=KTML_Bold=سوريا والمستقبل .. ومؤتمرات المعارضة شبه اليومية .. وما دور الأكراد فيها=KTML_End=
كورداونلاين
افتتاحية :ارمانج - فالحالة التي تجري في بلدنا سوريا .. تعيد بذاكرتنا ، إلى المشهد الإيراني ، قبل عدة شهور من قيام الجمهورية الملالية الإسلامية ، في نهاية السبعينات من القرن المنصرم. فقبيل شهرين من هبة الشعب الإيراني
سوريا والمستقبل .. ومؤتمرات المعارضة شبه اليومية .. وما دور الأكراد فيها
من الطبيعي المعارضة التي من كافة الأطياف ومكونات المجتمع أن تتشاور وتشارك مع بعضها البعض وخاصة في القضايا المصيرية المستقبلية كالحالة المأسوية التي تجري في وطننا سوريا لكن هذه المشاورات ليس بعد دخول الثورة في شهرها الثامن وبعد أن راح ضحيتها الآلاف وعشرات الآلاف من الجرحى والمعتقلين والمشردين .. وأيضاً ليس من السهل أن تعيش دومًا بحالة إسهال سياسي من خلال ملاحقة كل الأحداث وكل المؤتمرات المعارضة الخلبية ومواقفهم الضبابية التي تقيم بين لحظة وأخرى بدون فائدة في هذه الدولة أو ذاك .. بالرغم في كل لحظة هناك أحداث على أرض الواقع من القتل والاعتقالات والتعذيب والاختفاء القسري ومع ذلك يصر الشعب العزل الاستمرار في المظاهرات والاحتجاجات إلى أن تتحقق أهدافه المنشودة ...
بالرغم أن الوقت لا يزال مبكراً أن نجزم ونقيم الأحداث الجارية في سوريا , لتقديم قراءة دقيقة لما حدث وسيحدث ، وتأثيراته المستقبلية على أوضاع سوريا , سنحاول قدر ما هو مستطاع ، استثمار ما برز على السطح من تطورات من أجل الغوص أكثر فأكثر إلى المفاعيل ، التي كان لها الدور الحاسم في النتائج الدرامية ، التي اتخذت مشهداً مفصلياً في الخامس عشر من شهر آذار 2011 وبروز مرحلة جديدة ، يفترض فيها أن تكون مغايرة ، في تاريخ سوريا المعاصر أول ما يلفت النظر أن الشعب السوري بكافة أطيافه ومكوناته كسر حاجز الصمت والخوف وتحول من مطالبه الإصلاحية إلى مطلب وحيد ألا وهو إسقاط النظام ومحاسبة مرتكبي الجرائم بحق هذا الشعب العزل ...
فالحالة التي تجري في بلدنا سوريا .. تعيد بذاكرتنا ، إلى المشهد الإيراني ، قبل عدة شهور من قيام الجمهورية الملالية الإسلامية ، في نهاية السبعينات من القرن المنصرم. فقبيل شهرين من هبة الشعب الإيراني ، ضد شاه إيران ، زار الرئيس الأمريكي ، جيمي كارتر العاصمة طهران ، وأثناء لقائه بالشاه ، ألقى خطاباً تاريخياً ، وصف فيه إيران بأنها واحة الأمن والاستقرار والسلام بمنطقة الشرق الأوسط. وبعد أسابيع قليلة من تلك الزيارة اندلعت الثورة الشعبية ، في إيران بتحالف بين رجال الدين ومؤسسة البازار ، وقد تواصلت تلك الهبة عدة شهور ، سقط في نهايتها نظام الشاه ، وتسلم الإمام الخميني سدة الحكم .
وهناك خطوة مشابه ، على طريق التوترات الأخيرة ، التي تحولت لاحقاً إلى هبة شعبية ، هي إقدام شاب جامعي ، من منطقة سيدي بوزيد ، عاطل عن العمل ، على حرق نفسه ، بعد أن قاده حظه العاثر لأن يصبح بائع خضار متجول ، اصطدم برجال الأمن ، بسبب القوانين الاستبدادية والبيروقراطية ، التي تحرم على أمثاله الحصول على لقمة العيش. وكان هذا الحدث هو القشة التي أشعلت الانتفاضة الشعبية التي أودت بنظام الدكتاتور زين العابدين بن علي.
