=KTML_Bold=المحامي محمد خليل : الأزمة السورية ... وفرص الحل السلمي ؟=KTML_End=
كورداونلاين
لقد أوصل نظام الحكم في سوريا البلاد إلى حافة الهاوية بسبب تمسكه بالحل الأمني دون التفكير بأية حلول أخرى سبيلاً لحل الأزمة السورية ، أن تعنت النظام وتمسكه بالحل الأمني سبيلاً وحيداً للرد على المطالب الشعبية
المحامي محمد خليل *
لقد أوصل نظام الحكم في سوريا البلاد إلى حافة الهاوية بسبب تمسكه بالحل الأمني دون التفكير بأية حلول أخرى سبيلاً لحل الأزمة السورية ، أن تعنت النظام وتمسكه بالحل الأمني سبيلاً وحيداً للرد على المطالب الشعبية في الحرية والكرامة والمساواة ومشاركة القرار والسلطة واستخدام النظام للعنف المفرط في رده على تلك المطالب في خطوة لردعهم وتخويف بقية الشعب لثنيهم على المشاركة في تلك المطالب لم يزد الشعب السوري إلا بسالة في تصعيد احتجاجاته السلمية في مواجهة ذلك العنف الغير مبرر وقتل الشعب ، إن هذه البسالة الشجاعة من الشعب السوري وضع النظام أمام مفترق طرق أما أن يرضخ لمطالب الشعب والذي أرتفع سقفها بعد الرد العنيف على مطالبها الأولية من قبل السلطة ليطال قمة هرم السلطة وتبدأ في إصلاحات سياسية حقيقية تطال كافة مفاصل السلطة ، وأما أن تستمر في خيارها الأول وهو مواجهة تلك المطالب بالعنف والقتل عسى أنها تنجح في مسعاها وتثني الشعب عن مطالبه ، وأمام ذلك نجد أن النظام استبعد الخيار الأنسب والأصلح والأقل كلفة وتوجه إلى الخيار الثاني في التعامل مع الأزمة وأستبدل الأسلحة الخفيفة التي استخدمها في بداية الأزمة ضد المحتجين بالأسلحة الثقيلة والفتاكة مرتكبا أبشع الجرائم بحق الشعب السوري ، وكلما زاد النظام من بطشه أزداد الشعب إصراراً وتمسكاً بمطالبه المشروعة وأمام هذه المعادلة وقف النظام الدولي ومؤسساته التي يفترض بها ان تكون صمام الأمان للشعوب من جور الأنظمة الموقف المتفرج بل السلبي في حماية الشعب السوري الأعزل على مدار أشهر طويلة وثقيلة على الشعب السوري مما دفع بها إلى خيار حماية نفسها بنفسها خيار التسليح خيار الثورة المسلحة منذرة لدخول البلاد في منعطف خطر ونفق مظلم وفوضى شعبية تطول أمدها .
إلا أن النظام وحده من يتحمل نتائج تلك الخيارات وما تؤل أليه الأوضاع في سوريا فالنظام هو من استهلك الفرصة تلو الأخرى والحل المناسب تلو الآخر بدءً من مبادرات الشعب السوري لحل الأزمة رافضاً أي حل سوى التي يضعها هو منهجاً للعمل فلا حوار إلا مع نفسه ولا صوت يعلو فوق صوت دباباته ومجنزرا ته ولا رأي بعد أراء قياداتها الأمنية ، مستنفذاً كل طرق حل الأزمة السورية بيد السوريين أنفسهم لينتقل الملف السوري إلى يد العرب الذين أدلو بدلوهم لحل الأزمة السورية سلميا وبعد طول صبر ونزيف دم لا يتوقف توصل القادة العرب والنظام إلى حل للأزمة السورية أسموها المبادرة العربية نسبة لهم والتي اقتنعت بها النظام حلا لتطويل أمد أللا حل عسى أن تستطيع لفائح ولهيب مدفعيتها أن تحرق ما تبقى من إرادة السوريين وليبدأ من جديد لعبة المراوغة واصطياد مبررات الهروب والتنصل من الالتزامات ، إلى أن توصل أبناء جلدته أن لا حل سلمي مع هذا النظام ، لينتقل الملف السوري إلى اليد الطولى .... مجلس الأمن الدولي ، وها هو الأخير أيضاً يستنفذ الورقة الأخيرة لحل الأزمة السورية سلمياً ........خطة كوفي أنان المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة والجامعة العربية على سواء والتي أبصرت النور بعد موافقة النظام على بنودها الستة بتاريخ 27 / 3 / 2012 ملتزمة على نفسها ان توقف جميع العمليات العسكرية بغية الوصول إلى وقف جميع أعمال العنف من جانبها بتاريخ لا يتجاوز الثاني عشر من شهر نيسان من هذا العام والتي صعدت فيها النظام من عملياتها العسكرية بشكل جنوني في الفترة الواقعة بين تاريخ توقيع الاتفاقية ووقف العمليات العسكرية وكأنها أرادت أن تقصم ظهر المعارضة خلال تلك المقترة مستفيدة من المواقف الدولية والإقليمية التي تآزرها وما كان من السوريين إلا أن يقولوا بفاجعتهم لعل بعد الضيق الفرج ، وبعدها حان ساعة الالتزام ... البنود الستة التي تضمنتها خطة كوفي أنان في ثناياها ، الالتزام بوقف إطلاق النار للوصول إلى وقف فعال للعنف ولتحقيق هذه الغاية على الحكومة السورية وقف تحرك القوات العسكرية باتجاه التجمعات السكنية وإنهاء استخدام الأسلحة الثقيلة وسحب المظاهر العسكرية من داخل وحول