=KTML_Bold=الكورد وحركة التاريخ=KTML_End=
#بير رستم#
قراءة التاريخ الإنساني والحضاري تؤكد على جملة حقائق مهمة في رحلة الشعوب والأمم عبر تلك العصور والأحقاب ومن أبرز تلك الحقائق ما يمكن تعريفه بالمسار الحتمي لتطور الأمم وذلك عبر سلسلة طويلة من النظم الاجتماعية_الاقتصادية الأدنى مرتبة إلى الأكثر سمواً ومعرفةً وارتقاءً؛ أي أن التاريخ الإنساني بدء من الهمجي البدائي وكجزء من مملكة الحيوان يعتمد في نمطية المعيشة والحياة على غرائزه الطبيعية وكذلك في علاقته بالبيئة والمناخ الطبيعي وهكذا ومروراً بعدد من النظم الاجتماعية السياسية وصولاً إلى مجتمعاتنا الحديثة حيث الدولة المدنية الديمقراطية الحرة في عدد كبير من عالمنا المعاصر وعلى الأخص في الجزء الجنوبي منه وها هو الشمال يريد أن يحقق منجزه التاريخي واللحاق بالجزء الجنوبي في إرساء دعائم الدولة الحديثة القائمة على الحريات العامة ومبادئ العدالة وحقوق الإنسان وذلك عبر مخاضٍ عسير من الثورات والانتفاضات التي تعيشها شعوب وبلدان منطقتنا الشرق الأوسطية عموماً والعربية على وجه الخصوص.
وبالعودة ومرة أخرى إلى التاريخ الحديث _تحديداً_ والتوقف عنده؛ فسوف نتأكد من حقيقة الدورة الحتمية لتطور الشعوب وذلك عبر مرورها بمراحل تاريخية محددة يمكن تسميتها بالطبيعية أو ب(البيولوجيا الاجتماعية) وذلك على غرار العمر الطبيعي للكائن الحي _الإنسان نموذجاً_ حيث مرحلة الجنين والولادة ومن ثم الشباب والمراهقة وصولاً لمرحلة الرجولة والعطاء وأخيراً الشيخوخة والموت (الاندثار). وهكذا فإن المجتمعات البشرية تعيش مراحلها البيولوجية والتي تشبه إلى حدٍ كبير الحياة الطبيعية للبشر؛ حيث المرحلة الجنينية وولادة المجتمعات البشرية والتي تعود إلى مراحل معينة ومتأخرة للإنسان النياندرتالي وحياته البدائية في كهوف الشرق وصولاً إلى النظم السياسية الاجتماعية المتلاحقة والمتصارعة من “الملكيات والارستقراطيات، إلى الحكومات الدينية، إلى الفاشية والديكتاتوريات الشيوعية” وأخيراً الحكومات الديمقراطية الحرة في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.
وهكذا فإن عدد كبير من شعوب وبلدان العالم قد أنجزت منجزها التاريخي؛ بالوصول إلى العالم الليبرالي الحر وهناك عدد من الشعوب والأمم ما زالت تكافح وتعمل لتحقيق المرحلة التاريخية الأهم في حياة شعوبها وإن عدنا وللمرة الثالثة إلى تاريخ الأمم فسوف نجد بأننا نسير على خط التطور الطبيعي البيولوجي للحضارة الإنسانية وبأن بعض الأمم قد سبقت غيرها في الزمن التصاعدي الحضاري ويأتي في المقدمة كل من الحضارة الأمريكية والأوروبية؛ فمنذ الثورة الفرنسية 1789 والعالم يشهد تحولات جذرية على مستوى الفكر السياسي والذي أودى بالنظم الفردية الاستبدادية في عدد من بلدان أوروبا لتشهد الساحة الدولية عدد من الجمهوريات الديمقراطية وذلك بعد مخاض عسير وخوض حربين عالميتين أودى بحياة ملايين البشر وكنتيجة حتمية بين الجمهوريات الديمقراطية الناشئة من جهة وبين تلك النظم الفاشية الاستبدادية الشمولية من جهة أخرى ولينتهي الصراع بدحر الفاشية في أوروبا الغربية ولكن يبقى الصراع وذلك بتحول عدد من بلدان أوروبا الشرقية _أقل تطوراً حضارياً عن مثيلاتها في أوروبا الغربية_ من النظم الفردية الملكية إلى النظم الاستبدادية الشمولية وذلك مع نجاح البلاشفة (الشيوعية) في استلام الحكم في الإتحاد السوفيتي وبلدان أوروبا الشرقية.. إلى أن كان نهايات الثمانينات وانهيار تلك النظم الديكتاتورية من خلال حركة المجتمع التصاعدية الحضارية.
إذاً حركة المجتمع محكومة بالمسار الطبيعي البيولوجي للتطور الحضاري لهذه الأمم والشعوب وما يميزها هو الفارق الزمني بين تلك الحضارات ودرجة الرقيّ والتمدن والسلوك الحضاري المدني وبتعبير السياسة التوافق حول عقد اجتماعي (دستور مدني) ينظم حياة مجموع مواطني البلد المعين ووفق نظام برلماني ديمقراطي حر.. وقد وجدنا ومن خلال حركة المجتمعات بأننا محكومون بهذا المسار الطبيعي حيث السبق كان للأوروبيين والأمريكيين الشماليين ومن بعدهم جاءت المجموعة الاشتراكية واليوم فإن بلداننا المشرقية تسير على نفس الخطى متأخرة عن تركيا بأكثر من عقدين من الزمن؛ حيث أن تركيا اليوم هي ليست تلك التي أرسى دعائمها العقلية الطورانية العنصرية وجمعية تركيا الفتاة بزعامة الأب الروحي للفاشية التركية (مصطفى كمال أتاتورك).
أما الكورد فهم في آخر المقطورة مع غيرهم من بعض الشعوب المستضعفة والمغلوبة على أمرها كالأمازيغ والفلسطينيين وغيرهم من الأمم التي لم تحقق المنجز القومي وذلك من خلال كيان سياسي عنصري يضمهم وليدخلوا نفق المرحلة العنصرية (القومية) والنظام السياسي الشمولي من خلال حركة أو حزب قزمي أيديولوجي متطرف يمجد الحالة العنصرية ويؤله زعمائها _كما هو الحال عند الكورد في هذه المرحلة التاريخية من نهضتها وتطورها الطبيعي الحضاري_ وبالتالي فإننا؛ أي نحن الكورد ومثل كل أمم وشعوب العالم سوف نمر بمرحلة الدولة (الكيان السياسي؛ إقليم فيدرالي أو إدارة وحكم ذاتي) الشمولية الاستبدادية والزعيم الروحي الخالد إلى أن يشهد المجتمع الكوردي حركة تاريخية تصاعدية تقدمية وبالتالي تحقق ثورتها الاجتماعية من خلال الأتيان بالبديل الديمقراطي الليبرالي الحر.. وقد تستغرق الحالة بعض الوقت ولكن وبالتأكيد فإنها سوف تكون أقل مدةً وزمناً وهمجيةً من تجارب الآخرين الذين سبقونا في هذا المضمار الحضاري التطوري؛ كوننا سوف نستفيد من تجاربهم.
جندلاريسة_2013
[1]