النقطة الأخرى، الجديرة بالانتباه ، هي أن الهبة ، بالطريقة التي عبرت فيها عن نفسها ، بدت عفوية وغير منظمة. وكان عمودها الفقري منذ البداية ، حتى الأيام الأخيرة ، هم الشبان الصغار. وأن دور الأحزاب السياسية ، التي كانت محظورة عن العمل ، بموجب القانون الدكتاتوري ، حتى لحظة سقوط النظام ، بقي هامشياً ، رغم محاولات قادة هذه الأحزاب إبراز أنفسهم كقادة وموجهين ، وكعناصر فاعلة في تقرير مستقبل قرار الشعب التونسي ..
أما في حالتنا السورية هي حالة مشابه لهاتين الحالتين السابقتين أقدم فيها الضابط في الأمن السياسي في مدينة درعا إلى اعتقال وتعذيب الأطفال دون سن العاشرة من عمرهم بسبب كتابة هؤلاء الأطفال على جدار المدرسة الشعب يريد إسقاط النظام .. يبدو أن الأطفال متأثرين من خلال الإعلام والتلفاز بالثورتين التونسية والمصرية .. وهكذا بدأت الشرارة الأولى للثورة السورية لا نهاية لها ولا نتيجة حتى الآن .. لكن المعارضة السورية هذه المرة يحاولون أن يعبروا من خلال مؤتمراتهم أن يبرزوا أنفسهم كقادة وممثلين ووجهاء الثورة السورية كالحالة التونسية لكن في الحقيقة المعارضة وأصحاب المؤتمرات الخلبية حتى هذه اللحظة لم يشاركوا في الثورة بتاً بل الشعب العزل الذين ضاع منهم لقمة عيشهم هم أصحاب الحقيقيين للقرار عما يجري في سوريا ويحاولون قدر المستطاع أن يحولوا الوطن من دولة أمنية استبدادية إلى بناء دولة ديمقراطية حديثة علمانية تعددية .. أي لا دولة إسلاموية على الطريقة الأردوغانية وطفله المدلل الإخوانجي ولا الدولة العروبية القومجية العنصرية والشوفينية إنما دولة ديمقراطية تعددية وتصون حقوق كل المواطنين السوريين أي الجمهورية السورية الديمقراطية التعددية
وذلك يعيدنا إلى مسألة مهمة في الفكر السياسي ، عن أسباب الثورات الاجتماعية. هل هي فعلاً نتاج غلبة الفاقة والجوع؟ أم أنها نتاج بروز قوى اجتماعية جديدة تجد في بقاء النظام القائم معوقاً لمصالحها؟ أو هي نتاج لنضج سياسي أفقي ، يشق طريقه إلى مختلف بنيات المجتمع ، من قاعه إلى سفوحه؟. وهل يعني وجود هذه القوانين : الفاقة والجوع ، وبروز القوى الاجتماعية المضادة للنظام ، والوعي السياسي ، حتمية التغيير ، أم أن ذلك رهن لشروط موضوعية أخرى. بمعنى أنه لو انطبقت هذه الشروط على بلد آخر ، هل يمكننا الجزم ، دون حذر أن هذا البلد مقبل على ثورة مماثلة كتلك التي أخذت مكانها ؟
الوقائع التاريخية ، تجيب بالنفي. على معظم هذه الأسئلة. فليس يكفي أن يتوفر شرط أو أكثر ، أو حتى هذه الشروط مجتمعة ، ليتحقق انتقال نوعي ، من مرحلة إلى أخرى ، يتغير بموجبها النظام السياسي القائم. ولو كان الأمر كذلك ، فإن المسطرة تشير إلى وجود عدد كبير من بلدان العالم ، مرشحة الآن لتحولات مماثلة كتلك التي أخذت مكانها في تونس ومصر وسوريا في طريقها الآن ، وبضمنها بلدان عربية كثيرة. إن الفلاسفة ، تشير في كتاباتهم عن الثورات الاجتماعية ، أن العامل الحاسم في التغيرات الدراماتيكية ، يعود إلى ردة فعل أجهزة الدولة ونوعية استجابتها على ما يواجهها من أحداث وتحديات. بمعنى آخر ، إن مستوى مهارة أداء البناء الفوقي ، في التعامل مع الأحداث العاصفة هو الذي يحدد النجاح أو الفشل في تثبيت الأمن وبعث الحياة لدعائم