=KTML_Bold=ملا بختيار:غرب كردستان امام مفترق طرق=KTML_End=
كورداونلاين
الشيء الأكثر خطورة، أن تكون هناك قوى في الاجزاء الاخرى من كردستان، تعتبر نفسها وصيّة على قوى غرب كردستان
غرب كردستان امام مفترق طرق
بقلم: ملا بختيار*
(1)
محكمة أخرى للتاريخ
وأخيراً، مثُل نظام البعث في سوريا أمام محكمة أخرى للتاريخ. وهذه المرة شعوب سوريا هم القضاة. وبدون شك، فإن الرئيس السوري وثلّته، ارتكبوا الجرائم أكثر من أي نظام آخر من الأنظمة التي لحقتها لعنة بلدان الشرق خلال العامين المنصرمين. لذا فإن مصير مسؤولي البعث السوري، سيكون أكثر سوداوية من مصير مثيليهم في مصر، تونس، ليبيا واليمن. وبسقوط وانهيار البعث السوري فإن عبئاً كبيراً سيرفع عن كاهل شعوب الشرق وخاصة القومية العربية، ذلك العبء المتمثل ببلاء حزب البعث العربي الاشتراكي. اقول عن كاهل القومية العربية لانه من المعروف أن هذا الحزب كان عنصريا تجاه الكرد والشعوب الأخرى في العراق وسوريا، لكنه وتحت ستار التمثيل الحقيقي للعرب، استولى على السلطة عبر الانقلابات في العراق وسوريا واستغل القدرات الكثيرة لهذين البلدين من اجل غاياته. وبالنتيجة، شوّه تيار التقدم والازدهار في هذين البلدين ومحيطهما بعد أن كان لهذين البلدين تأثير على الشرق عامة. هذه السياسة بالمحصلة، غيّرت وجهة الحركة الديمقراطية القومية العربية من حركة تقدمية ديمقراطية إلى حركة هدّامة، متسلّطة وشمولية، وجعلت من العراق وسوريا، هذين البلدين اللذان كانا دائما من البلدان العربية الأكثر تأثيرا، حقلاً لتجاربه. وهذا التشويه الذي حلّ بالحركة القومية، في العراق وسوريا بشكل و في البلدان العربية الأخرى بشكل آخر، وخاصة في مصر وليبيا واليمن، تركت بنى البيئة الاجتماعية والسياسية والثقافية في تلك البلدان ثابتة دون تغيير، وفي المحصلة، استفادت منها القوى المعادية للديمقراطية والسلفيين اكبر استفادة واستغلت، ولو بشكل مؤقت، اول فرصة لانتفاضة شعوب الشرق أيضا.
(2)
انهيار الجيش
البعث السوري حاليا يعي مصيره الاسود، وبالتأكيد فإن النظام السوري أمّا سيسقط قريباً و سيتعرض مسؤولوه للاعتقال او لموت تراجيدي، أو سيطيلون الحرب الاهلية لفترة زمنية في مناطق العلويين، ومن الواضح ان هذه ليست فرضية قوية. لأنه مع سقوط الجيش سيكون هناك سقوط شامل ولن يستطيع الرئيس السوري ولا كبار الضباط ولا آلاف العلويين المنضوين تحت لواء الجيش من قطع الطريق امام السقوط. وإن سقط النظام السوري و انهار جيشه واعتقل الرئيس والرؤوس الكبيرة أو قتلوا أو تمت ملاحقتهم وسحلهم، حينئذ، لا اعتقد ان داعمي سوريا، سواءاً كانت الدول او القوى السياسية، لن تدخل حرباً اقليمية من اجل نظام سقط بيد الشعوب (وليس في حرب مع اسرائيل أو حكومات) والدخول في مواجهة مع حلف الناتو لهذا السبب. لا شك ان المعادلة قبل سقوط النظام السوري شيء وبعد سقوطه شيء آخر.
(3)
صمت القوى العظمى والمتنفّذة
ذكرنا تلك المقدمة أعلاه كي نؤكد أن نظاماً دكتاتورياً آخر، في اهم بلد شرقي، يسير نحو الزوال. بعد الحرب العالمية الأولى، وخلال فترة الانتداب الفرنسي، بعد احتلال وتقسيم كردستان، دخلت غرب كردستان تحت سيطرة سوريا. وما ذاقه الكرد من الحكومات العربية السورية المتعاقبة، لم يذقه من الفرنسيين، وما ارتكبته حكومة البعث السوري بغرب كردستان، لم ترتكبه الحكومات العربية السابقة في سوريا قطعاً.
