=KTML_Bold=سوريا / كوباني2=KTML_End=
#بير رستم#
وخارطة التقاطعات الدولية والإقليمية
(الحلقة الثانية).
ذاك على الصعيد السوري.. أما كوردياً فقد إنعكست مجمل تلك الإنقسامات في الواقع الكوردي أيضاً؛ حيث وكما قلنا فقد تم إستمالة العمال الكوردستاني وعبر فرعه السوري حزب الإتحاد الديمقراطي وذلك بعد أن رفض الأحزاب الكوردية الأخرى _أحزاب المجلس الوطني الكوردي_ الجلوس والتنسيق مع النظام السوري فتم إستدعاء بعض القيادات السياسية الأخرى من العمال الكوردستاني والتنسيق معهم في إدارة المناطق الكوردية في إجراء أقرب إلى الإستلام والتسليم وكل طرف يحاول عدم تجاوز الخطوط الحمراء؛ من جهة الكور عدم السماح بالمشاركة الكوردية في الثورة السورية وخاصةً المسلحة منها بينما في المقابل تُسّلم المناطق الكوردية من العمليات الحربية والطيران والقصف المدفعي من قبل النظام السوري.. وهكذا واحدة بواحدة؛ إستلم المنطقة لكن إمنع الشعب الكوردي من الدخول في الصراع الدائر في البلد وكونوا على حياد على الأقل، لكن إرتباط القوى الكوردية الأخرى من أحزاب المجلس الوطني الكوردي بمركز القرار الكوردي الآخر _أي أربيل_ وإرتباط الأخيرة مع المحور الغربي الأمريكي كانت “الغصة” في تلك الإستراتيجية حيث الصراع بين أربيل وقنديل جعلت المناطق الكوردية تعيش حالة التوتر والمد والجذر بين القوتين الكورديتين إن كان على المستوى الكوردستاني؛ قنديل وأربيل _كما قلنا_ أو على مستوى إقليم كوردستان (سوريا) وذلك من خلال المجلسين الكورديين؛ الوطني وغربي كوردستان وقد تفجر الوضع أكثر بعد إنهيار التوافق السياسي الذي تم برعاية الإقليم الكوردستاني وذلك عبر إتفاقيات هولير والتوافق على الهيئة الكوردية العليا وبإلتحاق المجلس الوطني الكوردي بقوى الثورة السورية ورفض قبول مجلس غرب كوردستان من المشاركة في لقاءات جنيف حيث كانت “القشة التي قصفت ظهر البعير” وبداية المواجهة العسكرية والأمنية _طبعاً من طرف واحد؛ كون المجلس الوطني لا يملك قوى وميليشيات عسكرية_ حيث كانت ملاحقة النشطاء والقيادات الحزبية من الموالين لمحور إقليم كوردستان (العراق).
وهكذا.. تم تفريغ الساحة من كل _أو أغلب_ المناوئين لمحور قنديل في غربي كوردستان وأستفرد الإخوة في حزب الاتحاد الديمقراطي والموالي لقنديل بالمناطق الكوردية وقاموا بتأسيس وإقامة المؤسسات المدنية والإدارية والعسكرية على نموذج الدولة التوتاليتارية المستبدة؛ حيث الكل خاضع إلى الأيديولوجية الأوجلانية ولو من خلال مؤسسات مدنية أو جبهوية وبحالة اقرب إلى النظام السوري أو النموذج السوفيتي.. حيث هناك الجيش العقائدي ومجلس غرب كوردستان والإدارة الذاتية الديمقراطية والتي تضم شكلياً عدد من الأحزاب والمكونات المشلولة والغير قادرة على فرض أي قرار وذلك من دون موافقة الشريك الأقوى، ألا وهو حزب الإتحاد الديمقراطي.. وفقط، تم إستبدال الشعار الأممي السوفيتي بالشعار الديمقراطي والأمة السوفيتية بالأمة الديمقراطية. ولكن يبدو أن الإخوة في قيادة قنديل نسوا بأن هناك الجارة القوية تركيا وقضية مفاوضات السلام ومن ورائها المحور الغربي وبتوافق كوردي ضمني من إقليم كوردستان (العراق)؛ المنافس الآخر مع قنديل في الصراع على غربي كورستان وكذلك النظام السوري نفسه بأنهم لن يسمحوا بإمتلاك طرف كوردي لقوة عسكرية وإدارية في منطقة وبقعة جغرافية ممكن أن تشكل “شوكة في خاصرة الجميع“.