استقرار النظام. أسئلة مشروعة ، تتطلب منا إعمال الفكر ، من أجل أن تكون قراءتنا أكثر دقة لما يجري من حولنا. وحين نعود إلى التجربة التونسية ، تواجهنا مسألة أخرى ، لا تقل وجاهة عن سابقتها. فالهبة الشعبية لم تستمر طويلاً ، والحسم جاء سريعاً ، بما يعيدنا مرة أخرى. لماذا تتمكن أنظمة بوليسية للتصدي لشعبها ، وتتمكن من قمع حركته ، في حين تعجز أخرى؟. هنا يأتي الجواب ، في حدث أخذ مكانه قبل يوم الحسم ، حين تصدى الجيش التونسي ، لرجال الأمن وهم يعترضون بهراواتهم وأسلحتهم وقنابلهم المسيلة للدموع للمسيرات الشعبية. كان اصطدام الجيش بالمؤسسة الأمنية ، يعني انفراط عقد الدولة. وأن نظام الدكتاتور زين العابدين ، لم يعد بمقدوره الاستناد على أجهزته في مواجهة الهبة الشعبية. وهكذا كان قراره المنطقي بالرحيل ، بعد أن رأى بأم عينيه أن انهيار النظام أصبح محتماً ...أما في سورية ما يزال الجيش متضامن ومتكاتف مع الأمن وشبيحته ضد الشعب والحراك الجماهيري بالرغم هناك الانشقاقات في صفوف الجيش لكن ليس بما هو المطلوب .. وهذا يعود إلى تركيبة الجيش السوري ويؤكد أن جيشنا ليس جيش وطني .. بل مؤلف من الأمن والشبيحة وبمعنى آخر أكثر وضوحاً أن جيشنا مؤلف من فئة اجتماعية محددة أو طائفة واحدة ...نحن إذا أمام لوحة ، بدأت تفاصيلها تتضح أكثر فأكثر. هناك هبة شعبية ، يقوم بها الشباب ، وفراغ سياسي للأحزاب السياسية سواء من المعارضة العربية أو من باقي مكونات المجتمع السوري من الكورد والآشوريين أو سريان أو دروز أو غيرها .. بمعنى أن الهبة عفوية في تركيبتها ، ولا تحمل مشروعاً سياسياً. وهناك من جهة أخرى ، صراع بدى جلياً بين المؤسستين اللتين يفترض فيهما حماية الحكم ، وبالتالي حماية النظام والأمن وشبيحتها في البلد. هذا الصراع يطرح مسألة أخرى جوهرية ، حول المستقبل السياسي في سوريا. هل كانت ردة فعل من مؤسسة الجيش عفوية كما بدى على السطح؟ أم أن هناك مخططات الانقلابية محسومة أمرها من داخل النظام القائم لتورطه أكثر في قتل الأبرياء .. وتسهل طريق أمامها لاستلام الحكم لصالحها ، باعتبارها المؤسسة التي تساند وتدفع الأمن الأكثر أثناء قمعه للمتظاهرين ، ونتيجة ردات الفعل دفع بالشعب إلى مرحلة جديدة لا يمكن الرجوع من مطلبها إسقاط النظام ، ويرضى بأي نظام مهما كانت طريقته لكي يوقف العنف في المدن والأرياف السورية .. وهناك ملحوظة إذا استمر الحراك الشعبي سيتغير موقف الجيش من النظام القائم .. وبهذا يبدو إطاحة الفرصة أمام مؤسسة الجيش لاستلام السلطة وفي سياق موضوعي ، ويقابل بالرضى الشعبي من المهم تغيير النظام القائم ..إذاً كما نعلم أن الثورة الياسمينة في تونس تحمل أوجهاً مشابهة لما جرى في مصر في 23 يوليو عام 1952م. تحدث فوضى في مصر ، وينشب حريق القاهرة ، وينزل الناس إلى الشوارع. وتعلن حالة الطوارئ ، فيعلن الجيش ، أولاً عبر نادي الضباط ، ولاحقاً عبر تنظيم الضباط الأحرار عن انحيازه للشعب. ويقوم بانقلابه الذي ينصب فيه ابن الملك على العرش ، ويكلف رئيس الوزراء ، علي ماهر ، أحد رجالات البلاط الملكي برئاسة الحكومة ، ثم ما تلبث الأمور أن تتكشف لاحقاً ، فيسطر الجيش بشكل كامل على البلاد ، ويتولى إدارة الدولة والمجتمع ، ويجري تحريم العمل