=KTML_Bold=لا يمكن للسياسة الديمقراطية أن تتحقق من دون المرأة=KTML_End=
ستَبقى طبيعةُ المجتمعِ برمتها غيرَ مُنيرة، ما دامت طبيعةُ المرأةِ تَعُومُ في الظلامِ الدامس. فالتنويرُ الحقيقيُّ والشاملُ للطبيعةِ الاجتماعيةِ غيرُ ممكنٍ إلا بالتنويرِ الحقيقيِّ والشاملِ لطبيعةِ المرأة. كما أنّ تسليطَ الضوءِ على وضعِ المرأةِ بدءاً من تاريخِ استعمارِها كأنثى إلى استعمارِها اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً وذهنياً؛ إنما سيُقَدِّمُ مساهماتٍ كبرى في تسليطِ الضوءِ على جميعِ مواضيعِ التاريخِ الأخرى، وعلى المجتمعِ الراهنِ بكافةِ جوانبه.
لا شك أنّ كشفَ النقابِ عن وضعِ المرأةِ هو أحدُ أبعادِ المسألة. والبُعدُ الأهمُّ معنيٌّ بقضيةِ التحررِ والخلاص. بمعنى آخر، فحَلُّ القضيةِ يتميزُ بأهميةٍ أكبر. لَطالما يُقالُ أن مستوى حريةِ المجتمعِ العامةِ متناسِبٌ طرداً مع مستوى حريةِ المرأة. المهمُّ هو كيفيةُ ملءِ جوفِ هذه العبارةِ الصحيحة. ذلك أن حريةَ المرأة ومساواتَها لا تُحَدِّدُ حريةَ المجتمعِ ومساواتَه فحسب. بل إنها تقتضي ترتيباتِ النظريةِ والمنهاجِ والتنظيمِ والممارسةِ اللازمة. والأهم من ذلك يَدُلُّ على استحالةِ وجودِ السياسةِ الديمقراطيةِ بلا المرأة، بل وستبقى السياسةُ الطبقيةُ ناقصةً، وسيستحيل استتباب السلمِ وحماية البيئة حينذاك.
ينبغي أنْ تَكُونَ المسؤوليةَ الأساسيةَ على عاتِقِ المرأةِ فيما يتعلقُ بحلِّ قضيةِ المرأةِ المُكتَسِبَةِ أبعاداً عملاقةً منذ الآن، وبحلِّ القضيةِ الديموغرافيةِ التي تُعَدُّ السبيلَ الأوليَّ لِسَدِّ الطريقِ أمامَ الدمارِ الأيكولوجي. والشرطُ الأولُ في ذلك هو حريةُ ومساواةُ المرأةِ تماماً، وحقُّها في مُزاوَلَةِ السياسةِ الديمقراطيةِ كلياً، وحقِّها في أنْ تَكُونَ صاحبةَ الإرادةِ والكلمةِ الحاسمةِ في جميعِ العلاقاتِ المعنيةِ بالجنس. وفيما خلا هذه الحقائق، لا يمكن تحقيقَ خلاصِ وحريةِ ومساواةِ المرأةِ والمجتمعِ والبيئةِ بكلِّ معانيها، كما لا يَحتَمِلُ تشكيلَ السياسةِ الديمقراطيةِ والسياسةِ الكونفدراليةِ طبعاً.
كما تؤدي المرأةُ دوراً حياتياً ومصيرياً من حيث أخلاقياتِ وجمالياتِ الحياةِ على ضوءِ الحريةِ والمساواةِ والدمقرطة، كَونها العنصرَ الأصليَّ للمجتمعِ الأخلاقيِّ والسياسي. علمُ الأخلاقياتِ والجمالِ جزءٌ لا يتجزأ من علمِ المرأة. ولا جدال بشأن أن المرأة ستُحقِّقُ انفتاحاً وتطوراتٍ عظيمةً في جميعِ ميادينِ الأخلاقيات والجماليات كقوةٍ فكريةٍ وتطبيقيةٍ على السواء، بِحُكمِ مسؤوليتِها الثقيلةِ في الحياة. فأواصرُ المرأةِ مع الحياةِ شاملةٌ أكثر بكثير مقارنةً مع الرجل. ورُقِيُّ بُعدِ الذكاءِ العاطفيِّ متعلقٌ بذلك. بالتالي، فعلمُ الجمالِ موضوعٌ وجوديٌّ بالنسبةِ للمرأة، كَونَه يعني تجميلَ الحياة. ومسؤوليةُ المرأةِ أوسعُ نطاقاً على الصعيدِ الأخلاقيِّ أيضاً (نظرية الأخلاق وعلم الجمال = نظرية الجمال). إنّ تَصَرُّفَ المرأةِ بمزيدٍ من الواقعيةِ وروحِ المسؤوليةِ على صعيدِ المجتمعِ الأخلاقيِّ والسياسيِّ أمرٌ نابعٌ من طبيعتها، وذلك من حيث تقييم وتشخيص وإقرارِ الجوانب الحسنة والسيئة من تعليمِ الإنسان وتربيته، وأهميةِ الحياةِ والسلم، وسوء الحرب وهَولِها، ومعايير الأحَقِّيَّةِ والعدالة. وبطبيعةِ الحال، أنا لا أتحدثُ عن المرأةِ الدُّميَةِ بِيَدِ الرجل وظِلِّه. بل موضوعُ الحديثِ هنا هو المرأةُ الحرةُ المتبَنِّيةُ للمساواةِ والدمقرطة.[1]