=KTML_Bold=البحث الأثري في “تل خنيدج” جنوب مدينة #الحسكة#=KTML_End=
الحسكة / محمد حمود – يقع تل خنيدج على الضفة اليمنى لنهر الخابور، وهو على بعد 20كم جنوب مدينة الحسكة، تبلغ مساحته أربعة هكتارات، ويرتفع عن السهول المحيطة به 15مترا.
عملت في تل خنيدج بين عامي 1993-1998م بعثة أثرية ألمانية من متحف برلين بإشراف د. “ايفلين كلينكل”، وإدارة د. ” لوتس مارتين”.
وقد بينّت أعمال البحث الأثري، التي تمت في عدة مربعات أن العصور التي مرت على الموقع هي: “فترة أوروك – فترة فجر السلالات الباكرة بمراحلها الثلاث:
– فترة الحضارة الآشورية الحديثة – فترة الحضارة السلوقية – فترة الحضارة البارثية
– الرومانية- فترة الحضارة العربية الإسلامية”.
ودلّت بعض الكسر الفخارية أنه تم الاستيطان في الموقع خلال فترة أوروك، إلا أن عمليات التنقيب، لم تنجح في اكتشاف أية آثار عمرانية تعود إلى تلك الفترة.
لقد ازدهر الموقع خلال فترة فجر السلالات الباكرة بمراحلها الثلاث، وامتد التجمع العمراني على مساحة بلغت ثلاثة هكتارات، حيث كشف في المدينة المنخفضة الواقعة في الجهة الشمالية الشرقية من الموقع عن منشأة معمارية محاطة بسور بلغت سماكته2.40م، وعثر في داخل الطبقة /XIII/ على مجموعة من المباني السكنية، يفصل بينها شوارع وممرات، احتوت على عنابر للتخزين ذات مساحات وأشكال مختلفة، منها: العنابر الأسطوانية الشكل، وعلى مجموعة من الأواني الفخارية، والأدوات الحجرية رحى لطحن الحبوب – مدقات، وأدوات مصنوعة من الأوبسيديان، وإزميل مصنوع من البرونز والنحاس، وتماثيل طينية ذات أشكال بشرية، ونماذج لعربات وعجلات شهدت على وجود نشاطات دينية، اجتماعية ضمن إطار البيت الواحد، بالإضافة إلى قبور معظمها كانت لأطفال، لم تتجاوز أعمارهم عشر سنوات، حيث وجد في داخلها أدوات جنائزية، كما تم التعرف على العديد من الوحدات العمرانية، ذات الوظائف الاقتصادية، منها: ورشات لصناعة الفخار.
ومع نهاية فترة فجر السلالات الباكرة الثالثة أخذ امتداد هذا التجمع يضمر شيئاً فشيئاً، حتى بلغ نصف المساحة السابقة. بعدها حدثت فترة انقطاع عمراني حتى فترة الحضارة الآشورية الحديثة، حيث تم التعرف في الجهة الجنوبية الغربية من المدينة المنخفضة، وفي المدينة المرتفعة على عدة منازل، ومجموعة قبور ذات عدة أنماط (الدفن بالتراب – الدفن في أوعية فخارية، أو زجاجية – الدفن في التوابيت)، وقد وُجد في داخلها أدوات حديدية: كرؤوس السهام، والسكاكين، وشوكة كبيرة ثلاثية الأسنان مصنوعة من الحديد، وحليّ.
وقد أثبتت هذه المكتشفات انتماء الموقع إلى المملكة الآشورية الحديثة، حيث دلّ أسلوب النقش، وأنماط الحلي على وجود تشابه كبير بين اللقى المكتشفة في تل خنيدج، وبين اللقى المكتشفة في قلب البلاد الآشورية، كما دلت بعض المجوهرات المصنوعة من الكهرمان الصقلي، ولقية قبرصية المنشأ، وجود تبادل تجاري خلال تلك الفترة. لقد اقتصرت الآثار المعمارية العائدة إلى الفترة الممتدة من الفترة السلوقية إلى الفترة البارثية – الرومانية على قلة من البقايا العمرانية، التي كُشف عنها في الجهة الجنوبية الغربية من المدينة المنخفضة؛ ما رجّح أن الموقع خلال هذه الفترة كان بمثابة قاعدة عسكرية صغيرة، وتبين من خلال اللقى التي عثر عليها في بعض القبور كالإناءين الزجاجيين، والأواني الفخارية، والقطعة النقدية المعدنية، أنها تعود إلى الفترة الممتدة ما بين القرن الأول ق.م، والقرن الثاني الميلادي.
كما تم التعرف في المدينة المرتفعة، وفي الجهة الجنوبية الغربية من المدينة المنخفضة على أربع وحدات سكنية، ضمَّ كل منها عدة غرف، يتوسطها بهو عثر في داخله على أدوات خاصة بالتجميل، وبعض القطع النقدية العائدة إلى الفترة الممتدة ما بين القرن الثامن، وبدايات القرن الثالث عشر الميلادي، وعدة باحات محاطة بأسوار من الحجارة والطين، يعتقد أنها استخدمت كحظائر للحيوانات.
إنَّ أهمية تل خنيدج تأتي من خلال المكتشفات التي حققتها البعثة في الموقع، وخاصة خلال فترة فجر السلالات الباكرة، وذلك من خلال الكشف عن مبان، وطرقات، ومحلات للحرف، والعمل تدل على نشاط اقتصادي هام خلال تلك الفترة.[1]