لم تقم العنصرية العربية-البعثية بانتهاج سياسة الحزام العربي والتهجير والاضطهاد فحسب، بل حرّمت عليه حتى هوية البلد أيضا. وهذه كانت كارثة قومية كبيرة في ذلك الجزء من كردستان، في وقت، مع الأسف، بقيت فيه الأمم المتحدة والقوى العظمى والراي العام العربي والاسلامي والعالمي صامتاً لمدة قرن للاسف، والصمت تجاه الجريمة، جريمة. والغريب في الأمر هو ان كان الضعيف صامتاً تجاه الجريمة، فإن هذا مبرر، لكن إن كانت القوى العظمى والمتنفّذة في العالم صامتة تجاه هكذا جريمة، علينا أن نقول: تباً للمصالح الاقتصادية.
(4)
اول منعطف
لأول مرة منذ القرن المنصرم، تشهد غرب كردستان منعطفاًً هاماً في سوريا والمنطقة، وهذا المنعطف يصب في مصلحة انتزاع حقوقه الديمقراطية رغم أن التغيير الذي حدث في القرن الماضي بسوريا أو المنطقة ألحق الضرر بغرب كردستان. فإن وقع أي حدث في غرب كردستان في القرن الماضي، لم تستطع الشخصيات والقوى السياسية من الاستفادة من الفرص من أجل تحقيق الحد الأدنى من مطالبهم، فإن لديهم مبرر لذلك، لكن التغييرات الجارية الآن، تضع مسؤولية كبيرة على عاتق القوى السياسية في غرب كردستان، فإن كان أعدائهم ووضع المنطقة لم يتح لهم الفرصة لانتزاع جزء من حقوقهم، فإن الوضع في الشرق والمنطقة وفي الداخل السوري حالياً، اي إضاعة للفرصة المتاحة حالياً، تضع عبئا على كاهل القوى السياسية في غرب كردستان، وخاصة المتنفّذة منها. إذ تعيش المنطقة تغييرا هاماًَ، والنظام السوري يسقط، وجيشه واجهزته الأمنية تتهاوى، والمدن الكردية تسقط بيد القوى الكردستانية واحدة تلو الآخرى، وفرصة كهذه من الصعب جداً أن تتاح لأي شعب آخر.
الأمور في غرب كردستان تسير بوتيرة جيدة بشكل عام، فمؤتمر قامشلو (الذي انعقد في تشرين الاول من العام الماضي) وتأسيس المجلس الوطني (الكردي) من معظم القوى كان عملاًَ عظيماً، وانتخاب المجالس من قبل حزب الاتحاد الديمقراطي (ب ي د) رغم أنه تم بشكل فردي، كان مكتسباً جيداً لهذه الظروف وانسحاب النظام من المدن وسد الطريق أمام الفوضى.
كما وكان الاجتماع بين المجلس الوطني الكردي و (ب ي د) في رئاسة الاقليم برعاية السيد رئيس الاقليم، خطومة سياسية مؤثرة من اجل سد الطريق أمام اشتداد الخلافات والمستجدات غير المتوقعة. كل هذه الخطوارت، كانت من اجل ان تتمكن القوى السياسية ب موقف واحد وبتعاضد بعد سقوط النظام من أن تتفاوض مع قوى المعارضة على مستوى سوريا ككل، وبالمحلصة، يحصل الشعب الكردي في المرحلة الاولى على حقوقه الديمقراطية من الناحية السياسية، ثم يتم تثبيتها في دستور سوريا.
(5)
توازن القوة والتفاوض
مما لاشك فيه ان سوريا المستقبل، ستقودها حكومة ديمقراطية او حكومة اسلامية بقيادة الاخوان المسلمين. وفي الحالتين فإن القوة الكردستانية الموحدة ضرورية من اجل انتزاع الحقوق الديمقراطية، وذلك بهدف حماية توازن القوة. وإن تمت اعتماد نظام ديمقراطي، فإنه بالإضافة إلى ان مشاكله اقل، لكن العملية الديمقراطية عملية تاريخية بعيدة المدى، وفي مواجهة القوى السياسية المتنفّذة في سوريا، تعتبر الحفاظ على التوازن السياسي والجماهيري، والدعم الاقليمي والعالمي والكردستاني واجباً ضروريا.
وحتى إن جاءت حكومة اسلامية على الحكم ، في حالة كهذه، فإن سوريا لن تصبح مثل تونس وليبيا واليمن، لان سوريا بلد متعدد القوميات والطوائف، وفي مقدمتها الشعب الكردستاني وقضيته السياسية، ومن ثم المسيحيين وحقوقهم، والعلويين وحقوقهم المذهبية والديمقراطية، وللدروز والاسماعيليين ايضاً حقوق كثيرة. و مع وجود كل هذه المكونات فإن حل مشاكلهم بدون نظام ديمقراطي أمر محال.
إن حكمنا على التاريخ السياسي للإخوان، سنرى بأن برنامجهم لا يحوي على حل ديمقراطي للمسائل القومية، بل أن الاخوان في النصف الاخير من القرن الماضي، لم يحركو ساكناً أمام الجرائم والأهوال التي ارتكبت في كردستان، لكن بعد احتلال الكويت وظهور الحراك الاسلامي في كردستان، وخاصة بعد الانتفاضة، قام عدد من قياداتها باتخاذ موقف خجول تجاه اضطهاد الكرد.
