=KTML_Bold=اتحاد شعوب كردستان.. نحو اقامة كيان دولة كردية=KTML_End=
كورداونلاين
يتناول الاختصاصيون في التعليق على الاحداث السياسية الداخلية بشكل متزايد في الاونة الاخيرة، دور وموقع اتحاد شعوب كردستان (Koma Civaken Kurdistan) في الحياة السياسية للاكراد، الذين يعيشون في محافظات جنوب شرق تركيا. وان هذا الاتحاد، كما يؤكد العديد من الخبراء الاتراك، يرتبط بشكل وثيق بحزب العمال الكردستاني الانفصالي المعروف، ولكن له في نفس الوقت، نهجه الخاص، الذي يرمي الى تحقيق طموحاته السياسية. وتعتبر النيابة العامة التركية في ديار بكر اتحاد شعوب كردستان منظمة ارهابية كبيرة، تشمل بما في ذلك حزب العمال الكردستاني. ومع ذلك يتمسك بعض المحللين الاتراك بوجهة نظر اخرى. فان اتحاد شعوب كردستان، حسب رأيهم، يختلف جذريا عن حزب العمال الكردستاني، لا من ناحية تركيبه فحسب، بل وبنشاطه واساليب نضاله. ويوجد معلقون يعتبرون اتحاد شعوب كردستان بمثابة نموذج مطور لتشكيلات حزب العمل الكردستاني المسلحة في العقد الاخير من القرن الماضي. ولذا، ما هو اتحاد شعوب كردستان في الحقيقة؟
من الضروري للاجابة عن هذا السؤال، اجراء استعراض مختصر لتاريخ نشوء الاتحاد، وتحليل قرارات هيئات القضاء التركية بشأن نشاطاته، وكذلك طرح اراء المحللين الاتراك البارزين حول قضية اتساع شعبيته بين سكان البلد الاكراد.
ان جوهر نشاط اتحاد شعوب كردستان تبلوره مقالة رئيس حزب العمال الكردستاني عبد الله اوجلان الاكراد في الالفية الثالثة، التي يطرح اوجلان فيها فكرة اقامة جمهورية ديمقراطية، ويكتب عن ضرورة هيكلة النشاط التنظيمي للحركة الكردية. وتحولت فكرة اوجلان مع الزمن الى اقامة حكم ذاتي ديمقراطي. وبين الشروط الاساسية لاقامة نظام الحكم الذاتي تحتل موقعا هاما قضية انشاء ادارة ذاتية شعبية في المحافظات الكردية. ومن حيث الجوهر، يعرض ما يسمى بهيكل شبه فدرالي. ومن اجل تحقيق فكرة اقامة حكم ذاتي ديمقراطي عمليا، كان من المفروض انشاء هيكل تنظيمي، اطلق عليه اسم اتحاد شعوب كردستان.
واستلم السلطة في تركيا عام 2002، حزب العدالة والتنمية الاسلامي المعتدل، وجرى تشكيل حكومة من حزب واحد برئاسة رجب طيب اردوغان. واخذ استياء خصوم حزب العالة والتنمية مجرد يزداد من عام لاخر. واججت الوضع في البلد بصورة ملموسة المرافعات والاستجوابات والاعتقالات الجماعية، التي طالت ضباط الجيش التركي العاملين والمتقاعدين، من المشتبه بهم والمتهمين والمدانين في الضلوع بمحاولة انقلاب عسكري. وتجدر الاشارة الى ان القياة التركية تعامل الاكراد في اطار معاهدة لوزان للسلام عام 1923، التي تعترف بالطوائف اللامسلمة من مواطني تركيا اليهود واليونانيين والارمن الاصل فقط بمثابة اقليات قومية. والاكراد بموجب التشريعات التركية ليسوا من الاقليات القومية. ولذلك لا تربط قيادة البلد الوضع في جنوب شرق تركيا بقضايا الاقليات القومية. وعلى خلفية هذه الاحداث وموقف انقره الرسمي، قرر المسلحون الاكراد تنفيذ عدد من الفعاليات لزعزعة الوضع في المناطق الكردية، لان حزب العدالة والتنمية وسع دائرة مؤيديه بما في ذلك على حساب جنوب شرق تركيا. كما اعلن قادة اتحاد شعوب كردستان في مؤتمر حزب العمال الكردستاني عام 2004، عن استئناف العمليات الحربية، التي جرى وقفها عام 1999، بعد اعتقال زعيم الحزب عبد الله اوجلان.