التجمعات السكنية . وكذلك ضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين ولكل المناطق المتضررة والإفراج عن المعتقلين وخاصة المشاركين في أنشطة سلمية وتقديم قائمة بكل المناطق التي تتواجد فيها المحتجزين ، إضافة إلى ضمان حركة الصحفيين في أنحاء البلاد دون شروط وأخيراً احترام حرية التجمع وحق التظاهر . ودون أن تتعرض الخطة إلى تنحي الرئيس بشار الأسد عن السلطة وفق مطالب جامعة الدول العربية ومطالب السوريين الذين استمروا بالمطالبة على مدار أكثر من سنة بضرورة تنحيه عن السلطة لفقدانه شرعية الاستمرار في الحكم ، إلا إن طبيعة النظام لا تسمح له الالتزام بخطة كوفي أنان التي تعني فيما تعنيه أن يوقف العنف ويتم سحب الآليات من المدن والمناطق السكنية ويسمح بالتظاهر والاحتجاجات السلمية الأمر الذي يعني نهاية النظام بيد السوريين أنفسهم إضافة إلى أن طبيعة النظام في سوريا وطريقة تشكيله لا تسمح له القيام بأية إصلاحات حقيقية لأن أي أصلاح حقيقي سوف يطول النظام نفسه بكل أركانه ومرتكزاته لكل ذلك نجد أن تعاطي النظام مع خطة كوفي عنان لا تختلف عن تعاطيه مع المبادرة العربية التي سبقته وأن كان واضحاً تماماً مقاصد النظام من قراراته تلك أنما هي لكسب عامل الوقت فبعد موافقته على الخطة ويظهر للعالم بأنه حسن النية وانه لا يمانع من حل هذه الأزمة بالطرق والوسائل السلمية وبعد موافقته على خطة العمل يبدأ بالمراوغة ووضع العقبات أمام تطبيق الخطة مثلما حدثت تماماً مع مبادرة الجامعة العربية وبالنتيجة لا حلول لا تقدم لا إصلاح ، من الواضح تماماً عدم التزام النظام السوري بأي بند من بنود خطة كوفي أنان فلا أطلاق لسراح المعتقلين ولا تسهيل لدخول المساعدات للمحتاجين لها ولا موافقة لدخول الصحافيين ولا سحب للآليات من التجمعات السكنية وما حولها ولا وقف لأعمال العسكرية وبحسب رئيس لجنة المراقبين الدوليين فأن وقف إطلاق النار هش وغير مستقر وبحسب نائب الأمين العام للأمم المتحدة فأن النظام السوري لم يسحب آلياته الثقيلة من المناطق السكنية ورفضت لطائرات تحمل علم الأمم المتحدة من التحليق وأن وجود الآليات الثقيلة في المناطق السكنية دليل على عدم التزام النظام السوري بالخطة سيما وجود مدفعية الميدان لأنها ليست ضمن الاتفاقية التي تنص على وجود أسلحة خفيفة للشرطة وقوات حفظ النظام وأن مدفعية الميدان ليست ضمن هذه الأسلحة ولا أحد يمكن أن يقبل بوجود مدفعية الميدان داخل المناطق السكنية ، وكأن خطة كوفي أنان أختزل في دخول المراقبين وتنقلهم في سوريا وحتى هذه وبحسب المراقبين فأن زيارة هؤلاء المراقبين عادة لا تستغرق سوى دقائق وفي أغلب الأحيان فأن المراقبين لا ينزلون من آلياتهم وما أن يغادرون المكان حتى تبدأ القصف والعنف في المكان وأن النظام يبدأ بقصف المناطق التي يزورها المراقبين فور مغادرتهم لتلك المناطق وكذلك فأن النظام لم يعطي تأشيرات دخول لمراقبين ينتمون لدول أصدقاء سوريا ولم تسمح لهم بدخول الأراضي السورية ، وأن كان لوجود المراقبين في بعض المناطق بعض التأثير في تقليص معدل العنف مع بدأ سريان تطبيق الخطة وأن كان المراقبين قلقون من انتهاك المعارضة وعدم التزامها بالخطة بشكل دقيق إلا أن الانتهاك الأكبر وخرق الهدنة أنما تأتي من الحكومة السورية بحسب المراقبين .
وبالتالي لا نلاحظ وجود أية مؤشرات على أن هناك نهاية في الأفق وذلك يظهر من سلوك النظام وطريقة تعاطيه مع الأزمة وطرق حلها ومن الطريق المسدود لحل الأزمة في الأمم المتحدة واستخدام الفيتو والتلويح به من قبل روسيا والصين وتصريح روسيا المتكرر بأنها ترفض أي قرار ضد سوريا حتى قبل الإطلاع عليه الأمر الذي يغلق الباب على أي سبيل لحل الأزمة السورية بالطرق السلمية فالنظام لن يلتزم بخطة كوفي أنا أو بأية خطة أخرى مثلما لم يلتزم بالمبادرة العربية وهذا أمر واضح لأي مراقب للوضع في سوريا وأن النظام لن يغير شيئاً من سياسته فمن شب على شيء شاب عليه لا يمكن لنظام يستخدم العنف في أعمال سيادته على الشعب أن يتوافق مع عصر الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان و أن يقتنع بان السلطة هي للشعب التي هي مصدر كل سلطة وأن يرضخ لقرار الشعب في ممارسة السلطة ويحفظ البلاد من الفوضى ويحقن دماء السوريين .
* المحامي محمد خليل : رئيس مجلس أمناء المنظمة الكردية للدفاع عن حقوق الإنسان والحريات العامة في سوريا ( DAD )
[1]