وبالتالي توافقت مصالح الجميع في إضعاف القوة الكوردية الجنينية وذلك إن كان بحجة أو حقيقةً لمحاربة النفوذ الأوجلاني في المناطق الكوردية وفيما عرفت أيضاً بالكانتونات وقد جاءت ما تعرف بالدولة الإسلامية “داعش” كمنقذ ومحقق لأحلام وطموحات كل الأطراف المتنازعة على سوريا وكوباني ولكن _وللأسف_ على حساب الدم السوري والكوردي.. وهكذا فمن جهة سوريا وقفت متفرجةً على هجوم مرتزقة “داعش” على المناطق الكوردية ومن دون أن تحرك قواتها أو حتى قصفها بالطيران _وهي التي كانت مفروضة أن تقوم بها كون الطرف الكوردي الذي يتعرض للهجوم حليف سياسي_ وإن موقفها ذاك كان بأمل إضعاف القوة الكوردية من جهة ومن جهة أخرى خلق حالة من الإقتتال والإنقسام المجتمعي بين مكونات سوريا وتحديداً الكورد والعرب وكذلك محاولة تسويق النظام لنفسه مع طلب الدخول ضمن الحلف الدولي وقبوله كشريك في “مكافحة الإرهاب“.. بينما فتحت تركيا الحدود لتلك القوى التكفيرية الظلامية في مسعى لإضعاف القوى الكوردية عسكرياً وكذلك لضرب مشروع الإدارة الذاتية بحيث تكون درجة المطالب الكوردية لا تتعدى حقوق المواطنة السورية وكذلك لي ذراع العمال الكوردستاني وعبر حليفه السوري وبالتالي فرض شروطها على قنديل إن كان في قضية مفاوضات السلام بين الطرفين وكذلك في جعلها وصياً على سوريا وإعطائها غنيمة _أي سوريا_ كتعويض عن خسارتها في مصر مما جعلتها أن تطرح مشروعها في إقامة منطقة عازلة في كوباني وهي التي يمكنها أن تقوم بها في أدلب أيضاً وبكل سهولة كونها؛ منطقة محررة من النظام وبيد حلفاء تركيا.. لكنها تريد عصفورين بحجر واحد؛ ضرب المشروع الكوردي وإبتلاع سوريا أو جزء من العكة السورية.
أما إقليم كوردستان ونتيجة الإنقسام الداخلي حيث من جهة هناك التوتر والصراع التاريخي بين البارزانيين والجلاليين؛ الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني ومن جهة أخرى هناك منافسة الأحزاب الإسلامية المتحالفة مع حركة كوران وكذلك الخلافات مع المركز بغداد وقطع حصة الإقليم من الميزانية وفرض حصار أقرب إلى ما كان في عهد النظام الأسبق وذلك أيام الطاغية صدام حسين وأيضاً الهجوم المباغت لقوى التكفير وبرابرة العصر من مرتزقة “داعش” وكذلك تخاذل بعض القيادات الكوردستانية والبيشمه ركة من القيام بواجبهم الوطني والأخلاقي.. فإن كل المسائل السابقة مجتمعةً، قد وضعوا قيادة الإقليم _وتحديداً شخصية الرئيس مسعود بارزاني ومن ورائه قيادة الحزب الديمقراطي الكوردستاني_ في موقف حرج لا يحسد عليه، مما دفع بقيادة الإقليم وتحديداً شخصية الرئيس بارزاني، أن يبادر إلى إجراءات بترية وسريعة بغاية تدارك الإنهيار في شعبية أربيل في الساحة الكوردستانية فكان التحرك سريعاً؛ وذلك إن كان من خلال إجراءات العقوبة والإقصاء بحق تلك القيادات المتخاذلة أو الموافقة على شروط بغداد والقبول ببعض التنازلات وكذلك الضغط على بعض الأحزاب الكوردية في غربي كوردستان والخروج بصيغة توافقية أقرب إلى التجميع وليس التوحيد والوحدة في حزب سياسي أخذ الإسم من الحزب الأم؛ الحزب الديمقراطي الكوردستاني (سوريا) ونأمل أن يأخذ الفعل أيضاً.. كل ذلك كان على الصعيد الداخلي، لكن قيادة الإقليم لم تكتفي بذلك فقط، بل تحركت على الصعيد الإقليمي والدولي أيضاً، فكان توجيه العتب واللوم لتركيا لعدم مساعدة الإقليم وتلبية النداء وبالتالي الإنفتاح أكثر على المحور الآخر؛ إيران والقبول بدخول _حتى_ بعض الخبراء العسكريين لمساعدة إقليم كوردستان في مواجهة “داعش” وذلك بالتحالف مع الجيش العراقي ومن خلال غرفة عمليات مشتركة بينهم وبين البيشمه ركة مما كللت الجهود بتقدم ملحوظ على “داعش” وخاصةً بعد تقديم المساعدات العسكرية لقوى البيشمه ركة من عدد من دول العالم والغرب تحديداً _والتي جاءت بعد مأساة شنكال_ وكذلك مشاركة قوى التحالف الدولي ومن خلال توجيه ضربات جوية بالطيران لقوى “داعش” العسكرية والمجوقلة.