الحزبي ، وتشهد مصر تطورات عاصفة ، وتحولات تاريخية استمرت عدة عقود ، بقيادة المؤسسة العسكرية ، التي أعلنت صيانتها لمصالح الشعب .. نحن هنا أمام مشهد الثورة السورية حالياً رغم أن السيناريو لا يزال في بدايته. لكن المقدمات تشي بالنتائج. فالجيش كما يبدو يدير التحولات السياسية في سوريا من خلف حجاب شفاف. بالرغم هذه الخطوة مرفوضة من قبل الشعب حالياً .. لكن الجيش ينتظر اللحظة الحاسمة ، ليؤكد حضوره كقوة فاعلة وقادرة على تكنيس مخلفات الماضي ، لكن لصالح هيمنة مؤسستها. والفراغ السياسي ، الذي استمر أكثر من عقود يجعل هذه المؤسسة دون غيرها المهيأة للعب الدور الأساسي في صناعة التاريخ الجديد للجمهورية السورية .هنا تبين لنا رأس الخيط ومستقبل الدولة السورية الحديثة من خلال مقارنات ومفارقات بين ثورة السورية وثورات الأخرى في الدول العربية .. لكن ما دور المكون الكوردي وأحزابها السياسية في دولة السورية المستقبلية ...
قبل أن نحلل دور أحزابنا في الثورة السورية الحالية ينبغي أن نلقي الضوء على تاريخ سوريا في عهد الاحتلال الفرنسي على سوريا .. في تلك الفترة لم يكن هناك أي تنظيم كوردي خاص بالشعب الكوردي في سوريا كما موجود حالياً عدد الأحزاب يزيد من عدد الشعب بذاتها بل كان هناك الجمعيات الكوردية الثقافية وكان الحزب الشيوعي السوري معظم أعضاءه من الشعب الكوردي آنذاك .. ومن ناحية أخرى في تلك الفترة لم يكن وجود العنصرية القومية بالقوة الموجودة حالياً .. وهناك النقطة الأخرى المهمة أغلبية المناطق السورية في تلك المرحلة من الشعب العربي لم يكن يعرف بأن وجود الشعب الكوردي في سوريا إلا المناطق المحتكة مع المناطق الكوردية وهذا يعود إلى تخلف الشعب السوري في تلك الفترة سواء من العرب أو من الكورد أو أي الأقليات الأخرى .. بل كان هناك العقلية العشائرية السائدة في معظم المناطق السورية .. إذاً بإمكاننا أن نجزم بأن العنصرية نتجت من المناطق العربية المحتكة مع المناطق الكوردية ..
نعود إلى مرحلة الثورة السورية ضد الاحتلال الفرنسي التي شاركت فيها كافة الفعاليات السياسية والثقافية وكافة الأطياف ومكونات المجتمع السوري لكن في النتيجة حصد الكرد بعد الاستقلال الوطن من الاحتلال الأجنبي الإحصاء الشوفيني والحزام العروبي والقانون الملغي والقتل والاعتقالات والتعذيب وإنكار الوجود تحت العلم الاستقلال الذي شارك فيها ضد الاحتلال .. أما اليوم بما أن هذه المرة بوجود التنظيمات الكوردية السياسية ما دور هذه الأحزاب الكوردية في الحراك الشعبي وما جاهزيتهم في إثبات وجودهم في الدولة السورية المستقبلية ؟
نرى بأن حال الأحزاب الكوردية ليس بأفضل من معارضة المؤتمرات وهم أيضاً يهرولون وراء المؤتمرات تارة باسم المؤتمر الوطني الكوردي الاقصائي وتارة باسم مؤتمر الإلغائي وتارة أخرى باسم مؤتمر الحادي عشر حزباً .. يظهر في السطح أن هدفهم تضييع الوقت لا أكثر .. ودورهم في المستقبل كما في عهد الاستقلال الوطن سوريا من الاحتلال الأجنبي ...قراءة أولية ، واللوحة لم تكتمل التفاصيل بعد، والمشهد لا يزال بحاجة إلى المزيد من التأصيل والتحليل ....
آرمانج : يصدرها حزب المجتمع الديمقراطي في سوريا
العدد : 45 تشرين الأول armanc2001@gmail.com
[1]