=KTML_Bold=مروان سليمان: ضرورات الإتفاق الكردي=KTML_End=
كورداونلاين
القرارات السياسية و البيانات الورقية أصبحت اليوم لا تساوي ثمن الحبر المكتوب بها إذا لم تدعم بفوهة بندقية، و الخوف على المستقبل الكردي يكمن في عدم الإنجرار إلى ما قد يرتبه الآخرون و اقحامهم في صراعات جانبية لا ناقة لهم فيها و لا جمل
عندما خرج الشعب السوري بجميع فئاته و طوائفه و قومياته مطالباً بالحرية لم يتخلف الشعب الكردي و لو للحظة واحدة عن الخروج مع الجموع إن لم نقل بإنه كان سباقاً لما يسمى اليوم بالربيع العربي و كان الكرد على مر عشرات السنوات لم يتوقفوا يوماً عن المطالبة بحقوقهم القومية و بناء دولة ديمقراطية يتمتع فيها المواطنون بالحرية و العدالة و المساواة بالطرق السلمية بعيداً عن العنف و يحفظ حقوقهم القومية، سلاحهم حناجرهم و يحملون مطاليبهم بلافتات مكتوبة تعبر عما يريدونه و لكن التحولات السياسية و العمليات العسكرية غيرت مجرى الأحداث من حالة اللاعنف إلى حالة العنف و القتل على الهوية و بروز حالات التفرقة و الإحتقان الطائفي نتيجة تعنت النظام و تمسكه بالحكم، و استطاع البعض أن ينصبوا أنفسهم كمنقذ للثورة من خلال عمل المؤتمرات هنا و هناك و الحضور المستمر لإثبات الشخصية و الذات من أجل إختطاف الأضواء و ركوب الموجة و الإعتلاء على دماء الشهداء عسى أن يكون له مكان ما في سوريا المستقبل.
ليس الكرد بأحسن حال من الآخرين فقبل الثورة كانوا في تنظيمات و أحزاب و يعملون بشكل منظم بعيداً عن الإنجرار
و التعصب و الطائفية و لكن المؤتمرات التي عقدت في استانبول و انطالية و غيرها جعل الكرد يشعرون بأنهم مهمشين من الأطراف الأخرى التي تريد سرقة الثورة الشعبية مما جعلهم يلتئمون على مائدة واحدة متمثلة بالمجلس الوطني الكردي الذي كان بمثابة زواج سياسي فقط والذي ضم في طياته معظم الأحزاب الكردية و التنسيقيات و المستقلين و الوطنيين كما يسمون عسى أن يشكلوا قوة لا يستهان بها لإثبات وجودهم أمام الآخرين و لكن بفعل التجاذبات داخل هذا المجلس الوليد
و الخلافات التي كانت تعصف به منذ اليوم الأول و عدم التنسيق فيما بين أعضائه حتى على مستوى الوفود الخارجية الذين كانوا بمثابة وفود سياحية بنكهة ثورية و الكل يريد أن يسجل موقفاً ويحصل على شئ ما دون غيره نتيجة الأنانية الفردية و الحزبية على مستوى الأحزاب و التنسيقيات و حتى الشخصيات المستقلة و الكل يدعي بأن حزبه أو شخصه المستقل أو تنسيقيته عمل كذا و كذا و لذلك لم يستطع هذا المجلس أن يسجل له حضوراً سواء بين الجماهير الكردية أو قوى المعارضة فبقي بالموت السريري في غرفة الإنعاش و لكن الأطباء فشلوا في إعادة الروح إليه لأن المجلس الوطني الكردي يتحرك ببطء شديد في حين أن الأمور تتحرك على الأرض بخطوات متسارعة و خاصة بعد ظهور حالات غريبة مثل العنف و الطائفية و المذهبية عدا عن التعصب القومي.
و من أجل استمرارية العمل الجماعي علينا أن لا نتجاهل الحاجة الماسة إلى تغيير حقيقي داخل المجلس الوطني الكردي
و معالجة القضايا و المسائل وفق الأهمية و الأولوية الضرورية ، هذا إذا تم الإقرار بأن التغيير و بناء مؤسسات فعالة
و الإمساك بزمام المبادرة و التنسيق مع الشركاء الآخرين و تقبل النقد و تصحيح الأخطاء و ضرورة السير بالسرعة القصوى مع الأحداث و إلا فإن المجلس سوف يضع نفسه أمام تغيير خارج عن إرادته و بإملاءات الأطراف الأخرى و هذا يؤدي إلى فقدان التوازن في ميزان القوى سواء على المستوى الكردي الكردي أو الكردي مع الآخرين و تعريض التطلعات الكردية المشروعة للضياع خاصة إذا أصر كل طرف من الأطراف على الحصول لما يريده و يطمح إليه على حساب الطرف الآخر.
إن منطق الحوار يعكس رغبة الأطراف في التوصل إلى إبرام اتفاقات بين المجلس الوطني الكردي و مجلس غربي كردستان و خاصة إذا تمت برعاية كردستانية و الأهم برعاية الرئيس مسعود البارزاني فيمكن أن يكتب لها الإستمرار لأنها سوف تتم بأساس كردي متين ، و بما أن الشعب الكردي مل من الإتهامات و الإجتماعات و أصبح يكفر بالطبقة السياسية الكردية و أحزابها و بات هم الجماهير الوحيد هو الوصول إلى إتفاقات و تعاون تام بين جميع القوى الكردية لمعالجة الأوضاع المزرية في المناطق الكردية و توحيد الجهود في سبيل الدفاع عن الشعب الكردي و التحضير للمرحلة المقبلة لأنها سوف تكون صعبة جداً و على الكرد إثبات وجودهم على الساحة السورية كقوى فاعلة و نشيطة و مدافعة عن الشعب و المناطق الكردية بدل التقوقع في الزوايا و الإنتظار أو المراهنة على المتغيرات الخارجية و التي لن تكون بالتأكيد لمصلحة الشعب الكردي.
فالقرارات السياسية و البيانات الورقية أصبحت اليوم لا تساوي ثمن الحبر المكتوب بها إذا لم تدعم بفوهة بندقية، و الخوف على المستقبل الكردي يكمن في عدم الإنجرار إلى ما قد يرتبه الآخرون و اقحامهم في صراعات جانبية لا ناقة لهم فيها
و لا جمل لتأزيم الوضع أكثر فأكثر في سبيل تحقيق مكاسب شخصية أو حزبوية ضيقة على حساب المصلحة العامة للشعب الكردي، و الحفاظ على مناطقهم في الداخل لكي لا تصبح مكاناً لتصفية الحسابات مع الآخرين مع الإحتفاظ بحقهم لحماية أنفسهم من أية هجمات من قبل جماعات مسلحة هدفها السلب و النهب و القتل و تنفيذ أجندات قوى أقليمية.
فإذا لم يتفق الكرد و يقاتلوا من أجل ما يريدونه اليوم فلا داعي لأن يبكوا على ما فقدوه في الأمس.
مروان سليمان
[1]