمين، إذا توحدوا كان النصر حليفهم، وهو ما رآه برنارد لويس.
موت معاهدة لوزان عند برنارد لويس
يرى لويس أن معاهدة #لوزان# 1923 كانت حتمية لتمزيق الأمة الإسلامية، وفي مقدمتهم الشعب الكردي، ويرى أن مشاكل الشرق الأوسط في معظمها ذاتية، من داخل المسلمين أنفسهم، ومن داخل تراثهم الفكري، وأنها لم تكن مجرد أمراض موروثة من الاستعمار أو التدخّل الخارجي، وأن مشكلة المسلمين من داخل فهمهم للإسلام، وبسبب سوء هذا الفهم، ظهرت الحركات الإسلامية السياسية، التي تتخذ من الفكر التكفيري نبراساً وهادياً، ومؤثراً في الشعوب الإسلامية.
ويرى أن العرب فوضويون هدّامون، لا يمكنهم أن يحكموا أنفسهم بأنفسهم، ولو تركهم العالم الغربي، لخرجت موجات من الهجرة التدميرية العربية وخرّبت الحضارة الأوروبية كلها، ويرى أيضاً أن الاحتلال المباشر للدول العربية، يخرج روح المقاومة ضد الاستعمار، ويوحّد بين أبناء العرب والمسلمين، وهو ما لا يريده، فخرج بفكره إلى نظرية التفتيت المنظمة للدول.
وكان يرى أن عام 2023 يجب أن يُنهي الوجود العربي والكردي بصورة شاملة، لأن معاهدة لوزان لم تعد صالحة بعد مائة عام من تطبيقها، ولابد من تقسيم جديد، من خلال إعادة رسم ما سمّاه (خريطة حدود الدم)، ويقوم التفتيت على أسس مذهبية وعرقية ودينية، وهذا التفتيت ينهي فكرة الدولة القومية للعرب والكرد على السواء، وكل دولة تتمزق لثلاث أو أربع أو حتى خمس دويلات، فتعيش إسرائيل بعيداً عن أي خوف من السقوط في المستقبل، ويرى أن وصول الإسلام السياسي لحكم الدول العربية، هو الذي يقود لإشعال الفتن الطائفية والمذهبية.
الأمر المؤكد أن برنارد لويس كان صهيونياً بامتياز، مدافعاً شرساً عن الدولة الإسرائيلية، وتمكن من إقناع صنّاع القرارات في أمريكا طوال أربعين عاماً من تطبيق فكره على أرض الواقع عسكرياً وسياسياً، هو صهيوني متأسلم، يستغل الفكر المنسوب للإسلام ظلماً، ليروّج للفتن، والتي يريد أن تظل مشتعلة..
خلاصة القول، نعتبر مقالنا هذا نداء لكل الأمة، خاصةً في السودان، الذي ينساق بوعي أو بدون وعي إلى الحرب الدموية المرسومة، من قوى عالمية تمنع من قيادة الكرد للأمة، وتمنع من التقريب بين المسلمين… والله شهيد علينا…
[1]