وهكذا.. إلى أن جاءت الأزمة ومأساة كوباني؛ حيث تلاقى كل الأجندات الإقليمية والدولية لتتقاطع سورياً/كوبانياً والكل يريد أن يستثمرها لصالح أجنداته ومشاريعه السياسية في المنطقة ولكن _وبنفس الوقت_ فإن الجميع يعلم؛ بأنه لا يمكن لأي طرف أو جهة سياسية أن تنجح منفردةً وذلك في إدارة المنطقة والإستفراد بها.. ولذلك فإن المطلوب مرحلياً هو البحث عن المخارج والحلول والتوافقات السياسية في لعبة “عض الأصابع” وبأقرب وقت حيث الخاسر الوحيد والذين يدفعون فاتورة الدم هم أبناء شعبنا الكوردي في غربي كوردستان وسوريا عموماً؛ وذلك في معركة وصراع الأطراف الدولية والإقليمية حيث كل من تركيا والعمال الكوردستاني يمارسان الضغط العسكري والسياسي في محاولة لكسر شوكة الآخر، ذلك من جهة ومن الجهة الأخرى مع سياسة المد والجزر مع إقليم كوردستان العراق في مسألة المشاركة بإدارة المناطق الكوردية والكانتونات وأخيراً مع النظام والمجموعة العربية عموماً وذلك تحت يافطة الحفاظ على “وحدة الأراضي السورية وعروبتها” وربما هذه هي أضعف الحلقات في هذه المرحلة.. ولا ننسى المشروع اللاحضاري واللاتاريخي واللإنساني والذي تتبناه بما تعرف اليوم بالدولة الإسلامية والمجموعات الإرهابية من “داعش” وغيرها والتي تعمل خارج النسق الحضاري والإنساني وبثقافة أقرب إلى الإنفصام الحضاري العقلاني والتي تصب في طاحونة كل القوى والأجندات المتصارعة في المنطقة بحيث يمكن أن نسمي “داعش” بمحقق الأحلام للجميع وإن كانت من خلال إرتكابها _وللأسف_ المزيد من الجرائم وقطع الرؤوس والغزوات البربرية التكفيرية.. لكن يبقى دائماً وأبداً؛ أن الخاسر الأكبر في هذا الصراع المجنون على المنطقة هو الإنسان السوري.
خاتمة وملاحظة؛ إن المرحلة الحالية هي بداية خارطة جديدة للمنطقة والكورد سيكونون أحد اللاعبين الأساسيين فيها وذلك على الرغم من كل المخاوف ومؤامرات الدول الغاصبة لكوردستان.. أو يمكن القول: بأنها بداية الحياة السياسية الكوردية على صعيد المنطقة والعالم والخروج من الأقبية الأمنية المخابراتية.. وأما الملاحظة؛ فإننا نقرأ العلاقات بين القوى السياسية الكوردية وعدد من الدول _بمن فيها الغاصبة لكوردستان_ على ضوء الأجندات والمصالح السياسية وليس من منطلق العمالة والتخوين.[1]