=KTML_Bold=الأكراد والأرمن وقبرص .. تحديات صعبة لأردوغان=KTML_End=
كورداونلاين
الجميع يعرف مدى تشابك عناصر المشكلة الكردية بالنسبة لتركيا التي عليها أن تضع بعين الاعتبار مجمل الحسابات الخاصة بأكراد العراق وسوريا وايران، قبل أن تلقي أي خطوة عملية
أنقرة - حسني محلي:
تناقش تركيا منذ 3 أشهر وعلى جميع الأصعدة السياسية والاعلامية والعسكرية والشعبية، سبل وامكانات معالجة المشكلة الكردية سلميا وديموقراطيا. وكانت تركيا طيلة هذه الفترة تتحرك سرا وعبر سويسرا لانهاء كل خلافاتها مع أرمينيا .. فيما استمرت الضغوط الأوروبية والأميركية على أنقرة لاقناعها واجبارها على حل المشكلة القبرصية التي فشل الرئيسان القبرصيان، التركي محمد علي طلعت، واليوناني ديميتريس خريستوفياس، في الاتفاق على أي صيغة لمعالجتها على الرغم من 40 لقاء تم بينهما منذ سبتمبر العام الماضي .. ومن دون أن تكون كل هذه التحركات كافية -على الأقل حتى الأن- لحل المشاكل التي تعاني منها تركيا منذ حوالي 100 سنة لأسباب داخلية وخارجية اقليمية ودولية.
الجميع يعرف مدى تشابك عناصر المشكلة الكردية بالنسبة لتركيا التي عليها أن تضع بعين الاعتبار مجمل الحسابات الخاصة بأكراد العراق وسوريا وايران، قبل أن تلقي أي خطوة عملية على طريق حسم مشكلتها الكردية،باعتبار أن أكثر الأكراد في المنطقة (حوالي 15مليونا) يعيشون في تركيا.
وتتأخر حكومة أردوغان في اتخاذ أي خطوة جدية وعملية على طريق هذه المعالجة السياسية، خوفا من أن تؤدي الى تقسيم وحدة الأمة والدولة، على حد قول أحزاب المعارضة والعسكر. ويتوقع الكثيرون في الشارع التركي ان تؤدي الحقوق التي ستعترف بها الحكومة للأكراد - بما في ذلك الحكم الذاتي- أيا كانت تسميته، في نهاية المطاف الى قيام كيان كردي مستقل في جنوب شرق البلاد، كالموجود في شمال العراق. وهو ما قد يستفز أكراد تركيا والعراق ولاحقا سوريا وايران، للتفكير باقامة دولة مستقلة قد يخطط لها الغرب.. ويستفزها.
فيما يعرف الجميع أن مصير عبد الله أوجلان هو الذي سيحدد مصير ومستقبل أي معالجة تركية للمشكلة، باعتبار ان أوجلان لا ولن يأمر مسلحيه بوقف العمل العسكري الا بعد حصوله على تعهدات تركية بضمانات أميركية وأوروبية، للخروج من السجن الذي يتواجد فيه منذ 10 سنوات، ليصبح زعيما للأكراد باعتباره انتصر على أكبر جيش في المنطقة، وهو جيش تركيا العضو في الحلف الأطلسي!!
..والاتفاق مع أرمينيا
وجاء الاعلان عن الاتفاق الأولي بين أنقرة وأرمينيا لحل كل المشاكل المعلقة بين الدولتين ليضع حكومة أردوغان أمام تحديات جديدة، حيث استغلت أحزاب المعارضة هذا الموضوع لشن هجوم عنيف على حزب العدالة والتنمية، متهمة اياه بالخيانة الوطنية بسبب رضوخ الحكومة للمطالب الأرمينية والأميركية والأوروبية، في ما يتعلق بفتح الحدود وتبادل العلاقات الدبلوماسية مع أرمينيا التي اعترفت أنقرة باستقلالها عام 1992 من دون أن تقيم معها علاقات دبلوماسية -بسبب احتلال الأرمن للأراضي الأذربيجانية في اقليم ناغورنوكاراباغ والمناطق المجاورة له- وبالتالي أحاديث الأرمن رسميا عن حقوقهم التاريخية في بعض أجزاء تركيا الحالية ودعوتهم للدولة والأمة التركية الى الاعتذار منهم، بسبب المجازر ابان الحرب العالمية الأولى، حيث كانوا مواطنين في الدولة العثمانية التي حاربت انذاك روسيا وحليفاتها بريطانيا وفرنسا.
..والأزمة القبرصية
ويعرف الجميع أن قبرص هي المشكلة الأكثر صعوبة بالنسبة لتركيا التي ترى في الجزيرة امتدادا استراتيجيا لأمنها الوطني والقومي شرق الأبيض المتوسط، وبالطبع اضافة الى حقها التاريخي في الجزيرة التي يتواجد فيها الان حوالي 40 ألفا من العساكر الأتراك لحماية 200 ألف من القبارصة الأتراك و100 منهم من الأتراك الذين سكنوا الجزيرة بعد التدخل العسكري هناك عام 1974.
ويسيطر الأتراك على 36% من مساحة الجزيرة التي يمثلها رسميا القبارصة اليونانيون المعترف بهم دوليا، حيث هم أعضاء في الاتحاد الأوروبي الذي قرر نهاية عام 2005 تعليق مباحثات العضوية مع تركيا في 8 بنود أساسية بحجة أنها ترفض فتح مطاراتها وموانئها أمام الطائرات والسفن القبرصية اليونانية.
مصير أردوغان على المحك
ويتوقع الكثيرون لمسار ونتائج التحركات الحكومية في ما يتعلق بالقضايا الثلاث أن تقرر مصير أردوغان وحزب العدالة والتنمية الحاكم، الذي ان نجح في حل هذه المشكلات المستعصية فسوف يراهن على كسب رضى وتأييد الشارع التركي الذي انقسم على نفسه بسبب المحرمات بالنسبة للحكومات منذ قيام الجمهورية التركية عام 1923. فالاعتراف للأكراد بحكم ذاتي- أيا كانت تسميته- والقبول بالادعاءات الأرمينية الخاصة بالمجازر والابادة الجماعية، والتخلي عن الحقوق القومية والوطنية في قبرص كانت دائما خطوطا حمراء بالنسبة لغالبية الشعب التركي وأحزابه القومية والعلمانية التي لن تتردد في اتهام أردوغان وحكومته بالخيانة الوطنية، باعتبار أن هذه الأيام هي الفرصة، ربما الأخيرة، للتخلص من هذه الحكومة التي ان نجحت في معالجتها للمشاكل الثلاث وحظيت بعد ذلك بموافقة ودعم الشارع الشعبي، فانها قد تحكم البلاد الى الأبد، لأن الشعب التركي سيثبت حينها أنه غير مبال بالقضايا القومية والمقولات التقليدية الخاصة بها، بقدر ما هو مهتم بالأمور البسيطة في حياته اليومية التي نجح أردوغان في معالجتها خلال السنوات السبع من حكمه للجمهورية الأتاتوركية بكل تناقضاتها المعروفة!
[1]