=KTML_Bold=مروان سليمان:تركيا و الخروج من المأزق الكردي=KTML_End=
كورداونلاين
مروان سليمان
#القضية الكردية# لم تعد شأناً داخلياً في الدول التي تحتل كردستان و إنما أصبح لها بعد أقليمي و دولي و كل تطور في الساحة الكردية في أية دولة مجاورة تؤثر تأثيراً مباشراً في الأخرى
لم يخرج الشعب الكردي طلباً للموت عندما يقاوم و يقاتل سواء في تركيا أو غيرها من الدول المغتصبة لكردستان و لكن القتال و الموت فرض عليه فرضاً في سبيل تحقيق أهدافه العادلة و نيل حقوقه القومية المشروعة ، كما أن المطالبة بالحقوق ليس لها علاقة بالزمان و الظروف، و أن مطالب الشعوب و حقوقها ليس لها أوقات و أزمنة محددة، و هي مطالب شرعية و حقة حسب القوانين الأممية و الشرائع و الأديان، و لكن الحكومات المتعاقبة أبت إلا أن تتعامل مع مطالب الشعب الكردي و حقوقه بما تمليه مصالحها الذاتية و القومية و العنصرية سواء في تركيا أو إيران أو العراق أو سوريا.
ازدادت العمليات المسلحة لمقاتلي حزب العمال الكردستاني بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة و خاصة بعد قيام الثورة السورية منذ مارس 2011 و دخولها منعطف التسليح و المقاومة ضد قوات الأسد، و هذا ما يؤكد الربط التام على الصعيد العملياتي بين نشاط الثورة السورية و مقاتلي الجيش الحر و بين ما يحصل في تركيا من حرب هادئة للضغط عليها طالما هي متهمة بدعم و تسليح الثورة السورية، و لكن تبقى القضية الكردية في قلب صراعات المنطقة و خاصة من قبل الدول التي تحتل أجزاء من التراب الكردي و بالأخص بعد انسحاب دوائر الدولة من بعض المناطق الكردية في سورية و سيطرة الكرد على تلك المواقع، كما أن الحدود السورية خط أحمر أمام دخول قوات برية أو شن غارات جوية جراء التهديدات الإيرانية و الموقف الروسي و الصيني في مجلس الأمن مما أثار قلق تركيا من جديد خوفاً من بروز منطقة كردية شبه مستقلة على حدودها الجنوبية.
وهذا يعني بالتالي انتقال الربيع إليها طالما لم ترضخ للواقع الذي تريده الشعوب في المنطقة و خاصة الشعب الكردي، و من هنا جاءت فكرة إجراء المفاوضات مع حزب العمال الكردستاني خوفاً من تطور الأحداث بسرعة فائقة و تنامي النشاط الكردي في سوريا و من أجل وقف إراقة الدماء و وضع حل للقضية الكردية عبر التفاوض و الحوار و بشكل سلمي بعيداً عن العنف و القتل و الحروب الخاطفة التي لم و لن تستطيع الدولة التركية الإختباء خلفها من الآن فصاعداً .
إذاً بعد ثلاثين عاماً من الحرب بين الجيش التركي و مقاتلي حزب العمال الكردستاني و بعد العدد الهائل من القتلى
و الجرحى و تدمير المدن و القرى في كردستان الشمالية عادت الأوضاع إلى ما كانت عليه منذ بدايتها و أيقن الأتراك
و خاصة حزب العدالة و التنمية بأن الحروب في أحيان كثيرة لا تفي الغرض المطلوب و الهدف الذي كان يسعى من وراءه لكبح جماح حركة التحرر الكردية، و خاصة أن هذه الدعوة أتت في قلب الأحداث و ذروة التصعيد العسكري بينهما.
الثورة هي إدراك عام من الشعب بالقهر و الظلم و إنعدام العدالة و المساواة و فقدان الكرامة الإنسانية و فوق كل ذلك إنكار للوجود القومي و العمل على تتريكه و تفريسه و تعريبه، و إن ما يقوم به الكرد بشكل عام هو حالة طبيعية و ثورة ذاتية خرجت من رحم المعاناة الإنسانية التي عاشها و لا يزال يعيشها حتى الآن على مدى عقود طويلة.
فهل جاءت هذه الدعوة جادة من أردوغان لحل القضية الكردية ؟
أم أنها مناورة سياسية أخرى للخروج من الأزمة التي يعيشها جراء تصريحاته بشأن الثورة السورية و الوقوف مع الشعب السوري للخروج من محنته؟
لا شك كان لأردوغان دوراً في الماضي باعترافه بالوجود الكردي في تركيا و رفع بعض القيود عن اللغة و المدارس الكردية و فتح قنوات تلفزيونية باللغة الكردية و له دور أيضاً في طرح المسألة الكردية على طاولة المفاوضات مع من يناضلون على الأرض بعيداً عن كواليس السياسة و رموزه من البرلمانيين و رؤساء الأحزاب و حتى البلديات و المسؤولين في الدولة التركية من الكرد بعدما وصل إلى حقيقة الأمر و هو الحل و المفتاح بيد المقاتلين على الأرض و زعيمهم المعتقل
فهل استنكار أوجلان للقتل و حث مقاتليه على عدم القيام بالعمليات العسكرية و طلبه التهدئة يفسر بأنه تلقى دعوة أردوغان بايجابية و قبول بالمبادرة و المفاوضات، و فقط للعلم بأن التاريخ التركي حافل بالخداع و المكر و إنكار الحقوق و الإتفاقات، فهل يعيد أردوغان ثقة الشعب الكردي بالحكومة التركية و يسترجع مصداقية الأتراك التي افتقدها الكرد و خرجت من حساباتهم قبل عشرات السنين
إذاً نحن الآن أمام مشهد جديد و تغييرات في المنطقة و خارطتها سواء كانت إصطفافات طائفية كما في حالة ( إيران و سورية و العراق و حزب الله) أو بروز دويلات جديدة على شكل فدراليات و حكم ذاتي كما في حالة الكرد في سوريا و العراق و الآن تركيا تريد حل هذه المعضلة بعد أن عجز العسكر و الحكومات التركية المتعاقبة على حلها، و لأن القضية الكردية لم تعد شأناً داخلياً في الدول التي تحتل كردستان و إنما أصبح لها بعد أقليمي و دولي و كل تطور في الساحة الكردية في أية دولة مجاورة تؤثر تأثيراً مباشراً في الأخرى، و على هذا الأساس تركيا ليس لها خيار آخر غير القبول بالوضع الكردي في سوريا و إن لم كان مراً، و الدخول في مفاوضات مباشرة مع كرد تركيا حتى مع حزب العمال الكردستاني لسد الطريق أمام التحديات الخارجية و منعاً من إنتقال عدوى ربيع الشعوب إليها و وضع الحلول المناسبة قبل فوات الأوان.
[1]