ومنذ 1 يونيو/حزيران 2004 بدأ المسلحون الاكراد بتنفيذ عمليات خارج حدود منطقة الدفاع. وبدأت تظهر بوادر تزايد نشاط نظام اتحاد شعوب كردستان. واخذت الكوادر الكردية النشطة تعمل على اتجاهين في وقت واحد ، في الجبال وفي المدن. وفي عام 2005 اكتسب نشاط اتحاد شعوب كردستان طابعا منظما. واعلن نظام اتحاد شعوب كردستان في عام 2007 رسميا. وبهذه الصورة، اقام حزب العمال الكردستاني نظامه الحكومي، مع الاحتفاظ بصفة جناح النظام العسكري.
وفي عام 2009 شنت السلطات التركية حملة واسعة ضد النظام الكردي، القت القبض خلالها على اكثر من 2500 شخص، واعتقلت نحو 900 شخص. وكان بين المعتقلين شخصيات سياسية وممثلو الشريحة المثقفة. وهذا دفع بعض المعلقين السياسيين الى النظر بصورة اخرى الى انصار اتحاد شعوب كردستان. وباعتبار حزب العمال الكردستاني منظمة ارهابية، فضلوا التعامل مع نظام اتحاد شعوب كردستان كتنظيم سياسي. كما كان بين الذين القي القبض عليهم قادة تشكيلات بلدية في بعض مناطق المحافظات الكردية. واتهموهم بتقديم المساعدة وادارة شؤون نظام اتحاد شعوب كردستان. كما اشار عدد من القرارات القضائية الى ان بعضا من قادة الادارة المحلية، قدموا مساعدات مادية للكوادر الكردية من اموال الميزانيات البلدية. وان بعض التشكيلات البلدية كانت بادارة اشخاص من اتباع نظام اتحاد شعوب كردستان.
واعلن انصار الاتحاد عام 2011 عام الثورة. كما اعلن ممثلو نظام اتحاد شعوب كردستان عن مواصلة الفعاليات مهما كانت العواقب السياسية والقانونية. وتجدر الاشارة الى ان نشطاء نظام الاتحاد نفذوا خلال 9 اشهر من عام 2011، نحو 3 الاف اعتداء وعمل ارهابي وتظاهرة. وان هذا العدد من الفعاليات يشير الى الامكانيات الكبيرة والعمل المطرد وحسن التنظيم.
ويعمل نظام اتحاد شعوب كردستان بهيئة عدد من المجالس ومختلف مؤسسات المجتمع الكردي. وهذا النظام هرمي. كما يعمل بصورة منفصلة مجلس للشاب ومجلس للنساء ومجالس الاقاليم الكردية الاربعة (تركيا والعراق وايران وسورية)، ومجلس الشتات الاوروبي، وكذلك احزاب سياسية، بينها حزب السلام والديمقراطية، الذي له 29 مقعدا في البرلمان التركي، الذي يتكون من 550 مقعدا. وفيما يخص الفرع التشريعي في نظام اتحاد شعوب كردستان، ينفذ القسم الاساسي من هذه الوظيفة الكونغرس KONGRA–GEL، الذي كان سابقا ضمن تشكيلة حزب العمال الكردستاني. ويضم الكونغرس في الوقت الحاضر 300 نائب. وتعتبر مكونات نظام الاتحاد هذه بمثابة بدائل لمؤسسات الدولة التركية الحالية. ويحاول نشطاء نظام الاتحاد اخذ مهمات الحكم على عاتقهم. ويجري في اطار النظام تشكيل هيئات قضائية، ويعاقب من يتقاعس في تنفيذ واجباته امام النظام، ويطبق نظام التعليم.
وبالمناسبة كان اتحاد شعوب كردستان يعتبر في السابق الجناح المدني لحزب العمال الكردستاني. وان موقف الخبراء الاتراك الايجابي من نظام اتحاد شعوب كردستان كان في الغالب نتيجة هذا الرأي الخاطئ. ولكن اتضح فيما بعد، ان نظام اتحاد شعوب كردستان، هو نظام حكم مواز، بينما حزب العمال الكردستاني ما هو الا جزء من هذا النظام. وان نظام اتحاد شعوب كردستان المتكامل يتكون من مؤسسات تشريعية وتنفيذية وقضائية، وكذلك من عدد كبير من المؤسسات الاجتماعية، وفصائل مسلحة، يحتل حزب العمال الكردستاني بينها موقعا خاصا. وبهذه الصورة ان اتحاد شتعوب كردستان ليس بنية سياسية بقدر ما هو نموذج لاقامة كيان دولة كردية.
الباحث أ. غاجييف معهد الشرق الاوسط
*روسيا اليوم
[1]