=KTML_Bold=قراءة في غزوة سريه كانْيه - طه الحامد=KTML_End=
كورداونلاين
مع الأسف الشديد إنضم الكثير من الكورد إلى هذه الهجمة وأصبحوا سماسرة وقوادون للجماعات المسلحة ، كمرتزقة يستنجدون بالغريب على بني قومهم لغايات شخصية وحزبية ضيقة ، طمعاً في مكاسب تافهة كانوا رهينة لها في العقود السابقة من حكم النظام الأسدي
قراءة في غزوة سريه كانْيه
دخول المجموعات المسلحة، التي ترفع شارات الجيش الحر ، إلى مدينة رأس العين وقبلها إلى ريف عفرين والأشرفية والشيخ مقصود في حلب ،لا تندرج ضمن ما يروّج في أروقة المعارضة ولايمكن تقييمها على إنها عمليات تحرير تستهدف مؤسسات وبُنى النظام ، فمن الناحية العسكرية لاتوجد أهداف إستراتيجية مهمة وصريحة في تلك المناطق تساهم في حسم الصراع بين تلك المجاميع والنظام ،وسياسياً خلقت هذه العمليات إرباكاً في الوسط السياسي الكوردي لجهةزعزعة الثقة والسلبية إتجاه مجريات ما تبقى من الثورة السورية لصالح الفئات الصامتة أو التي إستمالت إلى النظام نتيجة الخوف من المجهول ،ومن الناحية الإجتماعية أحدثت الهجمات رعباً وهلعاً شديدين بين السكان الذين كانوا ينعمون بنوع من الأمن النسبي مقارنة مع مناطق أخرى ، لاسيما ان هذه المناطق كانت الملاذ الآمن لمئات الآلاف من النازحين الهاربين من رحى المعارك بين المسلحين والنظام مما خلق استياءً وإشمئزازاُ إتجاه تلك الجماعات التي تدعي إنها في خدمة الثورة ،النتيجة بكل المعايير كانت في صالح النظام وضد شعارات الثورة ،وهذا يقودنا إلى إن الغاية من تلك العمليات ،هي أجندات خاصة بتلك الجماعات ،ذات طابع عقائدي مذهبي وشوفيني ،تتوافق مع المخططات التركية الهادفة إلى كبح أي حراك كوردي وقطع الطريق مسبقاً لمنع حدوث أي فراغ يتيح للكورد إنتزاع حقوقهم في إدارة مناطق تواجدهم ، من خلال إفراغ الشريط الحدودي الذي يقدر ب700 كم ، وإنشاء منطقة عازلة لمنع أي ضغوط عسكرية من قبل المسلحين الكورد المقربين من حزب العمال الكوردستاني،لا سيما إن قيادات الحزب أطلقت جملة من التصريحات والتهديدات مفادها إن تركيا ستكون في مرمى سلاحها إذا تجاوز الجيش التركي إلى الأراضي السورية تحت أية ذريعة كانت ،والنظام التركي ألتقط هذه الذريعة وبنى عليها خطابه القومي وأعاد إسطوانته المعهودة محاربة الأرهاب الكوردي المزعوم ،كمبرر لنوايا وسيناريوهات مبيّتة مسبقاً، ستنفذ بعد إسقاط النظام .
أما على الصعيد المحلي ، كانت لصدى تلك العمليات أثراً إيجابياً، بين القوميين العرب والسلفيين الذين مازالت صور الطاغية تزين صدور منازلهم ، ومستعدون للتعاون مع كل أشرار العالم مادام ذلك يبقي على سطوتهم وسلطتهم على الكورد مندفعين وراء شوفينيتهم المقيتة ، بالأمس حملوا السلاح مع النظام ضد الكورد وكانوا المرتكز الأساسي لبنيته القمعية والأمنية ، واليوم يعلنون إستعدادهم ليكونوا سلاح تلك الجماعات لقتل الكورد ليس لإنهم مع التغيير بل كرهاً للشعب الكوردي، ومع الأسف الشديد إنضم الكثير من الكورد إلى هذه الهجمة وأصبحوا سماسرة وقوادون للجماعات المسلحة ، كمرتزقة يستنجدون بالغريب على بني قومهم لغايات شخصية وحزبية ضيقة ، طمعاً في مكاسب تافهة كانوا رهينة لها في العقود السابقة من حكم النظام الأسدي ، وبعضهم الآخر إندفع تحت ردات الفعل من سلوكيات بعض الأطراف الكوردية التي تحاول إقامة دكتاتوريتها الحزبية الخاصة بها تحت ذريعة الخطر التركي المحدق ووحدة الصف الكوردي وغيرها من الحجج التي تنتمي أصلاً إلى ثقافة النظام الإستبدادي ،ولا ننسى إن المنطقة الكوردية وما ستآل إليه التطورات تدخل ضمن حسابات صراع النفوذ بين أقطاب كوردية في أقليم كوردستان العراق ،وهذا بدوره ساهم في تأزيم الوضع وخاصة إن أطرافاً مؤثرة إرتهنت منذ زمن بعيد لمراكز القرار في السليمانية واربيل ،ومازالت تعمل وراء الكواليس دون مراعاة وإلتزام بالمصلحة الكوردية العامة ،قديما قالوا إن السياسة هي لعبة الكبار، لا قوانين ولا مصالح ثابتة فيها، لا أعداء دائمون ،لا حلفاء دائمون ،مشاهدوها هم فقط الثابتون ، المنتصر فيه هو القوي الذي لايحمل بين صفوفه خائنون، أو مترددون وأعينهم على مكاسب شخصية صغيرة وتافهة ، ربما ستدرك الحركة الكوردية في سوريا بعد فوات الآوان هذه المسلّمة ،إذا بقي الموقف والخطاب السياسي بهذا الشكل المأساوي الضعيف
[1]