الاخوان المسلمون، مدرسة سياسية، لا يلتفتون إلى الديمقراطية إلى إن كانوا مضطرين لذلك، وحتى إن التفتوا إليها، فإن ذلك يكون تكتيكا، لا استراتيجية. ففي غرب كردستان، فرضت سياسة عنصرية واضحة من قبل الانظمة السورية، لكن الاخوان المسلمين لم يعارضوا تلك السياسات، وحتى ولو من الناحية الانسانية. لكن عندما بدأت تتغير الظروف واصحبت الاحداث في صالح الكرد، تراهم الآن بدأوا بالتحرك سياسيا باسم الاخوان في المدن الكردية، فيما يقوم الكرد بمساعدتهم! و هذا ما سيكون من الآن سبباًَ لمشكلة ثانوية بين الاهالي.
كل تلك الحقائق، تتطلب من قوى غرب كردستان، ان تصوغ سياساتها الداخلية بدقة، وأن تكون أكثر دقة في اقرار البرامج مع المعارضة السورية.
(6)
مخاوف الحرب الداخلية!!
المكسب الوحيد للكرد وقواه في سوريا، في هذا الزمان ومع وجود هذه الأرضية السياسية، وفي تلك الرقعة الجغرافية الحساسة في ظل كل هذه التجاذبات الإقليمية، المكسب الوحيد، ناهيك عن قدسية وحدة القوى، هو العمل على خدمة الناس ايضاً، وارضاء الجماهير وتطمين الرأي العام الكردستاني، وذلك كي تبقى تلك القوى الجماهيرية مناصرة لتلك القوى السياسية في الضغط على المعارضة و تأمين الحقوق الديمقراطية.
ففي الظروف المرافقة للانتفاضة الشعبية، يكون تأثير القوة المسلحة سياسيا اقل من قوة الجماهير، حيث ان الجماهير في البداية تنزل إلى الشوارع بشكل اعتباطي وتلتف حول قواه، لكن وبدن شك ينفر منها رويدا رويدا إن لم تشعر بالاطمئنان تجاه سياساتها ومدى خدمة تلك الاطراف. هناك منعطف امام القوى، وهي اخطر مسألة، وهي مسألة اندلاع حرب اهلية، وهي ما تتخوف منها الجماهير كثيراً. وخاضة في غرب كردستان التي تفتقر إلى تجربة النضال المسلح ومحيطها محاصر ب قوى ودول متآمرة ضد النضال المصيري للكرد.
نأمل أن لا يكرووا تجربة اجزاء كردستان في تفجير الخلافات التي لا وقت لها، ففي جنوب وشرق كردستان، اضرّت الحرب الداخلية بقدر قسوة المحتلين بالكردايتي والعملية الديمقراطية.
إنها لمخاوف جمّة، أن يقوم كل طرف في غرب كردستان، باعتبار نفسه امتداداً لقوى الاجزاء الاخرى من كردستان. والشيء الأكثر خطورة، أن تكون هناك قوى في الاجزاء الاخرى من كردستان، تعتبر نفسها وصيّة على قوى غرب كردستان. من واجب جميع القوى في اقليم كردستان أو في شمال كردستان، ان تتعامل بحيادية مع غرب كردستان، فالتدخل من اجل سلطة او السيطرة على منطقة او قدرات او مال او مسلحين، سياسة مضرّة.
الاتحاد الوطني الكردستاني من جانبه، وتجاه اي جزء من كردستان، ناهيك عن معارضته لجميع اصناف التدخل، خاصة الآن في غرب كردستان التي اقترب فيها سقوط النظام البعثي، لكن علامات خطر تصدع القوى، خاصة بين (ب ي د) والمجلس الوطني الكردي في سوريا قد بدأت تظهر وإن لم يتم ايجاد حقيقي لهذا التصدع، فإنه من غير المستبعد ان تصل إلى مواجهة مسلحة، وإن وصلت الى المواجهة المسلحة، فإنه بدون شك ستقوم القوى الاقليمية والمسلحون الذين يفتقرون إلى التجربة و الايادي المختفلة بإيصال الوضع إلى الهاوية.
الوضع لن يدوم طويلاُ، وستجرى انتخابات وسيتم فرز الاصوات في الصناديق، وستكون حاجة صناديق الاقتراع بالقوى المسلحة بالنسبة لتجربة انتفاضة غرب كردستان في أقلّها.وحين يتم فرز الاصوات، سيتضح أي طرف كسب الناس واي طرف لم ينل ثقة الناس. وبالتأكيد، حينها سيتبين من بين كل تلك القوى القديمة والجديدة اي القوى هي الضعيفة، إلا إذا فكّروا حينها بالتوحد، وليس الآن!!
*مسؤول الهيئة العاملة في المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني
الترجمة عن الكردية: محمد خير داوود
[1]