=KTML_Bold=حسني كدو:الاسلام السياسي والقومية الكوردية في تركيا=KTML_End=
كورداونلاين
خط الصدع العرقي سيعطل ليس فقط الحياة الاجتماعية و القانونية السياسية لتركيا بل سيمتد الى الشبكات الدينية والايدولوجيات المختلفة في جميع دول الاقليمية وما سينتج عنه من تبعات واكلاف سيكون مكلفا على الجميع .
خطاب أردوغان كان بليغا , ولكنه افتقر الى التفاصيل , فلقد وصف أردوغان حزبه بالحزب الديمقراطي المحافظ المسلم وبانه مثال يحتذى به الكثيرين من الدول في الشرق الأوسط , وبأن حزبه نجح في الكثير داخليا وخارجيا وبأن معدل دخل الفرد ازداد ثلاثة اضعاف , وخاطب الكورد أكثر من مرة قائلا على اخوتنا الكورد ان يلعبوا دورا وان ينبذوا الارهاب , واننا اخوة في الوطن وبيننا محبة ووئام وعلينا ان نطوي صفحة الماضي ونبدأ بصفحة ودستور جديد سيكون لاخوتنا الكورد نصيب فيها .
لقد كرر أردوغان ترحيبه بالأخوة الكورد( بينما كانت طائراته تقصف معاقل الكوردستاني ) و طالبهم بالتظاهر كرد فعل على افعال حزب العمال الكوردستاني , مثلما تظاهر الاسبان بالملايين على ارهاب جماعات الباسك , ولكن الكورد لم يلبوا طلبه ولم يحركوا ساكنا , بل تظاهروا مطالبين بضرورة اطلاق صراح القائد أوجلان , واعطاء الحقوق للشعب الكوردي في تركيا .
لقد تظاهر الكورد تأيدا للمطالب الكوردية العادلة والمحقة , وتظاهروا تأيدا لحزب العمال الكوردستاني , لان وضع الكورد مختلف تماما عن وضع كاتلونيا او الباسك, فهم محرومون من كل شي كقومية ثانية , وحجة الحكومة التركية وشماعة الارهاب لم تعد تقنع احدا لا في تركيا ولا في خارج تركيا , ومحاولات أردوغان المتكررة , تارة اللعب على وتر الدين وتارة اخرى التعلل با الرفاء الاقتصادي وفتح مدارس للغة الكوردية وبعض الحقوق الفردية البسيطة , لم تعد تنطلي على الحركة الكوردية بجميع تياراتها من اسلامية الى ليبرالية مرورا باليسارية ووقوفا عند القومية الاستبدادية كما تتصورها الحكومة التركية.
ان الحركة الكوردية في تركيا اليوم , وبجميع تياراتها وبخاصة الاسلامية التي أيدت أردوغان , ايقنت بانه لا بد من التوجه بانشاء تكتل سياسي قومي وطني وصريح تحت مسمى الهوية الوطنية الكوردية , والابتعاد عن صيغ حقوق الفرد والتوجه بمطالبة الحقوق الجماعية القومية الكوردية بالرغم من اختلاف اجنداتهم السياسية.
فعلى مدى العقد الماضي , كان اردوغان يوعز المشكلة الكوردية الى اسباب اقتصادية و اجتماعية والى سياسات الانكار والاقصاء والتهميش التي كانت تمارس ضد الكورد تارة , وتارة اخرى كان يعالجها بالاسلام وباننا أخوة في الدين والاسلام الحنيف يجمعنا , ولكن لم يعد هذه السياسة ممكنة وناجعة ونحن في الألفية الثالثة والعالم كله تخلص من عقدة الدولة القومية ا لعرقية , وعلى حكومة أردوغان ان تعترف بالحقيقة المرة (القومية والعرق الكوردي وما يترتب على ذلك) ولابد للكورد ان يمروا بنفس المرحلة وينالوا جميع حقوقهم القومية كاملة وفي جميع اماكن تواجدهم .
ان المعضلة الايديولوجية التي تواجه حزب العدالة والتنمية مؤلمة وموجعة , ولم تعد بامكان اطروحة الأخوة الاسلامية , والديمقراطية المحافظة ( شماعة أردوغان )ان تعالج القضايا العرقية المزمنة .فمن ناحية , تغيير معنى الحرية في تركيا والعالم , والتغيير في البنية الاجتماعية والاقتصادية , وتطوير تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات والرفاه الاقتصادي , زاد من حساسية تركيا تجاه حزب ب ك ك والكورد.أما من الناحية الثانية , فان المفاهيم الجديدة للحقوق من قبل الاتحاد الأوربي وثورات الربيع العربي , جعلت من ادارة الحكومة التركية للمشكلة الكوردية أكثر تعقيدا وارباكا لشخصية اردوغان وطاقمه صفر مشكلة سيما ان الانتخابات التركية على الأبواب.
ان التطورات التي تجعل الهوية الكوردية أكثر وضوحا سيكون له عواقب دراماتيكية في تركيا والدول التي تحتل كوردستان , وسنرى مرة اخرى كما رأينا سابقا في الأيام الأخيرة للدولة العثمانية , ان الرهان على ورقة الأخوة الاسلامية كما خاطب بها اردوغان الكورد ووعد بايجاد دستور جديد ,يبقى رهانا محدودا وخاسرا لفرض هويات اثنية مختلفة للعيش معا وسيتم اعادة اختبار الاطروحات الاسلامية والقومية وبكل مأسيها .
وعلاوة على ما سبق , فان خط الصدع العرقي سيعطل ليس فقط الحياة الاجتماعية و القانونية السياسية لتركيا بل سيمتد الى الشبكات الدينية والايدولوجيات المختلفة في جميع دول الاقليمية وما سينتج عنه من تبعات واكلاف سيكون مكلفا على الجميع .
وختاما , كان على اردوغان وحكومته بعد ثلاث فترات انتخابية الشروع باصلاحات حقيقية والاعتراف بحقوق الكورد القومية و العرقية ووقف نزيف الدم بكل شجاعة بدل اللف والدوران والتحجج بحجج وزرع اوهام في مخيلة البسطاء من الشعب التركي والكوردي وكأنهم أعداء .
[1]